حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   دواوين الشعر (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=33)
-   -   اطلالة علي لغتنا العربية دروس مستفادة في النحو والإعراب . (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=75367)

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:38 AM

القراءة (من أحكامها)



¨ قاعدة كلية لا تتخلف: لا يُبدأ في العربية بساكن، ولا يوقَف على متحرِّك. فما كان متحرك الآخر كنحو: [شربَ - يشربُ - لن يشربَ - كيفَ - أينَ] تُسكِّن آخرَه إذا وقفتَ عليه، فتقول: [شربْ - يشربْ - لن يشربْ - كيفْ - أينْ] وهكذا...

¨ الهاء في آخر الكلمة، تُمَدّ في حالة واحدة، وذلك إذا سبقها متحركٌ ولاقاها متحرك. وعلى ذلك تقول عن خالد مثلاً: [لَهُو عِلْمٌ]. ولا تمدّ في غير هذا، بل تقول مثلاً: [لَهُ اْلفضل، وجاءني منْهُ كتابٌ](1).

¨ تُلفظ التاء المربوطة هاءً عند الوقف، يقال مثلاً: [قطف حمزةُ وفاطمةُ ثمرةَ العلم]، فإذا وقفتَ على تاءات هذه العبارة، لفظتها هاءاتٍ فقلت: [حمزهْ - فاطمهْ - ثمرهْ].

¨ هاء السكت هاءٌ ساكنة تُزاد في آخر الكلمة، إذا وُقِف عليها. وتَرِد زيادتها هذه في حالات أكثرُها لا يستعمل اليوم، ويندر أن ترى ذلك حتى في النصوص القديمة - ولكنْ هاهنا حالة من تلك الحالات تجب زيادتها فيها، نوردها لك فيما يلي، لتنجوَ بنفسك من الوقوع في خطأ الاستعمال:

الفعل المعتل الآخر، نحو: مشى - دعا - خشي، يجوز عند الوقف أن تزاد هاء السكت في آخر أمره، ومضارعه المجزوم، لما يعتريه من الحذف بسبب البناء والجزم. فيقال مثلاً: [اِمْشِهْ - لم تمشِه. اُدعُهْ - لم تدعُهْ. اِخشَهْ - لم تخشَهْ] ولكنّ زيادة هذه الهاء تصبح واجبةً في فعل الأمر، إذا آل الحذف إلى بقاء حرف واحد منه، نحو: [نفسك قِهْ] و[بعهدك فِهْ].

¨ إذا جُرَّت [ما] الاستفهامية، بحرف جرّ، وجب حذف ألفها، فيقال: [عمَّ - فيمَ - حتّامَ - إلامَ - علامَ].

¨ ضمير المتكلم [أنا]، تُحذف الألف لفظاً من آخره. تَكتُب مثلاً: [أنا عربيّ] وتَلفظ: [أنَ عربيّ](2).

¨ إذا وُصِف العَلَم بكلمة [ابن]، امتنع تنوينه. ولذلك يقال مثلاً: [سافر خالدُ ابنُ محمد].

¨ إذا التقى ساكنان وجب التخلص من التقائهما، بحذف الأول أو تحريكه. (انظر التقاء الساكنين).



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:40 AM

كان وأخواتها(1)

كان وأخواتها: أفعالٌ ترفع المبتدأ وتنصب الخبر. فيسمّى المبتدأ اسماً لها، ويسمّى الخبر خبراً لها، نحو: [كان خالدٌ مريضاً]. والأفعال الناقصة زمرتان: [كان وأخواتها] و[كاد وأخواتها]. فدونك ذلك:

1- الزمرة الأولى، كان وأخواتُها:

- منها ثمانٍ، هي: [كان، صار، أصبح، أضحى، أمسى، ظلّ، بات، ليس]. ليس لأحدها شرطٌ مقصورٌ عليه وحده(2).

- و[مادام]: وشرطها أنْ تسبقها [ما] المصدرية الظرفية، ويكون التأويل [مدّة دوام]، نحو: [أكرمه مادام مجتهداً = مدّة دوامه مجتهداً].

- و[ما برح، ما زال، ما فتئ، ما انفكّ]. وشرطها أن تسبقها أداة يصلح استعمالها للنفي، نحو: [ما زال خالدٌ مسافراً] و[لسنا نبرح نحترمك](3).


أحكامٌ ذات خطر:

¨ إن استُعمِل الناقص بمعنى التامّ، عُدَّ تامّاً، نحو [سأزورك غداً حين نُصبح، وأفارقك حين نُمسي](4). والعكس صحيح، فالتامّ إن كان بمعنى الناقص، عُدَّ ناقصاً، نحو: [عاد الحزنُ فرَحاً](5).

¨ يعمل الناقص سواء كان صفة (أي: مشتقّاً) أو فعلاً أو مصدراً نحو: [لستَ زائلاً محترماً (صفة)، فكُنْ مجتهداً (فعل)، فكونك كسولاً يُزري بك (مصدر)].

¨ قد يتقدّم خبر الأفعال الناقصة، عليها، وعلى أسمائها أيضاً، نحو: [غزيراً أصبح المطر، وأصبح غزيراً المطر]. ولكن يستثنى من ذلك [ليس] وما يقترن بـ [ما] فإن الخبر يتقدَّم على أسمائها فقط، ولكنْ لا يتقدّم عليها هي نفسها، فلا يقال مثلاً: [غزيراً ليس المطر]، ولا [أُكرِمُ زهيراً مجتهداً ما دام].



خصائص [كان]

تمتاز كان (بصيغة الماضي) من أخواتها بأمور، إليكها:

¨ قد تدلّ على الاستمرار والثبوت، نحو: ]إنّ الله كان عليكم رقيباً[.

¨ قد تزاد بين لفظين متلازمين، كالجارّ والمجرور، والصفة والموصوف، والمتعاطفين... وقد أوردنا أنماطاً من ذلك في [النماذج الفصيحة] فانظرها هناك.

¨ يكثر حذفها هي واسمها، بعد أداتين شرطيتين هما: [إنْ] و[لو]، كنحو قولك: [زهيرٌ ممتدَحٌ إنْ حاضراً وإنْ غائباً] و[اِلتمسْ ولو خاتماً من حديد](6).

· إذا جُزِم مضارعها بالسكون، جاز حذفُ نونه، نحو: [لم يكنْ مقصِّراً = لم يكُ مقصِّراً].

فائدة: في هذا البحث تركيب مهمَل، نورده لمن يريد استعماله والصوغ على قالبه، هو: [اِفعَلْ هذا إمّا لا]، ومعناه كما قالوا: اِفعلْه إن كنت لا تفعل غيرَه.

2- الزمرة الثانية، كاد وأخواتها:

ويُسمونها: أفعال المقاربة(7) وهي:

[كاد وأوشكَ: للمقاربة]، و[عسى: للرجاء]، و[جَعَلَ وطفِق وأخذ وأنشأ: للشروع](8).

وهي جميعها ترفع الاسم، وتنصب الخبر، كشأن سائر أخوات [كان]. غير أن أفعال المقاربة هذه تتفرّد بأنّ أخبارها لا تكون إلاّ أفعالاً مضارعة.

فأما المضارع بعد [كاد وأوشك وعسى]، فيجوز نصبه بـ [أنْ] ويجوز عدم نصبه بها، نحو: [كاد زهيرٌ أن يفوز = كاد زهيرٌ يفوز].

وأما المضارع بعد: [جعل وطفق وأخذ وأنشأ] فيمتنع نصبه بـ [أن] قولاً واحداً، نحو: [أخذ زهيرٌ يدرس].

حُكْمان:

· إذا جاءت أفعال المقاربة في الاستعمال، بمعنى التامّة، عُدَّت تامّة. فالفعل: [كاد] من قولك مثلاً: [كاد العدوّ لعدوّه] تامّ، لأنه من الكيد والمكيدة.

· تُعَدّ [عسى] تامّةً ترفع فاعلاً، إذا تجرَّدَت من اسم لها، ظاهر أو مضمر، نحو: [عسى أن نسافر]، ويكون المصدر المؤوّل من [أنْ والمضارع] فاعلاً لها.

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الفعل الناقص

1- نماذج كان وأخواتها:

· ]وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمتُ حيّاً[ (مريم 19/31)

[مادام]: شرط إعمال هذا الفعلِ عمل [كان]، أن تتقدّمه [ما] المصدرية الظرفية، ويكون التأويل: [مدّة دوام]. وهو ما تراه متحققاً في الآية، فـ [مدّة]: هو الظرف، و[دوام] هو المصدر، والتأويل: [وأوصاني بالصلاة والزكاة مدّةَ دوامي حيّاً]. فالاستعمال إذاً في الآية على المنهاج. والتاء: اسم [مادام]، و[حيّاً]: خبرها.

· ]إنّ الله كان غفوراً رحيماً[ (النساء 4/23)

[كان غفوراً]: من خصائص [كان] أنها - وإن كانت ماضويّة الصيغة - قد تدلّ على الثبوت والاستمرار، فتتجرّد من الدلالة الزمنية، فيكون زمانها متصلاً بغير انقطاع. وهو ما تراه في الآية، فإنّ المعنى: كان الله وما زال وسيظلّ غفوراً. ومنه قوله تعالى: ]كنتم خيرَ أُمَّةٍ أُخرجَت للناس[ (آل عمران 3/110)

· قال امرؤ القيس (الديوان /32):

فقلتُ يمينُ الله أبرح قاعداً ولو قطعوا رأسي لديكِ وأوصالي

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:40 AM

[أبرح]: أحد أربعة أفعال هي [برح، زال، فتئ، انفكّ]، شَرْطُ إعمالها عملَ [كان]، أن يسبقها نفيٌ بـ [ما] أو غيرها، نحو: [لا ينفكّ يزورنا، وما نزال نرحّب به]. ولقائل أن يقول: إنّ فعل: [برح] في بيت امرئ القيس، قد عمل فنصب الخبر: [قاعداً]، ولم يسبقه نفي!! والجواب أنّ أداة النفي يجوز أن تُحذَف وتُقدَّر، إذا جاءت بعد قسَم، وذلك ما تراه في البيت. والأصل: [يمين الله لا أبرح قاعداً]. وقد جاء مثلُ ذلك في التنْزيل العزيز: ]قالوا تاللهِ تفتأ تذكر يوسف[ (يوسف 12/85). فـ [تالله] قسَم، وقد حُذِفت أداة النفي بعده وهي [لا]، على المنهاج. والأصل: [تالله لا تفتأ].

· ]لن نبرح عليه عاكفين[ (طه 20/91)

[لن نبرح]: هاهنا أداة نفي هي: [لن]؛ وتقدُّمُ النفي على الأفعال الأربعة: [برح، زال، فتئ، انفكّ] شرْطٌ في إعمالها عمَل [كان]، وعليه فإنّ [عاكفين] خبر [نبرح] منصوب على المنهاج. وفي الآية دلالة على أنّ النفي يكون بـ [ما] وغيرها، وهو هنا [لن]. ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: ]ولا يزالون مختلفين[ (هود 11/118) فهاهنا فعلٌ ناقص هو [يزال]، واسمه واو الضمير في محل رفع، وخبره [مختلفين] منصوب. وذلك أنّ شرط إعماله عمَلَ [كان] قد تحقق، إذ تقدّمه نفيٌ.

· ]وكان حقّاً علينا نصْرُ المؤمنين[ (الروم 30/47)

[حقّاً]: خبر كان، مقدّم على اسمها، منصوب. واسمها مؤخر هو [نصرُ...]. والإجماع معقود على أنّ الأفعال الناقصة جميعها، يجوز أن تتقدّم أخبارُها على أسمائها، ومنه هذه الآية. بل يجوز أيضاً أن تتقدّم هذه الأخبار على الأفعال الناقصة نفسها، (ما عدا [ليس]، والأفعالَ التي تقترن بها [ما]، فلا يجوز أن تتقدّم أخبارها عليها). وعلى هذا، إنّ تقدّم خبر كان على اسمها، في الآية التي نحن بصددها، جاء على المنهاج.

· قال السموأل (شرح ابن عقيل 1/273):

سَلِي إنْ جهلتِ الناسَ عنّا وعنهمُ فليس سواءً عالمٌ وجهولُ

[سواءً]: خبر الفعل الناقص [ليس]، منصوب. وقد تقدّم على الاسم وهو: [عالمٌ]، إذ الأصل قبل التقديم والتأخير: [ليس عالمٌ وجهولٌ سواءً]. وقد جاء تقدّمُ الخبر، على المنهاج، إذ الأفعال الناقصة يجوز كما قلنا آنفاً، أن تتقدّم أخبارها على أسمائها، بل يجوز أن تتقدم أخبارها عليها نفسها أيضاً. وإنما الذي لا يجوز، هو أن تتقدّم هذه الأخبار على [ليس] والأفعال التي تقترن بـ [ما].

· ]فسبحان الله حين تُمسون وحين تُصبحون[ (الروم 30/17)

[تمسون وتصبحون]: فعلان لفظهما لفظ الناقص، ومعناهما معنى التامّ، ومن ثَمّ يُعَدّان تامَّين. وذلك أنّ معنى [تمسون]: تدخلون في المساء، ومعنى [تصبحون]: تدخلون في الصباح. ومتى كان معنى الفعل كذلك، لم يرفع اسماً وينصب خبراً، بل يكتفى بالمرفوع وحده، فيرفعه على أنه فاعل.

وعلى ذلك يقال في إعراب هذين الفعلين: إنهما فعلان تامّان، والواو في كل منهما في محل رفع فاعل. ومثل ذلك قوله تعالى: ]وإنْ كان ذو عُسْرة فنَظِرَةٌ إلى ميسَرَة[ (البقرة 2/280) فإنّ فعل [كان] في الآية فعلٌ تامّ يكتفي بمرفوعه، أي يكتفي بفاعله، وهو كلمة [ذو]. لأن معناه: إنْ وجِد ذو عسرة؛ ولو أنّ الفعل هنا كان فعلاً ناقصاً لقيل: [فإن كان المدينُ ذا عسرة فـ.....] !!

· قال الشاعر (شرح ابن عقيل 1/269):

وما كلُّ مَن يُبدي البشاشة كائناً أخاك، إذا لم تُلْفِهِ لكَ مُنْجِدا

[كائناً]: اسم فاعل مشتقّ من الفعل الناقص [كان]، وقد عمل عمله، فاسمُه ضمير مستتر (هو)، وخبره [أخاك]. وذلك أنّ الأفعال الناقصة بصيغها الثلاث: الماضي والمضارع والأمر، وما يُشتَقّ منها، ومصادرها أيضاً، ترفع الاسم وتنصب الخبر. وبتعبير آخر: ليس العمل مقصوراً على الفعل الناقص وحده، بل يعمل هو وصفته (أي: المشتقّ منه) ومصدره. ودونك من هذا أمثلة:

· ]فقلنا لهم كونوا قِرَدَةً خاسئين[ (البقرة 2/65)

[كونوا]: فعل ناقص، في صيغة الأمر. وواو الضمير اسمه، و[قِرَدَةً] خبره. ومثله طِبقاً الآية: ]كونوا حجارةً[ (الإسراء 17/50)، فالواو اسمه، و[حجارةً] خبره.

· قال الحسين بن مُطَيْر:

قضى اللّهُ يا أسماءُ أنْ لستُ زائلاً أحبّكِ حتى يُغمِض الجفنَ مُغمِضُ

[زائلاً]: اسم فاعل مشتقّ من الفعل الناقص [زال - يزال]، وقد تحقّق له شرط العمل، إذ سُبِق بـ [ليس]، وهي تفيد النفي. فاسم [زائلاً]: الضمير المستتر [أنا]، وخبره جملة [أحبّكِ]. ولقد قدّمنا آنفاً، أنّ المشتقّ من الفعل الناقص يعمل عملَه.

· قال الشاعر:

في لُجَّةٍ غَمَرت أباكَ بُحورُها في الجاهليّة - كان - والإسلامِ

[كان]: أتى بها الشاعر زائدةً بين لفظين متلازمين، هما المعطوف والمعطوف عليه.

· وقال الآخر (شرح ابن عقيل 1/291):

جِيادُ بَني أبي بكرٍ تَسامَى على -كان - المسوَّمةِ العرابِ

[كان]: أتت في البيت زائدة بين لفظين متلازمين، هما الجارّ والمجرور.

· وقال غيرُه:

ولبستُ سربالَ الشباب أزورُها ولَنِعْمَ - كان - شبيبة المحتالِ

[كان]: أتى بها الشاعر زائدةً بين لفظين متلازمين، هما نِعْمَ وفاعلها.

· وقال آخر:

في غُرَف الجنّة العُليا التي وَجَبَتْ لهمْ هناك بسعيٍ- كان - مشكورِ

[كان]: جيء بها زائدةً في البيت، بين لفظين متلازمين، هما الصفة والموصوف.

· قال الشاعر:

فإنْ لم تَكُ المرآةُ أبدَتْ وَسامةً فقد أبدَتِ المرآةُ جبهةَ ضيغَمِ

(الضيغم = الأسد). [لم تكُ]: هاهنا نونٌ محذوفة. والأصل قبل الحذف: [لم تكنْ]. وذلك في العربية جائز. والقاعدة أنّ [كان]، يجوز حذف نون مضارعها، إذا كان مجزوماً بالسكون.

· ]لم يكُنِ الذين كفروا... [ (البيّنة 98/1)

ليس في هذه القراءة ما نُدير الحديث حوله، لكنّ للآية قراءة أخرى هي غايتنا. فقد قرئت: [لم يكُ الذين...] بحذف النون. وذلك كما ذكرنا آنفاً، جائز في العربية. فمضارع الفعل الناقص [كان]، يجوز حذف نونه، إذا كان مجزوماً بالسكون.

· قال الشاعر:

ألم أكُ جارَكمْ ويكون بيني وبينكم المودّةُ والإخاءُ

[لم أكُ]: هاهنا فعلٌ مضارعٌ ناقص حُذِفت نونه، وماضيه [كان]. والأصل قبل الحذف: [لم أكنْ]. وذلك جائز في العربية. فمضارع [كان] يجوز حذفُ نونه، إذا كان مجزوماً بالسكون.

· ]ولم أكُ بغيّاً[ (مريم 19/20)

حذْف النون في هذه الآية، مِن آخر الفعل الناقص [أكنْ]، جاء على المنهاج. وليس هاهنا شيء يضاف إلى ما تقدّم من الشرح، في النماذج السابقة. وإنما أوردنا هذه الآية لمزيد من التبيين والتثبيت.

· قال الشاعر (شرح ابن عقيل 1/294):

قد قيل ما قيل إنْ صدقاً وإنْ كذباً فما اعتذارُكَ من قولٍ إذا قيلا

[إنْ صدقاً]: حذَف الشاعرمن الكلام [كان واسمَها]، وأبقى خبرها، والأصل: [إنْ كان المقولُ صدقاً]، وأعاد ذلك طِبقاً في قوله: [وإنْ كذباً]، إذ الأصل: [وإنْ كان المقول كذباً]. ويَكثُر ذلك بعدَ [إنْ] و[لو] الشرطيتين. وترى نموذجاً من هذا الحذف بعد [لو] في قول الشاعر(شرح ابن عقيل 1/295):

لا يَأمَنِ الدهرَ ذو بغيٍ، ولو مَلِكاً جنودُهُ ضاق عنها السهلُ والجبلُ

فقد حذف الشاعر من الكلام [كان واسمها]، وأبقى خبرها فقط. والأصل: [ولو كان ذو البغي ملكاً].


2- نماذج كاد وأخواتها:

· ]لا يكادون يفقهون حديثاً[ (النساء 4/78)

[يكادون]: من أفعال المقاربة، اسمه واو الضمير وخبره مضارع: [يفقهون]، غير مقترن بـ [أن]، ولو لم يكن الكلام قرآناً، واقترن بها لجاز. ومثل ذلك طِبقاً، قولُه تعالى ]فذبحوها وما كادوا يفعلون[ (البقرة 2/71)

· [ما كدتُ أن أصلّي العصر، حتى كادت الشمس أن تغرُب]. (حديث شريف)

[كدت أن] و[كادت أن]: خبر كل منهما مضارع مقترن بـ [أنْ]: [أن أصلي، أن تغرب]. وذلك جائز. ومثل ذلك البيت الآتي:

· قال الشاعر يرثي:

كادتِ النفس أن تفيض عليهِ إذ غدا حشْوَ رَيْطَةٍ وبُرودِ

(الرَّيْطَة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، ويريد بذلك: الكفن).

[كادت النفس أن تفيض]: خبرُ كاد مقترن بـ [أنْ]، وذلك جائز، كما قدّمنا آنفاً.

· قال الشاعر:

ولو سُئِل الناسُ التُرابَ لأوشكوا - إذ ا قيل: [هاتوا] - أن يمَلّوا ويمنعوا

[أوشكوا أن...]: أوشك من أفعال المقاربة، اسمه واو الضمير، وخبره [أن يَمَلّوا]: مضارع مقترن بـ [أن]. وذلك جائز، كما أنّ عدم اقتران الخبر بها جائز أيضاً.

ومثلُه في اقتران خبر [أوشك] بـ [أن]، قول الشاعر:

إذا المرء لم يَغْشَ الكريهة أوشكت حبال الهُوَيْنى بالفتى أن تَقَطَّعا

[أوشكت]: اسمها: [حبال]، والخبر: [أنْ تقطّع]، مضارع مقترن بـ [أنْ].

· قال أميّة بن أبي الصلت:

يوشك مَن فرَّ مِن منيَّتِهِ في بعض غِرّاتهِ يُوافقُها

[يوشك مَن فرّ يوافق]: اسم يوشك هو [مَن]، وخبره [يوافق]: مضارع غير مقترن بـ [أن]. وجائزٌ اقتران المضارع بها - كما رأيت فيما تقدّم - وجائز أيضاً عدم اقترانه بها، كما ترى في هذا البيت الذي نحن بصدده.

· ]عسى ربُّكم أنْ يرحمكم[ (الإسراء 17/8)

[عسى... أن]: عسى مِن أفعال المقاربة، اسمُه: [ربّكم]، وخبره [أنْ يرحمكم]: مضارع مقترن بـ [أن]. ومثل ذلك طِبقاً، الآية: ]فعسى الله أن يأتي بالفتح[ (المائدة 5/52) [اللهُ]: لفظ الجلالة، اسم عسى، وخبره [أن يأتي]: مضارع مقترن بـ [أن]. ولكنْ جائزٌ عدم اقترانه بها أيضاً، ومنه قول هُدبة بن خشرم:

عسى الكَرْبُ الذي أمسيتَ فيهِ يكون وراءَه فَرَجٌ قريبُ

[الكربُ]: اسم عسى، وخبره [يكون]: مضارعٌ غير مقترن بـ [أنْ]. ومثل ذلك طِبقاً قول الشاعر:

عسى اللهُ يُغني عن بلاد ابن قادرٍ بمنهمِرٍ جَوْنِ الرَّبابِ سكوبِ

(أراد بالمنهمر: المطر الغزير، والجون: الأسود، والرباب: السحاب).

[الله] لفظ الجلالة، اسم عسى، وخبره [يغني]: مضارع غير مقترن بـ [أن]. ومثله قول البرج بن خنْزير التميمي:

وماذا عسى الحجّاجُ يبلغُ جهدُهُ إذا نحن جاوزنا حَفيرَ زِيادِ

(حفير زِياد: موضع على خمس ليالٍ من البصرة).

[الحجّاج] اسم عسى، وخبره [يبلغ]: مضارع غير مقترن بـ [أن]. ويتبيّن مما تقدّم من الشواهد، جوازُ اقتران المضارع بعد [عسى] بـ [أن]، وعدم اقترانه بها.

· ]وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرٌّ لكم[ (البقرة 2/216)

[عسى]: تكررت في الآية مرتين، وهي فيهما جميعاً فعل تامٌّ، فاعلُه المصدر المؤوّل: ففي الأولى [أن تكرهوا]، وفي الثانية [أن تحبوا].

وبيان ذلك، أنّ [عسى] إذا لم يكن بعدها اسم لها ظاهرٌ أو مضمر، عُدَّت تامّةً، وكان المصدر المؤوّل من [أنْ والمضارع] فاعلاً لها.

ومثلُ هذه الآية طِبقاً قوله تعالى: ]لا يسخرْ قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيراً منهنّ[ (الحجرات 49/11)

فـ [عسى] هاهنا في الموضعين من الآية تامّة، فاعلها المصدر المؤوّل: [أن يكونوا] في الموضع الأول، والمصدر المؤول [أن يكنَّ] في الموضع الثاني. وذلك أنّ [عسى] ليس بعدها في الموضعين، اسم لها ظاهر أو مضمر، ولذلك عُدَّت تامّة في الموضعين كليهما.



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:41 AM

اللازم والمتعدّي

الفعل صنفان: [لازم] لا ينصب مفعولاً به، و[مُتَعَدٍّ] ينصبه.

1- اللازم: نحو: [نام - ذهب - شبع...]، ويمكن نقله إلى متعدٍّ، بإحدى طريقتين:

الأولى: زيادة همزة في أوله، نحو: [أَذْهَبَ الاستجمامُ التعبَ](1).

والثانية: تضعيف حرفه الثاني، نحو: [عظَّمَ اللهُ العلمَ](2).

2- المتعدّي: وهو صنفان:

الأوّل: ما ينصب مفعولاً واحداً، نحو: [قرأ خالدٌ كتاباً].

والثاني: ما ينصب مفعولين، ومن ذلك - على سبيل المثال -: [أَعطى - أَلبس...]. يقال: [أعطى خالدٌ زهيراً كتاباً، وألبس سعيدٌ محمداً ثوباً].

ومما ينصب مفعولين، ما يسميه النحاةُ: [أفعال القلوب](3)، وتمتاز بأنّ أصل مفعوليها، مبتدأ وخبر، ومنها [ظَنَّ وعَلِمَ وحَسِبَ...]. يقال: [ظننت خالداً مسافراً، وعلمت زهيراً محبّاً للخير، وحسبت سعيداً غائباً](4).

وقد تأتي [أنّ] وصِلَتُها (أي: اسمها وخبرها)، بعد الفعل القلبي فتؤوَّل بمصدر يسدّ مسدّ المفعولَين، نحو: [ظننت أنّ خالداً مسافرٌ = ظننت سفرَه].

تنبيه: قد يتضمّن [القَولُ] معنى [الظنّ]، فيعمل عمله - فينصب المبتدأَ والخبرَ مفعولَين - جوازاً نحو: [متى تقول زيداً راجعاً من سفره؟] = [متى تقول زيدٌ راجعٌ من سفره].



* * *

يتّصل بأفعال القلوب مسألتان هما: الإلغاء والتعليق. ودونك بيانهما:

¨ الإلغاء: هو أن يتوسّط الفعلُ القلبيُّ مفعولَيه أو يتلوهما، فيجوز عند ذلك رفعُهما؛ ولكن يظلّ نصبهما جائزاً أيضاً.

فالرفع نحو: [خالدٌ - ظننت - مسافرٌ، وخالدٌ مسافرٌ، ظننت].

والنصب نحو: [خالداً - ظننت - مسافراً، وخالداً مسافراً، ظننت].

¨ التعليق: هو أن يلي الفعلَ القلبيَّ مانع يمنعه من نصب مفعوليه، فتكون الجملة في محل نصب تسدّ مسدّهما. وذلك إذا تلاه:

استفهام: [علمت أين الكتابُ]،

أو لام ابتداء: [تيقّنتُ لَلصدقُ فضيلة]،

أو لام قسم: [علمت ليسافرنّ خالد]،

أو إحدى الأدوات النافية: [ما، لا، إنْ] نحو: [حسبت ما خالدٌ مسافرٌ]، [علمت لا كاذبَ ممدوحٌ]، [ظننت إن زينبُ مسافرةٌ].


فائدة: قد ينصب الفعلُ القلبي مفعولَه الأول، وتسدّ الجملة مسدَّ الثاني: [علمتُ خالداً (مَن هو)].

ملاحظة: زعموا أنّ في اللغة أفعالاً تنصب ثلاثة مفاعيل، هي: [أرى - أعلم - أنبأ - نبّأ - أخبر - خبّر - حدّث]، وأنه يقال مثلاً: [أعلم سعيدٌ خالداً الأمرَ صحيحاً] و[خبّر زهيرٌ عليّاً الحديث تامّاً](5).

* * *

نماذج فصيحة من اللزوم والتعدّي

· ]لقد علمتَ ما هؤلاء ينطقون[ (الأنبياء 21/65)

[عَلِم]: فعلٌ قلبيّ ينصب مفعولين - في الأصل - ولم ينصبهما هاهنا، لأنه عُلِّق عن العمل، وذلك أنّ [ما] - حرف نفي له الصدارة - وقد تلا الفعلَ القلبي، فامتنع أن ينصب مفعوليه مباشرة، ومن ثم كانت جملة: [ما هؤلاء ينطقون](6)، في محلّ نصب، سدّت مسدَّ مفعولَين.

· ]إنّهم يرونه بعيداً[ (المعارج 70/6)

[يرونه]: (أي: العذاب)، فهاهنا - إذاً - في الأصل مبتدأ وخبر، هما: [العذاب بعيدٌ]. وقد نصبهما الفعل القلبي: [يرى]، على أنهما مفعولان له، فهاء الضمير مفعوله الأوّل، و[بعيداً] مفعوله الثاني.

· ]الذين يظنون أَنهم ملاقو ربّهم[ (البقرة 2/46)

[يظنّ]: فعلٌ قلبيٌّ ينصب مفعولين في الأصل، ولم ينصبهما هاهنا، لدخوله على [أنّ] المشبهة بالفعل وصلتها، (أي: اسمها وخبرها) فإنها هي وصلتها، سدّتا مسدّ مفعولَي: [يظنّ].

· ]أَذْهبتم طيِّباتِكم في حياتكم الدنيا[ (الأحقاف 46/20)

[ذَهَبَ]: فعلٌ لازم لا ينصب مفعولاً به. غير أنّ اللازم يُنقَل من اللزوم إلى التعدّي بإحدى طريقتين: الأولى: أنْ تُزاد همزة في أوله، كما جاء في الآية، إذ نُصِبت كلمة: [طيّبات]، على أنها مفعول به لفعل: [أذهب].

وفي القرآن آيات أخرى مطابِقات، منها: ]إنما يريد الله لِيُذْهِبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت[ (الأحزاب 33/33). فقد نُقِل فعلُ [ذهب] من اللزوم إلى التعدّي، بأن زيدت همزة في أوله: [أذهب - يُذهب]، فانتَصَبت كلمةُ [الرجس] على أنها مفعول به لـ [يُذْهِب].

وأما الطريقة الثانية، التي يُنقَل بها الفعل من اللزوم إلى التعدي، فهي أن يُضَعَّف حرفه الثاني. وذلك نحو قوله تعالى ]هو الذي يسيّركم في ظلمات البرّ والبحر[(يونس 10/22)، ففِعْل [يَسِيْر] لازم في الأصل لا ينصب مفعولاً به، ولكن ضُعِّف حرفه الثاني فقيل: [يُسَيِّر] فأصبح متعدّياً، فنَصَب الضميرَ: [كم]، على أنه مفعول به له.

