حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   الخيمة المفتوحة (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=7)
-   -   العلم ، الوهم ، العقل (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=76391)

محمد الحبشي 31-01-2009 06:18 PM

العلم ، الوهم ، العقل
 
العلم ، الوهم ، العقل

هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلا ؟ وهل الحقول خضراء ؟ وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو والعلقم مرّ ؟
وهل الماء سائل والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسنا ؟
وهل الزجاج شفاف كما يبدو لنا ؟ والجدران صمّاء كما نراها ؟
وهل الخط المستقيم هو اقصر مسافة بين نقطتين كما تقول الهندسة ؟
وهل يمكننا أن نقطع فى يقين ان جسما ما من الأجسام يتحرك وأن جسما آخر لا يتحرك؟


كل هذه الأسئلة تظن أنك تستطيع الإجابة عنها بسهولة والتى ظن العلماء أنها انتهت من وقت قديم لكنها عادت لتصبح اليوم لغزا !

ولكى نجيب على هذه التساؤلات أعلاه فالإجابة هى بكل بساطة :

لا
ليست هذه هى الحقيقة !
هذا ما نراه ونحسه بالفعل ولكنها ليست كل الحقيقة .
كيف ؟ ولماذا ؟


ما بين العلم ، الوهم ، الواقع ، الخيال !
كانت هذه الصفحة وهذه التساؤلات .




يُتبع


أميرة الثقافة 01-02-2009 10:57 AM

ونحن بانتظار يتبع حتى نشوف بقية السالفة :New1:


كله كوم والسماء اللي مو زرقا كوم :New10:


نتمنى ان يكون يتبع نوع من الواقع وليس وهما او ضربا من الخيال


مشكور يا الحبشي:rolleyes:

حسين علي 01-02-2009 11:51 AM

خلق الله السموات والارض لنتفكر في إبداع الله وخلقه وآياته ولذلك فإن لكل شي حقيقة ملموسة وحقيقة محسوسة فالحقيقة الملموسة هي التي نراها أمام أعيننا كل حين ولكننا نحتاج أيضاً للتفكر فيها طاعةً لله عز وجل ومعرفة الخالق من خلال مخلوقاته . والحقيقة المحسوسة هي التي قد لاتظهر لنا عيانا ولكنها موجودة ولكنها تحتاج إلى بصيرة لإثبات وجودها ومن هنا أعتقد أن العلم هو الواقع والوهم هو الخيال وكما قال الفيلسوف اليوناني المعرفة موجودة في العقل الإنساني منذُ ولادته وماعلى الإنسان إلا أن يتخلص من أوهامه وغروره ليصل إليها ..
أخي الحبيشي تقبل مروري
ولك خالص تقديري

nihad 01-02-2009 06:41 PM

ننتظر يتبع:rolleyes:

فاينما وجد محمد الحبشي رافقته الحكمة والفائدة

فلن اتسرع حتى انتظر البقية

لكن اقول قوله تعالى"وما اوتيتم من العلم الا قليلا"

السمو 01-02-2009 09:40 PM

وأنا منتظر على أحر من الجمر أخي محمد :)

محمد الحبشي 07-02-2009 02:21 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة أميرة الثقافة (المشاركة 623850)
ونحن بانتظار يتبع حتى نشوف بقية السالفة :New1:


كله كوم والسماء اللي مو زرقا كوم :New10:


نتمنى ان يكون يتبع نوع من الواقع وليس وهما او ضربا من الخيال


مشكور يا الحبشي:rolleyes:

السماء ليست زرقاء لأنه لا يوجد شىء اسمه أزرق من الاساس ..

أجمل شىء هو حيرتك التى سأجنى منها فى هذه الصفحة الأطنان ..

:New2:

محمد الحبشي 07-02-2009 02:23 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة حسين علي (المشاركة 623871)
خلق الله السموات والارض لنتفكر في إبداع الله وخلقه وآياته ولذلك فإن لكل شي حقيقة ملموسة وحقيقة محسوسة فالحقيقة الملموسة هي التي نراها أمام أعيننا كل حين ولكننا نحتاج أيضاً للتفكر فيها طاعةً لله عز وجل ومعرفة الخالق من خلال مخلوقاته . والحقيقة المحسوسة هي التي قد لاتظهر لنا عيانا ولكنها موجودة ولكنها تحتاج إلى بصيرة لإثبات وجودها ومن هنا أعتقد أن العلم هو الواقع والوهم هو الخيال وكما قال الفيلسوف اليوناني المعرفة موجودة في العقل الإنساني منذُ ولادته وماعلى الإنسان إلا أن يتخلص من أوهامه وغروره ليصل إليها ..
أخي الحبيشي تقبل مروري
ولك خالص تقديري

صدقت أخى حسين ..