· ]إنّا أعطيناك الكوثر[ (الكوثر 108/1)

[أعطى]: فعل ينصب مفعولَين، ليس أصلهما مبتدأ وخبراً. كاف الضمير هنا مفعوله الأول، و[الكوثر] مفعوله الثاني. ومثلُه فِعْلُ: [عَلَّمَ] في الآية: ]وما علَّمناه الشعرَ وما ينبغي له[ (يس 36/69). فالهاء مفعوله الأول، و[الشعرَ] مفعوله الثاني.

· قال الشاعر:

ظننتكَ-إنْ شبّتْ لظى الحرب-صالياً فَعَرَّدْتَ فِيمَنْ كان عنها مُعَرِّدَا

(عرَّدَ: انحرف وهرب). [ظنّ]: مِن أفعال القلوب، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. فكاف الضمير هي المفعول الأول، و[صالياً] هو المفعول الثاني.

· ]ولقد علِموا لَمَن اشتراه ما له في الآخرة مِن خلاق[ (البقرة 2/102)

[علِم]: فعلٌ قلبيّ، ينصب مفعولين. غير أنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما، وذلك أنّ لام الابتداء تلته، وهي من الأدوات التي لها الصدارة، فكانت الجملة بعده في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين(7).

· ]وإنْ أدري أقريب أم بعيد ما توعدون[ (الأنبياء 21/109)

[درى]: فعلٌ قلبيٌّ، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. غير أنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما، وذلك أنّ الهمزة مِن: [أقريبٌ] تلته، وهي حرف استفهام، والاستفهام له الصدارة، فكانت الجملة بعده في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين(8).

· ]لنعلم أيُّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً[ (الكهف 18/12)

[علم]: فعل قلبيّ، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. غير أنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما. وذلك أنّ: [أيّ] تلته، وهي اسم استفهام، والاستفهام له الصدارة، فكانت الجملة في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين(9).

· قال الشاعر:

ولقد علمتُ لَتَأْتِيَنَّ منيَّتي إنّ المنايا لا تطيش سِهامُها

[علم]: فعلٌ قلبي ينصب مفعولين، ولكنْ عُلِّق هاهنا عن العمل فلم ينصبهما، وذلك أنّ اللام المُشْعِرَة بالقسم تلته، وهي أداة لها الصدارة، فكانت الجملة في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين.

· وقال الشاعر:

رأيتُ اللهَ أكبرَ كلِّ شيءٍ محاولةً، وأكثرَهم جُنودا

(محاولةً: قوّةً). [اللهُ أكبرُ]: هما - في الأصل - مبتدأ وخبر. ولكن دخل عليهما فعلُ [رأى]: وهو فعلٌ قلبيّ، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، فنُصِبا - على المنهاج - مفعولين له، فقيل: [رأيت اللهَ أكبرَ].

· ]ولَتَعْلَمُنَّ أيُّنا أشدُّ عذاباً[ (طه 20/71)

[أيُّنا أشدُّ]: مبتدأ وخبر، دخل عليهما فعلُ: [تعلم]، وكان الأصل أن ينصبهما مفعولين له. ولكنه عُلِّق هاهنا عن العمل، لأنّ المبتدأ: [أيُّ] اسمُ استفهام، والاستفهام - حرفاً كان أو اسماً - له الصدارة، ومتى تلا الفعلَ القلبيّ، علّقه عن العمل، فكانت جملتهما في محلّ نصب سدّت مسدَّ مفعولين.

· قال الشاعر:

أبالأراجيز-يا ابن اللؤم-توعدني وفي الأراجيز-خِلتُ-اللؤمُ والخَوَرُ

[خِلت]: فعل قلبي مِن [خال - يخال]، حقُّه إذا تقدّم، أن ينصب المبتدأَ والخبرَ مفعولين له. وأما إذا توسطهما - كما ترى في البيت - أو تأخر عنهما، فيجوز مع النصب الرفعُ، وقد آثر الشاعر هنا الرفعَ، فقال: [في الأراجيز - خلت - اللؤمُ].

والنحاة يسمّون ذلك: [الإلغاء]. ويريدون بذلك: إلغاءَ نصب الفعل القلبي للمبتدأ والخبر، إذا توسطهما أو تأخّر عنهما. ولو أنّ الشاعر قدّم هذا الفعل لما جاز إلاّ النصب، ولكان واجباً أن يقول: [خلت في الأراجيز اللؤمَ].

· وقال الشاعر:

القومُ في أثري ظننتُ، فإنْ يكن ما قد ظننتُ فقد ظفِرتُ وخابُوا

[القوم في أثري]: مبتدأٌ وخبر، وبعدهما فعل قلبيّ تأخر عنهما هو: [ظننتُ]. ولقد كان حقُّه لو تقدّم عليهما أن ينصبهما مفعولين له فيقول: [ظننتُ القومَ في أثري]. ولكنه تأخر عنهما فجاز مع النصب الرفعُ. وهو ما يسمّيه النحاة: [الإلغاء].

· ]وتظنّون إنْ لبثتم إلاّ قليلاً[ (الإسراء 17/52)

[تظنّون]: فعلٌ قلبيٌّ، ينصب مفعولين. ولكنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما. وذلك أنّ: [إنْ] هاهنا تلته ومعناها النفي، ولها الصدارة، وإذا كان ذلك امتنع أن ينصبهما، فكانت الجملة بعده في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولَين.

· ]وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلَبٍ ينقلبون[ (الشعراء 26/227)

[يعلم]: من أفعال القلوب، حقُّه أن ينصب مفعولين. غير أنه لم ينصبهما هاهنا، إذ جاء بعده ما يعلّقه عن العمل، وهو: [أيّ] الاستفهامية. وذلك أنّ الاستفهام اسماً كان أو حرفاً، له الصدارة، ومتى تلا الفعلَ القلبي، علّقه عن العمل، فكانت الجملة بعده في محل نصب، سدّت مسدّ مفعولين.

وقد يُظَنُّ أنّ [أيَّ] مفعول به لفعل [يعلم]، وليس هذا بصواب، بل هي مفعول مطلق لفعل [ينقلبون]، أي: ينقلبون أيَّ انقلاب.

· قال زهير بن أبي سلمى:

فقلت تَعَلَّمْ أنّ للصيد غِرَّةً وإلاّ تُضيِّعها فإنك قاتلُهْ

[تعلّمْ]: من أفعال القلوب، ينصب مفعولين. لكنه لم ينصبهما هاهنا، لدخوله على [أنّ المشبهة بالفعل وصلتها (أي: اسمها وخبرها)]. فإنها هي وصلتها سدّتا مسد مفعولَي [تعلَّمْ].

· قال عنترة يذكر جوادَه:

لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى ولكان لو علِم الكلامَ مكلِّمي

[درى]: من أفعال القلوب، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، لكنه جاء في البيت معلَّقاً عن العمل، لأنّ [ما الاستفهامية] تلته، والاستفهام له الصدارة، ومتى تلا الفعلَ القلبي، علّقه عن العمل، كما ترى في البيت، فكانت جملةُ [ما المحاورةُ]، في محل نصب سدت مسدّ مفعولين. ولكثيّر عزّة، بيت مطابق بيتَ عنترة، هو:

وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا ولا موجعات القلب حتى تولّتِ

فقد عُلِّق فعل [أدري] عن العمل - وهو فعل قلبي ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر - وذلك أنّ [ما] الاستفهامية تلته فعلّقته عن العمل، فكانت جملةُ [ما البكا]، في محل نصب سدّت مسدّ مفعولين.

· ]قد نعلم إنّه ليَحْزُنكَ الذي يقولون[ (الأنعام 6/33)

[نعلم]: فعل قلبي ينصب مفعولين، ولكنه عُلِّق عن العمل فلم ينصبهما، لأنّ أداةً من أدوات الصدارة - هي لام الابتداء - تلته، فمُنع من العمل. فالجملة بعده في محل نصب سدت مسد مفعولين(10).

· قال هدبة بن خشرم:

متى تقول القُلُصَ الرَّواسِما يحملْنَ أمَّ قاسمٍ وقاسِما

[تقول]: فعلٌ قد يأتي بمعنى الظنّ، فيعمل عمله. (أي: ينصب مفعولين). وهو ما تراه في البيت، فكلمة [القلص](11) هي المفعول الأول لـ [تقول]، وجملة: [يحملن]، في محل نصب مفعول ثانٍ له.

· ]كذلك يُريهم اللهُ أعمالَهم حسراتٍ عليهم[ (البقرة 2/167)

في الآية ثلاث كلمات منصوبات. الأولى والثانية هما: الضمير [هم] المتصل بالفعل، و[أعمالَ] - وهاتان مفعولان لفعل: [يُري] - وأما الثالثة وهي: [حسراتٍ] فإنها حال من [أعمالهم](12).



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:42 AM

مبالغات اسم الفاعل

في العربية صِيَغٌ تفيد تكثيرَ ما يدلّ عليه اسم الفاعل. يسمّيها النحاة: [مبالغات اسم الفاعل]. أكثرها استعمالاً صِيَغٌ خمسٌ هي:

فَعَّال نحو: صَبّار، لمن يُكْثِر الصّبْر.

فَعُول نحو: شَكُور، لمن يُكْثِر الشكر.

مِفْعال نحو: مِغْوار، لمن يُكْثِر الغارات.

فَعِيل نحو: سَمِيع، لمن يُكْثِر السمع.

فَعِل نحو: حَذِر، لمن يُكْثِر الحَذر.

وهناك صيغ أخرى أقل في الاستعمال، مثل:

فاعُول نحو: فاروق

وفِعِّيل نحو: صِدِّيق

وفُعَلَة نحو: هُمَزَة إلخ...

الحُكم: اسمُ الفاعل ومبالغاته في العمل سَواء.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:43 AM

المبتدأ والخبر



المبتدأ والخبر: اسمان مرفوعان يؤلّفان جملة مفيدة. والأصل أن يتقدم المبتدأ ويتلوه الخبر، ولكن قد يكون العكس. ولكلٍّ منهما أحكام نوردها فيما يلي:

حُكْم المبتدأ:

¨ أن يكون معرفة. ولكن جاء في كلامهم نكرةً، في كثير من المواضع(1). أشهرها وأكثرها استعمالاً ما يلي:

· أن يتقدّم على المبتدأ شبهُ جملة (ظرفٌ أو جارٌّ ومجرور) نحو: [عندنا ضيفٌ، وفي البيت كتابٌ].

· أن يكون منعوتاً نحو: [صبرٌ جميلٌ، خير من استرحامِ ظالم].

· أن يتلوه مضافٌ إليه نحو: [طَلَبُ عِلْمٍ خيرٌ من طَلَبِ مال](2).


أحكام الخبر:

¨ يشترط في الخبر أصلاً أن يطابق المبتدأ، إفراداً وتثنية وجمعاً، وتذكيراً وتأنيثاً. ويستثنى من ذلك أن يكون المبتدأ مشتقّاً، فإن معموله من فاعل أو نائب فاعل، يغني عن الخبر ويسدّ مسدّه. نحو: [أناجحٌ أخواك؟] و[ما مؤتمنٌ الغادرون](3).

¨ إذا تمت الفائدة بشبه الجملة (الظرف أو الجارّ والمجرور)كان هو الخبر نحو: [خالدٌ عندنا، وزيدٌ في البيت](4).

¨ قد يتعدّد الخبر، والمبتدأ واحد، نحو: [عنترةُ بطلٌ، شاعرٌ، فارسٌ].

¨ يُحذَف الخبر وجوباً في موضعين: بعد [لولا]، وبعد مبتدأ قَسَمِيّ. مثال الأول [لولا الكتابة - لضاع علمٌ كثير]، ومثال الثاني: [لَعَمْرُكَ لأُسافرَنَّ](5).

¨ إذا اتصل المبتدأ بضمير الخبر وجب تقديم الخبر نحو: [للضرورة أحكامُها] (للضرورة: شبه جملة، خبر مقدم، وأحكامها: مبتدأ مؤخر).



* * *


نماذج فصيحة من المبتدأ والخبر

· قال الشاعر:

خيْرُ اقترابِي من المولى، حليفَ رضاً وشرُّ بعديَ عنهُ، وهو غضبانُ

( المولى: ذو معانٍ مختلفة، منها الحليف ومنها ابن العمّ...).

[خيرُ]: مبتدأ خبرُه محذوف للعلم به. إذ المعنى: [خيرُ اقترابي من المولى، اقترابي منه، حالة كونه حليفَ رضاً]. ومثل ذلك قوله في عَجُز البيت: [شرُّ بعديَ عنه، وهو غضبانُ]، ففي العبارة خبرٌ حُذِف للعلم به، إذ المعنى: [شرُّ بعدي عنه، بعدي عنه وهو غضبان](6). ومثل ذلك، الحديث الشريف:

· [أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد].

[أقرب] مبتدأ خبره محذوف للعلم به. إذ المعنى: [أقرب ما يكون العبد من ربه، يتحقّق وهو ساجد].

· ]محمّدٌ رسول الله[ (الفتح 48/29)

[محمد]: مبتدأ مرفوع، وهو معرفة. ومجيء المبتدأ هاهنا معرفةً، على المنهاج. إذ حُكْمُه في الأصل أن يكون كذلك؛ على أنه في مواضع كثيرة من كلامهم، جاء نكرة، حتى لقد قيل بعد يأس من حصرها: إنّ الحَكَمَ في ذلك هو السليقة. (لم يشترط سيبويه في الإخبار عن النكرة إلاّ حصول الفائدة).

· ]ويلٌ للمطفّفين[ (المطفّفين83/1)

(المطفّفون: هم الذين يكيلون لأنفسهم فيستوفون، فإذا كالوا للناس أنقصوا).

[ويلٌ]: مبتدأ مرفوعٌ نكرة. والأصل أن يكون معرفة؛ وإنما جاز مجيئه نكرة، لأنّ بعده نعتاً حُذِف للعلم به. والتقدير: ويلٌ عظيمٌ للمطفّفين.

· ]سلامٌ عليكم[ (الأنعام 6/54)

[سلامٌ] مبتدأ نكرة، والأصل أن يكون معرفة. ولكن جاز تنكيره لأنّ هاهنا محذوفاً جاز حذفه للعلم به. والتقدير: [سلامُ الله عليكم] أو [سلامُ طمأنينة عليكم] أو [سلامٌ عامّ أو شاملٌ عليكم]، أو ما تشاء مما يصلح ويصحّ تقديره، من نعت أو مضاف إليه.

· ]ولَعبْدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشرك[ (البقرة 2/221)

[لعبدٌ]: اللام للابتداء، [عبدٌ]: مبتدأ مرفوع، وهو نكرة، والأصل أن يكون المبتدأ معرفة، غير أنه لما نُعِت، فقيل: [لَعبدٌ مؤمنٌ]، صحّ مجيئه نكرة.

· ]قُلْ كلٌّ يعمل على شاكلته[ (الإسراء 17/84)

[كلٌّ]: مبتدأ مرفوع، وهو نكرة. ولقد نوّهنا آنفاً بأنّ الأصل أن يكون المبتدأ معرفة. غير أنه لما كان بعد [كلّ]، مضافٌ إليه مقدّرٌ محذوف، إذ المعنى: [قل كلُّ أحدٍ يعمل...]، جاز أن يجيء المبتدأ نكرة.

· ]وفوق كلِّ ذي علمٍ عليم[ (يوسف 12/76)

[فوق]: شبه جملة، ظرف مكان، وهو خبر مقدَّم، و[عليمٌ]: مبتدأ مؤخّر مرفوع، وهو نكرة. وإذا تقدّم شبه الجملة (الظرف أو الجار والمجرور) على المبتدأ، صحّ مجيء المبتدأ نكرة، كما رأيت هنا. وذلك كثير جدّاً في الكلام. ولقد جاء شبه الجملة في الآية ظرفاً، وهو في الآية التالية جارّ ومجرور:

· ]لكلِّ أجلٍ كتاب[ (الرعد 13/38)

[لكلِّ]: شبه جملة، جارّ ومجرور، وهو خبر مقدَّم، و[كتابٌ] مبتدأ مؤخّر مرفوع، وهو نكرة. ولقد قلنا آنفاً: إذا تقدّم شبه الجملة (الظرف أو الجارّ والمجرور) على المبتدأ، صحّ مجيء المبتدأ نكرة، كما ترى في الآية. وذلك كثير جداً في الكلام.

· ]أُكُلُها دائمٌ وظلُّها[ (الرعد 13/35)

[ظلُّها]: مبتدأ مرفوع، وهو معرفة، على المنهاج. غير أنّ خبره محذوف. وإنما جاز حذفه للعلم به، وذلك أنه لما قيل: [أكلها دائم] دلّ هذا على أنّ ظلَّها دائم أيضاً، فصحّ الحذف.

· ]وأنْ تصوموا خيرٌ لكم[ (البقرة 2/184)

[أنْ تصوموا]: أنْ، حرف مصدريّ ناصب، و[تصوموا]: مضارع منصوب، وواو الضمير فاعل. ومعلومٌ أنّ [أنْ] والفعل المنصوب بعدها، يؤوّلان بمصدر. ويتحصّل من ذلك أنهما معاً يعدلان أو يساويان أو يُعَدّان مصدراً، أي: [أنْ تصوموا = صيامُكم].

ومن المفيد أن نذْكر هنا، أنّ المبتدأ قد يكون ضميراً، نحو أنت مسافر، وقد يكون اسماً صريحاً، نحو: خالدٌ ناجح، وقد يكون -كما رأيت في الآية - مصدراً مؤوّلاً، أي: [صيامكم خيرٌ لكم](7).

· من أمثال العرب قولهم: [مُثْقَلٌ استعانَ بذَقَنِه].

(يضربونه مثلاً لمن يستعين بمن هو أذلّ منه وأضعف. وأصله أنّ البعير يُحمَل عليه الحِمل الثقيل، فلا يقدر على النهوض، فيعتمد بذقَنِه على الأرض).

الأصل في المثل: [بعيرٌ مثقل استعان] فيكون [بعيرٌ] مبتدأً نكرة، وجملة: [استعان] خبره. وإنما جاز أن يكون المبتدأ هنا نكرة - مع أنّ المبتدأ يجب أن يكون في الأصل معرفة - لأنه نُعِت بـ [مثقل]. ومتى نُعتت النكرة، صحّ استعمالُها مبتدأً. ثمّ لما حذف المبتدأ وهو [بعير]، غَدا نعته، وهو: [مثقلٌ]، خلفاً منه. ويلاحظ المرء بشيء طفيف من التأمل، أنّ قاعدة ابن مالك الكلية: [وحذف ما يعلَم جائز] تشمل هذه الحالة الجزئية، لأنّ العرب تعرف المثل، وتعرف لِمَ قيل، وتعرف ما المقصود بـ [المثقل]، ولولا ذلك ما جاز أصلاً حذفه.

· ومن أمثالهم أيضاً: [شرٌّ أهرّ ذا ناب].

(يريدون أنّ السبُع إنما يصدر أصوات الهرير إذا غضب. يضربونه مثلاً لظهور أمارات الشرّ ومخايله).

[شرٌّ]: مبتدأ مرفوع، وهو نكرة. وإنما جاز ذلك - والأصل في المبتدأ أن يكون معرفة - لأن هاهنا محذوفاً معلوماً، هو نعتٌ للنكرة، إذ الأصل قبل الحذف: [شرٌّ مثيرٌ أهرّ ذا ناب]. ومعلوم أنّ النكرة إذا نُعتت صحّ الابتداء بها.

· قال الشاعر:

لَعَمْرُكَ ما الإنسان إلاّ ابنُ أمِّهِ على ما تَجَلّى يومُهُ، لا ابنُ أَمْسِهِ

[لعمرك]: اللام للابتداء، و[عمرك] مبتدأ مرفوع، خبره محذوف وجوباً، فكأن الشاعر قال: حياتُك (عمرك) قسمي. والمقسَم عليه هو: [ما الإنسان إلاّ...]. وإنما يُحذف الخبر وجوباً في موضعين: بعد مبتدأ قسميّ،كالذي تراه هنا في بيت الشاعر، وبعد [لولا] في نحو قولك: لولا الحارس لسُرق المال.

· قال الشاعر:

أقاطنٌ قومُ سلمى، أم نوَوا ظَعَناً إن يَظْعنوا فعجيبٌ عيش مَن قَطَنا

(قطن:أقام، وظعن: رحل).

[أقاطنٌ]: الهمزة للاستفهام. و[قاطنٌ]: مبتدأ مشتق (اسم فاعل)، و[قومُ سلمى] فاعلٌ لهذا المشتق، أغنى عن الخبر وسدّ مسدّه. وذلك أن المبتدأ إذا كان مشتقاً، أغنى معمولُه عن الخبر وسدّ مسدّه.

· قال الشاعر:

خبيرٌ بنو لِهْبٍ فلا تكُ مُلْغِياً مقالةَ لِهْبِيٍّ إذا الطير مَرَّتِ

(يريد أنَ بني لِهْبٍ يُحسنون زجْرَ الطير، تفاؤلاً وتشاؤماً، فخُذْ برأيهم إذا قالوا، فإنّ قولهم هو القول).

[خبير] مبتدأ مشتق (صفة مشبهة). و [بنو لهب] فاعل لهذا المشتق، أغنى عن الخبر وسدّ مسدّه. وذلك أن المبتدأ إذا كان مشتقاً، أغنى معمولُه عن الخبر وسدّ مسدّه.



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:43 AM

المبني والمُعْرَب

¨ المبني: ما لا تتغيّر حركة آخره، اسماً كان أو فعلاً أو حرفاً. فكل كلمة لزمت حركةً واحدةً لا تتغير - مهما يكن موقعها من العبارة، ومهما تكن العوامل المؤثّرة فيها - فهي مبنية، نحو: [هذا - الذيْ - مَنْ - قدْ - رُبَّ - يسافرْنَ - لَتَذْهَبَنَّ إلخ...].

¨ والمعرَب: ما تتغيّر حركة آخره في الكلام ما بين ضمّة وفتحة وكسرة وسكون، على حسب تأثير العوامل فيه نحو: [سافر خالدٌ - رأيت خالداً - مررت بخالدٍ - يسافرُ خالد - لم يسافرْ خالد إلخ...].

تنبيه: الأسماء والأفعال المختومة بواو قبلها ضمّ، أو ياء قبلها كسر، يستثقل العربي لفظ الضمة والكسرة على آخرها، فيسقطهما استثقالاً. نحو: [يدعُوْ القاضِيْ بالجانِيْ فيقضِيْ عليه بما يستحقّ]. وكان الأصل لولا الاستثقال أن يقال: [يدعُوُ القاضِيُ بالجانِيِ فيقضِيُ عليه بما يستحقّ]!! ولكن العربيّ لا ينطق بذلك.



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:44 AM

المثنى



المثنى: اسم لحقته ألف ونون مكسورة، في حالة الرفع. وياء ونون مكسورة، في حالة النصب والجرّ، ليدلّ على اثنين. نحو: كتاب + انِ = كتابانِ و: كتابَ + يْنِ = كتابَيْنِ.

تنبيه: في اللغة ثلاث كلمات مفردات هي: [أبٌ - أخٌ - حمٌ]، يجعل العربيّ في آخرها واواً، عند تثنيته لها، فيقول: [أبَوانِ - أخَوانِ - حَمَوانِ] و[أبوين- أخوين - حَمَوين](1).

* * *

فوائد في نماذج فصيحة:

أ- التعبيرعن المثنى بالمفرد والجمع:

إن من ينعم النظر في استعمال العرب للمثنى، يجد من التوسع في ذلك، ما لا يجده في سواه. ودونك نماذج من هذا:

· فمن التعبير عن المثنى بالمفرد قول الفرزدق يهجو جريراً (معاني القرآن 1/308 + أمالي ابن الشجري 1/12):

[كأنّه وجهُ تُركِيّيْنِ قد غَضِبَا] وإنما يريد: [كأنه وَجْهَاْ تركيَّين].

· ومنه قول المتنبي (الخزانة 7/551):

حَشايَ على جَمْرٍ ذكِيّ من الغَضا وعَينايَ في روضٍ من الحُسن تَرتَعُ

وإنما يريد: [ترتعان].

· ومن التعبير عن المثنى بالجمع: ]والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما[ (المائدة 5/38) والمراد: [يداهما] لا أيديهما الأربع. وقولُه: ]فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون[ (الشعراء 26/15) والمراد: [إنا معكما]. وقولُه: ]إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما[ (التحريم 66/4) والمراد: [صغا قلباكما].

ب- التعبير بالمثنى عن المفرد والجمع:

· فمن التعبير به عن المفرد: ]أَلْقِيَا في جهنم كل كفار عنيد[ (ق 50/24) والمراد: [ألقِ]، إذ الخطاب لمفرد هو [مالك].

· ومنه قول جرير:

فجَعَلْنَ مدفع عاقلَين أيامِناً وجعلن أَمعَزَ رامَتَيْنِ شِمالا

وأراد بقوله: [عاقلين] جبلاً اسمه عاقل، وأراد بـ [رامتين] موضعاً اسمه رامة.

· ومنه أيضا قول المتنبي:

أَبدَيْتِ مثلَ الذي أبديتُ مِن جَزَعٍ ولَم تُجِنّي الذي أَجْنَنْتُ مِن أَلَمِ

إذاً لَبَزّكِ ثوبَ الحُسنِ أَصْغَرُهُ وصِرتِ مِثليَ في ثوبَينِ مِن سَقَمِ

وإنما أراد: [في ثوب من سقم].

· ومن التعبير به عن الجمع: ]إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم[

(الحجرات 49/10) والمراد: [فأصلحوا بين إخوتكم] إلخ...



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:45 AM

المجرد والمزيد



في العربية عشرة أحرف، يجمعها قولك: [سألتمونيها]، سمّاها اللغويّون: [أحرف الزيادة]. ولم يريدوا بهذه التسمية، أن تلك الأحرف لا تكون في الكلام إلا زائدة، وإنما أرادوا أن الحرف الذي يُزاد في الكلمة، لا يكون إلا واحداً منها حصراً. فهي إذاً تكون أحياناً غير زائدة وتكون أحياناً أخرى زائدة، على حسب الحال.

وإنما تَعرف أن الحرف منها زائد، بأن تُسقطه من الكلمة - فِعلاً كانت أو اسماً - فلا يختلّ معناها، ولا يتغير إلى معنى آخر.

فالتاء - مثلاً - من فِعل: [تدحرج] حرف زائد، ودليل زيادته أنك تُسقطه فلا يُخِلّ إسقاطه بمعنى [الدحرجة] ولا يغيّره إلى معنى آخر.

والحكم نفسه منطبق على الأسماء، فالتاء من قولك: [تِبيان] حرف زائد أيضا، ودليل زيادته أنك تُسقطه فلا يُخِلّ إسقاطه بمعنى [البيان] ولا يغيّره إلى معنى آخر.

وأما في نحو: [تعِب، ترَك] فالتاء أصلية، غير زائدة، ودليل ذلك أن إسقاطها يُفسد المعنى، فضلاً على أنه يجعل بناء الفعل من حرفين، وذلك ممتنع في العربية.

وقُل الشيء نفسه في [توت وتاج] ونحوهما من الأسماء، فالتاء فيهما أصلية، غير زائدة، ودليل ذلك أن إسقاطها يُفسد معنى هذين الاسمين، ويجعل بناءهما من حرفين، وذلك في العربية غير وارد.

فالمجرد إذاً، ما كانت جميع حروفه أصلية، والمزيد ما كان فيه حرف زائد أو أكثر.

* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:46 AM

المذكر والمؤنث



الاسم: مذكّر أو مؤنث. مثال المذكر: [رجل] و[كتاب].

فأما الأول: [رجل]، فمذكر حقيقي، لأن له مؤنثاً من جنسه. وأمّا الثاني: [كتاب]، فمذكر غير حقيقي، إذ ليس له مؤنث من جنسه، وإنما اصطلح أبناء اللغة على اعتباره مذكراً.

ومثال المؤنث: [امرأة] و[دار].

فأمّا الأول: [امرأة] فمؤنث حقيقي، لأن له مذكراً من جنسه. وأمّا الثاني: [دار] فمؤنث غير حقيقي، إذ ليس له مذكر من جنسه، وإنما اصطلح أبناء اللغة على اعتباره مؤنثاً.

ملاحظات عظيمة القيمة:

1- يغلب على الاسم المؤنث أن تلحق آخره: ألفٌ مقصورة مثل: [سلمى]، أو ألفٌ ممدودة مثل [حسناء]، أو تاء مربوطة مثل: [خديجة].

2- في اللغة أسماءٌ، سُمِع عن العرب تذكيرها وتأنيثها، منها: [السبيل- الحيّة - العنق - الطريق...]، ولذلك تقول: هذا أو هذه سبيل، وهذا أو هذه حيّة، وهذا أو هذه عنق، وهذا أو هذه طريق،...

3- للإناث حالات مقصورة عليهنّ، لا يشاركهن فيها الذكور، كالحَيْض والإتْآم(1) والطلاق... وأوصافُهنّ في هذه الحالات لا تلحقها التاء، فلا يقال مثلاً: هذه امرأة حائضة أو مُتْئِمة أو طالقة... بل يقال: امرأة حائِض أو مُتْئِم أو طالق(2)...

4- في العربية صفات استعملتها العرب للمذكر والمؤنث بلفظ واحد، مثل: صبور، حنون، جريح، قتيل... فقالوا: رجل صبور وامرأة صبور- ورجل جريح وامرأة جريح...

وقد بحث النحاة واللغويون في هذا قديماً، وذكروا أوزانه، ومواضع استعماله، وما شذ منه وما استثني... حتى إذا كان العصر الحديث، وقف مجمع اللغة العربية بالقاهرة عند هذه المسألة وبحث فيها، ثم خلص من ذلك إلى أن أجاز لحاقَ تاء التأنيث، كلَّ مؤنّث من الصفات. وبناء على ذلك يجوز أن يقال اليوم: رجل صبور وامرأة صبورة، ورجل جريح وامرأة جريحة، ورجل معطار وامرأة معطارة، ورجل معطير وامرأة معطيرة(3) ...


فمَن شاء أن يسلك اليوم هذا السبيل السهل فلا لوم عليه، ولا يعاب قوله. ومن شاء أن يأخذ بالطريقة القديمة، وهي الفصيحة الفصيحة، فذلك له. فامرؤٌ وما اختار(4).

* * *

عودة | فهرس


--------------------------------------------------------------------------------

1- الإتآم: أن تلد المرأة اثنين في بطن واحد.

2- ما خالف ذلك فسماعي لا يقاس عليه، ومنه الآية: ]يوم تَذهلُ كلّ مُرْضعةٍ عما أَرْضعتْ[ (الحج 22/2).

3- انظر الصفحات: 126-131-132 من كتاب [مجموعة القرارات العلمية في خمسين عاماً]. وانظر الصفحة 74 من كتاب [في أصول اللغة] الدورات 29-34، ومداخلة الأستاذين عباس حسن في الصفحة 75، وعطية الصوالحي في الصفحة 77، والصفحة 106 من الكتاب المذكور، ولا سيما الحاشية رقم 1 منها.

4- مع أننا نأخذ أنفسنا في كتابنا بألاّ ننقل قواعد اللغة إلى الناس - كما ورثناها عن الأئمة - من غير إعمال نظر فيها، وفي طريقة عرضها، فإننا رأينا من الحق علينا في هذا البحث خاصة، أن نخالف عن مذهبنا هذا.