حين لا يتوقف العقل عن التفكير والتأمل ، يدرك المفاجآت ويكتشف هذا الكون من حوله .. وكلما تعمق فى إكتشافه زادت حيرته .. فسبحان خالق هذا الكون الواسع بدقة وإحكام ..

تقديرى

محمد الحبشي 07-02-2009 02:25 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة nihad (المشاركة 623935)
ننتظر يتبع:rolleyes:

فاينما وجد محمد الحبشي رافقته الحكمة والفائدة

فلن اتسرع حتى انتظر البقية

لكن اقول قوله تعالى"وما اوتيتم من العلم الا قليلا"

ومعك نمضى نهاد ..

أرجو أن يفيدك هذا المتصفح ولو بفكرة للتأمل فقد جن جنونى وأنا أتأمله ..

وأسأل الله أن يعافيكم ..

:New8:

محمد الحبشي 07-02-2009 02:25 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة السمو (المشاركة 623966)
وأنا منتظر على أحر من الجمر أخي محمد :)


وأعتذر أن أطلت إنتظارك لكنى أعدك أن إنتظارك بفائدة ..

لنتابع ..

:rolleyes:

محمد الحبشي 07-02-2009 03:02 PM


إننا سجناء حواسنا المحدودة ..

فالنور الأبيض الذى نراه أبيض ، إذا مررناه خلال منشور زجاجى يتحلل إلى سبعة الوان هى ألوان الطيف المعروفة فإذا اقتربنا أكثر من دراسة هذه الألوان لندرك ماهيتها لم نجد أنها ألوان .. بل موجات لا تختلف فى شىء إلا فى طولها ، ذبذبات متفاوتة فى ترددها ولكن أعيننا لا تستطيع أن ترى هذه الأمواج كامواج .. ولا تستطيع أن تحس هذه الذبذبات كذبذبات ، إنما كل ما يحدث أن الخلايا العصبية فى قاع العين تتأثر بكل نوع من هذه الذبذبات بشكل مختلف ومراكز البصر فى المخ تترجم هذه الذبذبات على شكل الوان . ولكن هذه المؤثرات الضوئية ليست ألوانا وإنما هى محض موجات وإهتزازات .. والمخ ، كى يميزها عن بعضها يطلق عليها هذه التعريفات التى هى عبارة عن تصورات وهذه هى حكاية الألوان .

والحقول التى نراها خضراء فى الواقع ليست خضراء ، وإنما كل ما يحدث أن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ما عدا تلك الموجة ذات الطول المعين التى تدخل عيننا وتؤثر فى خلاياها فيكون لها هذا التأثير الذى هو فى إصطلاح المخ "أخضر" ..

وبالمثل .. أى لون .. ليس له لون ، وإنما هو مؤثر يفرقه المخ عن غيره بهذه الطريقة الإصطلاحية .. بأن يلونه ..

أما العسل الذى نحسه فى فمنا حلوا شهيا ونتلذذ به .. لا يكون بنفس حلاوته لدودة المِش .. إن لها رأى يختلف تماما فى العسل بدليل أنها لا تقربه ولا تذوقه بعكس المش الذى تغوص فيه وتلتهمه إلتهاما وتبيض وتفقس وتعشش فيه ..

الحلاوة إذا لا يمكن ان تكون صفة مطلقة موضوعية فى العسل .. وإنما هى نسبية إلى أعضاء التذوق فى لساننا .. إنها ترجمتنا الإصطلاحية للمؤثرات التى تحدثها ذرات العسل فينا ..

وقد يكون لهذه المؤثرات بالنسبة للأعضاء الحسية فى حيوان آخر طعما مختلفا هو بالمرارة اشبه ..

فإذا جئنا للسؤال الثالث لنسأل أنفسنا .. هل الماء سائل ؟ وهل الجليد صلب ؟
فإن المشكلة تتضح أكبر ..

فالماء والبخار والجليد .. مادة كيميائية واحدة تركيبها الكيميائى (هيدروجين 2 : أوكسجين 1) وما بينها من إختلاف ليس اختلافا فى طبيعتها بل اختلافا فى كيفيتها ..

فعندما نضع الماء على النار فإننا نعطيه حرارة أو بمعنى آخر طاقة .. فتزداد حركة جزيئاته وبالتالى تتفرق نتيجة اندفاعها الشديد فى كل إتجاه ويكون نتيجة هذا التفرق أن تتفكك تماما وتتحول إلى جزيئات سابحة بعيدة عن بعضها (غاز) ..