وعلى ذلك نقلنا عن كتاب [جامع الدروس العربية] للشيخ مصطفى الغلاييني رحمه الله، نقلاً حرفياً، تلك الحالات التي [يستوي فيها المؤنث والمذكر]؛ ذاك أن كتابه - في أيامنا هذه - من أسهل كتب النحو ومن أوثقها؛ وقد وردتْ في الصفحات: 100-101-102 من جزئه الأول. فإليكها:

[ما يستوي فيه المؤنث والمذكر:

ما كان من الصفات على وزن (مِفْعَل): كمِغْشم ومِقْول، أو (مِفعال): كمعطار ومقوال، أو (مِفْعِيل): كمعطير ومسكير، أو (فَعُول) بمعنى فاعل: كصبور وغيور، أو (فَعِيل) بمعنى مفعول: كقتيل وجريح، أو على وزن (فِعْل) بمعنى مفعول: كذِبْح وطِحْن، أو (فَعَل) بمعنى مفعول: كجَزَر وسَلَب، أو مصدراً مراداً به الوصف: كعَدْل وحَقّ - يستوي فيه المذكر والمؤنث، فلا تلحقه علامة التأنيث، يقال: رجلٌ مِغْشمٌ ومِقوالٌ ومِسكيرٌ وغيورٌ وقتيلٌ وعَدْلٌ، وجَمَلٌ ذِبْحٌ وجَزَرٌ، وامرأةٌ مِقوالٌ ومِعطارٌ ومِعطيرٌ وجريحٌ وعدلٌ، وناقةٌ ذبحٌ وجزرٌ. وما لحقته التاء من هذه الأوزان: كعَدُوّةٍ ومِيقانةٍ ومِسكينةٍ ومِعطارةٍ، فهو شاذّ. وإن كان (فَعُول) بمعنى (مفعول) تَلحقه التاء: كأكولة بمعنى مأكولة، وركوبة بمعنى مركوبة، وحلوبة بمعنى محلوبة. ويقال أيضاً: أكولٌ وركوبٌ وحلوب. وإن كان (فَعِيل) بمعنى (فاعل) لحقته التاء: ككريمة وظريفة ورحيمة. وقد يجرَّد منها كقوله تعالى: ]إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين[. وإن كان بمعنى (مفعول)، فإن أريد به معنى الوصفية، وعُلمَ الموصوفُ، لم تلحقه في الأكثر الأغلب: كامرأة جريحٍ. وقد تلحقه على قلّةٍ كخَصلةٍ حميدةٍ وفعلةٍ ذميمة. وإن استعمل استعمال الأسماء لا الصفات لحقته التاءُ: كذبيحة وأكيلة ونطيحة. وكذا إن لم يُعلَم الموصوفُ: أمذكر هو أم مؤنث؟ مثل: (رأيتُ جريحةً). أما إذا عُلمَ فلا، نحو: (رأيتُ امرأةً جريحاً) أو (رأيتُ جريحاً مُلقاةً في الطريق)، ونحو: (كُونِي صبوراً على المصائب، حمولاً للنوائب)]. انتهى.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:46 AM

المستثنى بـ [إلاّ]



المستثنى بـ [إلاّ]: اسمٌ يُذكَر بعدَ [إلاّ]، مخالفاً ما قبلَها. نحو: [جاء الطلاّبُ إلاّ خالداً]. وهو منصوبٌ، قولاً واحداً. غير أنه إذا سبقه نفي أو شبه النفي(1)، جاز مع النصب، إتباعه على البدلية مما قبله نحو:

[ما جاء الطلاّبُ إلاّ خالداً + خالدٌ: (بدل من الطلاّبُ)]

[ما مررت بالطلاّبِ إلاّ خالداً + خالدٍ: (بدل من الطلابِ)]

فإذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه وجب نصبه نحو: [لم يسافر إلاّ خالداً أحدٌ].

ملاحظة: قد يأتي المستثنى ولا صلة له بجنس ما قبله، فيسمُّون ذلك [الاستثناء المنقطع] نحو: [وَصَلَ المسافرُ إلاّ أمتعتَه].

تنبيه ذو خطَر:

إذا كان الكلام قبل [إلاّ] غير تام، وكان معتمداً على نفي أو شبهه، فهو حَصْرٌ أو قَصْر، لا استثناء. فالتراكيب التالية: [ماجاء إلاّ خالدٌ، وما رأيت إلاّ خالداً، وما مررت إلاّ بخالدٍ] ليست تراكيب استثناء، (وإنْ كانت كتب الصناعة، تجعلها من تراكيب الاستثناء وتخلطها بها). وإنما هي - كما تقول كتب البلاغة - تراكيبُ [قصْر أو حصْر]. ومنها قوله تعالى ]وما محمدٌ إلاّ رسول[ أي: [محمّد صلى الله عليه وسلّم رسول، مقصور على الرسالة]، لا أنّ كلمة [رسول] مستثناة من [محمّد] !! يدلّك على صحة ما نقول، أنّ [خالد] في التركيب الأول فاعل، وفي الثاني مفعول به، وفي الثالث مجرور بالباء، ولا صلة لكل ذلك بالاستثناء !!

* * *

نماذج فصيحة من استعمال المستثنى بـ [إلاّ]

· ]الأخِلاّء يومئذٍ بعضُهمْ لبعضٍ عدوٌّ إلاّ المتّقين[ (الزخرف 43/67)

[المتقين]: مستثنى بإلاّ، منصوب على المنهاج. إذ كلّ مستثنى منصوب قولاً واحداً. (غير أنه إذا سبقه نفيٌ أو شبهه(2) جاز مع النصب إتباعه على البدلية).

· ]فشربوا منه إلاّ قليلاً منهم[ (البقرة 2/249) (أي: شربوا من النهر)

[قليلاً]: مستثنى بإلاّ، منصوب على المنهاج.

· ]ما فعلوه إلاّ قليلٌ منهم[ (النساء 4/66)

[قليلٌ = قليلاً]: هاهنا مستثنى بإلاّ. والقاعدة أنّ المستثنى بإلاّ منصوب قولاً واحداً، إلاّ إذا سبقه نفي أو شبهه، فيجوز مع النصب إتباعه على البدلية. ولقد تحقق ذلك في الآية كما ترى، إذ سَبَقَ المستثنى هاهنا نفيٌ: [ما فعلوه]، فجاز إذاً مع النصب، الرفعُ على البدلية من ضمير الفاعل وهو الواو من [فعلوه]. ومن هنا كان للآية قراءتان: قراءة السبعة، ماعدا ابن عامر [إلاّ قليلٌ] على البدلية، وقراءة ابن عامر [إلاّ قليلاً] على الاستثناء.

· ]ولا يلتفِتْ منكم أحدٌ إلاّ امرأتك[ (هود 11/81)

[امرأتَك = امرأتُك]: هاهنا مستثنى بإلاّ. سُبِقَ بنهي: [لا يلتفتْ]، فجاز إذاً مع النصب، الرفعُ على البدلية من [أحدٌ]. ومن هنا كان للآية قراءتان: قراءة أبي عمرو وابنِ كثير [إلاّ امرأتُك] بالرفع على البدلية، وقراءة الباقين بالنصب [امرأتَك] على الاستثناء.

· ]ومَن يقنطُ من رحمة ربِّه إلاّ الضالّون[ (الحِجر 15/56)

[الضالّون]: اسم مرفوع على البدلية من ضمير: [يقنط] وهو فاعل. وذلك أن المستثنى سبق باستفهام: [مَن يقنط؟]، فجاز مع النصبِ الرفعُ. ولولم يكن الكلام قرآناً، لصحّ قولُك: [الضالّين] ناصباً على الاستثناء. وقُلِ الشيءَ نفسَه في قوله تعالى: ]ومَن يغفر الذنوبَ إلاّ الله[ (آل عمران 3/135)، فلفظ الجلالة [الله]، وإن جاء مرفوعاً في الآية، يصحّ نصبه أيضاً من الوجهة الصناعية. فأنت ترى هاهنا أنْ قد سبقه استفهام: [مَن يغفر؟]، فجاز مع النصب الإتباع على البدلية. وقد رُفع هاهنا على البدلية من ضمير [يغفر]، وهو فاعل. ولولا أنّ الكلام قرآن، لصحّ النصب على الاستثناء أيضاً: [إلاّ اللهَ].

· قال النابغة الذبياني، يذكر دار ميّة:

وقفتُ فيها أُصَيْلاناً أُسائلُها عَيَّتْ جواباً وما بالرَّبع مِن أحدِ

إلاّ الأَوارِيَّ لأْياً ما أُبَيِّنها ..............................

(أصيلان: تصغير أَصيل - عيَّتْ: عجزتْ أن تجيب - الأواريّ: مرابط الخيل - لأياً: أي: بعد جهدٍ).

[الأواريّ]: مستثنى بإلاّ، ولكن لا صلة له بجنس ما قبله، وهو المستثنى منه [أحد]، فهنا مرابط خيل، وهناك سُكّان رَبعِ ميّة. وبتعبير آخر: إنّ المستثنى [الأواريّ] لا صلة له بجنس المستثنى منه: [أحد]. وكتب الصناعة تسمّي هذا الصنف من الاستثناء: [الاستثناء المنقطع].

ومهما يَدُر الأمر فقد جاء منصوباً على المنهاج، إذ هو ككلّ مستثنى، حكمُه النصب قولاً واحداً. إلاّ إذا سبقه نفي أو شبهه (أي: نهي أو استفهام)، فيجوز مع النصب الإتباع على البدلية.

· ومن هذا الصنف من صنوف الاستثناء (أعني الذي يسمونه: الاستثناء المنقطع) قوله تعالى: ]ما لهم به من علم إلاّ اتّباعَ الظنّ[ (النساء 4/157)

فالمستثى هنا هو: [اتّباعَ الظنّ]، واتّباع الظنّ لا صلة له بالعلم. وقد جاء نصبه على المنهاج في نصب المستثنى بإلاّ.

· قال الكميت:

وما ليَ إلاّ آلَ أحمدَ شيعةٌ وما ليَ إلاّ مذهبَ الحقّ مذهبُ

الأصل في التركيب أن يقال: [ماليَ شيعةٌ إلاّ آل أحمد]، ولكنّ الشاعر قدّم المستثنى بإلاّ، وهو: [آل أحمد] فوجب النصب. وذلك أنّ المستثنى إذا تقدّم على المستثنى منه - كما في بيت الكميت - وجب النصب، وامتنع ما عداه.

ويحسن أن نوجّه النظر هنا، إلى أنّ في البيت تركيباً آخر هو: [ما ليَ إلاّ مذهبَ الحقّ مذهبُ]، وهو مثل التركيب الأول طِبقاً. فقسه عليه.

ومن ذلك قول حسان بن ثابت في يوم (بدر):

وَفَوا يومَ بدرٍ للرسول وفوقهمْ ظلالُ المنايا والسيوفُ اللوامعُ

.......

لأنهمُ يرجون منه شفاعةً إذا لم يكن إلاّ النبيّينَ شافعُ

فالأصل في قوله: [لم يكن إلاّ النبيين شافعٌ] هو: [لم يكن شافعٌ إلاّ النبيين]، (فهو مما يجوز معه الرفع أيضاً - لو أنّ الشاعر أراد ذلك - إتباعاً على البدلية من المستثنى منه المرفوع: [شافعٌ]. أي كان يجوز له أن يقول أيضاً: [إلاّ النبيون]. إذ القاعدة: أنّ المستثنى بـ [إلاّ] منصوب قولاً واحداً، إلاّ إذا سبقه نفي أو شبهه، فيجوز مع النصب الإتباع على البدلية). وقد قدّم الشاعر المستثنى على المستثنى منه، فوجب النصب قولاً واحداً.

هذا، ونورد فيما يلي نماذج من تراكيب الحصر، وإن كانت أحكامه لا علاقة لها بأحكام الاستثناء، مبتغين من ذلك مزيداً من إيضاح الفرق بينهما:

· قال الشاعر:

ما لكَ مِن شيخِكَ إلاّ عملُهْ إلاّ رسيمُهُ وإلاّ رَمَلُهْ

(الرسيم والرمَل: نوعان من السير).

في البيت مسألتان:

الأولى: أنّ [إلاّ] مِن قوله: [إلاّ عملُه]، ليست أداة استثناء، وإنما هي أداة حصر (ويسمونه القصر أيضاً، وهو إثبات حُكْمٍ لشيء، ونفيه عما عداه). ومن شروطه أن يكون الكلام غير تام. وقوله: [ما لك من شيخك] غير تام. وأن يتصدّره نفي أو نهي أو استفهام. وقد تصدّرته هنا أداة نفي هي: [ما]. ومن الأدلة على القصر في التركيب، أنْ ليس هاهنا مستثنى منه. فإذا كان ذلك - وهوكائن - فكيف يصحّ في العقول أن نستثنيَ شيئاً، من أشياء لا وجود لها؟! وتأمّل البيت، تجد ما قلناه منطبقاً عليه معنىً وإعراباً: وذلك أنك إذا حذفت من الكلام ما فيه من الحشو، بقي: [ما لك إلاّ عملٌ]، وبالإعراب ترى أنّ:

[ما] نافية، وبتصدّرها التركيب يتحقق شرط من شروط القصر (أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام).

[لك] شبه جملة: خبر مقدّم.

[إلاّ] أداة حصر.

[عملٌ]: مبتدأ مؤخر.

فأين المستثنى منه؟! إنّ التركيب تركيب قصر !!

المسألة الثانية: تكرار [إلاّ]. فأما أولاهنّ فأداة قصر، كما ذكرنا آنفاً. وأما الثانية فزائدة، و[رسيمُه] بدل من [عملُه]. وأما الثالثة فزائدة أيضاً، و[رملُه] معطوف على رسيمُه]. ومن المفيد أن نقول هنا: [إلاّ] تتكرر للتوكيد، فتكون زائدة.

· ]إنْ أنتَ إلاّ نذير[ (فاطر 35/23)

الأداة [إنْ] في صدر التركيب أداةُ نفي، معناها [ما]. ومن شروط القصر، أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. وعلى ذلك يكون المعنى: ما أنت إلاّ نذير. وليس هاهنا تركيب استثناء، بل تركيب قصر. يدلّك على ذلك أنّ المعنى قبل [إلا] غير تام، ومنه فليس قبل [إلاّ] مستثنى منه، وكلمة [نذير] - إذاً - ليست مستثنى، بل هي خبر مرفوع، للمبتدأ: [أنت]. وكم بين المستثنى المنصوب والخبر المرفوع من البَوْن!!

· ]ما على الرسول إلاّ البلاغ[ (المائدة 5/99)

الأداة [ما] في صدر التركيب أداة نفي. ومن شروط القصر أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. وليس في الآية تركيب استثناء، بل فيها تركيب قصر. وذلك أنّ المعنى قبل [إلا] غير تام. وكلمة [البلاغُ] وإنْ جاءت بعد [إلاّ]، فإنها مبتدأ مؤخّر، وشبه الجملة: [على الرسول] خبر مقدَّم. ولو تغافلنا موقتاً عن أداة النفي: [ما]، وأداة الحصر: [إلاّ]، لاتّضح أنّ التركيب في الأصل هو: [على الرسول البلاغُ].

ويكفي دليلاً على صحة ما نقول، أنْ ليس قبل [إلاّ] مستثنى منه، فإذا كان ذلك، وهو كائن، فكيف يصحّ في العقول أن نستثنيَ شيئاً، فنخرجه من أشياء لا وجود لها؟!

· ]ولا تقولوا على الله إلاّ الحقّ[ (النساء 4/171)

الأداة [لا] في صدر التركيب، أداة نهي. ومن شروط القصر، أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. وليس في الآية تركيب استثناء، بل فيها تركيب قصر.

وذلك أنّ المعنى قبل [إلا] غير تام، إذ لا يتم إلا بكلمة [الحق]. وكلمة [الحقَّ] بعد [إلاّ]، مفعول به لا مستثنى بإلاّ. ولو تغافلنا موقتاً عن أداة النهي: [لا]، وأداة الحصر: [إلاّ]، لاتّضح أنّ التركيب في الأصل هو: [قولوا الحقَّ]. ومن الأدلة على هذا أنْ ليس قبل [إلاّ] مستثنى منه. والعقل لا يسلّم باستثناء شيء من أشياء لا وجود لها. ومن ثم يكون التركيب تركيب قصر لا تركيب استثناء.

· ]فهل يُهلَك إلاّ القومُ الفاسقون[ (الأحقاف 46/35)

الأداة [هل] في صدر التركيب أداةُ استفهام. ومن شروط القصر، أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. والآية إذاً ليس فيها تركيب استثناء، بل فيها تركيب قصر. وذلك أنّ المعنى قبل [إلا] وهو [فهل يُهلك] غير تام.

وكلمة [القومُ] بعد إلاّ، نائب فاعل، لا مستثنى بإلاّ. ولو تغافلنا موقتاً عن أداة الاستفهام: [هل]، وأداة الحصر: [إلاّ]، لاتّضح أنّ التركيب في الأصل هو: [يُهلَكُ القومُ]. ومن الأدلة على هذا أنْ ليس قبل [إلاّ] مستثنى منه. وذلك برهان قاطع، على أنّ التركيب تركيب قصر لا تركيب استثناء.



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- شبه النفي هنا، هو النهي والاستفهام.

2- شبه النفي هنا، هو النهي والاستفهام.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:47 AM

المصدر

المصدر اسم يدلّ على الحدث(1).

فأمّا مصدر الفعل الثلاثي فسماعي، يُعرف بالرجوع إلى المعاجم.

وأما مصدر ما فوق الثلاثي، من رباعي أو خماسي أو سداسي، فقياسيّ. ودونك حديثَ ذلك:

تمتاز مصادر الأفعال فوق الثلاثية بموسيقى إيقاعيّة، تسبق إلى اللسان والأذن جميعاً، بلا استثناء في إيقاعها، ولا اختلاف في حركاتها وسكناتها.

1- فإذا قلت مثلاً: عَظَّمَ فالمصدر تَعْظِيم، حتماً.

وذلك أن كل فِعلٍ وزنه [فَعَّل]، فإن مصدره [تَفْعِيل]:

فـ: شَمَّر تَشْمير تَفْعِيل

و: صغّر تصغير =

و: حرّك تحريك =

و: سكّن تسكين =

و: صمّم تصميم تَفْعِيل وهكذا...(2)

2- وإذا قلت ساهَمَ مثلاً، فالمصدر مُساهَمَة حتماً. وذلك أنّ كل فعل وزنه [فاعَلَ] فإن مصدره [مُفاعَلَة]:

فـ: ناظَرَ مُناظَرَة مُفاعَلَة

و: يامَنَ مُيامَنَة =

و: ياسَرَ مُياسَرَة =

و: سامَرَ مُسامَرَة =

و: باعَدَ مُباعَدَة = وهكذا...

3- وإذا قلت دحرج مثلاً، فالمصدر دحرجة حتماً (3).

وذلك أنّ كلّ فعل وزنه [فَعْلَلَ]، فإن مصدره [فَعْلَلَة].

فـ: عَسْكَر عَسْكَرَة فَعْلَلَة

و: بَعْثَر بَعْثرة فَعْلَلَة

و: فرقع فرقعة =

و: زلزل زلزلة =(4)

و: زخرف زخرفة = وهكذا...

4- ثم إن كلّ فِعْلٍ زِدتَ في أوّله تاءً، فلفظُه ولفظُ مصدرِه سواء، إلا الحرف الرابع من المصدر، فيُضَمّ:

فـ: تَبادَلَ مصدره تَبادُل

و: تَزَلْزَلَ = تَزَلْزُل

و: تَكَلَّمَ = تَكَلُّم

و: تَسَرْبَلَ = تَسَرْبُل

و: تَعَجْرَفَ = تَعَجْرُف وهكذا...

بعد هذه الأنماط الأربعة من الأفعال فوق الثلاثية ومصادرها، نورد القاعدة التالية، وهي أنّ:

[كلّ فعل ماض زاد على ثلاثة أحرف، مبدوءٍ بهمزة(5)، فلفظُه ولفظُ مصدره سواء، عدا أن أول المصدر مكسور حتماً، وقبل آخره ألِفٌ حتماً](6).

فـ: أَكرمَ مصدره إِكرام

و: أسرعَ = إِسراع

و: أنزلَ = إِنزال وهكذا...

[فإن كان خماسيّاً أو سداسيّاً، كُسِر ثالثُه أيضاً].

فـ: اِنحدرَ مصدره اِنحِدار

و: اِطمأنَّ = اِطمِئنان

و: اِستخرجَ = اِستِخراج وهكذا...



* * *



عودة | فهرس





--------------------------------------------------------------------------------

1- فائدة للشّداة من الطلاب: إن مما يسهّل معرفة مصدرِ فِعلٍ من الأفعال مثل: [كتَبَ - نَامَ - حَفِظَ - سافَرَ - بَكى - شَرِبَ إلخ] أن يؤتى برَوْسَم (كليشة) لا يتغيّر هو: [حَدَثَ فِعْلُ...]، فتكون الكلمة الثالثة هي المصدر. وتطبيقاً على الأفعال المذكورة آنفاً يقال: [حَدَثَ فِعْلُ الكِتابة - حَدَثَ فِعْلُ النَّوم - حَدَثَ فِعْلُ الحِفْظ - حَدَثَ فِعْلُ السَّفَر - حَدَثَ فِعْلُ البُكاء - حَدَثَ فِعْلُ الشُّرْب] والكلمات: [الكتابة - النوم - الحفظ - السفر - البكاء - الشرب] هي المصادر.

2- من تفريع هذا الوزن، أنّ [فَعّلَ] إذا كان آخره حرف علّة، نحو: [عرّى] فالمصدر [تَفْعِلَة]: [تَعْرِيَة].

فـ: وصّى توصية تَفْعِلَة

و: زكّى تزكية =

و: عدّى تعدية =

و: سمّى تسمية =

و: سلّى تسلية = وهكذا..

لكنّ من يتأمل يتبيّن له أن [سمّى] مثلاً، وزنُه [فَعَّلَ]، وذلك لأن الأصل فيه [سَمَّيَ]، وأن [التسمية] وزنُها [تفعيل]، لأن الأصل فيها [تَسْمِيْي]، ثم حذفت الياء للتخفيف، وعوّض منها التاء فقالوا: [تسمية]، وقس على ذلك. فالفرق إذاً بين [التَّفْعِيل] و[التَّفْعِلَة]، إنما هو فرق ظاهري، وإلا فإن هذا - في الأصل - هذا، والقاعدة لم تنكسر.

3- يلحق بـ [دَحْرَجَ]، كلُّ فِعلٍ يماثله في حركاته وسكناته، نحو بَسْمَلَ وزَلْزَلَ وبَيْطَرَ... وأما اختلاف الحروف ما بين لام وصاد وباء وعين إلخ... فلا قيمة له في إيقاع الوزن.

4- إذا كان الفعل مضاعفاً، نحو: [زلزل ودندن] أي متماثل الأول والثالث، فله مصدر قياسيّ آخر هو [فَعْلال]، فيقال: [زلزل: زلزلة وزَلزالاً، ودندن: دندنة ودَنداناً].

5- لا فرق في ذلك بين همزة وصل وهمزة قطع.

6- إذا كان قبل آخر الفعل ألِفٌ أيضاً، نحو: [أقام - استقام - أحال - استحال...] تعذّر تتابعُ أَلِفَيْن قبل الآخر: [ألِف الفعل وألف المصدر]، فتحذف ألف، ويُؤتى في آخر المصدر بتاء مربوطة. فـ: [أقام مصدره إقامة] و[اِستقام مصدره اِستقامة] و[أحال مصدره إحالة] و[اِستحال مصدره اِستحالة] وهكذا...

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:48 AM

المصدر الصناعي



المصدر الصناعي: اسمٌ زِيدتْ في آخره ياء مشدّدة، بعدها تاء مربوطة: [يّة]، للدلالة على ما فيه من الخصائص. نحو: [الإنسانيّة]، فإنها تدل على خصائص الإنسان، و [اللصوصيّة]، فإنها تدل على خصائص اللصوص.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون الاسم عربياً أو أعجمياً، أو جامداً أو مشتقاً، أو مثنىً، أو جمعاً،... نحو: [الحيوانية - الرأسمالية - الاشتراكية - الأقدمية - الكيفية - الماهيّة - الهويّة - الأنانية - الديموقراطية...].



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:49 AM

المصدر الميميّ

هو مصدر قياسيّ، يُبْدَأ أبداً بميم زائدة(1)، ويساوي المصدر الأصلي في المعنى(2)، والدلالةِ على الحَدَث.

صَوْغُه:

¨ يصاغ من الثلاثي على وزن [مَفْعَل] قياساً مطّرداً، نحو: [مَجْلَس، مَصْبَر، مَوْعَد، مَوْصَل...] تقول:

المَصْبَر خيرٌ من المَشْكى = الصبر خير من الشكوى.

والمَجْلَس بعد المَرْكَض مُريح = الجلوس بعد الركض مريح.

والمَوْفَى بالمَوْعَد فضيلة = الوفاء بالوعد فضيلة(3).

¨ ويصاغ من غير الثلاثي على وزن اسم المفعول نفسِه. نحو: [مُدَحْرَج، مُقاتَل، مُسْتَخْرَج...].

تقول: مُدَحْرَجُ الكرة رياضةٌ مفيدة = دَحْرَجَتُها...

و: مُقاتَلُ الأصدقاء بغيض = قِتالُهم...

و: مُسْتَخْرَجُ النفط ثروةٌ للأمة = استِخراجُه...


عمله:

يعمل المصدر الميمي عمل فعله، ومنه قول الحارث بن خالد المخزومي:

أَظَلُومُ إنّ مُصابَكُمْ رَجُلاً أَهْدى السَّلامَ تحيّةً، ظُلْمُ

[ظلوم]: اسم امرأة، والهمزة قبله حرفُ نداء، [مصابكم]: مصدر ميمي، و[رجلاً]: مفعول به للمصدر الميمي، أي إنّ إصابتكم رجلاً... ظُلْم.



* * *



عودة | فهرس





--------------------------------------------------------------------------------

1- بسبب لزوم هذه الميم أوَّلَه، سَمَّوه ميميّاً.

2- قيل أيضاً: إنه آكَدُ من معنى المصدر الأصلي.

3- جاء عن العرب بضعة مصادر ميمية على وزن [مَفْعِل] نحو: [المَوْعِد بمعنى الوَعْد - المَوْضِع بمعنى الوَضع - المَوْقِف بمعنى الوقوف - المَوْلِد بمعنى الولادة - المَوْثِق بمعنى الثِّقة] فتحفظ وتستعمل، ولكنّ القياس [مَفْعَل].

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:49 AM

المعتل والصحيح



إذا كان أحد حروف الفعل الأصلية حرف علّة سُمّي [فعلاً مُعتلاً] نحو: [باع - وقف - رضي - رمى](1).

ثم إذا كان حرفُ العلة صدراً له نحو: وقف - ورد... سمَّوْه: مِثالاً.

وإذا كان في وسطه، نحو: قال - باع... سمَّوْه: أجوف.

وإذا كان في آخره، نحو: رمى- دعا... سمَّوْه: ناقصاً.

فإذا اقترن حرفا علة في الفعل، نحو: روى- طوى... سمَّوْه: لفيفاً مقروناً.

وإذا افترقا، نحو: وفى - وعى... سمَّوْه: لفيفاً مفروقاً.

فإذا لم يكن أحدُ حروفِه الأصلية حرف علة، نحو: شرب - رجع... قالوا هو فعل صحيح(2).

ثم إذا كان هذا الصحيح فيه همزة سمَّوْه مهموزاً، نحو: أخذ-سأل-بدأ..

وإذا كان فيه حرف أصلي مكرّر، سمَّوْه مضاعفاً، نحو: مرّ - زلزل...

* * *

عودة | فهرس




--------------------------------------------------------------------------------

1- ليس في العربية ألِفٌ تُعدّ من جذر الكلمة؛ فإما أن تكون منقلبة عن واو أو ياء نحو: قال مِن قول، وباع مِن بيع. أو تكون حرفاً من حروف الزيادة: [سألتمونيها] نحو: راكض من رَكَضَ. وعلى ذلك تكون حروف العلة واواً أو ياءً فقط؛ فإذا قلنا عن كلمة فيها ألفٌ نحو: [عدا - رمى]: إنها معتلة، فإنما نعني أن اعتلالها بواو أو ياء انقلبت ألفاً، لا أن الألف نفسها حرف علة.

2- لا التفات إلى الألف إذا لم تكن منقلبة عن أحد حرفَي العلة: الواو أو الياء. ففعل [قاتل] مثلاً [صحيح] غير معتلّ، وإن كان فيه ألف؛ ذاك أن حروفه الأصلية هي القاف والتاء واللام، وأما الألف فيه فزائدة، ولذلك لا يُلتفت إليها. ومثله [تراجع] لأن حروفه الأصلية هي: [الراء والجيم والعين] وهكذا...(انظر بحث الإعلال (26))

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:50 AM

المعرّف بالإضافة



تتحوّل النكرة إلى معرفة، إذا أضيفت إلى معرفة.

وإليك أمثلة ترى منها أن كلمة [كتاب] مثلاً - وهي نكرة - قد تحولت إلى معرفة حين أضيفت إلى إحدى المعارف:

- خذ كتابك: كلمة [كتاب] تعرّفتْ بإضافتها إلى الضمير.

- اقرأ كتاب خالد: تعرّفتْ بإضافتها إلى العَلَم [خالد].

- كتاب هذا الطالب جديد: تعرّفتْ بإضافتها إلى اسم الإشارة [هذا].

- يضيع كتاب الذي يهمل: تعرّفتْ بإضافتها إلى اسم موصول [الذي].

- كتاب المعلم قديم: تعرّفتْ بإضافتها إلى المعرَّف بـ [ألـ].



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:51 AM

المعلوم والمجهول



¨ قد يكون مَنْ فَعَلَ الفعل معلوماً (مذكوراً في الكلام) مثل: [كَسَرَ خالدٌ الزجاجَ] فيسمّى الفعل: مبنياً للمعلوم.

وقد يكون مَنْ فَعَلَه مجهولاً (غير مذكور في الكلام) مثل: [كُسِرَ الزجاجُ]، فيسمى الفعل: مبنياً للمجهول.

¨ تتغير صورة الفعل المعلوم حين يُبنى للمجهول؛ كما يلي:

1- بناء الفعل الماضي، للمجهول:

يُبنَى الفعل الماضي للمجهول، بكسر ما قبل آخره، وضَمِّ كلِّ متحركٍ قبلَه نحو: [فتح - فُتِح، أطعم - أُطْعِم، تعلّم - تُعُلِّم، استغفر - اُسْتُغْفِر].

فإن كان قبل آخره حرف مدّ، قلب ياء قولاً واحداً، نحو: [أقام - أُقيم، أمال - أُميل، استعار - اُستعير]، إلا أن يكون الفعل الماضي ثلاثياً أو خماسياً، فيكسر كلُّ متحرّكٍ قبل هذه الياء، نحو:

[قال - قِيل، باع - بِيع، سام - سِيم، اعتاد - اِعتيد، اجتاح - اِجتيح، اقتاد - اِقتيد].


2- بناء الفعل المضارع، للمجهول:

يُبنَى الفعل المضارع للمجهول، بضَمِّ أوّله، وفتح ما قبل آخره، نحو: [يَكسِر - يُكسَر، يُكرِم - يُكرَم، يُدحرِج - يُدحرَج، يَستَمِع - يُستَمَع، يتقبّل - يُتَقَبَّل، يَستخرِج - يُستَخْرَج].