فإذا فقدت هذه الحرارة الكامنة التى أخذتها عن طريق النار فإنها تعود فتبطىء من حركتها وتتقارب إلى بعضها حتى تصل فى لحظة إلى درجة من التقارب التى نترجمها بحواسنا على أنها حالة (سيولة) .. فإذا سحبنا منها حرارة وبردناها أكثر واكثر فإنها تبطىء أكثر واكثر وتتقارب أكثر حتى تصل إلى درجة من التقارب والتى تترجمها حواسنا إلى (صلابة) ..

الحالة الغازية والسائلة والصلبة هى ظواهر كيفية لحقيقة واحدة هى درجة تقارب الجزيئات من بعضها البعض لمادة واحدة هى (الماء) ..

وشفافية الماء وعتامة الثلج سببها أن جزيئات الماء متباعدة لدرجة تسمح لنا بالرؤية من خلالها ..
ولا يعنى هذا أن جزيئات الثلج متلاصقة وإنما هى متباعدة هى الأخرىو لكن بدرجة اقل .. وجزيئات كل المواد حتى الحديد مخلخلة ومنفصلة عن بعضها .. بل إن الجزىء نفسه مؤلف من ذرات منفصلة .. والذرات مؤلفة من إلكترونات وبروتونات هى الأخرى منفصلة ومخلخلة ومتباعدة تباعد الشمس عن كواكبها ..
كل المواد الصلبة عبارة عن خلاء منثورة فيه ذرات .. ولو أن حسّنا البصرىّ مكتمل لأمكننا أن نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلخل كنسيج الغربال ..

ولو كنا نرى عن طريق اشعة إكس لا عن طريق النور العادى لرأينا بعضنا عبارة عن هياكل عظمية لأن أشعة إكس تخترق المسافات الجزيئية فى اللحم .. وتراه فى شفافية الزجاج ..

مرة أخرى رؤيتنا العاجزة هى التى ترى الجدران صماء .. وهى ليست صماء ..
بل هى مخلخلة اقصى درجات التخلخل .. ولكن وسائلنا المحدودة والاشعة التى نرى عن طريقها لا تنفذ فيها .. وإنما تنعكس على سطوحها وتبدو لنا وكأنها سدّ يقف فى طريق رؤيتنا ..



يُتبع ..

هـــند 07-02-2009 03:10 PM

موضوع كل افادة أخي الحبشي وكل حقائق و سبحان الله العظيم.

سلملي على يتبع وقولو ما يتأخر علينا.

علي 07-02-2009 04:53 PM

اخي محمد ككل موضيعك
موضوع في العمق ملئ بالفائده
ننتظر منك المتابعه

آمال البرعى 07-02-2009 11:09 PM

الأخ الرائع الحبشى
عن جد أبهرنى بحرك الوافر
بارك الله لك على تلك المعلومات القيمة والشيقة
دمت بكل الخير سيدى

قمر لبنان 07-02-2009 11:49 PM

السلام عليكم
هههههه...والله شي بيدوخ..الافضل تبقى الدنيا بنظرنا كما هي والا...
مشكور اخي عالتحليل الجميل...

محمد الحبشي 09-02-2009 02:06 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة هنودة (المشاركة 624960)
موضوع كل افادة أخي الحبشي وكل حقائق و سبحان الله العظيم.

سلملي على يتبع وقولو ما يتأخر علينا.

صباح الخير .. هنودة

الإفادة كانت لى وأنا أقرأ فى هذا الموضوع ..

مرحبا بك دائما وسلامك وصل ليوتبع ..

:New2:

محمد الحبشي 09-02-2009 02:07 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة علي4 (المشاركة 624976)
اخي محمد ككل موضيعك
موضوع في العمق ملئ بالفائده
ننتظر منك المتابعه

بل هو ذوقك الراقى وعينك الثاقبة ..

كن قريبا ..

:rolleyes:

محمد الحبشي 09-02-2009 02:09 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة آمال البرعى (المشاركة 625056)
الأخ الرائع الحبشى
عن جد أبهرنى بحرك الوافر
بارك الله لك على تلك المعلومات القيمة والشيقة
دمت بكل الخير سيدى

ليتها لى ايتها المبدعة ..

هى قصاصات أجمعها من كتاب أو اثنين يختصان بذات الفكرة ..

توقيعك فى هذا المتصفح وكل متصفح وسام تميز ..

وردة لروحك حيث كنت




محمد الحبشي 09-02-2009 02:09 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة قمر لبنان (المشاركة 625066)
السلام عليكم
هههههه...والله شي بيدوخ..الافضل تبقى الدنيا بنظرنا كما هي والا...
مشكور اخي عالتحليل الجميل...