فإن كان قبل آخره حرف مدّ، قلب هذا الحرف ألفاً قولاً واحداً، نحو: [يقول - يُقَال، يبيع - يُبَاع، يميل - يُمَال، يستغيث - يُستَغَاث، يستميل - يُستَمَال، بستطيع - يُستَطاع].



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:52 AM

المفعول به

هو ما وقع عليه فِعْلُ الفاعل فنَصَبَه. نحو: [أكل خالدٌ رغيفاً]؛ وحقُّه أن يجيء - في الأصل - بعد الفاعل، ولكنْ قد يتقدّم عليه، نحو: [أكل رغيفاً خالدٌ]، بل قد يتقدم أحياناً عليه وعلى فِعله أيضاً، نحو: [رغيفاً أكل خالدٌ].

هذا على أنّ تقديم المفعول به وتأخيره، جائزان في كل الأحوال(1). ولا يستثنى من ذلك إلاّ حالتان يجب تقديمه فيهما:

الأولى: أن يتّصل الفاعلُ بضمير المفعول، فيُقَدَّ م وجوباً على الفاعل، نحو: [سكن الدارَ مالكُها]، و[ركب الفرسَ رائضُها].

الثانية: أنْ يقع بين [أمّا] وجوابها، فيُقدَّم وجوباً على الفعل والفاعل معاً، نحو: [فأمّا الجائعَ فأَطْعِمْ وأمّا الغريبَ فأكْرِمْ].



* * *

نماذج فصيحة من استعمال المفعول به

· قال عنترة (الديوان /143):

ولقد نزلْتِ فلا تظنّي غيرَه منّي بمنْزلة المحبّ المُكْرَمِ

فِعل [الظنّ] ينصب مفعولين، فأمّا الأول في البيت، فهو: [غيرَ]، وأما الثاني فقد حذفه الشاعر. وذلك جائز. وقد نظم ابن مالك في جواز الحذف عموماً، قاعدة كليّة فقال: [وحذف ما يُعلم جائز...]، ولو ذُكر المفعول المحذوف لقال الشاعر: [فلا تظنّي غيرَه واقعاً].

· ]أين شركائي الذين كنتم تزعمون[ (القصص 28/62)

فِعل [زعم] ينصب في الأصل مفعولين، وقد حُذِفا هاهنا جميعاً، ولو ذُكرا لقيل: [تزعمونهم شركائي]، فكان الأول يكون هو الضمير المتصل: [هم]، وكان الثاني يكون: [شركائي]، ولكنهما حُذِفا. وإنما جاز حذفهما للعلم بهما، وقد ذكرنا آنفاً قاعدة جواز الحذف التي نظمها ابن مالك.

· ]وإذِ ابتلى إبراهيمَ ربُّه[ (البقرة 2/124)

[إبراهيمَ]: مفعولٌ به، والفاعل: [ربُّ]. وقد قُدِّم المفعول على الفاعل كما ترى، وتقديمه هنا واجب، لاتّصال الفاعل بضمير المفعول.

والقاعدة العامّة أنّ [كل تقديمٍ أو تأخير للمفعول جائز، ماعدا موضعين اثنين فقط، يجب تقديمه فيهما. الأول: أنْ يتّصل الفاعل بضمير المفعول - كما جاء في هذه الآية - والثاني: أن يقع المفعول بين (أمّا) وجوابها].

· وقال حسّان بن ثابت يرثي مُطْعِمَ بن عديّ (الديوان /398):

ولو أنّ مجداً أَخْلَدَ الدهرَ واحداً مِنَ الناس، أبقى مجدُه الدهرَ مُطْعِما

وفي قوله هذا مخالفة لقاعدة كلية هي: أنّ الفاعل إذا اتصل بضمير المفعول، وجب تقديم المفعول. ولقد تحقق هذا الاتصال في البيت: فـ [مجدُه] فاعل لـ [أبقى]، والهاء المتصلة به هي ضمير المفعول به: [مطعماً]. وهذا يوجب إعمال القاعدة، أي: تقديم المفعول على الفاعل، فيقال: [أبقى مطعماً مجدُه](2). ولكنّ الشاعر لم يُعملها، فكان ذلك شذوذاً، تسمّيه كتب الصناعة: [ضرورة شعرية]. ونورد فيما يلي نظائر لهذا البيت ترسيخاً للقاعدة.

· فنظير ما تقدّم، قولُ أبي الأسود الدؤلي (الديوان /401):

جزى ربُّهُ عني عدِيَّ ابنَ حاتمٍ جزاءَ الكلابِ العاوياتِ وقد فَعَلْ

وفي قوله: [جزى ربُّه عديّاً]، تقدّم الفاعل [ربُّه]، واتّصلت به الهاء، وهي ضمير يعود إلى المفعول: [عديّاً]. وهذا يوجب إعمال القاعدة المذكورة آنفاً، أي: تقديم المفعول على الفاعل، فيقال: [جزى عديّاً ربُّه]. ولكن الشاعر لم يعملها، شذوذاً، وهو ما تسمّيه كتب الصناعة، كما قلنا: [ضرورة شعريّة].

· وقولُ الآخر (شرح ابن عقيل 1/495):

كَسَا حِلْمُهُ ذا الحِلْمِ أثوابَ سؤدُدٍ ورَقَّى نَداهُ ذا النَدى في ذُرَا المجدِ

وفي قوله: [كسا حلمُه ذا الحِلمِ]، تقدّم الفاعل: [حلمُه]، واتصلت به الهاء، وهي ضمير يعود إلى المفعول: [ذا الحلم]، وهذا يوجب تقديم المفعول على الفاعل، فيقال: [كسا ذا الحلم حلمُه]. ولكن الشاعر لم يلزم ذلك شذوذاً. وأعاد ذلك مرة أخرى في عَجُز البيت، وكان واجباً أن يقول للسبب نفسه: [رقّى ذا الندى نداه]، ولكنه لم يلزم ذلك شذوذاً(3).

· وقال سليط بن سعد (شرح ابن عقيل 1/497):

جزى بنوه أبا الغيلانِ عن كِبَرٍ وحُسْنِ فِعْلٍ كما يُجْزى سِنِمّارُ

وما قلناه فيما تقدّم يقال هنا. فلو أن الشاعر حكَّمَ القاعدة - وهي وجوب تقديم المفعول إذا اتّصل الفاعل بضمير المفعول - لقال على المنهاج: [جزى أبا الغيلان بنوه] فقدّم المفعول على الفاعل، ولكنه لم يلزم ذلك شذوذاً.

· ]مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فما له من هادٍ[ (الرعد 13/33)

[مَنْ]: اسم شرط، وهو مفعولٌ به لفعل: [يضلل]. وكتب الصناعة تقول: إنّ تقديمه على الفعل والفاعل واجبٌ هاهنا، لأن أسماء الشرط لها الصدارة. ونقول: نعم، هذا صحيح، ولكنّ طالب العلم في غنى عن حفظه واستظهاره، لأنه تحصيل حاصل. فاسم الشرط له صدر الكلام سواء كان مفعولاً به أو لم يكن. وليس في الدنيا عربي - مهما يبلغ لسانه من العجمة - يقول مثلاً: [يضللْ مَنِ اللهُ] أو [يضللِ الله مَن فما له...] أو [يضللِ الله فما له مَن مِن هاد]، هذا فضلاً على أنّ فعل الشرط: [يضلل] لا يُجزَم إذا لم تتقدَّم عليه أداة الشرط.

مما تقدم يتبيّن: أن من الإثقال غير المسوَّغ، أن تقف كتب الصناعة عند هذه المسألة، وتعتدّها صنفاً من صنوف تقديم المفعول وجوباً على الفعل والفاعل.

· وقل مثل هذا في قوله تعالى: ]فأَيَّ آياتِ الله تُنكِرون[ (غافر 40/81)

فإنّ كلمة: [أيَّ] اسم استفهام، وهو مفعول به لفعل: [تنكرون]. وكتب الصناعة تقول: إنّ تقديمه على الفعل والفاعل، واجبٌ هاهنا، لأنّ أسماء الاستفهام لها الصدارة.

ونقول: إنّ تقديم أسماء الاستفهام لا علاقة له بإعرابها، فإن لها الصدارة في كل حال، سواء كانت منصوبة أو غير منصوبة. هذا تحصيل حاصل، ولو استُغني عن جعله مسألة يؤخذ فيها ويُعطَى، عند البحث في تقديم المفعول وجوباً على الفعل والفاعل، لكان ذلك أجدى.

ولو جَرَّب المرء تغيير مكان [أيّ] في الآية، سواء كانت مفعولاً أو غير مفعول، لاستيقن فوراً أنّ ذلك غير عربي. فمَن ذا الذي يقول: [آيات الله أيّ تنكرون، أو: آيات الله تنكرون أيّ]؟ هذا في العربية لا يقال، فليت كتب الصناعة تعرّد عنه، وتَقْصر همَّها على ما يفيد في تعليم الناس لغةَ قومهم.

· ]فأمّا اليتيمَ فلا تقهر وأمّا السائلَ فلا تنهر[ (الضحى 93/9-10)****

[تقهر]: فعلٌ، فاعلُه ضمير مستتر تقديره: [أنت].

[اليتيمَ]: مفعول به، تقدَّم - كما ترى - على الفعل والفاعل، وهو هنا تقديم واجب. وذلك أنّ المفعول يجوز تقديمه وتأخيره في جميع الأحوال ما عدا موضعين فقط، يجب تقديمه فيهما. الأول: أنْ يتصل الفاعل بضمير المفعول، والثاني: أنْ يقع بين [أمّا] وجوابها، كما جاء هنا في الآية، إذ وقع بين [أمّا]، وجوابِها [فلا تقهر]، فحقَّ أنْ يتقدّم وجوباً.

والشيء نفسه يقال في الآية التالية: ]وأمّا السائلَ فلا تنهر[ فإنّ المفعول: [السائلَ] وقع بين [أمّا] وجوابِها [فلا تنهر]، فكان تقديمه على الفعل والفاعل واجباً. فالحالتان في الآيتين متساويتان متطابقتان، وهذا يغني عن الإفاضة في التبيين.

· قال الشاعر (أوضح المسالك 1/363):

تزوَّدْتُ مِن ليلى بتكليم ساعةٍ فما زاد إلاّ ضعفَ ما بي كلامُها

[إلاّ]: أداة حصر، [ضعفَ]: مفعول به مقدَّم، [كلامُها]: فاعل مؤخَّر.

والتقديم والتأخير هاهنا جائزان، على المنهاج. وذلك أنّ تقديم المفعول، إنما يكون واجباً في حالتين فقط، هما أن يتّصل ضمير المفعول بالفاعل، أو أن يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها. وليس في البيت أيّ من الحالتين. ودونك شواهد أخرى تؤيّد الجواز:

· قال دعبل الخزاعي (أوضح المسالك 1/362):

ولمّا أبى إلاّ جماحاً فؤادُه ولم يسلُ عن ليلى بمالٍ ولا أهلِ

[إلاّ]: أداة حصر، [جماحاً]: مفعول به مقدَّم، [فؤادُه]: فاعل مؤخّر.

وقد قدّم الشاعر المفعول به: [جماحاً]- وهو اسم محصور - على الفاعل: [فؤادُه]. إذ التقديم والتأخير جائزان. ولا يكون تقديم المفعول واجباً إلاّ في حالتين، لانملّ أنْ نكررهما: أنْ يتّصل ضمير المفعول بالفاعل، وأن يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها.

· ودونك أخيراً شاهداً من هذه المسطرة، هو قول الشاعر (أوضح المسالك 1/369):

فلم يدْرِ إلاّ اللّهُ ما هيَّجتْ لنا - عشيَّةُ آناءِ الديارِ - وَشامُها(4)

فالمحصور في البيت، هو لفظ الجلالة: [الله]، والأصل: فلم يدْرِ ما هيَّجت لنا إلاّ اللهُ.

وقد قُدِّم الفاعل: [اللهُ]، على المفعول به وهو الاسم الموصول: [ما]. وجوازُ تقديم المفعول على الفاعل وتأخيرِه عنه، قاعدةٌ لا تتخلّف. وإنما يستثنى منها موضعان اثنان يجب فيهما تقديم المفعول، هما: أنْ يتّصل ضميرُ المفعول بالفاعل، أو أنْ يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها.

· ]يومَ لا ينفع الظالمين معذِرتُهم[ (غافر 40/52)

[معذرتُهم]: فاعل مؤخّر، [الظالمين]: مفعول به مقدَّم.

وتقديم المفعول في الآية هاهنا على المنهاج. وذلك أنّ الفاعل: [معذرتُهم]، اتّصل به ضمير المفعول به. ومتى كان ذلك، وجب تقديم المفعول على الفاعل، كما رأيت. وهذه إحدى الحالتين اللتين يجب فيهما تقديم المفعول على الفاعل.

· ]ففريقاً كذَّبتم وفريقاً تقتلون[ (البقرة 2/ 87)

[فريقاً]: مفعول به، مقدَّم في الآية على الفعل والفاعل. وتقديمه عليهما أو على أحدهما جائز في كل موضع. وهذه قاعدة صلبة، لا تنكسر إلاّ في حالتين اثنتين يجب فيهما تقدّم المفعول على الفاعل، هما: أن يتصل ضمير المفعول بالفاعل، أو أنْ يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها. وإذ لم يكن في الآية إحداهما، فقد تقدم المفعول في الآية مرتين - في صدرها وفي أثنائها - وذلك جائز. ولو لم يكن الكلام قرآناً، لجاز أن يقال: [فكذبتم فريقاً، وتقتلون فريقاً].

· ]وقذف في قلوبهم الرعبَ فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً[ (الأحزاب33/26)

في الآية شاهدان على جواز تقدّم المفعول وتأخّره. الأول: [فريقاً تقتلون]، وفيه تقدّم المفعول على الفعل والفاعل جميعاً. والثاني: [تأسرون فريقاً]، وفيه تأخر المفعول عن الفعل والفاعل جميعاً. وذلك أنّ تقدّمه على الفعل والفاعل أو على أحدهما، وتأخره عنهما أو عن أحدهما، جائز في كل موضع. ولا يستثنى من ذلك إلاّ حالتان، أكثرنا عن عَمْدٍ تكرارهما لنثبّتهما في الذاكرة.



* * *

عودة | فهرس




--------------------------------------------------------------------------------

1- ما يُزعَم من لبس قد يقع بسبب التقديم والتأخير، فسياق الكلام يزيله. من ذلك - مثلاً - أن يكون عيسى قاضياً، وموسى مجرماً، فإذا قيل: [عاقب موسى عيسى]، فُهِم من السياق أنَّ المعاقَب هو موسى.

2- لا يمنعنا العنوان: [نماذج فصيحة] أن نورد بيتاً فيه ضرورة شعرية، لنبين ما فيه من خروج على القاعدة.

3- في البيت ما فيه من المعاظلة والتراكب، مما يميل بالنفس إلى أنه مفتعل مصنوع.

4- الشام، جمع شامة وهي العلامة.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:52 AM

المفعول لأجله(1)

المفعول لأجله: مصدرٌ منصوب، يبيِّن عِلَّةَ وقوع الحَدَث، نحو: [وقفتُ إجلالاً للمعلِّم]. فالوقوف - وهو الحَدَث - ناشئ عن علّة، هي: الإجلال.



* * *

نماذج فصيحة من استعمال المفعول لأجله

· ]ولا تقتلوا أولادَكمْ خَشيةَ إملاق[ (الإسراء 17/31)

(الإملاق: الفقر). [خشيةَ]: مصدرٌ، تحقّقت له شروطُ نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [خشي-يخشى]، وقد بيّن علَّةَ قتل الجاهليين أولادَهم، وهي: خشية الإملاق.

· قال حاتم الطائيّ:

وأَغْفِرُ عَوراءَ الكَرِيمِ ادّخارَهُ وأُعْرِضُ عن شَتْمِ اللئيمِ تَكَرُّمَا

[تَكَرُّما]: مصدر تحققت له شروطُ نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [تَكَرَّمَ - يتكرَّم]، وقد بيَّن علَّةَ إعراض الشاعر عن شتم اللئيم، وهي: [التكرّم].

هذا، على أنّ في البيت مفعولاً لأجله آخر، هو: [اِدّخارَه]، فإنه مصدرٌ منصوب لفعْلِ: [اِدَّخَر - يدَّخِر]، وقد بيَّن علَّةَ غُفْرانِ الشاعرِ زَلَّةَ الرجلِ الكريمِ، وهي: ادِّخاره له أي: استبقاء مودّته.

· ]يجعلون أصابعهم في آذانهم مِن الصواعق حَذَرَ الموت[ (البقرة 2/19)

[حَذَرَ]: مصدر، تحقّقت له شروط نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [حَذِرَ - يحذَر]، وقد بيّن علَّةَ جعلِهم أصابعَهم في آذانهم، وهي: [الحذر من الموت].

· قال الحارث بن هشام (هو أخو أبي جهل):

فصفحتُ عنهمْ والأحبّةُ فيهمُ طمعاً لهمْ بعِقابِ يومٍ مُفْسِدِ(2)

[طمعاً]: مصدر: تحقّقت له شروط نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [طمِع - يطمَع]، وقد بيَّن علَّةَ صفحه عنهم، وهي: [الطمع بعقابهم بعدُ، في معركة يرجو النصر عليهم فيها].

هذا، ولم نرَ حاجةً إلى مزيد من عرض نماذج أخرى وتحليلها. وذلك لسهولة البحث، ولأن المفعول لأجله لا يخرج في كل حال، عن أن يكون مصدراً يبيّن علّة وقوع الحدَث.



* * *

عودة | فهرس




--------------------------------------------------------------------------------

1- يسمونه أيضاً: [المفعول له].

2- قال هذا معتذراً مِن فراره يوم معركة [بدر]، وقد قُتِل فيها أخوه أبو جهل.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:53 AM

المفعول المطلق(1)

المفعول المطلق: مصدر منصوب، يُذكَر بعد فعلٍ - أو شبهه(2) - من لفظه فيؤكّده، نحو: [زحف الجيش زحفاً، فوثقت أنه منتصرٌ انتصاراً...].

ويشتمل البحث في المفعول المطلق على مسألتين هما: أن يُحذَف، أو يُحذَف فعلُه (عامله).

أوّلاً - أنْ يُحذَف:

يُحذَف المصدر (المفعول المطلق) في حالات شتّى. لكنها على اختلافها وتنوعها، يحكمها ضابط واحد. هو أنّ المصدر - وإن حُذِف - يظلّ في الكلام ملحوظاً مُلتَمَحاً، ودونك البيان:

رجع القهقرى = رجع رجوعَ القهقرى

أكل كثيراً = أكل أكلاً كثيراً

ضربه سوطاً = ضربه ضربَ السوطِ

ضربه ذاك الضربَ = ضربه الضربَ ذاك

قعد جلوساً = قعد قُعودَ جلوسٍ

ضربه ثلاثين ضربة = ضربه ضرباتٍ ثلاثين

شبع كلَّ الشِّبَع = شبع شبعاً كلَّ الشبع(3)

ثانياً - أنْ يُحذَفَ فِعْلُه:

إذا حذف الفعل وبقي المصدر، نشأ معنى لم يكن لينشأ لولا الحذف(4). فمن ذلك أنْ تريد:

- إلى الأمر مثلاً، فتحذف الفعل فتقول: [رَمَلاً](5).

- أو إلى النهي، فتحذفه فتقول: [رَمَلاً لا عَدْواً](6).

- أو إلى الدعاء، فتحذفه فتقول: [سقياً لوطني].

- أو إلى التوبيخ، فتحذفه فتقول: [أَلَعِباً، وقد جدّ الناس؟!](7).

- أو إلى تفصيلِ عاقبةٍ، فتحذفه فتقول: [أقْدِمْ: فإمّا النصرَ وإمّا الشهادةَ(8)].



¨ شذور من المفعول المطلق:

في اللغة كلمات كثيرة تُعرَب مفعولاً مطلقاً، دونك شذوراً منها:

- حقّاً: نحو: [خالدٌ صديقي حقّاً].

- قطْعاً: نحو: [هذا مذهبي قطْعاً].

- سمعاً وطاعةً: [أي: أَسمع وأُطيع].

- عجَباً: كلمةٌ، معروفة المعنى والاستعمال.

- لبَّيك: [أي: أُلَبّي].

- شُكراً: كلمةٌ، معروفة المعنى والاستعمال.

- حَنانَيْكَ: [أي: تحنَّنْ].

- دَوالَيْكَ: كلمةٌ، تقال للتعبير عن تنقّل الأمر بين كذا وكذا.

- هنيئاً: كلمةٌ، معروفة المعنى والاستعمال.

- يقيناً: نحو: [عرفته يقيناً]. أي: أُوقِنُها يقيناً.

- بتّةً: وبتّاً والبَتَّةَ وألبتّةَ. (البتّ: القطع)، [لا أفعله بَتَّةً]، أي: قطعاً.

- سبحان الله: أي: تنْزيهاً لله عما لا يليق به.

- معاذَ اللهِ: (عاذ: لجأ واعتصم)، أي: أعوذ بالله.

- تَبّاً له: أي: هلاكاً له.

- (ما وأيّ: الاستفهاميتان): إذا استُفهِم بهما عن المصدر:

نحو: [ما نمت؟] = أيَّ نومٍ نمتَ؟ ونحو: [أيَّ سفرٍ تسافرون؟].

- (ما وأيّ ومهما: الشرطيات):

نحو: [ما تجلسْ أجلسْ = أيَّ جلوسٍ تجلسْ أجلسْ].

ونحو: [أيَّ سيرٍ تسرْ أسرْ].

ونحو: [مهما تقرأْ تستفدْ].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال المفعول المطلق

· قال مجنون بني عامر (الديوان /277):

وقد يجمع اللهُ الشَّتيتَين بعدما يَظنّان كلَّ الظنِّ أَنْ لا تلاقِيا

الأصل: يظنان ظنّاً كلَّ الظنّ، ثمّ حذف المصدر وهو: [ظناً]، ونابت كلمة [كلَّ] عنه، وأضيفت إلى المصدر، فكانت نائب مفعول مطلق.

· ]فلا تميلوا كلَّ المَيْل[ (النساء 4/129)

يقال في الآية ما قيل في [يظنان كلّ الظن]، من أنّ الأصل: لا تميلوا مَيلاً كلَّ الميل، ثم حذف المصدر وهو: [مَيلاً]...

· قال الشاعر (همع الهوامع 3/123):

لأَجهدنَّ فإمّا دَرْءَ مَفسدةٍ تُخشَى، وإمّا بلوغَ السُّؤْلِ والأَمَلِ

[درءَ]: في صدر البيت، مفعول مطلق، وكذلك [بلوغَ] في عجز البيت فإنه مفعول مطلق أيضاً. وقد حُذِف فِعلاهما وهما: [أدرأ وأبلغ]، لأنّ الشاعر ابتغى تفصيل عاقبةِ ما أقسم على بذله من الجهد. إذ قال: [فإما درءَ ... وإما بلوغَ...] وكان الأصل قبل الحذف هو: [فإما أدرأ درءَ مفسدة، وإما أبلغ بلوغَ السُّؤل]. والقاعدة: أنّ

الفعل يُحذَف، فينشأ معنى لم يكن لينشأ لولا الحذف، فلو لم يحذف الشاعر الفعلين بل قال: [أدرأ درء مفسدة، وأبلغ بلوغَ السؤل] لكان ما يتحصّل من قوله هو التوكيد، ولمّا كان لا يريد التوكيد بل يريد تفصيل عاقبةِ جهده، حَذف الفعل، فدلّ المصدر بعد حذف فعله على المعنى الذي أراد إليه الشاعر.

هذا، وترى الاستعمال نفسَه في القرآن الكريم، ففي سورة (محمّد 47/4) ]فشُدّوا الوَثاق فإمّا مَنّاً بعدُ وإمّا فداء[ ويقال هاهنا مثل الذي قيل في: [لأجهدنّ فإما... وإمّا...].

فبعد شدّ الوثاق، تُتَوَقَّع عاقبة، وقد أبانتها الآية تفصيلاً، إذ قالت: [فإما... وإما...] وهكذا جاء المصدر مفصِّلاً لمجملٍ قبله، ومبيناً لعاقبته ونتيجته، وما كان ذلك ليتحقق لولا حذف الفعل. فهاهنا مصدران منصوبان [منّاً وفداءً] حُذِف فعلاهما فأدّى حذفهما إلى معنى التفصيل وبيان العاقبة. ولو ذُكِرا فقيل: [فإما أن تمنوا منّاً وإما أن تفادوا فداءً]، لكان الذي يتحصل هو التوكيد.

· قال الشاعر (الجنى الداني /531):

وقد شفَّني ألاّ يزال يروعني خيالُكِ: إمّا طارقاً، أو مغادِيا

أوردنا هذا البيت شاهداً لصحة قول من يقول: [إمّا... أو...]، كما يصحّ قوله: [إمّا... وإمّا...]، فكلا التركيبين وارد وصحيح.

· قال قَطَريّ ابن الفجاءة (أوضح المسالك 2/39):

فصبراً في مجال الموت صبراً فما نَيْلُ الخُلودِ بمستطاعِ

[صبراً]: مصدر منصوب، ناب عن فعله المحذوف، والفعل هنا لا يُحذَف إلاّ لتحقيق معنى، لم يكن لينشأ لولا الحذف. وبيان ذلك، أنْ لو قيل: [اصبر صبراً] لكان المعنى المراد هو التوكيد. لكن لما حُذف الفعل فقال الشاعر: [صبراً]، عُرِف أنه أراد إلى الأمر بالصبر.

· ]واللهُ أنبتكم من الأرض نباتاً[ (نوح71 /17)

يلاحظ في الآية أنّ الفعل هو [أنبت - يُنبت] ومصدره قياساً، هو [إنبات]. ولكن المصدر الذي ورد في الآية هو: [نبات] لا [إنبات]. فدلّ ذلك على أنّ جَذْر المادة، هو ما يُنظر إليه في المفعول المطلق، لا وزن المصدر وقياسيته. وقل مثل ذلك في [سلّم سلاماً وتسليماً] فكلا المصدرين مفعول مطلق، وقل الشيء نفسه في قول القائل: [توضّأ توضُّؤاً ووضوءاً]، فكلا المصدرين هنا أيضاً مفعول مطلق.

ومن هذا قوله تعالى: ]وتبتّل إليه تبتيلاً[ (المزّمل 73/8) فالمفعول المطلق الوارد هنا في الآية هو:[تبتيل]، والتبتيل ليس مصدراً لـ [تبتّل]، بل مصدر تبتّل هو [تبتُّلٌ].

ويتبين من هذا: أنّ الفيصل المحكّم في المفعول المطلق، هو جذر المادة، لا وزنُ المصدر وقياسيته.

· قال العجّاج (الديوان 1/480):

أَطَرَباً وأنتَ قِنَّسْرِيُّ(9)؟!! والدَهْرُ بالإنسانِ دَوّارِيُّ؟!!

[أطرباً]: هاهنا مصدر منصوب (مفعول مطلق)، مسبوق بهمزة استفهام، وأما فعله فمحذوف. والأصل قبل الحذف والإتيان بالهمزة: [تطرب طرباً]، فيكون المصدر للتوكيد.

لكن الشاعر حذف الفعل؛ والفعل إذا حُذف وبقي المصدر، تحقق معنى لم يكن لينشأ لولا الحذف.

وقدّم على المصدر همزة استفهام يؤتى بها هاهنا إذا أريد التوبيخ، فدلّ ذلك على ما ابتغاه الشاعر وقصد إليه من إرادة التوبيخ.

· ولهذا الاستعمال نظير مماثلٌ من قول جرير، يهجو خالد بن يزيد الكندي (الديوان /650):

أَلُؤْماً لا أَبَاْ لَكَ واغترابا؟!!

فهاهنا مصدر منصوب (مفعول مطلق)، حُذف فعله، والأصل قبل الحذف: [تلؤم لؤماً]. وأتى بهمزة للاستفهام التوبيخي سبقت المصدر: [ألؤْماً]، فدلّ ذلك على أنّه إنما قصد إلى التوبيخ.

· ]وكلَّم اللهُ موسى تكليماً[ (النساء 4/164)

[تكليماً]: مصدر منصوب (مفعول مطلق)، جاء بعد فعلٍ من لفظه - على المنهاج - فأفاد التوكيد.

· ]فإنّ جهنم جزاؤكم جزاءً موفوراً[ (الإسراء 17/36)

[جزاءً]: مصدر منصوب (مفعول مطلق)، عامله الناصب له، مصدر أيضاً هو: [جزاؤكم]. وقد كنا ذكرنا في تعريف المفعول المطلق: أنه مصدر منصوب، يُذكَر بعد فعلٍ - أو شبهه - من لفظه. وشبه الفعل هنا هو: المصدر والمشتقات، مما يعمل عمله. واستكمالاً للمسألة، نورد قوله تعالى:

· ]والذاريات ذرواً[ (الذاريات 51/1)

فإنّ [ذرواً] في الآية، مصدر منصوب (مفعول مطلق)، عامله الناصب له، هو [الذاريات]. وهو اسم فاعل، ومن المعلوم أنّ اسم الفاعل يشبه الفعل، إذ يعمل عمله.

· ]فمَن يكفرْ بعدُ منكم فإني أعذّبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين[

(المائدة 5/115)

فعلُ [أعذّبه]، تكرر في الآية مرّتين، ومع كلّ فعل منهما ضمير متصل هو الهاء. فأما مع الفعل الأول فالضمير يعود إلى الذي يكفر، أي: [أعذب الذي يكفر]، فهو إذاً مفعول به. وأمّا مع الفعل الثاني فالضمير يعود إلى [عذاباً]، أي: [لا أعذب العذابَ]. وبتعبير آخر: [لا أُنزِل هذا العذابَ المذكورَ بأحد من العالمين]، فيكون الضمير مفعولاً مطلقاً، لا مفعولاً به كما يتبادر إلى الذهن أول وهلة.

· ]فاجلدوهم ثمانينَ جلدة[ (النور 24/4)

[ثمانين]: نائب مفعول مطلق منصوب. وقد حذف المصدر وأنيب عنه عدده، وظلّ المصدر المحذوف ملحوظاً ملتمحاً، على أنّ الأصل قبل الحذف: [فاجلدوهم جلداتٍ ثمانين].



* * *



عودة | فهرس





--------------------------------------------------------------------------------

1- كتب الصناعة تسمّي المفعول المطلق: (المصدر). ولقد جرى الاصطلاح على تسميته: [المفعول المطلق] لأنه مفعول لا يقيَّد بأداة، على حين تقيد المفاعيل الأخرى بذلك، فيقال: [المفعول به (81)، والمفعول معه (84)، والمفعول لأجله (82)، والمفعول فيه (50)].

2- شبه الفعل - كما ذكرنا من قبلُ مرّات - ما يعمل عمله، من اسم فاعل (11) واسم مفعول (15)...

3- كلّ ونصف وربع وبعض... جميعها في الحُكْم والاستعمال سواءٌ. تقول: [شبعتُ كلَّ الشبع ونصفَ الشبع ورُبعَ الشبع وبعضَ الشبع وهكذا...]، والنحاة إذا ذكروا: [كلّ] جمعوا إليها [بعض] و[أيّ] الكمالية، نحو: [اجتهدت بعض الاجتهاد] أو [أيَّ اجتهاد !!].

4- يصحب الفعلَ مصدرُه في الأصل للتوكيد نحو: [شربتُ شُرباً]. فإذا حُذف الفعل زال معنى التوكيد-بالضرورة- إذ المحذوف لا يؤكَّد. فينشأ من جرّاء ذلك معانٍ أخرى، مِن أمرٍ أو نهي أو توبيخ أو تفصيلِ عاقبة.

5- الرمَل: الهرولة، ومن المألوف أن يقول الضابط لجنوده في أثناء التدريب: [رَمَلاً]، فيفهموا - وقد حذف الفعل - أنه يأمرهم بالهرولة. ولو قال لهم: [ارملوا رملاً] لكان معنى الأمر ناشئاً من صيغة: [ارملوا] وكان المصدر [رملاً] لتوكيد الأمر. فإذا حذف الفعل وقال لهم: [رملاً]، أدّى المصدرُ معنى الأمر واستقلّ به. فهذا هو السر في حذف الفعل.

6- لا يأتي النهي هنا وحده مستقلاًّ، بل يأتي بعد الأمر، مصاحِباً له.

7- يلاحَظ أنّ المصدر - في حالة التوبيخ - يُسبَق بأداة استفهام.

8- بيان ذلك أنّ الإقدام في المعارك، له نتيجة وعاقبة، هما النصر أو الشهادة، وقد بيّنهما المثال [فإمّا... وإمّا...].

9- القِنَّسْريّ: الكبير المسنّ، الذي أتى عليه الدهر. والبيت للعجّاج والد رؤبة.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:54 AM

المفعول معه



المفعول معه: اسم فضلة(1) منصوب، قبله واوٌ بمعنى [مع] للمصاحبة (لا للعطف والمشاركة) مسبوقة بجملة(2)، نحو: [مشى خالدٌ والجدارَ](3).

¨ حُكمان:

1- إذا كان الفعل مما يقع مِن متعدِّد، نحو: [تصافح وتشاجر وتشارك وتحاور...] امتنع النصب على المعيّة، وصحّ العطف، نحو: [تصافح خالدٌ وسعيدٌ، وتشاجر زهيرٌ وعليٌّ...].

2- إذا احتمل المعنى: المشاركة والمصاحبة، جاز وجهان تبعاً للمعنى المراد: العطف للمشاركة، نحو: [طلع القمرُ والنجمُ]، والنصب على المعيّة للمصاحبة، نحو: [طلع القمرُ والنجمَ](4).

¨ تراكيب مِن تراثنا اللغوي:

جاء عن العرب، بعد [كيف] و[ما] الاستفهاميّتين، صنفان من الاستعمال، تعالجهما كتب الصناعة في بحث المفعول معه وهما:


الأول قولهم: [كيف أنت وخالدٌ] أو [خالداً]، ومثله طِبقاً: [ما أنت وخالدٌ] أو [خالداً]، بالرفع والنصب، إذا كان قبل الواو ضمير منفصل.

والثاني قولهم: [ما لك وخالداً] بالنصب فقط، إذا كان قبل الواو ضمير متصل.

وبتعبير تقعيديّ نقول: بعد [كيف] و[ما] الاستفهاميتين: يجوز الرفع والنصب إذا سبق الواوَ ضمير منفصل، وأما إذا سبقها ضمير متصل، فليس إلا النصب.



* * *

نماذج فصيحة من المفعول معه

· قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط، يُحَرّض معاوية على قتال عليٍّ كرّم الله وجهه:

فإنّكَ والكتابَ إلى عليٍّ كدابغةٍ وقد حَلِمَ الأديمُ(5)

[والكتابَ]: ليس [الكتاب] في البيت، مفعولاً معه. وذلك أنّ مِن شروط نصبِ الاسم على المعيّة، أنْ تسبق الواوَ جملةٌ. وهو شرط لم يتحقق في البيت.

بل انتصابه بالعطف على اسم [إنَّ] المنصوب، وهو الكاف. ولهذا نظائر كثيرة جدّاً، منها على سبيل المثال، قولُ كثيّر عزّة:

وإنّي وتَهياميْ بعَزّةَ بعدَ ما تَخَلَّيْتُ ممّا بينَنا وتَخَلّتِ

لكالمرْتجي ظِلّ الغَمامةِ كلَّما تَبَوَّأَ منها للمَقِيلِ اضمحَلَّتِ

فالواو مِن [وتهيامي] حرف عطْف، عطَف الاسم بعدَها، على اسم [إنّ]، وهو الياء. ومِن ثمّ ليست كلمة [تهيامي] منصوبة على المعية، لأنّ مِن شروط المفعول معه، أنْ تسبق الواوَ جملةٌ، وهو شرطٌ لم يتحقّق هاهنا.

· قال الشاعر:

فكونوا أنتمُ وبَنِي أَبِيكمْ مكانَ الكُلْيَتَيْنِ مِنَ الطِّحالِ

[وبني]: الواو بمعنى [مع]، والاسم بعدها منصوب على أنه مفعولٌ معه(6). (وإن كانت الجملة قبل الواو لم تتمّ) والشاعر لم يرفعْه بالعطف على اسم [كان] المرفوع، وهو واو الجماعة، أي لم يقل: [وبنو أبيكمْ]، لأنّ الرفع يُفسِد المعنى المراد. إذ يكون عند ذلك: [كونوا أنتم ولْيكنْ معكم بنو أبيكم أيضاً، في مكان الكليتين...]. وهذا غير مراد. وإنما المراد أمرُه لهم، أن يكونوا في صحبة بني أبيهم،كالكليتين من الطحال. ولذلك نصَب [بني] على المعية. والمسألة في البيت تستحق التأمّل.

· ]يا قومِ إنْ كان كبُرَ عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكّلتُ فَأَجْمِعوا أمرَكُم وشركاءَكُم[ (يونس 10/71)

[وشركاءَكم]: الواو بمعنى [مع]، و[شركاءَكم] اسم منصوب على أنه مفعولٌ معه. أي: أَجْمِعوا أمرَكم بصحبة شركائكم.

والعطف هاهنا غير وارد، لِعلّةٍ لغوية منعت مِن ذلك، نبيّنها فيما يلي:

يقال في العربية: [أجمِعوا أمرَكم] أي: اِعزموا على أمر، ولا يقال: أجمِعوا الشركاءَ، لأنّ فعل [أجمع] لاينصب مفعولاً به من الأشخاص والأعيان، ومَن أراد جمع الشركاء أو غيرهم مِن الأشخاص والأعيان قال مثلاً: [اِجمَعوا الناسَ] لا [أَجمِعوا الناسَ]. فبين [جَمَعَ] و[أَجْمَعَ] فرقٌ، مَن أغفله أفسَد المعنى.

· قال الشاعر يذكرُ إطعامه ناقتَه بعد رحلته عليها: **

لمَّا حَطَطْتُ الرَّحلَ عنها وارِداْ علَفْتُها تِبْناً وماءً بارداْ

[وماءً]: كلمة [ماء]، لا يصحّ أن تكون معطوفة على [تبناً]، لأنّ الناقة تُعلَف تبناً، ولا تُعلَف تبناً وماءً، إذ الماء لا يكون علفاً. ولا يصحّ أيضاً أن تكون منصوبةً على المعية، لأنّ المعيّة تقتضي المصاحبة في الزمان، والناقة لا تشرب الماء وتأكل التبن في وقت واحد.

ولقد شغل هذا البيتُ أكابرَ الأئمة، منهم على سبيل المثال: ابن هشام وابن عقيل والجرميّ واليزيديّ والمازني والمبرد وأبو عبيدة والأصمعي والفارسي والفراء... فالتَقَوا في تخريجه وافترقوا، ولكنّ معظمهم على أنّ فِعْل [علفتها] متضمّن معنى [قدّمت لها]، فيصحّ المعنى على ذلك إذ يكون: [قدمتُ لها تبناً وماءً](7).

· كتَب معاوية إلى عليّ كرّم الله وجهه، يحمّله تبعةَ قتْل عثمان. فأجابه عليّ: [ما أنتَ وعثمانُ؟ إنما أنت رجلٌ مِن بني أميّة، وبنو عثمان أَوْلى...].

[ما أنت وعثمان؟]: هاهنا تركيب، ليس فيه فعلٌ قبل الواو، بل فيه قبلها [ما] الاستفهامية. والقاعدة في هذه الحالة، أنّ الاسم الذي يأتي بعد الواو، يجوز فيه الرفعُ والنصبُ: [عثمانُ وعثمانَ]. إذا كان قبل الواو ضمير منفصل، كما رأيت في الشاهد. وأمّا إذا كان قبل الواو ضمير متّصل فيتعيَّن النصب وجوباً(8). ودونك مثالاً تطبيقياً على ذلك، هو قول مِسكين الدارميّ:

فما لك والتَلَدُّدَ حوْلَ نجدٍ وقد غَصَّتْ تِهامةُ بالرِّجالِ

[ما لك والتلدّدَ]: [ما] استفهامية، والواو - كما ترى - مسبوقة بضمير متّصل هو الكاف، وفي هذه الحال يتعيّن النصب وجوباً: [التلدّدَ].

هذا، واستعمال الرفع والنصب بعد [ما] الاستفهامية كثير في كلامهم، نورد مِنه النموذجين التاليين، لمزيد استئناس:

فمِن النصب قول الشاعر:

ما أنتَ والسيْرَ في مَتْلَفٍ (يريد بالمتلف: القفْر)

ومن الرفع قوله:

ما أنت - وَيْبَ أبيك - والفخْرُ (ويب = ويح)



* * *

عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- ليس معنى (الفضلة) هنا، أنها يصحّ أن تُطرَح من الكلام!! بل المعنى أنها ليست عمدة في الجملة.

2- كان أحدُ زملاء الدراسة يعرِّف!! المفعول معه شِعراً، على سبيل النكتة، فيقول: [فعلٌ فواوٌ فهُوَهْ].

3- ليس بين الجدار وبين خالد مشاركة، إذ الجدارُ لا يمشي. بل بينهما مصاحبة، ولذا يُنصب على أنه مفعول معه.

4- معنى [طلع القمرُ والنجمُ] طلع القمرُ، وطلع النجمُ أيضاً. ومعنى [طلع القمرُ والنجمَ] طلع القمرُ بصحبة النجم.

5- الوليد - هذا - هو أخو عثمان بن عفان لأمّه. وكان ولاّه على الكوفة، فشرب الخمر، فأُقيم عليه الحدُّ، وتولّى ذلك عليٌّ بيده. يقول لمعاوية: إنما حالك مع مراسلة عليّ، كحال مَن يدبغ الجلدَ، وقد وقعت فيه (الحَلَمَة): وهي دودة تأكل الجلدَ، فإذا دُبِغ وَهَى.

6- علامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

7- لقد أهمّتني القضية، فتساءلت وسألت: ما يمنع أن يكون الشاعر رطَّبَ التبن بالماء ثم علف ناقته إيّاهما معاً، كما يُفْعَل في علف الخيل، وهو شيء أعرفه بالتجربة، فتكون كلمة [ماء] منصوبة على المعية؟ ولكنّ جواب رعاة الإبل في البادية السورية والأردنية والسعودية، جاءني بعد شهور حاسماً يقول: إنّ التبن إذا رُطِّب بالماء كانت له رائحة تعافها الإبل، فإذا علفها رعاتُها، لم يخلطوهما!! وقد أذكرني جوابُهم هذا قولَ أبي نُواس:

تصفُ الطلولَ على السماع بها أفذو العيان كأنت في العِلْمِ؟!

وإذا وصفتَ الشيءَ مُتَّبِعاً لم تخلُ مِن زلَلٍ ومِن وَهْمِ!!

فاللهم عَلِّمنا.

8- كل ما نذكره هاهنا، ينطبق انطباقاً تامّاً على [كيف]،كما ينطبق على [ما]. وتمثِّل كتب الصناعة في العادة لـ [كيف] بمثال لا يتغير، هو قولها: [كيف أنت وقصعةٌ - أو قصعةً - من ثريد]؟

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:55 AM

الممنوع من الصرف



الممنوع من الصرف: اسمٌ لا يُنَوَّن نحو: [سافر إبراهيمُ]. وإذا جُرَّ جُرَّ بالفتحة نحو: [مررتُ بمدارسَ جديدةٍ]. غير أنه يُصرَف فيُجَرّ بالكسرة، إنْ عُرِّف بـ[ألـ]، أو تلاه مضاف إليه نحو: [مررت بالمدارسِ] و[مررت بمدارسِ البلدِ].

بعد هذه القاعدة الكلية، دونك الممنوعات من الصرف، وهي:

1- كل علَمٍ مؤنّث حروفه أكثر من ثلاثة (1)، نحو: خديجة وزينب...

فإذا كان ثلاثة أحرف ساكن الوسط عربياً، جاز صرفه ومنعه الصرف، نحو: [سافرت هنْدُ + هندٌ] و[رأيت هندَ + هنداً] و[مررت بهنْدَ + بهندٍ].

تنبيه ذو خطر: إنّ قصْد المتكلم هو الحَكَم - في صرف العَلَم ومنعه الصرف - كلما كان محتمِلاً للتذكير والتأنيث.

[نجاح وصباح] مثلاً، مما يسمى بهما المذكر والمؤنث، ولذلك تصرفهما إن أردت مذكراً فتقول: [جاء نجاحٌ وصباحٌ مسرعَيْن]، وتمنعهما الصرف إن أردت مؤنثاً فتقول: [جاءت نجاحُ وصباحُ مسرعَتَيْن].

وأسماء القبائل، نحو: [تميم وهُذَيْل...] تصرفها إن أردت جَدَّ القبيلة، فتقول مثلاً: [جاء بنو تميمٍ وبنو هذيلٍ]، وتمنعها الصرف إن أردت القبيلة، فتقول: [أقبلتْ تميمُ وهذيلُ].

وكذلك أسماء المواضع والبلدان: نحو [عكاظ]، تصرفها باعتبارها مكاناً فتقول: [مررت بعكاظٍ]، وتمنعها الصرف، باعتبارها بلدةً أو أرضاً، فتقول: [مررت بعكاظَ].

2- كل علَمٍ أعجميّ، حروفه أكثر من ثلاثة، نحو: إبراهيم ويوسف وأنطون...

3- كل علَمٍ مزيدٍ في آخره ألفٌ ونون، نحو: [عدنان] فإنّه من عَدَنَ بالمكان، (إذا أقام به). و[مروان] فإنه من [المرْو] (ضرْبٌ من الحجارة)(2).

4- كل علَمٍ مركب من كلمتين جُعِلَتا كلمةً واحدة، نحو: [بعلبك = بعل، بك]، و[حضرَمَوت = حضر، موت].

5- كل علَمٍ وزنُه مقصورٌ على وزنِ الفعل نحو: [يزيد]، أو مشتَرَكٌ بين الفعل والاسم وسُمِعَ استعماله ممنوعاً من الصرف، نحو: [أحمد](3) .

6- كلمة: [أُخَرُ] جمعاً لـِ [أُخرى] نحو: [سافرت المعلمات ونساءٌ أُخَرُ].

7- /15/علَماً، على وزن: [فُعَل]، ليس في العربية سواها، وأكثرها لا يستعمل اليوم، هي: [عُمَر - مُضَر - قُزَح - جُحَى - زُحَل - زُفَر - بُلَع - هُذَل - هُبَل - ثُعَل - جُشَم - جُمَح - دُلَف - عُصَم - قُثَم].

8- كل اسمٍ(4) مزيدٍ في آخره ألفٌ مقصورة، أو ألفٌ ممدودة:

فالمقصورة، نحو: [تؤلمني ذكرى امرأةٍ حبلى رأتْ جرحى وقتلى](5).

والممدودة، نحو: [زارنا علماءُ عظماءُ، رأوا شعراءَ وأطبّاءَ، معهم أصدقاءُ لهم، يمرّون مِن صحراءَ إلى بيداءَ](6).

9- ماكان من الأسماء وزنُه: [أَفْعَل](7)، سواء كان:

صفةً، نحو: [أحمر وأخضر وأزرق].

أو علَماً، نحو: [أحمد وأسعد وأكرم].

أو اسمَ تفضيل، نحو: [أفضل وأكرم وأحلم].

10- كل اسمٍ وزنُه مفاعل أو مفاعيل(8):

فمن الأول: [مدارس - شواطئ - روائع]. ومن الثاني: [مفاتيح - عصافير - دواوين].

11- وزْن مَفْعَل وفُعال:

وهما وزنان منعتهما العرب من الصرف، واستغنت بهما عن تكرار الأعداد - مِن واحد إلى عشرة - مرّتين، واستعملتهما كما ترى في الأمثلة الآتية:

سافر الناس أُحادَ أو مَوْحَدَ أي: واحداً واحداً.

= = ثُناءَ أو مَثْنَى أي: اثنين اثنين.

= = ثُلاثَ أو مَثْلَثَ أي: ثلاثةً ثلاثةً.

وهكذا... حتى عُشارَ ومَعْشَرَ، أي: عشرةً عشرةً. وقد يكررون فيقولون: مثنى مثنى، وثُلاث ثُلاثَ، إلخ...

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الممنوع من الصرف

· قال مجنون ليلى (الديوان /227):

فلو كان واشٍ باليمامة دارُهُ وداري بأعلى حضرموتَ اهتدى ليا

[حضرموتَ]: علَمٌ مركَّبٌ تركيباً مزجيّاً من كلمتين، هما في الأصل: [حضر، موت]، وقد مُنِع من الصرف لذلك، فجُرّ بالفتحة، وهو في البيت مضاف إليه.

· وقال جميل بثينة (الديوان /113):

أبوكَ حُبابٌ سارقُ الضيفِ بردَهُ وجَدِّيَ يا حجّاجُ فارسُ شَمَّرا

[شمّر]: علمٌ، وزنُه [فعَّل]، وهو أحد الأوزان المقصورة على الفِعْل، وقد مُنع من الصرف لذلك، فجُرّ بالفتحة. وهو في البيت مضاف إليه.

· وقال جرير (الديوان /1021):

لم تتلفّع بفضل مئزرها دعدٌ، ولم تُسقَ دعدُ بالعلبِ

[دعْد]: علمٌ عربي مؤنث، ثلاثيّ ساكن الوسط، فيجوز فيه وجهان: صرفُه ومنعُه الصرف. وقد جاء به الشاعر على المنهاج: مرةً مصروفاً: [دعْدٌ]، ومرةً ممنوعاً من الصرف: [دعْدُ].

· ]ونادى نوحٌ ربّه فقال ربِّ إنّ ابني من أهلي[ (هود 11/ 45)

[نوحٌ]: علم أعجميّ منوّن مصروف، وإنما صُرِف وهو أعجميّ، لأنه ثلاثيّ الأحرف. والعلم الأعجميّ إنما يُمنع من الصرف إذا كان زائداً على ثلاثة أحرف.

· قال العباس بن مرداس (الديوان /112):

وما كان حصنٌ ولا حابسٌ يفوقان مِرداسَ في مَجْمَعِ

[مرداسَ]: علمٌ، حقُّه أن يُصرَف فيُقال هنا: [مرداساً]، لأنه في البيت مفعولٌ به. وإنما منعه الشاعرُ من الصرف، فقال: [مرداسَ] خروجاً على القاعدة، لضرورة شعرية كما يقولون. ولو قال: [مرداساً] لانكسر الوزن.

· ]وقال الذي اشتراه من مصرَ لامرأته أكرمي مثواه[ (يوسف 12/21) ومثل ذلك ]وقال ادخلوا مِصرَ إن شاء الله آمنين[ (يوسف 12/99)

[مصرَ]: مُنعت من الصرف في الآيتين، على أنها علمٌ على موضع: مدينةٍ أو بلدةٍ أو محلّةٍ أو منطقةٍ... ولو أريد بها بلدٌ ما، من البلدان، أو مصرٌ ما من الأمصار، أو إقليم ما من الأقاليم، لصُرِفت فقيل: [مِن مِصرٍ] و[ادخلوا مصراً]. ومن هذا أنك تقول: زُرتُ أمصاراً شتى، مصراً بعدَ مصرٍ، فكان أعجب ما شاهدتُ أهرام مصرَ.

· ]إنْ هي إلاّ أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ... [ (النجم 53/23)

[أسماءٌ]: اسم مصروف، منوَّن، وذلك أنّ الهمزة في آخره غير زائدة، بل أصلها الواو، أي: [أسماو]. وليس كذلك شأن [كرماء] مثلاً، فإنّ الهمزة فيه زائدةٌ، ولذلك يُمنَع من الصرف فلا ينوّن. وتلخيص المسألة: أنّ ما كانت همزته زائدة نحو: [كرماء وشهداء...] يمنع من الصرف فلا ينوّن. وما كانت همزته غير زائدة، نحو: [أسماء وأعضاء...] والأصل: [أسماو، أعضاو...] يُصرَف فَيُنَوَّن.

· ]ومَن كان مريضاً أو على سفرٍ فعِدّةٌ من أيامٍ أُخَر[ (البقرة 2/185)

[أُخَر]: جمعٌ ممنوع من الصرف مفرده كلمة [أُخرى]. وليس في العربية صفةٌ، وزنها [فُعَل]، ممنوعة من الصرف، غيرها. ولذلك تحفظ وتستعمل كما جاءت. ودونك من ذلك آيةً أخرى:

· ]يوسفُ أيُّها الصدّيقُ أفتِنا في سبع بقرات سمانٍ يأكلهنَّ سبعٌ عجافٌ وسبعِ سنبلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابسات[ (يوسف 12/46)

· قالت فاطمة الزهراء، ترثي أباها رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم:

ماذا على مَن شمَّ تُربةَ أحمدٍ ألاّ يَشمَّ مدى الزمان غواليا(9)

[أحمدٍ]: علمٌ، صُرِف فنُوِّن، لضرورة شعرية، وكان حقُّه أن يُمنَع من الصرف لأن وزنه: [أَفْعَل]، وهو وزنٌ مشترَكٌ بين الفعل والاسم سُمِعت منه أعلام ممنوعة من الصرف، نحو: أسعد وأخطب وأيمن.



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- لا فرق في ذلك بين مؤنث حقيقي، نحو: [زينب وفاطمة]، ومؤنث لفظي، نحو: [طلحة وحمزة ومعاوية]، وبين عربي، نحو: [سعاد وسميّة]، وأعجميّ، نحو: [جولييت وكلود]. فالمؤنث ممنوع من الصرف، ما عدا نحو: هنْد ودعْد... فيجوز أيضاً صرفه، كما ذكرنا في المتن.

2- إن لم يكن علماً، نحو: عطشان وسكران وجوعان،كنتَ بالخيار: إنْ شئتَ صرفت وإن شئت لم تصرف.

3- وزْن الأعلام: [صالحٍ وسامرٍ وغالبٍ...] مشترك بين العلمية، وفعلِ الأمر: [صالحْ - سامرْ - غالبْ]، ومع ذلك لا تُمنَع هذه الأعلام ونحوُها من الصرف، فلا يقال مثلاً: [رأى صالحُ سامرَ في بيت غالبَ] بل يقال: [رأى صالحٌ سامراً في بيت غالبٍ] إذ لم يُسمع علمٌ وزنه: [فاعل]، مستعملاً ممنوعاً من الصرف.

4- نوجه النظر هنا، إلى ما بين العلم والاسم من فرق، فالعلم هو ما تسمّيك أمُّك به، نحو: خالد وسعيد ومحمد... وأما الاسم فهو ما ليس فعلاً ولا حرفاً، نحو: كتاب وقلم وسماء وأرض وطاولة وتلميذ ومعلم وشجرة وصديق...

5- إنما حكمنا بزيادة المقصورة هاهنا، لأن الأصل: ذكر - حبل - جرح - قتل. وأما نحوُ: [فتىً وعصاً] فليس ممنوعاً من الصرف، إذ الألف فيهما ليست زائدة، فالأصل في الأول [فتي] وفي الثاني [عصو]. يدلُّك على ذلك، قولك في تثنيتهما: [فتيان وعصوان].

6- حكمنا بزيادة الممدودة هاهنا، لأن الأصل: علم - عظم - شعر - طبب - صدق - صحر - بيد. ويحسن التنبيه على أن: [سماء ودعاء وبناء ونحوها...] ليست ممنوعةً من الصرف، إذ الهمزة فيها ليست زائدة، ففي [سماء ودعاء] أصلها الواو، أي: [سمو ودعو]. وفي [بِناء ومَشّاء] أصلها الياء، أي: [بني ومشي].

7- يستثنى من ذلك كلمتا [أربع] و[أرمل] فإنهما تُصْرَفان، فيقال مثلاً: مررت بنساءٍ أربعٍ ورجلٍ أرملٍ.

8- هكذا تقول كتب النحو، وأدقّ من ذلك أن يقال: [كل اسمٍ إيقاع وزنِه مفاعل //5/5 أو مفاعيل //5/55] لكي يدخل في التعريف، ما أوّلُه ميم، نحو: [مدارس وملاعب ومناشير ومسامير...]، وغير الميم، نحو: [شواطئ وروائع وعصافير ودواوين...].

9- الغوالي: جمعُ غالية، وهي أخلاطٌ من الطيب.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:58 AM

المنادى(1)



المنادى: اسمٌ، يُدعى بواسطة حرف من حروف النداء، نحو: [يا خالد].

وحروف النداء أربعة، هي: [يا، أيا، أيْ، الهمزة](2). فأما الهمزة فينادى بها القريب، وأما الباقيات فينادى بهنّ القريب والبعيد. ويجوز حذفهنّ جميعاً.

أحكام:

¨ قد يُنادَى بـ [يا] ما لا يُنادى، فتُعَدّ أداةَ تنبيه، نحو: [يا ليتني سافرت].

¨ لا يُنادَى الاسمُ المحلّى بـ [ألـ](3)، إلاّ إذا أُتي قبله بإحدى أداتين هما: [أيّها - أيتها]، نحو: [يا أيها الرجل - يا أيتها المرأة]. أو [اسم إشارة]، نحو: [يا هذا الرجل - يا هذه المرأة](4).

¨ الأعلام المحلاّة بـ [ألـ]، نحو: [الحسن، الحسين، الحارث...]، تُحذَف منها [ألـ] عند ندائها، فيقال: [يا حسن، يا حُسَين، يا حارث...]. ولا يستثنى من ذلك إلاّ لفظ الجلالة، فتثبت [ألـ] في أوله، وتُحقَّق همزته، فيقال: [يا أللهُ].


هكذا تنادي العرب، فتقول:

يا أهلَ الدارِ: فتنصب المنادَى، إذا كان بعده مضاف إليه.

ويا قارئاً كتبَ العلم: فتنصبه إذا كان مشتقّاً عاملاً فيما بعدَه.

ويا غافلاً، انتبه: فتنصبه إذا كان المنادِي يدعو كلَّ غافلٍ!! لا غافلاً معيَّناً(5).

وتقول:

يا غافلُ، انتبه: فتضمّ آخره، إذا كان المنادِي يدعو غافلاً معيَّناً دون كل غافل!! فيقصد إليه قصداً !! ويريد إليه إرادةً !! ويوجّه خطابه اليه توجيهاً(6)!!

ويا خالدُ: فتضمّ آخر المنادَى، إذا كان علماً مفرداً.

وتقول:

يا معلّمان: تجعل في آخره ألفَ ونونَ المثنى، إذا نادَت مثنّى.

ويا معلّمون: تجعل في آخره واوَ ونونَ الجمع، إذا نادَت جمعاً.

توابع المنادى(7):

وتعتري هذه التوابعَ أحوالٌ يكون فيها التابع مبنياً مرةً، ومعرباً مرةً، ومنصوباً مرةً، ومرفوعاً حَملاً على اللفظ مرة، ومنصوباً على المحلّ مرة، ومحتملاً للوجهين مرة بعد مرة(8). ويُغني عن كل هذا قاعدة كلية تقول:

قدِّرْ قبل التابع [يا] محذوفة (تصِبْ إنْ شاء الله)(9) ودونك النماذج:

يا خالدُ... ابنَ سعيد(10) = يا خالدُ يا ابنَ سعيدٍ

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا سعدُ... سعدَ العشيرة = يا سعْدُ يا سعدَ العشيرة

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... الفاضلُ = يا خالدُ يا أيّها الفاضلُ

بعد [يا] المحذوفة اسم محلّى بـ [ألـ]، فيضمُّ وتسبقه [أيّها] حُكماً(11).

يا خالدُ و... سعيدُ = يا خالدُ ويا سعيدُ

بعد [يا] المحذوفة علم مفرد، فضمُّه على المنهاج.

يا أبا الحسن... عليُّ = يا أبا الحسن يا عليّ

بعد [يا] المحذوفة علم مفرد، فضمُّه على المنهاج.

يا عليُّ... أبا الحسن = يا عليُّ يا أبا الحسن

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا عليُّ و... أبا سعيد = يا عليُّ ويا أبا سعيد

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... صاحبَ زهير = يا خالدُ يا صاحبَ زهير

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا رجلُ... أبا خليل = يا رجلُ يا أبا خليل

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... الحسنُ الخلق = يا خالدُ يا أيها الحسنُ الخلق

بعد [يا] المحذوفة اسم محلّى بـ [ألـ]، فيضمُّ وتسبقه [أيّها] حُكماً.

المنادى المختوم بياء المتكلم:

إنْ كان معتلَّ الآخر، وجب فتح الياء - قولاً واحداً - فيقال مثلاً: [يا فتايَ ويا قاضيَّ].

فإن صحّ آخره، جاز في ندائه أن تقول مثلاً: [يا عبادِ - يا عباديَ - يا عباديْ](12). وفي نداء ابن الأمّ (الأخ)(13): [يا ابن أُمِّ - يا ابن أُمَّ - يا ابن أُمِّيْ].



ترخيم المنادى

الترخيم: حذْفُ حرفٍ أو أكثر، من آخر المنادى. وإنما يُرَخَّم شيئان:

· الاسم المختوم بتاء التأنيث مطلقاً، نحو: حمزة وفاطمة، فإذا رخّمتَ قلت: يا حمز ويا فاطم.

· والعلم الزائد على ثلاثة أحرف نحو: جعفر ومالك، فإذا رخّمتَ قلت: يا جعف ويا مال.


ملاحظة: لك أن تحذف من الاسم الذي ترخّمه حرفين، شريطة أن يبقى منه بعد الترخيم ثلاثة أحرف. نحو: [يا منصُور] ثم [يا منصُ].

ويجوز لك في العلم المرخّم وجهان:

- الأول: أن تنطق آخره، كما كنت تنطقه قبل ترخيمه، فتقول في ترخيم [فاطمة ومالِك] مثلاً: [يا فاطمَ ويا مالِ...](14).

- والثاني: أن تضمّ آخره، كما كنت تضمّ آخره قبل ترخيمه، فتقول: [يا فاطمُ ويا جعفُ...](15).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال النداء

· ]يا ليت قومي يعلمون[ (يس 36/26)

[يا ليت]: يا - في الأصل - أداة نداء، لكنْ نودِيَ بها في الآية ما لا ينادى، وهو: [ليت حرف مشبَّه بالفعل]، فتُعَدّ في هذه الحال أداةَ تنبيه لا أداة نداء. وتلك مزيّة تمتاز بها [يا] من أدوات النداء الأخرى.

· ومثل ذلك طِبقاً، قولُه تعالى: ]يا ليتني كنت معهم[ (النساء 4/73)

فالاستعمال نفسه، والحُكم هو هو.

· قال ذو الرمة (الديوان 1/559):

ألا يا اْسلمي يا دار مَيّ، على البِلى ولا زال منهلاًّ بجَرعائك القَطْر

[يا اْسلمي]: يا أداة نداء في الأصل، لكنْ لما نودي بها ما لا ينادى، وهو الأمر: [اِسلَمي] عُدَّت أداة تنبيه. وتلك - كما قلنا آنفاً - مزيّة من مزايا [يا]، تنفرد بها.

· قال العباس بن مرداس (الديوان /106):

أبا خُراشةَ أمّا كُنْتَ ذا نفرٍ فإنّ قومي لم تأكلْهُمُ الضَّبُعُ

[أبا]: منادى بأداة نداء محذوفة. ويقول سيبويه عن أدوات النداء، [ويجوز حذفهنّ استغناءً]. وأما نصْب المنادى: [أبا]، فمن أنّ بعده مضافاً إليه هو: [خراشة]، وما كان كذلك، فنصبه على المنهاج.

· ]يوسفُ أعرض عن هذا[ (يوسف 12/29)

في الآية نموذج آخر، من نماذج حذف أداة النداء؛ ومنها على سبيل المثال: ]ربِّ أرني كيف تحيي الموتى[ (البقرة 2/260). وفي الكتاب العزيز نظائر كثيرة من مثله.

· ]يا أيتها النفس المطمئنّة[ (الفجر 89/27)

[النفس]: اسم محلّى بـ [ألـ]، وما يحَلّى من الأسماء بها، إذا نودي أُتي قبله حُكْماً بإحدى أداتين هما: [أيّها للمذكر وأيّتها للمؤنث] أو [اسم إشارة]. وقد سُبقت [النفس] - وهي مؤنث - بـ [أيتها]، فصحَّ نداؤها، على المنهاج.

· ويقال الشيء نفسه، في قوله تعالى: ]يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم[ (الانفطار 82/6)

فالمنادى: [الإنسان]، محلّى بـ [ألـ]، وقد أُتِي قبله بـ [أيّها]، على المنهاج في نداء المذكَّر المحلّى بـ [ألـ]. وفي التنْزيل العزيز كثير من نظائره.

· قال كثيّر عزّة (الديوان /453):

ليتَ التحيّةَ كانت لي فأشكرَها مكانَ يا جملٌ حُيّيتَ يا رَجُلُ

[يا جملٌ]: الأصل هنا ألاّ ينوَّن المنادى، فيقال: [يا جَمَلُ] - بالضمّ - باعتباره منادى مقصوداً إليه دون كل جَمَلٍ آخرَ، بتَّةً. [أي: نكرة مقصودة]. وقد زعمتْ كتب الصناعة، أنّ الضرورة ألجأت الشاعر إلى أن يُنَوِّن هذا المنادى، فنوّنه بالضم!! ولكنّ العينيّ - وهو من أئمة اللغة الأعلام 762 - 855 هـ - قال في شواهده: [نوّنه مضموماً، ويروى بالنصب]، أي يُروى: [يا جملاً].

وإنما أوردنا هذا البيت لنقول: إن كتب الصناعة، تعترف هنا بأن [يا جملٌ] ضرورة، وتصرّح بذلك؛ وإذ قد كان الأمر كذلك، فقد وجب أن يعيبوا هذه الضرورة، لا أنْ يُعْلُوا شأنها فيجعلوها قاعدة، فيقولوا: في الضرورة الشعرية يجوز تنوين المنادى المستحق للبناء، رفعاً ونصباً **!!* فالضرورة الشعرية، إنما هي تعبير عن عجز وقصور، والعجز والقصور لا يُنشِئان قاعدة.

· [

السيد عبد الرازق 10-01-2009 04:58 AM

أَيْ بنيّ إنّ نسيم الدنيا وروح الحياة أفضل من أن تبيت كظيظا] - البخلاء للجاحظ.

[أَيْ بُنَيّ]: أيْ: إحدى أدوات النداء. وقد استعملها الأب في ندائه لابنه وهو يوصيه، ومن الطبيعي إذاً، أنْ يكون النداء بها في هذه الحال للقريب. على أنّنا ذكرنا أنّ سيبويه أجاز استعمال أدوات النداء، ما عدا الهمزة، للبعيد والقريب.

· قال صاحب الزنج يخاطب حرفة التعليم، ويدعو عليها، وكان في أوّل أمره معلّماً:

أيا حِرْفَةَ الزَّمْنَى(16) أَلَمَّ بكِ الرَّدَى أَما لي خلاصٌ منكِ والشَّمْلُ جامِعُ؟

[أيا حرفةَ الزَّمنى]: استعمل من أدوات النداء: [أيا]، وأتى بالمنادى: [حرفة...] منصوباً. وذلك أنّ المنادى يُنصَب إذا كان بعده مضاف إليه، والمضاف إليه هنا هو: [الزمنى]. فالنصب إذاً على المنهاج.

· ودونك مثالاً آخر يطابق استعمالَ صاحب الزنج، مطابقةً تامّةً، وهو قول المجنون:

أيا حَرَجات الحيّ حيث تحمّلوا بذي سَلَمٍ، لا جادكنّ ربيعُ

فقد دعا على حرجات الحيّ!! كما دعا صاحب الزنج على حرفة التعليم!! واستعمل من أدوات النداء: [أيا]، وأتى بالمنادى: [حرجاتِ] منصوباً (جمع مؤنث سالم ينصب بالكسرة) على المنهاج، وذلك أنّ المنادى يُنصَب إذا كان بعده مضاف إليه، وهو هنا: [الحيّ].

· قال أرطاة بن سُهَيَّة: (الحيوان 3/391)

أَزُمَيْلُ، إني إنْ أكن لك جازياً أَعْكِرْ عليك، وإنْ ترُحْ لا تَسبِقِ

إنّي امرؤٌ تجد الرجالُ عَداوتي وَجْدَ الرِّكابِ من الذُّبابِ الأزْرَقِ

[أَزمَيْلُ]: أداة النداء هنا الهمزة. ومن المجمع عليه أنها لنداء القريب. ولكننا لا نراها في البيت إلاّ للبعيد البعيد. وذلك أنّ المقام هنا مقام تهديد ووعيد، وشعرُ التهديد والوعيد، لا يكون بين خصمين إلاّ وبينهما من البعد مسافة نفسية ومكانية، لا يصحّ وصفها بالقرب. فتأمّل!!

وقد ضمَّ الشاعر آخر المنادى: [زُمَيلُ]، على المنهاج. وذلك أنه علم مفرد، والعلم المفرد إذا نادته العرب، ضمّتْ آخره.

· قال تعالى: ]يا عبادِ فاتّقون[ (الزمر 39/16)، وقال: ]يا عبادِيَ الذين أسرفوا[ (الزمر 39/53)

أداة النداء في الآيتين هي هي: [يا]، والمنادى فيهما هو هو. ولكن حُذفت ياء المتكلم من المنادى الأول، فقيل: [يا عبادِ]، وثَبتتْ في المنادى الثاني مفتوحةً، فقيل: [يا عبادِيَ]، فدلّ هذان الشاهدان على جواز الوجهين.

هذا، على أنّ من القراءات القرآنية ما تُسَكَّن الياء فيه هنا، فيتحصّل من ذلك جواز وجوه ثلاثة: [عبادِ - عباديَ - عباديْ].

والقاعدة: أنّ الاسم الصحيح الآخر، إذا كان مختوماً بياء المتكلِّم، جاز فيه وجوه، منها: حذفُ الياء والاكتفاءُ بكسر ما قبلها، وإثباتُها مفتوحةً، وإثباتها ساكنةً. فيقال مثلاً: [يا أصدقاءِ - يا أصدقائيَ - يا أصدقائيْ]. وقد اجتزأنا في البحث بهذه الوجوه الثلاثة التي ذكرناها هنا، وإنْ كان في اللغة وجوهٌ أخرى، منها على سبيل المثال قلب الياء ألفاً، وشاهده قوله تعالى: ]يا حسرتا على ما فرّطتُ في جَنْب الله[ (الزمر 39/56)، على أنّ الأصل: [يا حسرتِي].

· ]يا جبالُ أَوِّبِي معه والطير[ (سبأ 34/10)

في الآية مسألتان، هما:

1- [يا جبال]: منادى: مضموم الآخر، على المنهاج في النداء. وذلك أنّ العربي يضمّ آخر المنادى، إذا قصد منادىً معيّناً (نكرة مقصودة).

وقد يسأل سائل: كيف تكون كلمة [جبال] منادى معيّناً، والنداء موجّه إلى الجبال كلّها، لا جبل منها دون جبل؟

ونجيب: الله تعالى قادر على أن ينادي الجبال والسهول والبحار... فيأمرها أنْ تؤوِّب (أي: تُرجِّع التسبيح)، ولكنْ لما كان المراد هاهنا توجيه النداء إلى الجبال خصوصاً (لأسباب بلاغية)، دون كل ما في الطبيعة من مناديات، عومِلت معاملة المقصود بالنداء، (نكرة مقصودة).

2- [والطير]: الواو هنا حرف عطف، و[الطير] لها قراءتان: ضمُّ الآخر وفتحه [الطيرَُ]. وقراءة الضم هي ما نبتغيه هنا، وبها قرأ يعقوب وعبيد بن عمير والأعرج وآخرون كثيرون(17). وينطبق عليها قولُنا في البحث: [قدّرْ قبل التابع (يا) محذوفة]. فكأنك تقول هنا: [يا جبالُ أوّبي معه، ويا أيتها الطيرُ أوّبي معه أيضاً]. وإنما سُبِق المنادى بـ[أيتها]لأنّ الاسم المحلى بـ[ألـ]إذا نودِيَ، أُتِي قبله بـ[أيها أو أيتها] حُكْماً.

· ]قال ابنَ أمَّ إنّ القوم استضعفوني[ (الأعراف 7/150)

في الآية مسألتان: الأولى حذف أداة النداء، إذ الأصل: [يا ابن أُمَّ]. وحذف أدوات النداء جائز استغناءً، كما يقول سيبويه. والمسألة الثانية: لا تتعلق بالمنادى نفسه، أي: [ابن]، وإنما تتعلق بما بعده، أي: تتعلق بالمضاف إليه، وهو كلمةُ [أُمّ]. وذلك أنّ نداء ابن الأمّ (الأخ) يجوز فيه وجوه: [يا ابنَ أُمَّ - يا ابن أُمِّ - يا ابنَ أُمّيْ]. وفتح الميم في الآية، وجهٌ منها. وقد ورد الوجه الثاني في آية أخرى هي: ]يا ابنَ أمِّ لا تأخذ بلحيتي[ (طه 20/94) حيث جاءت الكلمة فيها مكسورة الميم، فدلَّ هذان الشاهدان على جواز الوجهين. لكنْ يجوز في اللغة وجه ثالث أيضاً - وإنْ كان قليل الورود - وهو: [يا ابنَ أُمّيْ]. ومنه قول أبي زبيد الطائي، يرثي أخاه (الكتاب - هارون 2/213):

يا ابنَ أُمّيْ، ويا شُقَيِّقَ نفسي أنتَ خلَّفتني لدهرٍ شديدِ

ومن المفيد أن نذكّر هنا، بأنّ حكم [ابن الأمّ وابنة الأمّ وابن العمّ وابنة العمّ] في النداء سواء، وأنّ كل ما يجوز في نداء الأول منها، يجوز في الثلاثة الأخرى.

· قال زهير بن أبي سلمى (الديوان /180):

يا حارِ لا أُرْمَيَنْ منكم بداهيةٍ لم يَلْقَها سُوقةٌ قَبْلي ولا مَلِكُ

[حارِ]: منادى رخّمه الشاعر فحذف حرفه الأخير، والأصل قبل الترخيم: [يا حارثُ]. ومتى رخّمتَ فحذَفت، جاز لك وجهان:

الأوّل: أن تضمّ آخر المرخّم، كما كنت تضمّ آخره قبل ترخيمه، فتقول هنا: [يا حارُ] كأن حرف الراء هو آخر الكلمة، وأنك لا تنتظر مجيء الثاء بعده.

والوجه الثاني: أن تنطق آخره، كما كنت تنطقه قبل ترخيمه فتقول: [يا حارِ] كأنك تنتظر مجيء الثاء من كلمة [حارِث]. وقد اختار الشاعر - كما رأيتَ - الوجه الثاني.

ومن ذلك أيضاً قول امرئ القيس، وقد استعمل في النداء الهمزة فقال:

[أَحارِ ترى برقاً أُريكَ وميضَهُ]

فقد رخَّم كلمة [حارِث] كما رخمها الشاعر في البيت السابق، ونطق آخرها كما كانت تُنطَق قبل الترخيم (الديوان /24).

· قال امرؤ القيس (الديوان /12):

أفاطمُ مهلاً، بعضَ هذا التدلُّلِ وإنْ كنتِ قد أزمعتِ صَرْمِي فأَجْمِلي

[أفاطمُ]: في ندائه فاطمةَ مسألتان، الأولى: أنه استعمل الهمزة. والهمزة لنداء القريب. ويعرو النفسَ شيء من الإنكار، أن تكون فاطمة هجرته أو كادت، وأزمعت صرمه أو كادت، ثم تكون قريبة منه، بحيث تخاطَب بما تخاطَب به المُحِبَّةُ المصافية المُدانية. وكتب الصناعة تدافع عن رأيها في هذا القرب البعيد!! بأنه قربٌ نفسيّ، فتُسكتك ولا تُقنعك.

والمسألة الثانية: أن الشاعر رخّم كلمة [فاطمة]، فحذَفَ تاءَ التأنيث فقال: [فاطم]، وجواز حذف هذه التاء من آخر كلّ اسمٍ يراد ترخيمه، قاعدة لا تتخلّف. ثمّ إنه ضَمَّ آخرَه فقال: [فاطمُ]،كمن لا ينتظر مجيء التاء. وذلك أحد وجهين جائزين في الترخيم. وأما الوجه الثاني فأن يَنطِق آخرَه،كنُطقه له إذا كان ينتظر مجيء التاء فيقول: [فاطمَ].

· قال الأبجر (المغنّي) للأحوص الشاعر، يشتمه ممازحاً (الأغاني4/245):

[أَيْ زِنديقُ ما جاء بك إلى هاهنا؟].

[أَيْ زِنديقُ]: أي: أداة نداء، نودي بها القريب. و[زنديقُ]: منادى ضُمَّ آخره على المنهاج. وذلك أنه موجَّه إلى منادى بعينه، مقصود من دون كل زنديق آخر. وهو ما يسميه النحاة: [نكرة مقصودة]. وما كان كذلك فالعربيّ يضمّ آخره إذا ناداه.

· قال عَبِيدُ بن الأبرص، مستخفّاً بتهديد امرئ القيس لبني أسد، إذ قتلوا أباه (الديوان /122):

يا ذا المخوِّفُنا بمقتلِ شيخه حُجرٍ، تَمَنِّيَ صاحبِ الأحلامِ

المنادى في الأصل هو[المخوّف]، ولكنْ لما كان شرط نداء الاسم المحلّى بـ[ألـ]، أن يُؤتى قبله بـ [أيّها للمذكر وأيتها للمؤنث] أو [اسم إشارة]، أتى الشاعر - كما ترى - باسم الإشارة: [ذا]، فتوصّل بذلك إلى نداء المحلّى بـ [ألـ]، على المنهاج.

· قال طرفة (الديوان /32):

ألا أيُّها ذا الزاجريْ أَحْضُرَ الوغى وأنْ أشهدَ اللذاتِ، هل أنتَ مُخلِدي

المنادى في البيت، اسمٌ محلّى بـ [ألـ] هو [الزاجر]، ولكنّ المحلّى بـ [ألـ] لا ينادى إلاّ إذا أُتي قبله بـ [أيّها للمذكر وأيتها للمؤنث] أو [اسم إشارة]. وقد أتى الشاعر باسم الإشارة على المنهاج، لكن لما كان العربي قد يجمع الأداتين المذكورتين:

[أيها + ذا] في نداء المحلّى بـ [ألـ]، أتى بهما معاً كما ترى في هذا البيت: [أيّها + ذا = أيّهذا]، على المنهاج.

· قال عبد يَغوث بن وقاص الحارثي، وكان أسيراً في يدي أعدائه

(الخزانة2/194):

فيا راكباً، إمّا عَرَضتَ فبلِّغَنْ ندامايَ مِن نَجران ألاّ تلاقِيَا

[يا راكباً]: يا: أداة نداء، و[راكباً]: منادى منصوب. وإنما نُصب لأنّ نداء الشاعر موجّه إلى كلّ راكب - لا راكب معيّن - آملاً أن يسمعه أحدهم فيُبلغ قومَه ما هو فيه، فيعملوا على فكاكه. وإذ كان هذا شأن المنادى هاهنا، ولم يكن مقصوداً معيّناً دون سواه، فقد استحق النصب، على المنهاج، لأنه نداءُ غيرِ معيّن (نكرة غير مقصودة).



* * *

عودة | فهرس


--------------------------------------------------------------------------------

1- تَجمَع كتبُ الصناعة النداءَ والاستغاثة والتعجب والندبة في بحث واحد، على ما بينها من الافتراق. فالندبة - مثلاً - ليست نداءً، ولا أساليبها أساليبه، ولا تراكيبها تراكيبه إلخ... وقد آثرنا الأخذ بالمنهجية العلمية، ففصلنا بين هذه البحوث!!

2- قيل: [هَيا] أداة نداء قائمة بنفسها، وإنما هي لغةٌ في [أيا]، كما قال ابن السكّيت.

3- بين [العَلَم والاسم] - في بحوث اللغة - فرق. فالعَلَم: ما سمّاك به أهلك عند ولادتك، والاسم: ما ليس بفعل ولا حرف.

4- قد يجمعون الأداتين في نداء المحلّى بـ [ألـ] - وهو قليل - فيقولون: [يا أيّها ذا الرجل].

5- يسميه النحاة: نكرة غير مقصودة.

6- يسميه النحاة: نكرة مقصودة.

7- توابع المنادى: هي ما يكون بعد المنادى، نعتاً أو بدلاً أو توكيداً أو عطفاً.

8- لا يظننَّ ظانٌّ أننا نقمش هذه المفردات والمصطلحات قمشاً، بل كلّ كلمة منها لها شروحها وتفاصيلها.

9- بتعبير آخر: قدِّرْ بعد المنادى [يا] محذوفة. أو قدّر بين المنادى وتابعه [يا] محذوفة.

10- يجيزون أيضاً في هذه الصيغة فقط، دون غيرها من صيغ النداء الأخرى، نصبَ المنادى والتابع معاً، أي: [يا خالدَُ بنَ سعيد].

11- ليس للمنادي خيار هاهنا، فالمعرَّف بـ [ألـ] لا ينادَى إلا إذا سبقته [أيها] في التذكير، و[أيتها] في التأنيث.

12- تنطبق هذه الوجوه الثلاثة على نداء الأب والأمّ، إذ هما في النداء سواء. فيقال: [يا أبِ = يا أبيَ - يا أبيْ] و[يا أُمِّ - يا أُمِّيَ - يا أُمّيْ] فضلاً على وجوهٍ ثلاثة أخرى مقصورة عليهما، هي: [يا أبَتِ - يا أبَتَ - وعند السكت: يا أبَهْ]، و[يا أمَّتِ - يا أمّتَ - وعند السكت يا أمّهْ].

13- حُكم ابن الأمّ، وابنة الأمّ، وابن العمّ، وابنة العمّ، في النداء سواء. فاجتزأنا بنداء ابن الأمّ إيجازاً.

14- كأنك إذ تقول [يا فاطمَ] تنتظر أن تأتي التاء بعد الميم: [فاطمَة]، أو تقول: [يامالِ] تنتظر أن تأتي الكاف بعد اللام [مالِك]. ولذلك يسمّون هذا الصنف من الترخيم: [لغة من ينتظر].

15- يسمّون هذا الصنف: [لغة من لا ينتظر].

16- الزَّمْنى: جمعُ زَمِن، وهو المريض الذي يدوم مرضه زمناً طويلاً.

17- مجمع البيان 8/379. وذكر أبو حيّان ممن قرأ بالضمّ سبعة قرّاء وجماعة من أهل المدينة [البحر المحيط7/263].

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:00 AM

الميزان الصرفي



كلمات العربية، ما بين جامد ومشتق، ومبني ومعرب، وعربي ومعرّب، ومجرد ومزيد... تبلغ الملايين؛ فإذا عالج الباحث كلمةً منها، أو كلمتين، أو بضع كلمات، فمن الهيّن عليه ذِكرُها وذكر حروفها، حرفاً حرفاً.

وذلك كأن يقول مثلاً: إن الحرف الأول من فِعْل [نصر] وهو النون، مفتوح في الماضي، والحرف الثاني منه، وهو الصاد مفتوح في الماضي، مضموم في المضارع والأمر... ثم ينتقل إلى المزيدات منه والمشتقات... فإذا تم له ذلك انتقل إلى مادة أخرى نحو: فرح - كسر... وهكذا.

كل ذلك، يُكرِّر حروف الكلمة في أحوالها المختلفة، ما امتد البحث. وقد لا يكون هذا مستحيلاً، ولكنه يدنو من المستحيل، حين يدور البحث حول عشر من الكلمات أو عشرات، أو حول مفردات اللغة كلها. وتلك - لعمري - مشقة لا تطاق!!

ولقد تخطّى أولئك الأئمة العظماء هذه العقبة الكأداء، بأن وضعوا لمفردات اللغة كلها ميزاناً واحداً، مؤلفاً من ثلاثة أحرف، هي الفاء والعين واللام: [ف ع ل].

فالحرف الأصلي الأول من كل كلمة في العربية - اسماً كانت أو فعلاً - يسمونه: فاء الكلمة. والحرف الثاني منها يسمونه: عين الكلمة. والحرف الثالث يسمونه: لام الكلمة.

ودونك من ذلك أمثلة تطبيقية ثلاثة للإيضاح، هي: [شرب ضحك سخر]. فإذا أرادوا أن يبحثوا في هذه الكلمات الثلاث مثلاً، لم يقولوا: الشين من شرب، والضاد من ضحك، والسين من سخر. ولا الراء من شرب، والحاء من ضحك، والخاء من سخر. ولا الباء من شرب، والكاف من ضحك، والراء من سخر. وإنما يقولون: فاء هذه الكلمات وعينها ولامها. هذا عن الثلاثي.

وأما الرباعي الأصليّ الحروف - اسماً كان أو فعلاً - نحو: [دَحْرَج، ودِرْهَم]، فقد زادوا في آخر ميزانه لاماً، أي: جعلوه: [ف ع ل ل] ليكون الميزان على قدّ الموزون. وعلى هذا، فـ [دَحْرَج] وزنه: [فَعْلَل]، و[دِرْهَم] وزنه: [فِعْلَل].

فإذا كان الموزون خماسيّاً أصليّ الحروف، زادوا في آخر ميزانه لامَيْن، أي: جعلوه: [فَ عَ لْ لَ ل = فعلَّل]. وعلى هذا يكون وزن [سفرجل]: فَعَلَّل.

وهكذا نشأ في علوم العربية مصطلح (الوزن والموزون والميزان، وفاء الكلمة وعينها ولامها).

واستكمالاً لما بسطنا القول فيه عمداً - ابتغاء الإيضاح - لا مفرّ من الانتباه للمسائل التالية، كلما أردنا أن نزن كلمة.

أولاً: أن كل حرف ليس من أصل الكلمة الموزونة، إذا زدته عليها، وَجَبَ أن تزيد مثله بعينه في الميزان أيضاً.

فإذا زدت ألفاً في الموزون زدت ألفاً في الميزان، وإذا زدت تاءً هنا زدت تاءً هناك، وإذا زدت ألفاً وسيناً وتاءً في هذه الكفة زدت ألفاً وسيناً وتاءً في الكفة الأخرى، كما ترى:


الكلمة الوزن ملاحظات

نَصَرَ فَعَلَ كلاهما مجرد

ناصَرَ فاعَلَ زيدت ألف في كل منهما

استَنْصَر استَفْعَل زيد ألف وسين وتاء في كل منهما

تَناصَر تَفاعَل زيد تاء وألف في كل منهما

قَلَم فَعَل كلاهما مجرّد

شارِب فاعِل زيدت ألف في كلّ منهما

مَشْروب مَفْعول زيدت ميم وواو في كلٍّ منهما

مِفْتاح مِفْعال زيدت ميم و ألف في كلّ منهما

ثانياً: أن تزيد في الكلمة حرفاً من حروفها نفسها، لا حرفاً مِن خارجها؛ وعند ذلك لا تزيده هو بعينه في الميزان، وإنما تزيد ما يقابله من حروف الميزان. مثال ذلك، أنْ تُكرِّر الحرف الثاني من حروف فِعْلَي: [فتح وكسر] فتقول: [فتّح وكسّر]. فإذا وزنتهما، كرّرت الحرف الثاني من الميزان، كما كرّرت الحرف الثاني من الكلمة، فتقول: [فَعَّل] ولا تقول: [فعتل وفعسل].

أو تكرّر الحرف الثالث من حروف هذين الاسمين: [مُحَطَّم ومُدبَّر] فإذا وزنتهما، كرّرت الحرف الثالث من الميزان، كما كرّرت الحرف الثالث من هاتين الكلمتين، فقلت: [مُفَعَّل]، ولا تقول في الأول منهما: [مُفَعْطَل]، وفي الثاني: [مُفَعْبَر]!!

وبإيجاز نقول: إذا زدتَ على الكلمة حرفاً، زدتَ مثله بعينه في الميزان، وإذا كرّرت حرفاً من حروفها، كرّرت ما يقابله من حروف الميزان.

ثالثاً: إذا عرا الكلمةَ الموزونةَ حذفٌ، حذفتَ من الميزان ما يقابل المحذوف من الكلمة.

فوزن: [قُم: فُل] لأن المحذوف عين الكلمة، وهي الواو، والأصل [قُوم].

ووزن [قاضٍ: فاعٍ] لأن المحذوف لام الكلمة، وهي الياء، والأصل [قاضي].

ووزن [صِلَة: عِلَة] لأن المحذوف فاء الكلمة، وهو الواو، والأصل [وَصْل].

رابعاً: إذا عرا الكلمةَ إعلال، فإن الميزان لا يتغير، فوزن [قال وباع] فَعَل.



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:06 AM

نائب الفاعل



الأصل أنْ يُذْكر الفاعل مع فعله، كنحو: [كَسَرَ خالدٌ الزجاجَ]. فإذا لم يُذكَر معه بل حُذِف(1) - فعند ذلك يُبنى الفعل للمجهول، فيقال: [كُسِرَ الزجاجُ]، فيُقام المفعول به مُقام الفاعل، فيصبح في الجملة عمدةً كما أنّ الفاعل في الجملة عمدة، ويُرفَع كما كان الفاعل قبل حذفه يُرفَع. ومن هنا أنهم اصطلحوا على أنْ يسمُّوه: [نائب فاعل](2).

فإذا كان الفعل مما ينصب مفعولين أو أكثر، فالأول منهما يُجعَل نائبَ فاعل. ففي نحو: [أَعطَى خالدٌ الفقيرَ درهماً]، تقول إذا بنيتَ للمجهول: [أُعطِيَ الفقيرُ درهماً].

فإذا بُنِيَ للمجهول فِعْلٌ لا مفعول له، كان المصدرُ ظاهراً أو مضمراً نائبَ فاعل. فمثال المصدر الظاهر، قوله تعالى: ]فإذا نُفِخَ في الصور نفخةٌ واحدة[ (الحاقّة 69/13) ومثال المضمر قوله: ]ونُفِخَ في الصور فصَعِقَ مَن في السماوات ومن في الأرض[ (الزمر39/68) أي: نُفِخَ في الصور نفخٌ محذوفٌ فاعلُه. أو [مجهولٌ فاعله، إنْ كان فاعله مجهولاً].

وقسْ على هذا جميع ما تمرّ به من كلامهم، تجدْه يصدق ولا يتخلف. وقد أوردنا مِن ذلك في النماذج الفصيحة ما فيه مَقْنَع.

تنبيه: جميع الأحكام التي مرَّت بك في بحث الفاعل، تراعى في نائب الفاعل، فلا نعيدها هنا.

* * *

نماذج فصيحة من استعمال نائب الفاعل

· ]ذلك يومٌ مجموعٌ له الناسُ[ (هود 11/103)

ذكرنا في بحث اسم المفعول، أنه (أي اسم المفعول) يرفع نائب فاعل. ومن ذلك ما ترى في هذه الآية. فـ [مجموعٌ]: اسم مفعول، و[الناس]: نائب فاعل. ونوجّه النظر إلى أنّنا إنّما أتينا بهذه الآية هنا، على سبيل التذكير بقاعدة ذات صلة بما نحن فيه من استعمال نائب الفاعل، وإلاّ فإنّ محلها من الوجهة المنهجية، في بحث اسم المفعول وما يتعلق به.

· ]ولما سُقط في أيديهم[ (الأعراف 7/149)

[سَقَطَ]: فعلٌ لازمٌ لا ينصب مفعولاً به، فلما بُنِيَ للمجهول فقيل:[سُقِطَ] - ولم يكن في الكلام مفعولٌ به يُجْعَل نائبَ فاعل - قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائبَ الفاعل، أي: [سُقِط في أيديهم سقوطٌ محذوفٌ فاعلُه، أو مجهولٌ فاعلُه](3).

ويقال الشيء نفسه في قوله تعالى مِن سورة (الفجر 89/23): ]وجيء يومئذٍ بجهنم[ وذلك أنّ [جاء] - هنا - فعلٌ لازم، لا ينصب مفعولاً به، فلما بُني للمجهول فقيل: [جيء] - ولم يكن في الكلام مفعولٌ به يُجعَل نائب فاعل - قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائبَ الفاعل، أي: [جيء بجهنم مجيءٌ محذوفٌ فاعلُه].

ومن اليَنبوع نفسه أيضاً ما جاء في سورة الزُمَر (39/69) ]وجيء بالنبيّين والشهداء وقُضِيَ بينهم بالحق[ أي: جيء بالنبيّين... مجيءٌ محذوف فاعلُه، وقُضِيَ بينهم... قضاءٌ محذوفٌ فاعلُه.

· قال الفرزدق يمدح زين العابدين، عليّ بن الحسين، رضي الله عنهما (الديوان2/179):

يُغضِي حياءً ويُغضَى مِنْ مهابتِهِ فما يُكَلَّمُ إلاّ حينَ يبتسمُ

[يُغْضِي]: فعلٌ مضارعٌ لازمٌ لا ينصب مفعولاً به، فلما بني للمجهول فقيل: [يُغْضَى]، ولم يكن في الكلام مفعول به يُجعَل نائب فاعل، قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائب الفاعل، أي: [يُغْضَى مِن مهابته إغضاءٌ مجهول فاعله].

هذا، على أنّ في البيت فعلاً آخر مبنيّاً للمجهول هو: [يُكَلَّمُ]، غير أنه فعلٌ متعدٍّ ينصب مفعولاً به، والأصل: [يكلِّم الناسُ زينَ العابدين]، فلما بني للمجهول، حُذِف فاعله وهو: [الناسُ]، وأُضمِر المفعول به وهو زين العابدين، فجُعِل نائبَ فاعل، فقيل: [يُكلَّم]، أي: [يُكلَّم هو].

· ]قُتِلَ الخرّاصون[ (الذاريات 51/10) (الخراصون: الكذابون).

[قَتَلَ]: فعلٌ متعدٍّ، والأصل: [قتل اللهُ الخرّاصين]. فلما بني للمجهول، حُذِفَ فاعله، ورُفِع المفعول به، وأُقيم مُقام الفاعل، فقيل: [الخراصون]، على أنه نائب فاعل.

· قال عنترة (الديوان /152):

نبِّئْتُ عَمْراً غيرَ شاكر نعمتي والكفرُ مَخْبَثَةٌ لنفس المُنعِمِ

الأصل: [نَبَّأَ الناسُ عنترةَ عمراً غيرَ شاكر]، ولما بُني الفعل للمجهول حُذِف الفاعل: [الناسُ] فقيل: [نُبِّئ]، وأقيم المفعول به الأوّل وهو التاء، ضمير المتكلم (أي: عنترة) مُقام الفاعل المحذوف، فأصبح في محل رفع نائب فاعل، وبقي المفعول الثاني [عمراً] منصوباً، على حاله.

· ]فإذا نُفِخَ في الصور نفخةٌ[ (الحاقة 69/13)

الأصل: [نَفَخَ إسرافيل في الصور نفخةً]، ثم بُنِي الفعل للمجهول فحُذِف الفاعل: [إسرافيل]، فقيل: [نُفِخَ]، وأقيم المصدر: [نفخة] مُقام الفاعل المحذوف، فرُفِع، على أنه نائب الفاعل: [نفخةٌ]. وقد جُعِل - هنا - المصدرُ الظاهرُ نائبَ فاعل. وفي ذلك تأييد لما قرّرناه من أن المصدر الذي يُجعل نائبَ فاعل، قد يكون ظاهراً، أو مضمراً مقدّراً.

· ]ونُفِخَ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض[ (الزمر39/68)

الأصل: كما قلنا في الآية السابقة: [نفخَ إسرافيلُ في الصور]، ثم بني الفعل للمجهول فحُذِف الفاعل: [إسرافيل]، فقيل: [نُفِخَ]، ولما لم يكن في الكلام مفعول به، جُعِلَ المصدرُ المضمر نائب فاعل، والتقدير: [نُفِخَ في الصور نفخٌ محذوفٌ فاعله]. وفي سورة (ق): آيةٌ أخرى، تماثل هذه الآية، هي قوله تعالى: ]ونُفِخ في الصور ذلك يوم الوعيد[ (ق 50/20) والتعليق على الآيتين هو هو، فلا نكرّر.

· ويقال الشيء نفسه، في قوله تعالى: ]فإذا نُقِرَ في الناقور[ (المدثر74/8)

(الناقور: هو الصور، والنقر: الصوت). فالأصل: [نَقَرَ إسرافيلُ في الناقور]. ثم حُذِف الفاعل [إسرافيل] وبُنِي الفعل للمجهول: [نُقِرَ]، ولما لم يكن في الكلام مفعول به، جُعل المصدرُ المضمر نائب فاعل، والتقدير: [نُقِر في الناقور نقْرٌ محذوف فاعله].

· قال الأعشى (الديوان /57):

عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رجلاً غيري، وعُلِّقَ أخرى غيرها الرجلُ

الكلام عن [هُرَيرة] صاحبة الأعشى. وفي البيت ثلاثة أفعال مبنية للمجهول. هي: [عُلِّقتها وعُلّقت وعُلّق]. الفاعل فيها كلها هو الله تعالى. إذ الأصل: [علَّقني الله إيّاها، وعلَّقها الله رجُلاً غيري، وعلّق الله ذلك الرجلَ امرأةً أُخرى]. فالحديث عن واحدٍ من الأفعال الثلاثة يُغني عن الحديث عن الآخَرَيْن، لما بينها جميعاً من التشابه، ولذلك نجتزئ بالفعل الأول: [عُلِّقتُها = علقتُ هريرةَ].

فقد حُذف الفاعل وهو لفظ الجلالة. فبُني الفعل للمجهول: [عُلِّق]، وجُعِل المفعول الأول وهو ضمير المتكلم [التاء]، نائبَ فاعل. وأما ضمير الغائبة [ها]، فمحلّه نصبٌ على أنه المفعول به الثاني.

· قال طَرَفَة (الديوان /78):

فيالَكَ مِن ذي حاجةٍ حِيْلَ دونَها وما كلُّ ما يهوى امرؤ هو نائلُه

الأصل: [حالت الحوائلُ دونها]. ولما بني الفعل للمجهول وحُذف الفاعل قيل: [حِيلَ]. ولما لم يكن في الكلام مفعول به يُجعَل نائب فاعل، قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائب الفاعل، أي: [حيل دونها حُؤولٌ محذوفٌ فاعله].

هذا، على أن في القرآن نظيراً مماثلاً لما رأيت في بيت طرفة، وذلك قوله تعالى: ]وحِيل بينهم وبين ما يشتهون[ (سبأ 34/54) أي حيل بينهم وبين ما يشتهون حؤولٌ محذوفٌ فاعله.



* * *

عودة | فهرس




--------------------------------------------------------------------------------

1- يكون الحذف لأغراضٍ مختلفة، منها: الجهل بالفاعل، نحو: [كُسر الزجاجُ] إذا كنت لا تعرف من كسره، ومنها الخوف منه، نحو: [قُتل زيدٌ] إذا كنت تخاف أن تذكر اسم القاتل إلخ...

2- ليس المراد من مصطلح: [نائب فاعل]، أن المفعول به ينوب عن الفاعل في القيام بالفعل والوقوع على المفاعيل!! كلاّ. فالمفعول به - وإنْ سمّي اصطلاحاً: [نائب فاعل] - يظل مفعولاً به في المعنى. وسواء قلت: [كسَرَ خالدٌ الزجاجَ] أو [كُسِر الزجاجُ] فإنّ الكسر واقع على الزجاج في الحالتين. وإنما المراد من هذا المصطلح كما ذكرنا في المتن، أنّ نائب الفاعل أصبح - بعد حذف الفاعل من الجملة - [عمدة]، كما أنّ الفاعل في الجملة عمدة، ومرفوعاً كما أنّ الفاعل مرفوع.

يقول المبرد في المقتضب 4/50: [وإنما كان رفعاً، وحدّ المفعول أن يكون نصباً، لأنك حذفت الفاعل. ولا بدّ لكل فعل من فاعل، لأنه لا يكون فعلٌ ولا فاعل]. ثم قال: [فلما لم يكن للفعل من الفاعل بدّ، وكنت هاهنا قد حذفته، أقمتَ المفعولَ مُقامه، ليصحّ الفعل بما قام مَقام فاعله].

3- كل من عبارتَي: [محذوفٌ فاعله، ومجهولٌ فاعله]، تُجزئ عن أختها - على حسب الحال - كلما كان المصدر نائبَ فاعل، وذلك ما نسير عليه في النماذج الآتية.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:07 AM

الندبة



الندبة: تفجّعٌ أو توجّع. فالتفجع نحو: [واحُسيناه]، والتوجع نحو: [وارأساه].

وللندبة أداةٌ واحدة هي: [وا]، وأساليب ثلاثة، لا تتغير ولا تتبدّل، دونك أمثلتها:

واحُسَينُ واحُسَيْنا واحُسَيْناه

والهاء في [واحسيناه]، هاء السكت. ويجوز ضمّها، في الوصل فيقال مثلاً: [واحسيناهُ ليتنا كنّا معك].

* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:08 AM

نزع الخافض



سُمع عن العرب حذفُهم حرفَ الجر بعد بعض الأفعال. فإذا حذفوه نصبوا الاسم الذي كان مجروراً به. ويقول النحاة: هو [منصوب على نزع الخافض].

من ذلك قوله تعالى: ]وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً[ (الأعراف7/155)

والأصل اختار موسى من قومه.

وقولُ عمرو بن معديكرب:

أمرتُكَ الخيرَ فافعلْ ما أمرت به فقد تركتُكَ ذا مالٍ وذا نَشَبِ

والأصل: أمرتك بالخيرِ.

ومثلُ ذلك: شكره - شكر له، نصحه - نصح له...

وكل هذا يُحْفَظ ويستعمل، ولكن لا يقاس عليه.



* * *

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:10 AM

النسب



إذا قلت: [خالد صَحَفِيّ]، فقد نسبته إلى الصحيفة. والنحاة يقولون: [صَحَفِيّ] منسوب، و[الصحيفة] منسوب إليه.

ويلحق آخرَ المنسوب ياءٌ مشدّدة، مكسورٌ ما قبلها،كما رأيت في كلمة [صحفِيّ].



قاعدة كلّيّة لا تتخلّف:

تُحذف تاء التأنيث في النسب، قولاً واحداً، فيقال في نحو: [فاطمة وطلحة]: [فاطميّ وطلحيّ]. قال ابن يعيش: [إذا نسبت إلى اسم في آخره تاء التأنيث حذفتها، لا يجوز غير ذلك].

الأحكام:

1- إذا نسبت إلى اسم مختوم بألف ممدودة:

فإن كانت الهمزة زائدة للتأنيث، قُلبتْ واواً(1). ففي نحو: [حمراء وبيضاء وزرقاء] تقول: [حمراويّ وبيضاويّ وزرقاويّ]. وفيما عدا ذلك، تَبقى الهمزة همزةً، على حالها. ففي: [كساء ورداء وحرباء] تقول: [كِسائيّ ورِدائيّ وحِربائيّ](2)

ويدخل في هذا نحو: [سقاية - بناية - غاية] ففي النسب إليها يقال: [سقائيّ - بنائيّ - غائيّ](3).

2- إذا نسبت إلى اسم مختوم بألف:

¨ فإن كانت ثالثة، قُلِبت واواً مهما يكن أصلها. ففي نحو: [عصا وفتى] تنسب فتقول: [عَصَوِيّ وفَتَوِيّ].

¨ وإن كانت رابعة فصاعداً، حُذِفت. ففي النسبة إلى: [ملْهى وحُبلْى وبَرَدى وجَمَزَى (سير سريع) ومصطفى وجمادى ومستشفى...]، تَحْذف الألف فتقول: [مَلْهِيّ وحُبْلِيّ(4) وبَرَدِيّ وجَمَزِيّ ومُصْطَفِيّ وجُمادِيّ ومستشفِيّ...].

3- إذا نسبت إلى ما ينتهي بياء:

¨ فإن كانت ياؤه ثالثة، نحو: [الشَّجِيْ](5)، و[العَمِيْ] قُلِبت واواً، فيقال: [شَجَوِيّ وعَمَوِيّ].

¨ وإن كانت رابعة فصاعداً، حُذِفت. ففي النسبة إلى: [القاضي والمعتدي والمستعلي والزاوية]، تقول: [القاضِيّ(6) والمعتدِيّ والمستعلِيّ والزاويّ].

4- إذا كان الاسم مما يُحذف أوّله أو آخره: فأَعِد المحذوف ثم انسب.

ففي نحو: [عِدَة - صفة - زِنَة - شِيَة - دِيَة]، تعيد المحذوف ثم تنسب فتقول: [وَعْدِيّ - وَصْفِيّ - وَزْنِيّ - وَشْيِيّ - وَدْيِيّ].

وفي نحو: [ابن(7)، وبنت أيضاً - أخ، وأخت أيضاً - أب - سنة - مئة - لغة - يد - دم - شفة...] تعيد المحذوف، ثم تنسب فتقول: [بنويّ - أخويّ - أبويّ - سنويّ - مئويّ - لغويّ - يدويّ - دمويّ - شفويّ، وشفهيّ أيضاً].

5- في حالة النسب إلى اسم ثلاثي مكسور ثانيه، نحو: [إبِل ونمِر...]: يُترك اللفظ على حاله، فيقال: [إبلِيّ ونَمِرِيّ]. أو يفتح الثاني فيقال: [إبَلِيّ ونَمَرِيّ].

6- وفي حالة النسب إلى اسم قبل آخره ياءٌ مشدّدة مكسورة، نحو: [هيِّن - ليِّن - ميِّت...]، يُترَك اللفظ على حاله فيقال: [هَيِّنِيّ - لَيِّنِيّ - مَيِّتِيّ...]. أو يُخفف التشديد فيقال: [هَيْنِيّ - لَيْنِيّ - مَيْتِيّ...].

7- النسبة إلى المختوم بياء مشددة:

¨ إن كان قبل الياء المشددة حرف واحد، نحو: [طيّ وحيّ] رددت الياء إلى أصلها، ونسبت فقلت: [طَوَوِيّ وحَيَوِيّ](8).

¨ فإن كان قبل الياء المشددة حرفان، جعلت الحرف الثالث واواً ثم تنسب، ففي نحو:[عَلِيّ ونَبيّ وعَدِيّ وقُصَيّ] تقول: [عَلَويّ ونَبَويّ وعَدَويّ وقُصَويّ](9).

¨ وإن كان قبل الياء المشددة ثلاثة أحرف فصاعداً، نحو: [الكرسيّ والشافعيّ] تركت اللفظ على حاله. فالنسبة إلى الكرسيّ: كرسيّ، والنسبة إلى الشافعيّ: شافعيّ. ومن سياق الكلام يتبين المراد.

8- النسبة إلى المثنى والجمع:

إذا نسبت إلى المثنى والجمع، فانسب إلى مفردهما. فكتابان وزَيدان ومعلِّمون وأقلام وزينبات، تَنسب إليها فتقول: [كتابيّ وزّيديّ ومعلّميّ وقلميّ وزَينبيّ...].

أما ما يُنقَل من المثنى والجمع فيُجعَل اسم علَم، ومن ذلك مثلاً: [زَيدان وحَسَنان وعابِدون وخَلدون]، فأسهل ما تفعله عند النسبة إليه، أن تبقيه على لفظه، فتقول: [زَيدانيّ وحسَنانيّ وعابِدُونيّ وخَلْدونيّ...].



قاعدة ذات خطر:

كان بين الأئمة اختلاف في جواز النسبة إلى جمع التكسير، فمنهم مانع ومُجيز، حتى كان عصرنا هذا، فحَسَمَ ذلك مجمعُ اللغة العربية بالقاهرة، فأجاز النسبة إلى جمع التكسير، إذ قال: [ويرى المجمع أن يُنْسَب إلى لفظ الجمع عند الحاجة...]. وعلى ذلك، يجوز لك أن تقول في النسبة إلى البساتين والدُوَل والحقوق والأنصار: [بساتينيّ ودُوَلِيّ وحقوقيّ وأنصاريّ...]. وذلك إذا أردت تجنُّبَ اللبس، وبيانَ أنك إنما تريد النسبة إلى الجمع، لا إلى المفرد(10).

أخيراً، إذا دعت الحاجة إلى النسبة إلى جمع المؤنث السالم، وكان الثاني ساكناً وألف الجمع رابعة، جاز حذف تاء الجمع وقلب الألف واواً، نحو:

بيضة - بيضات - بيضويّ،

وحدة - وحدات - وحدويّ،

ثورة - ثورات - ثورويّ

9- إذا نسبت إلى العلم المركّب، فانسب إلى أي طرفيه يكون أوضح لمرادك، ففي نحو: [عبد المطلب وابن عباس وأبي بكر وأم كلثوم...] تنسب إلى الطرف الثاني فتقول: [مطَّلبيّ وعباسيّ وبكريّ وكلثوميّ...] لأنك لو نسبت إلى [عبد وابن وأب وأمّ] لما تبين قصدك.

فإن كان العلم مركّباً تركيباً مزجيّاً، نحو: بعلبكّ وحضرموت... جاز لك أن تبقيه على حاله، فتقول: [بعلبكّيّ وحضرموتيّ...].

10- النسبة إلى ذي الحرفين:

من استقصاءات كتب الصناعة، بحثُها في النسبة إلى الكلمات ذوات الحرفين، وقولها: النسبة إلى [لَوْ: لَوِّيّ] و[لا: لائيّ] و[كم: كَمِّيّ (بالتشديد) وكَمِيّ (بالتخفيف)].

11- النسبة إلى الأوزان الأربعة: [فَعِيل وفَعِيلة] و[فُعَيْل وفُعَيْلَة]:

يصحّ لك إذا نسبت إلى هذه الأوزان الأربعة، أن تُبْقِي لفظها على حاله(11). ودونك نماذج من ذلك:



الوزن
المثال
المثال بعد النسبة

فَعِيل
عَقِيل - جميل - أمير - كريم
عَقِيليّ - جميليّ- أميريّ-كريميّ

فُعَيْل
عُقَيل - نُمَير- أُوَيس- كُلَيب
عُقَيليّ- نُمَيريّ- أُوَيسيّ- كُلَيبيّ

فَعِيلَة
طبيعة - بديهة - سليقة - جليلة
طبيعيّ - بديهيّ - سليقيّ - جليليّ

فُعَيْلة
رُدَيْنَة - نُوَيْرَة - أُمَيْمَة - حُمَيْمَة
رُدَيْنِيّ - نُوَيْرِيّ - أُمَيْمِيّ - حُمَيْمِيّ

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:11 AM

ويلحق بهذه الأوزان الأربعة - من ناحية جواز إبقاء اللفظ على حاله عند النسب - وزنان هما: [فَعُول وفَعُولَة]، ففي النسبة إلى: [سَلول وحَلوب وحَمولة]، تقول: [سَلُولِيّ وحَلُوبيّ وحَمُوليّ...].

* * *

نماذج من النسب، ما بين قياسيّ وغير قياسيّ

تنبيه على قاعدة كليّة: [لا نسبة إلا بعد حذف التاء] (اِحذفْ ثم انسبْ)

1- الداعِيْ: النسبةإليه: [الداعِيّ]. وذلك أن الاسم المنتهي بياء تُحذَف ياؤه إذا كانت رابعة. وقد حُذِفت هنا؛ والياء المشدّدة التي تراها في آخره، إنما هي ياء النسب.

هذا؛ على أن من الجائز أيضاً قلب يائه واواً. وبناءً على هذا الجواز يصحّ أن يقال: [الداعَوِيّ]. وقس عليه القاضي والساعي والرامي... إذ تقول في النسبة إليها: [القاضَوِيّ - الساعَوِيّ - الرامَوِيّ]، كما تقول أيضاً: [القاضِيّ - الساعِيّ - الرامِيّ].

2- بَدَوِيّ: نسبةٌ غير قياسية إلى: [البادية]، إذ القياس: بادِيّ أو بادَوِيّ، كما رأيت آنفاً. يقول ابن يعيش في عدم قياسيتها: [كأنهم بنَوا من لفظه اسماً على (فَعَلٍ) حملوه على ضده وهو: الحَضَر]. وقال الرضيّ: [القياس إسكان العين لكونه منسوباً إلى البَدْو].

3- المستَمْلِيْ: اسم فاعل من الفعل: [استملَى - يستملِي]، والنسبة إليه [مستملِيّ]، وذلك بناءً على أن الاسم المنتهي بياء تُحذف ياؤه، إذا كانت رابعة فصاعداً، وقد جاءت هنا سادسة، فحُذفت. وأما الياء المشددة في آخره فهي ياء النسب.

4- السماء: النسبة إليها [سمائيّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أن الاسم الممدود، إذا كانت همزته منقلبة عن أصل - وهذا متحقق في كلمة سماء - إذ أصل همزتها الواو، لأنها من [سما - يسمو]، بقيت همزةً على حالها.

هذا؛ على أن من الجائز أيضاً قلبَ همزته واواً. وبناءً على هذا الجواز يصح أن يقال: [سماوِيّ]. وقس عليه نحو: [كساء - رداء - قضاء]... إذ يقال في النسبة إليها: [كسائيّ - ردائيّ - قضائيّ] ويجوز أن يقال أيضاً: [كساويّ - رداويّ - قضاويّ].

5- النساء: جمع، واحدُه [نِسوة]. ولقد كانت كتب النحو من قبلُ، تُوجِب أن تكون النسبة إلى المفرد، وتمنع النسب إلى الجمع، وبناءً على هذا،كانوا يقولون إن النسبة إلى [النساء] هي [نِسْوِيّ]، لأن المفرد نِسوَة.

وكان المساكين من أبناء الأمة يرون في ذلك صعوبة، فينسبون إلى الجمع - على السليقة - فيقولون: [نسائيّ]، فيهدَّدون بهُوْلةٍ بَصْرِيّة، تأبى إلا أن النسبة إلى الجمع غلط!! فإذا تيمم المساكين ما يظنونه صواباً،لم يقولوا [نِسْوِيّ]، بل قالوا: [نَسَوِيّ]!! فيقهقه رافعو الهُوْلة ويخزى الدراويش الخائفون!!

ولقد (فكّها الله)، إذ أصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة قراراً يُجيز النسبة إلى جمع التكسير، وعلى ذلك يصحّ أن تقول: [نِسْوِيّ] ناسباً إلى المفرد، و[نسائيّ]، ناسباً إلى الجمع.

6- الشتاء: أجاز العلماء أن يقال في النسبة إلى الشتاء: [شَتَوِيّ وشَتْوِيّ]، فكلاهما جائزٌ صحيح. وقد نصّ الجوهريّ في الصحاح على ذلك فقال: [وجمع الشتاء أَشْتِيَة، والنسبة إليها: شَتْوِيٌّ وشَتَوِيٌّ].

7- غَنيّ: النسبة إليه: غنَويّ، وهي نسبة قياسية. وذلك أن الياء المشددة إذا سبقها حرفان، فُكّ تشديد الياء، وحُذفت الياء الأولى وقُلبت الياء الثانية واواً. ومثله: نبيّ - عليّ - قصيّ فإن النسبة إليها: نبويّ - علويّ - قصويّ... وأوجز من هذا أن يقال: نجعل الحرف الثالث واواً ثم ننسب.

8- طائِيّ: نسبة غير قياسية إلى [طَيِّئ]، إذ القياس عندهم [طَيْئِيّ]. قال سيبويه: [لا أظنهم قالوا: طائيّ إلا فراراً من طيْئِيّ]. وقال ابن يعيش: [جعلوا مكان الياء ألفاً تخفيفاً].

9- شَفَهِيّ وشَفَوِيّ أيضاً: نسبة إلى [شَفَة]، وإنما جاز فيها وجهان، لاعتقاد أن الأصل هو: شفهة، فالنسبة إليه إذاً [شَفَهِيّ]، أو أنه: شَفَوَة، فالنسبة إليه إذاً [شَفَوِيّ]. وبين الرأيين جاز الوجهان.

10- الوَحدة: النسبة إليها [وَحْدِيّ]، ولكن أبناء الأمة جميعاً جَرَوا على أن يقولوا: [وَحْدَوِيّ]، حتى استقر هذا الاستعمال في الأذهان، ودار على الألسنة دون سواه.

والذي يُلاحَظ في نسبتهم هذه، أنهم يَجلبون قبل ياء النسب، واواً من الفراغ. وهذا غير وارد في النسب!! فالعربي حين ينسب مثلاً إلى [حمراء] فيقول: [حمراويّ]، إنما يقلب الهمزة واواً، ولا يأتي بالواو من الفراغ. وكذلك الأمر إذ يَنْسب إلى [القاضي] فيقول: [قاضويّ]، فإن هذه الواو، قد كانت في الأصل ياءً، ثم قُلِبت واواً، وهكذا...

وقد يقول قائل: إن [وحدويّ] نسبةٌ إلى [وحدات]، والنسبة إلى [وحدات] هو: [وحدويّ]. وذلك أن مما يُجيزون في الجمع، أن تُحذَف التاء فقط، وتُقلب الألف واواً. ومنه قولهم: [ثورويّ] في النسبة إلى [ثورات].

وفي الجواب يقال: هذا يصح في تخريج [ثورويّ]، لأن الثورات تتعدد، ولكنه لا يصح في تخريج [وحدوي]، ذاك أن الأمة لا تسعى إلى وحدات!! وإنما تسعى إلى وحدة واحدة!! فإذا لم يُنْظَر إلى هذا، جاز أن يقال: [وحدوي].

11- سقاية: النسبة إليها [سقائيّ]؛ ويقول سيبويه في تعليل ذلك ونحوه: [لأنك حذفت الهاء (أي: التاء المربوطة) ولم تكن الياء لتثبت بعد الألف (أي: لا يقال: سقاي) فأبدلت الهمزة مكانها](12).

وقس على هذا ما ينتهي بياء قبلها ألف زائدة، نحو: [بداية - دعاية - غاية - نهاية - وقاية...]، فإن النسبة إليها: [بدائيّ - دعائيّ - غائيّ - نهائيّ - وقائيّ...].

12- التربية: النسبة إليها [تربويّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أنها اسمٌ ثانيه ساكن ورابعه ياء. وما كان كذلك، أجازوا حذف يائه ثم النسب، أي [تربيّ] كما أجازوا قلب يائه واواً. فيقال مثلاً في النسبة إلى: راعية - قاضية - رامية - تصفية - تعبية - تنمية: [راعيّ - قاضيّ...] كما يقال: [راعويّ - قاضويّ - رامويّ - تصفويّ - تعبويّ - تنمويّ...].

13- الأعمى: النسبة إليه [أَعْمَوِيّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أنه اسم مختوم بألف، ثانيه ساكن وألفه رابعة. وما كان كذلك يجوز في النسبة إليه أن تَحذف ألفَه، فتقول: أعمِيّ، وأن تقلبها واواً، فتقول: أعْمَوِيّ، وأعماويّ أيضاً.

14- ذو القلب العَمِي (أي: الجاهل): النسبة إلى [العَمِي] هي [عَمَوِيّ]. وهي نسبة قياسية. وذاك أنه اسم ثلاثي منتهٍ بياء، وما كان كذلك فمنهاج النسبة إليه قلبُ حرفه الأخير واواً، مهما يكن أصل هذا الحرف الأخير. وعلى ذلك تنسب إلى [الشَّجِيْ] فتقول: [شَجَوِيّ]، وهذا أصل حرفه الأخير واو، إذ هو من الشجو، على حين نسبتَ إلى العَمِيْ فقلت: عَمَويّ، وهذا أصل حرفه الأخير ياء.

15- الشِّيَة: العلامة، وهي الوشي، ولكن حذفت واوها. والنسبة إليها [وشْيِيّ]. وهي النسبة التي اختارها الأخفش، مخالفاً بذلك ما ذهب إليه سيبويه من أن النسبة إليها [وِشَوِيّ].

وإذ قد كان قول كليهما حجة، فقد أخذنا في كتابنا برأي الأخفش، لسهولة ما يذهب إليه، إذ هو الأصل في اللفظ.

ومثل ذلك أن تنسب إلى [الدِّيَة] فتقول: [ودْيِيّ]، إذ الأصل [الودْي].

16- عشواء: صفة مؤنثة. والنسبة القياسية إليها: [عشواويّ]. إذ كل اسم ينتهي بألف ممدودة للتأنيث، تقلب همزته واواً عند النسب؛ من ذلك: حمراء - زرقاء - بيضاء، فإن النسبة إليها: [حمراويّ - زرقاويّ - بيضاويّ...]. غير أن المستقر في أذهان الناس، والدائر على ألسنتهم، هو: [عشوائيّ]، خلافاً للقياس.

وأظن ذلك هو السبب في أنْ نظر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في صحة استعمال [عشوائيّ]؛ وقد أقرّ ذلك، لما فيه من الخفة، إذا قيس إلى ما في لفظ عشواويّ من الثقل، ثم لأن مِن العرب مَن كان يُثبت الهمزة في نحو هذا فيقول مثلاً: حمرائيّ كما يثبتها في التثنية فيقول: حمراءان.

17- رئيس ورئيسيّ: تناول أستاذ لغويّ مسألة النسبة إلى كلمة [رئيس]، منذ نحو ثلاثين عاماً، فعاب استعمالَها. قال: [قل: هو الأمر الرئيس بين الأمور، وهي القضية الرئيسة بين القضايا. ولا تقل: الأمر الرئيسيّ والقضية الرئيسية].

ولقد بحث مجمع اللغة العربية بالقاهرة في المسألة، ثم أصدر قراراً ينص على صحة استعمال كلمة [رئيسيّ] في النسب، وبيّن الفرق بين أن يوصَف الأمر بأنه [رئيس]، وبين أن يوصَف بأنه [رئيسيّ]، وأن هذا غير ذاك. وعلى ذلك، يكون كلاهما صحيحاً تبعاً لموضعه من العبارة، ومحله منها.

18- نورانيّ: نسبة إلى [النور]، على غير قياس، إذ القياس: [نُورِيّ]. وقدسُمِعتْ زيادةُ الألف والنون في كلمات بعينها، منها: صيدلانيّ - طبرانيّ - فوقانيّ - تحتانيّ - وحدانيّ - ربّانيّ- صمدانيّ - بَرّانيّ... وللأئمة آراء مختلفة في هذه الزيادة. فالرازي يقول إن النون تبدل من الهمزة، في نحو: [صنعاء - صنعانيّ]، وابن منظور يقول: [والنون من زيادات النسب... وليس من قديم الكلام وفصيحه]، وابن الأثير يقول في النهاية: [وزيادة الألف والنون للتأكيد]. ويرى سيبويه هذه الزيادة للتخصيص، قال [وشعراني ولحياني ورقباني إذا خُصّ بكثرة الشعر وطول اللحية وغلظ الرقبة].

ومهما يدُر الأمر، فإن زيادة الألف والنون للنسبة، ليست قياسية. فيُحفظ ما جاء من ذلك ويستعمل، ولكن لا يقاس عليه.



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- قلْبُ الهمزة الزائدة للتأنيث واواً، ليس مقصوراً على النسبة، بل هو قاعدة تصحّ في النسب وغيره.

2- أجازوا أيضاً قلب الهمزة واواً، في نحو: [كساء ورداء وحرباء]، فقالوا: [كساويّ ورداويّ وحرباويّ]، ولا خير في التعريج هنا على هذا ونحوه، بل فيه شرّ وضرر!! إلا لمتخصص، يبتغي ذلك فيجده في مظانّه من مطولات كتب النحو والصرف.

3- بيان ذلك: أن الياء إذا تطرّفت وقبلها ألف زائدة، قلبت همزةً وجوباً.

4- أجازوا حين يكون الحرف الثاني ساكناً، أن يقال أيضاً: [مَلْهَوِيّ وحُبْلَوِيّ]. كما أجازوا زيادة ألف قبل هذه الواو، أي: مَلهاويّ وحُبلاويّ.

5- بغير تشديد، وهو قبل دخول [ألـ] عليه: [شَجٍ].

6- أجازوا في كل ما كانت ياؤه رابعةً، وثانيه ساكنٌ، أن تُقلَب ياؤه واواً، ففي النسب إلى: [القاضي، الساعي، التربية، التعدية، التصفية]، جائزٌ أن تقول: [قاضويّ، ساعويّ، تربويّ، تعدويّ، تصفويّ]. وهو الدائر على ألسنة الناس.

7- من النحاة من يثبت همزة الوصل في نحو: (ابن واسم...)، فيقول في النسبة: (ابنيّ واسميّ)، ومنهم من يحذفها فيقول: (بَنَوِيّ وسِمَوِيّ)، وكلاهما جائز صحيح، لكن الأَدْوَر على الألسنة: (بنويّ) و(اسميّ).

8- تحقيق ذلك أن تفكّ تشديد الياء: [طي ي]، ثم تقلب الياء الثانية واواً: [طي و]، ثم تردّ الياء الأولى إلى أصلها، وهو هنا الواو: [طوو]، ثم تنسب فتقول: [طَوَوِيّ]. وكذلك تفعل بكلمة: [حيّ]: تفكّ تشديد الياء: [حي ي]، ثم تقلب الياء الثانية واواً: [حي و]، ثم تردّ الياء الأولى إلى أصلها، وهو هنا الياء فتبقى ياءً: [حي و] ثم تنسب فتقول: [حَيَوِيّ].

9- ذلك أن تفكّ تشديد الياء: [عليّ = علـ ي ي] ثم تحذف الياء الأولى: [علـ...ي]، وتقلب الثانية واواً: [عل...و] ثم تنسب فتقول: [علويّ].

10- أقرّ ذلك مجمع اللغة العربية بالقاهرة، انظر [مجموعة القرارات العلمية في خمسين عاماً /134].

11- من أراد وجوهاً أخرى صحيحةً جائزةً، نحو: طَبَعِيّ وبَدَهِيّ وجُهَنِيّ إلخ...، وجدها في مطولات كتب النحو.

12- يريد سيبويه أن يقول: إذا تطرّفت الياء، وقبلها ألف زائدة، قلبت همزةً وجوباً.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:11 AM

نصب الفعل المضارع



ينتصب الفعل المضارع، بعد الأدوات الآتية(1):

1- أَنْ نحو: أريد أن أسافرَ.

2- لَنْ نحو: لن أسافرَ.

3- كَيْ نحو: أسافر كي أتجدّدَ.

4- لام التعليل: وضابطها أن يكون ما بعدها علَّةً وسبباً لما قبلها، نحو: [أدرس لأنجحَ].

5- الواو – الفاء – ثُمَّ – أَوْ، العاطفاتِ فعلاً على اسم جامد (مصدراً كان أو غير مصدر): وذلك أن الفعل إنما يُعطَف على فعل مثله، فإذا عطَف العربيُّ فعلاً على اسم، نَصبَ الفعلَ المعطوف، نحو:

[سفرُك وتشاهدَ ما لا تعرف خيرٌ لك] = سفرُك ومشاهدتك خيرٌ لك.

[كسرة خبز وتصانَ الكرامة أحسن من كنوز الدنيا] = كسرة خبز وصون الكرامة أحسن...

[صدقُك فتُحتَرَمَ وِسامٌ تستحقه] = صدقك فاحترامك وسام تستحقه.

[تعبُك ثم تفوزَ عمل وجزاء] = تعبُك ثم فوزك عملٌ وجزاء.

[تلبية الدعوة أو تعتذرَ أليق] = تلبية الدعوة أو الاعتذار أليق(2).

6- لام الجحود: ويُشترط في انتصاب المضارع بعدها، أن تكون مسبوقةً بـ[ما كان أو لم يكن] نحو: ]وما كان اللّه ليظلمَهم[ و ]لم يكن اللّه ليغفرَ لهم[

7- حتّى: ومنه ]لن نبرحَ عليه عاكفين حتّى يرجعَ إلينا موسى[.

تنبيه: إنما ينتصب الفعل المضارع بعد (حتّى)، إذا كان زمانه للمستقبل، وإلاّ لم ينتصب، بل يُرفع نحو: [غاب خالد حتى لا نشاهدُه]. فتكون [حتّى] حرف ابتداء، والجملة بعدها استئنافية.

8- أو: شريطة أن تكون بمعنى (إلى أن) نحو: [أظلّ أطالبُ أو أنالَ حقّي]، أو (إلاّ أن) نحو: [أُعرِضُ عن المكابر أو يقرَّ بالحقّ].

9- فاء السببية: وإنما ينتصب المضارع بعدها بشرطين اثنين: أن يسبقها نفي: [لم تدرسْ فتنجحَ]، أو طلب كالأمر مثلاً [ادرسْ فتنجحَ](3) وأن يكون ما قبلها سبباً لما بعدها. فإن لم يتحقق الشرطان، امتنع النصب، وارتفع المضارع(4).

10- واو المَعِيَّة: وضابطها أن تكون بمعنى (مع)، نحو: [لا تشربْ وتضحكَ]، ففيه نهي عن أن تفعلهما معاً. وشرط انتصاب المضارع بعد واو المعية، أن يسبقها نفي أو طلب - وهو شرط مشترك بينها وبين فاء السببية كما تلاحظ.



* * *

نماذج فصيحة من نصب الفعل المضارع

· قالت ميسون بنت بحدل، زوجة معاوية بن أبي سفيان:

ولُبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عيني أَحَبُّ إليَّ من لُبْس الشفوفِ

[لُبس]: اسم جامد (مصدر)، والواو قبل الفعل المضارع: [تقرَّ] هي حرف عطف. والأصل أن الفعل يُعطف على فعل مثله. لكن لما لم يكن المعطوف عليه فعلاً، بل كان اسماً وهو [لُبس]، عمدت الشاعرة إلى نصب الفعل [تقرَّ]. وتلك من طرائق التعبير في العربية: أن ينصب العربي الفعل المضارع إذا عطفه على الاسم. والتقدير: [لُبس عباءة وقرةُ عين أحبّ إليّ].

· وقال الشاعر:

لولا تَوَقُّعُ مُعْتَرٍّ فأُرْضِيَهُ ما كُنْتُ أوثِرُ إتراباً على تَرَبِ

يريد: أنّه لولا توقُّعُه فقيراً محتاجاً، فيعطيه من ماله، ما كان فضَّل الإتراب (الغنى) على التَّرَب (الفقر).

[توقّع]: اسم جامد (مصدر)، وقد عطف الشاعر فعل [أرضيَه] عليه بواسطة الفاء. وما قلناه في بيت ميسون نقوله هنا طِبقاً، عدا أن حرف العطف في بيتها هو الواو وفي بيت الشاعر هو الفاء. فقد نصب فعل [أرضي] بسبب عطفه على الاسم [توقّع] بواسطة الفاء. والتقدير: [لولا توقعٌ فإرضاءٌ ما كنت أوثر].

ودونك نموذجاً آخر لعطف المضارع على الاسم بواسطة [ثم] وهو قول الشاعر أنس بن مدركة:

إني وقَتْلي سُلَيْكاً ثمّ أعْقِلَه كالثَّوْرِ يُضْرَب لما عافتِ البقرُ

يريد: أنه قتل سليكاً (اسم رجُل) ثم عقله (احتمل ديتَه) فكان كالثَّور: يُضرَب لتخاف الضربَ إناثُ البقر فتشرب.

فقد عطف فعل [أعقِلَ] على الاسم الجامد [قتلي (مصدر)]، بواسطة [ثم]، فأوجب نصبه. والتقدير: [قتلي سليكاً ثم عقلي إياه كالثور يضرب].

· قال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكْرَ لِتُبَيِّنَ للناس[ (النحل 16/44)

[لتبيّنَ]: فعل مضارع، مسبوق بلام التعليل. وهي لامٌ يكون ما بعدها علّةً وسبباً لما قبلها. وفي الآية تحقيقٌ لذلك، إذ القصد إلى التبيين، هو العلة والسبب في إنزال الذِّكر. ومتى سُبق المضارع بهذه اللام وجب نصبه، وهو ما تراه في قوله تعالى: [لتبيّنَ].

· ]قالوا لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يرجعَ إلينا موسى[ (طه 20/91)

[يرجعَ] فعل مضارع منصوب على المنهاج. وذلك أن المضارع يُنصب إذا سبقته [حتى] وكان زمانه للمستقبل. وقد تحقق ذلك في الآية لأنهم حين قالوا: [لن نبرح عليه عاكفين] لم يكن موسى بعدُ قد رجع، وإنما رجع بعد قولهم هذا، فكان زمان الفعل إذاً للمستقبل، وتحقق معه شرط النصب بـ [حتى].

· قال حسّان بن ثابت:

يُغْشَوْنَ حتّى ما تَهِرُّ كلابُهُم لا يَسألُون عنِ السَّوادِ المُقْبِلِ

[ما تهِرُّ]: هاهنا فعل مضارع مرفوع، وإن سبقته [حتّى]. وبيان ذلك، أن الشاعر لَم يعبّر به عن زمن مستقبل آتٍ، بل عبّر به عن عادة من عادات كلاب مَمدوحيه الكرماء، هي أن الضيوف يَعْرُون هؤلاء الممدوحين فلا تنبحهم الكلاب، لألفتها الضيوف واعتيادها رؤيتهم وأُنْسها بهم.

ولما كان المضارع لا ينتصب بعد [حتى]، إلا إذا كان زمانه للمستقبل، وكان زمان [تهرّ] في البيت لا يدل على مستقبل، رفع الشاعر هذا الفعل فقال [تهرُّ].

وننبّه هاهنا على أن [حتى] في هذه الحال تكون حرف ابتداء تُبتَدَأ به الجمل، وتكون الجملة بعدها استئنافية.

· قال الشاعر:

لأَستسهِلَنَّ الصعْبَ أَوْ أُدْرِكَ المُنَى فما انقادتِ الآمالُ إلاّ لِصابِر

[أو أُدركَ]: فعل مضارع منصوب، لأن [أو] سبقته. ولا بد هاهنا من التنبيه على أن النصب إنما يجب إذا كان معنى [أو]، هو [إلى أنْ] أو [إلاّ أنْ]. وقد تحقّق المعنى الأول في البيت، أي: [إلى أنْ] إذ المعنى: [لأستسهلن الصعب إلى أنْ أدرك المنى]. فكان النصب على المنهاج.

وأما المعنى الثاني وهو [إلاّ أنْ]، فتجده متحققاً في قول الشاعر زياد الأعجم:

وكنتُ إذا غَمَزْتُ قَناةَ قَوْمٍ كَسَرْتُ كُعُوبَها أَوْ تَسْتَقِيمَا

وذلك أن الفعل المضارع: [تستقيمَ] قد انتصب لأن [أو] سبقته متضمنةً معنى [إلاّ أنْ]. وذلك أن الشاعر أراد: [كسرت كعوبها إلاّ أن تستقيم فأعرض عن كسرها]. وهكذا جاء نصب المضارع على المنهاج.

· قال تعالى: ]ولا تطْغَوا فيه فيحلَّ عليكم غضبي[ (طه 20/81)

[فيحلَّ]: هاهنا فعل مضارع منصوب، والفاء قبله هي فاء السببية. وإنما ينتصب بعدها بشرطين اثنين: الأول أن يكون ما قبلها سبباً لما بعدها. وقد تحقق هذا الشرط، إذ الطغيان سبب لما بعده وهو حلول الغضب. كما تحقق الشرط الثاني أيضاً وهو أن يسبق فاءَ السببية أحد شيئين: نفي أو طلب. والذي هنا هو الطلب: [لا تطغَوا].

وإذ قد تحقق الشرطان فقد وجب النصب فقيل: [فيحلَّ].

· قال الشاعر:

لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتِيَ مثلَهُ عارٌ عليكَ إذا فَعَلْتَ عظيمُ

[وتأتيَ]: الفعل مضارع منصوب. والواو قبله واو المعية. والمضارع إنما ينتصب بعدها إذا كانت بمعنى [مع] وسبقها نفي أو طلب. فهاهنا إذاً شرطان: الأول أن تكون بمعنى [مع] فتفيد المصاحبةَ وحصولَ ما قبلها مع ما بعدَها. وقد تحقق ذلك في البيت إذ أمر الشاعرُ مخاطَبَه بعدم إتيانه عملاً (مع) نهيه عنه.

كما تحقق الشرط الثاني أيضاً وهو أن يسبقها نفي أو طلب. والذي هنا هو الطلب: [لا تنهَ]. وإذ قد تحقق الشرطان فقد وجب النصب فقيل: [وتأتيَ].



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- لم نَعتدّ [إذاً] حرفاً ناصباً، مستظهرين في ذلك بما نص عليه سيبويه - ناقلاً عن شيوخه - مِن أن مِن العرب مَن يهملها، فلا ينصب بها [كتاب سيبويه- هارون 3/ 16].

2- قد يأتي العربيّ بـ [أنْ]، فيجعلها بين لام التعليل والواو والفاء وثم وأو، وبين الفعل المضارع، فيقول مثلاً: [لأن أنجحَ] - [وأن تشاهدَ وأن تصانَ] - [فأن تحترمَ] - [ثمّ أن تفوزَ] - [أو أن تعتذرَ]، وكلا الوجهين في الكلام جائز.

3- من الطلب أيضاً: النهي [لا تقصِّرْ فتندمَ]، والاستفهام [هل تزورنا فنكرمَك]، والتمني [ليتك تزورنا فنكرمَك]، والترجي [لعلك تدرس فتنجحَ]، والعرض [ألا تسافرُ فتتفرّجَ]، والحض [هلاّ صدقتَ فتُحتَرَمَ].

4- مما يرشدك إلى أن الفاء سببية: أن تحذفها وتجعل التركيب شرطيّاً بواسطةِ [إنْ]، فإن استقام الكلام فالفاء سببية، والنصب على المنهاج. ففي نحو: ادرسْ فتنجحَ، تُعَدُّ الفاء سببية لصحة قولك: إن تدرسْ تنجحْ، وفي ليتك تجتهد فتفلحَ، هي سببية لصحة قولك: إن تجتهدْ تفلحْ...

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:12 AM

النعت(1)

النعت تابعٌ لاسمٍ قبله، يبيّن صفةً من صفاته، ويطابقه(2) ويتبعه في إعرابه رفعاً ونصباً وجرّاً. نحو: [هذا كتابٌ مفيدٌ - قرأت الكتابَيْن المفيدَيْن - مررت برجالٍ شجعانٍ - سافرتْ معلماتٌ فاضلاتٌ...].

حكمان:

¨ النعت مشتق أو جامد، فالمشتق نحو: [ودّعت صديقاً مسافراً]، والجامد نحو: [عدوّنا عدوٌّ ثعلب].

¨ وقد يكون اسماً، كما جاء في الأمثلة المتقدمة.

أو شبهَ جملة، نحو: [هذا كتاب على الطاولة، أو فوق الطاولة]. فـ [على الطاولة] و [فوق الطاولة] نعت لكلمة [كتاب].

أو جملةً، فيشترط أن تشتمل على ضمير يعود إلى المنعوت فيربطها به. نحو: [سافر طالبٌ يحمل حقيبةً](3) و[زارنا تلميذٌ كتابُه ممزَّقٌ](4).



* * *

عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- يسمونه [الصفة] أيضاً.

2- المطابقة هنا أن يَتْبَع النعتُ المنعوتَ في التعريف والتنكير، والإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث.

3- [طالب]: نكرة، وجملة [يحمل] نعت له. وأما الضمير الذي يربطها بالمنعوت، فمستتر تقديره [هو] فاعل [يحمل].

4- [تلميذ]: نكرة، وجملة [كتابه ممزق] نعت له. وأما الضمير الذي يربطها بالمنعوت فهو الهاء من [كتابه

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:13 AM

النعت السببي



إذا قيل مثلاً: [هذه فتاةٌ ممزّقٌ كتابُها] فإن كلمة [ممزّقٌ] نعت. غير أن معنى النعتيّة فيه لا يقع على ما قبلَه، بل يقع على ما بعدَه، أي [الكتاب]، إذ الكتاب هو الموصوف بأنه ممزّق، لا الفتاة. وقد اصطلح النحاة على أن يسمّوا هذا الصنف من النعوت: [النعت السببي](1).



أحكام النعت السببي:

1- هو مفردٌ في كل حال(2)، وبعده اسمٌ مرفوعٌ في كل حال.

2- يتبع ما قبله في الإعراب والتعريف والتنكير.

3- يطابق ما بعدَه تذكيراً وتأنيثاً.

بعد أن تمّ البحث، وجدنا من المفيد أن نقول: إن من الغرائب أن العامّة تستعمل النعت السببي - بالسليقة - صحيحاً فصيحاً، في جميع أحواله.

وإليك من ذلك نموذجين: الأول منهما فيه النعت السببي مذكر، والثاني مؤنث:



الفصيح [والنعت السببي فيه مذكر]
العامي

سافر تلميذٌ [مدهونٌ بابُه]
سافر تلميذْ [مدهونْ بابُه]

سافرت تلميذةٌ [مدهونٌ بابُها]
سافرت تلميذه [مدهونْ بابها]

سافر تلميذانِ [مدهونٌ بابُهما]
سافر [تلمِيذِين] [مدهونْ بابُ(ن)]

سافر تلاميذُ [مدهونٌ بابُهم]
سافر[وا] تلاميذ [مدهونْ بابُ(ن)]

سافر تلمِيذاتٌ [مدهونٌ بابُهنّ]
سافرت تلميذات [مدهونْ بابُ(ن)]




الفصيح [والنعت السببي فيه مؤنث]
العامي

ودّعتُ تلميذاً [مكسورةً مسطرتُه]
ودّعت تلميذ [مكسوره مسطرتُه]

ودّعتُ تلميذةً [مكسورةً مسطرتُها]
ودّعت تلميذه [مكسوره مسطرتها]

ودّعتُ تلميذينِ [مكسورةً مسطرتُهما]
ودّعت [تلميذِين] [مكسوره مسطرتُ(ن)]

ودّعتُ تلاميذَ [مكسورةً مسطرتُهم]
ودّعت تلاميذ [مكسوره مسطرتُ(ن)]

ودّعتُ تلميذاتٍ [مكسورةً مسطرتُهُنّ]
ودّعت تلميذات [مكسوره مسطرتُ(ن)]




وترى في هذه العبارات كلّها، فصيحِها وعاميّها:

أنّ النعت السببي مفردٌ في كل حال: [مدهون - مكسورة].

وأنّ بعده اسماً مرفوعاً في كل حال: [بابُه - مسطرتُه].

وأنه يطابق ما بعده تذكيراً وتأنيثاً: [مدهونٌ بابُه - مكسورةٌ مسطرته].



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- بهذه التسمية فرّقوا بينه وبين النعت الحقيقي الذي يصِف ما قبلَه.

2- يذهب بعض النحاة إلى أنّ النعت السببي يجوز فيه الإفراد والجمعُ، إذا كان بعده جمعُ تكسير حصراً. أي يجوز: [هذا تلميذٌ كريم زملاؤه] و [هذا تلميذ كرامٌ زملاؤه].

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:13 AM

النعت المقطوع



إذا أراد العربي تنبيهك على ما يريد من مدح أو ذمّ أو ترحّم... خالف ما اعتيد من طرائق التعبير الشائعة المألوفة، فقطع النعت عن المنعوت، فلم يتبعه في الإعراب(1).

فإذا كان المنعوت مرفوعاً أتى بالنعت منصوباً نحو: [سافر خالدٌ العالِمَ].

وإذا كان المنعوت منصوباً أتى بالنعت مرفوعاً نحو: [رأيت خالداً العالِمُ].

فإذا كان المنعوت مجروراً أتى بالنعت منصوباً أو مرفوعاً نحو: [سلّمت على خالدٍ العالِمَ أو العالِمُ].

وقِسْ على أمثلة المدح هذه، ما كان ترحّماً نحو: [رأيت خالداً المسكينُ]، أو ذمّاً نحو: [سافر خالدٌ الكسولَ]، و[مررت بخالدٍ الجبانَُ] إلخ...



* * *

نماذج فصيحة من استعمال النعت المقطوع

· قال الأخطل (كتاب سيبويه - هارون 2/62):

نفسي فِداءُ أميرِ المؤمنينَ إذا أبْدى النواجِذَ يومٌ باسِلٌ ذَكَرُ

الخائضُ الغَمْرَ والميمونُ طائرُه خليفةُ اللهِ يُسْتسقَى بِهِ المَطَرُ

وفيه أنه استعمل الرفع بعد الجر. فقد جرّ كلمة [أميرِ] على أنها مضاف إليه. ثم رَفَعَ كلمة [الخائضُ]، على أنها نعت مقطوع عن منعوته المجرور: [أميرِ].

· وقال تعالى: [وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ[ (المسد 111/5)

وفيه استعمال النصب بعد الرفع. فقد جاءت كلمة [امرأتُه]، مرفوعة على أنها معطوفة على ضمير [يصلَى] في الآية السابقة، ثم جاءت كلمة [حمّالةَ] منصوبة، على أنها نعت مقطوع عن منعوته المرفوع: [امرأتُه].

· وقالت الخِرْنِق أختُ طرفَةَ بنِ العَبْد لأمّه:

لا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الذين هُمُ سَمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْرِ

النازلين بكلّ مُعْتَرَكٍ والطَّيِّبون مَعاقِدَ الأُزْرِ

(لا يَبْعَدَنْ: لا يَهْلِكَنْ، والجزر: الإبل. وإنما هم آفة الجزر، لكثرة ما يذبحون منها للضيفان. الطيبون معاقد الأزر: أرادت وصفهم بالعفّة).

وفيه أن الشاعرة استعملت النصب بعد الرفع. فقد رفعت كلمة [سَمّ] على أنها خبر [هم]، ثم نصبت كلمة [النازلين] على أنها نعت مقطوع عن منعوته المرفوع: [سَمُّ].



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- بسبب من هذا الانقطاع، سمّى النحاة هذا الصنف من النعوت: [النعت المقطوع].

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:14 AM

النكرة والمعرفة



الاسم نكرة أو معرفة.

فالنكرة اسم لا يدل على معيّن، مثل: [كتاب ومصباح...]. والمعرفة اسم يدل على معيّن، مثل: [خالد وهذا...].

والمعارف هي(1): الضمير – العَلَم - اسم الإشارة - اسم الموصول - المعرّف بـ [ألـ] - المضاف إلى معرفة(2).



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- تجد البحث في كل منها، في موضع حرفه الأول من الترتيب المعجمي.

2- تقول كتب الصناعة: إن المنادى المقصود، نحو: [يا رجلُ] هو معرفة. لكنّ إنعام النظر لا يُقِرّ ذلك.

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:16 AM

فقد تم نقل وتدوين قواعد النحو والإعراب في اللغة العربية مبسطة كاملة .
ويليها الأدوات .
سِوَى



سِوَى: لها معانٍ، أشهرها [غير]. يقال مثلاً: [زارني سواك = زارني غيرُك]. وهي اسمٌ يجري عليه ما يجري على الأسماء، فيكون فاعلاً ومفعولاً وصفةً ومستثنى إلخ...نحو:

ما جاء سوى زهيرٍ (فاعل).

ولم نَصحبْ سوى خالدٍ (مفعول به).

ولا استقبلْنا ضيفاً سواه (صفة).

وسافر الطلاّبُ سوى محمّدٍ (اسم منصوب على الاستثناء).

وما سافرت الطالباتُ سوى هند (يجوز بعد النفي، النصب والبدلية: النصبُ على الاستثناء، والرفعُ بالإتباع على البدلية من الطالباتُ)(1).



* * *

نماذج فصيحة من استعمال [سوى]

تمهيد: يتبيّن من النماذج التالية أنّ إعراب [سوى] يكون على حسب موقعها من العبارة:

· قال المتنبي (الديوان 3/286):

سِوى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ إذا حَلَّ في قلبٍ فَلَيسَ يَحُولُ

[سوى... داوِ]: الأصل [داوِ سوى...]، فـ [سوى] مفعول به وقد تقدّم على فعله: [داوِ].

· قال مجنون ليلى (الديوان /108):

أَأَتْرُكُ ليلى ليس بيني وبينَها سِوى ليلةٍ إني إذاً لَصَبُورُ

[ليس... سوى]: ليس، من أخوات [كان] ترفع الاسم وتنصب الخبر، و[سوى] اسمها مؤخر، وخبرها الظرف: [بيني و...].

· قال الفِنْد الزِّمّانيّ (شرح ديوان الحماسة 1/35):

ولمّا صَرَّحَ الشَّرُّ فأَمْسَى وهو عُرْيانُ

ولم يَبْقَ سوى العُدْوا ....... نِ دِنّاهمْ كما دانُوا

[لم يبقَ سوى...]: يبقَ فعل مضارع مجزوم، فاعله: [سوى].

· قال الشاعر (شرح ابن عقيل 1/614):

لَدَيْكَ كفيلٌ بالمنى لِمُؤَمِّلٍ وإنّ سواكَ مَن يُؤَمِّلُهُ يَشقَى

[إنّ سواكَ...]: سِوى اسم إنّ منصوب بفتحة مقدّرة على الألف.

· قال عمر بن أبي ربيعة على لسان صاحبته (الديوان /260):

وصَرَمْتُ حَبلَكَ إذ صَرَمْتُ، لأنني أُخْبِرْتُ أنكَ قد هوِيْتَ سِوانا

[سوانا]: مفعول به لفعل [هويت]، و[نا] مضاف إليه.

· قال ابن المولى ليزيد بن حاتم (شرح ديوان الحماسة 4/1761):

وإذا تُباع كريمةٌ أو تُشتَرَى فسِواكَ بائعُها، وأنت المشتري

[سواك بائعها]: سوى مبتدأ، خبره بائع.



* * *

عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- انظر بحث المستثنى بـ[إلاّ].

السيد عبد الرازق 10-01-2009 05:17 AM

سَوْفَ



سوف: حرف يختصّ بالفعل المضارع، ويخلصه للمستقبل مثل السين، غير أنّ [سوف] في رأي فريق من النحاة، أوسع من السين في مدّة الاستقبال. وتدخل عليها لام التوكيد، نحو: ]ولَسوف يُعطيك ربُّك فترضى[ (الضحى 93/5)



* * *

السيد عبد الرازق 24-01-2009 09:15 PM

السِّين



السين: حرف غير عامل. يختصّ بالفعل المضارع، ويخلّصه للاستقبال، نحو: [ستذهب]. والمعنى أنك تذهب فيما يُستقبل من الزمان.



* * *



عودة | فهرس

السيد عبد الرازق 24-01-2009 09:16 PM

عَدَا



أداةٌ يستثنى بها، لتضمّنها معنى [إلاّ]. والاسمُ بعدها يجوز جرُّه ونصبُه(1).

فمن الجرّ قول الشاعر (الدرر اللوامع 1/197):

أَبَحْنا حَيَّهُمْ قَتْلاً وأَسْراً عَدا الشَّمْطاءِ والطفلِ الصغيرِ

[الشمطاء]: من خالط سوادَ شعرها بياضُ الشيب.

ومن النصب قول الشاعر (همع الهوامع 3/284):

عَدا سُلَيْمَى وعَدَا أباها(2)

فإذا اقترنت بها [ما] وجب النصب، وامتنع الجرّ، ومنه قول مروان بن أبي حفصة (الديوان /74):

ما عدا المُجْتَدَى أباكَ وما مِنْ راغبٍ يَنْتديه إلاّ اجتداكا

وقولُ الشاعر (الدرر اللوامع 1/197):

تُمَلُّ النَّدامَى ما عَدانِي فإنني بكلِّ الذي يَهْوى نَدِيمي مولَعُ(3)



* * *

عودة | فهرس

السيد عبد الرازق 24-01-2009 09:17 PM

عَسَى



فعلٌ غير متصرّف، من أفعال الرجاء. ولها وجهان:

الأول: ناقصة تعمل عمل [كان]، سواء اتّصلت بضمير، نحو: [عساه عساكم] إلخ... أو لم تتّصل به، نحو: [عسى خالدٌ...]. ويكون خبرُها فعلاً مضارعاً - قولاً واحداً - مسبوقاً بـ [أَنْ]، أو غير مسبوقٍ بها، نحو: [عسى خالدٌ يسافر = عسى خالدٌ أنْ يسافر = عساهُ أن يسافر](1).

والثاني: تامة ترفع فاعلاً، وذلك إذا تجرَّدَت من اسم لها، ظاهر أو مضمر، نحو: [عسى أن نسافر]، فيكون المصدر المؤوّل مِن [أنْ والفعل المضارع بعدها]، هو الفاعل.

تنبيه: جاءت [عسى] بمعنى [لعلّ] عاملةً عملها: ناصبةً للاسم رافعة للخبر. ومنه قول صخر بن جعد:

فقلت عساها نارُ كأسٍ، وعلّها تشكّى فآتي نحوَها فأعودُها(2)



* * *


نماذج فصيحة من استعمال [عسى]

· ]فعسى اللهُ أن يأتيَ بالفتح[ (المائدة 5/52)

[عسى]: في الآية ناقصة، عاملة عمل [كان]. ولفظ الجلالة اسمها، وخبرها المصدر المؤوّل من [أنْ] والفعل المضارع [يأتيَ].

· ]قال عسى ربّي أنْ يَهْدِيَنيْ سواءَ السبيل[ (القَصص 28/22)

[عسى]: ناقصة، عاملة عمل [كان]. و[ربّي] اسمها، وخبرها المصدر المؤوّل من [أنْ] والفعل المضارع [يهديَ].

· قال الشاعر:

عسى الكَرْبُ الذي أمسيتَ فيهِ يكونُ وراءَهُ فَرَجٌ قريبُ

[عسى] في البيت ناقصة عاملة عمل [كان]. و[الكربُ] اسمها مرفوع. ويلاحظ هنا أنّ الفعل المضارع [يكون] غير مسبوق بـ [أنْ]، وينشأ عنه أنّ خبر [عسى] في هذه الحال هو جملة الفعل المضارع: [يكون وراءه فرجٌ].

· ]وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرٌّ لكم[

(البقرة 2/216)

تكررت [عسى] في الآية مرتين، وهي في كلتيهما فعلٌ تامّ لا يطلب اسماً وخبراً، بل يطلب فاعلاً. وذلك أنها تجرّدت من اسم لها ظاهرٍ أو مضمر. وتلاها [أن] وفعلٌ مضارع منصوب بها: [تكرهوا، تحبوا]، ومتى كان ذلك (أي: متى تجرّدت من اسم لها، وتلاها أنْ وفعل مضارع) كانت تامة، وكان فاعلُها المصدرَ المؤوّل من [أنْ] والفعل المضارع. ومثل ذلك قولُه تعالى:

· ]عسى أنْ يبعثكَ ربُّكَ مقاماً محموداً[ (الإسراء 17/ 79)

فهي هنا تامة، والمصدر المؤوّل من [أنْ يبعثك ربُّك] هو الفاعل. وذلك كثير في القرآن، ومنه أيضاً:

· ]لا يَسخَرْ قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم[ (الحجرات 49/11)

فإنّ [عسى] هنا تامّة، فاعلها المصدر المؤوّل من [أن يكونوا...].

· ]قال هل عسيتم إنْ كُتِب عليكمُ القتال ألاّ تقاتلوا[ (البقرة 2/246)

[عسيتم]: عسى في الآية ناقصة ترفع الاسم وتنصب الخبر. وذلك أنها اتّصلت بضمير، ومتى اتّصلت به كان هو اسمَها ودليلَ نقصانها. وأما خبرها فهو المصدر المؤوّل من [أنْ] و [تقاتلوا]. ومثل ذلك طِبقاً قولُه تعالى:

· ]فهل عسيتم إنْ تولَّيتُمْ أنْ تُفسدوا في الأرض[ (محمّد 47/22)

فضمير المخاطب المتّصل بها هو اسمُها ودليلُ نقصانها. وأما خبرها فهو المصدر المؤوّل من [أنْ] و [تفسدوا].

* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- إذا سُبِق الفعل المضارع بـ [أنْ] فالمصدر المؤوّل منهما هو خبر عسى نحو: [عسى خالد أن يسافر]. وإذا لم يُسبَق بها فجملة الفعل المضارع هي الخبر نحو: [عسى خالد يسافر].

2- كأس: اسم امرأة.


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.