أكثر من دوخته هذه الأفكار هو ناقلها ..

فالتحليل والموضوع بالكامل ليس لى بل هو فى مجمله تحليل لعالم عن عالم آخر ..

مرحبا بك قمر لبنان ..

محمد الحبشي 09-02-2009 02:28 AM

إننا نرى ألوان الطيف السبعة ولكننا لا نرى غيرها من الألوان .. أمواج أقصر من أن ندركها هى فوق البنفسجية .. وأمواج أخرى أطول من أن ندركها هى تحت الحمراء .. وتكون النتيجة أننا لا نراها مع أنها موجودة ويمكن إثباتها باللوح الفوتوغرافى الحساس وبالترمومتر ..

وعلى العكس نرى أحيانا أشياء لا وجود لها .. فبعض النجوم التى نراها بالتلسكوب فى أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية .. أى أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى 500 مليون سنة ليصل إلى عيوننا .. وبالتالى فالضوء الذى نلمحها به هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين .. فنحن لا نراها فى الحقيقة .. وإنما نرى ماضيها السحيق الموغل فى القدم .. أما ماهيتها الآن فالله وحده يعلم .. وربما تكون انفجرت واختفت أو انطفأت .. أو ارتحلت بعيدا فى أطراف ذلك الخلاء الأبدى وخرجت من مجال الرؤية بكل وسائلها فحالها الآن لا يمكن أن يصلنا خبره إلا بعد مضى 500 مليون سنة ..

إننا قد نكون محملقين فى شىء يلمع دون أن يكون له وجود بالمرة ..

إلى هذه الدرجة يبلغ عدم اليقين ..

وإلى هذه الدرجة يمكن أن تضللنا الحواس ..

ما دليلنا فى هذا التيه ..

وكيف نهتدى إلى الحقيقة فى هذه الظلمات المطبقة ؟

محمد الحبشي 09-02-2009 02:29 AM

وانهار اليقين العلمى ..



إن الرسام التجريدى على حق حينما يحاول أن يعبر عما يراه .. على طريقته .. فهو يدرك بالفطرة أن ما يراه بعينه ليس هو كل الحقيقة .. وبالتالى فهو ليس ملزما له .. وفى إمكانه أن يتلمس الحقيقة .. لا بعينه .. وإنما بعقله .. وربما بعقله الباطن .. أو وجدانه .. أو روحه ..

وهو لا يكون مجنونا .. وقد نكون نحن المجانين ..

ورجل العلم له وسائل أخرى غير رجل الفن ..

الفنان يبحث عن الحقيقة معتمدا على وسائله .. عن طريق الإلهام .. والروح .. والوجدان ..
ورجل العلم يلجأ إلى الحسابات والمعادلات والفروض النظرية .. التى يحاول أن يتثبت منه بتجارب عملية ..


لقد خرج علينا عالم مغامر جمع بين خيالات الفنان ومعادلات رجل العلم ..

خرج بنظرية شهيرة ليفجر بها أعظم المفاجآت فى تاريخ العلم ..

بل لقد انهار معها اليقين العلمى القديم ..

والمطرقة التى حطمت هذا اليقين وكشفت لنا عن أنه كان يقينا ساذجا هى عقل أينشتين الجبار ..

ونظريته التى غيرت الصورة الموضوعية للعالم ..

نظريه النسبية ..


لقد عاشت النظرية النسبية منذ بداية وضعها عام 1905 إلى الآن فى برج عاجىّ لا يقربها إلا المختصون ..

وكان القارىء العادى يسمع عنها فى خوف كما كان يسمع عن الكهانات الغامضة والطقوس الماسونية .. ولا يجرؤ على الخوض فيها ..

ومن المأثور عن العالم المصرى الدكتور "مصطفى مشّرفة" أنه كان يقول دائما إن هذه النظرية لا يفهمها فى العالم كله إلا عشرة ..

ولكن النظرية النسبية ترتبت عليها القنبلة الذرية ..

إنها لم تعد مجرد نظرية بل تحولت إلى تطبيقات خطيرة تمس كيان كل فرد وتؤثر فى مصيره ..

لقد خرجت من حيز الفروض والمعادلات لتتحول إلى واقع رهيب ..

وفى آخر محاولاته التى أتمها فى عام 1949 كان يبحث عن قانون واحد يفسر به كل علاقات الكون ..

والنسبية ليست كلها معادلات .. بل إن لها جوانب فلسفية ..

وحتى المعادلات الرياضية .. يقول أينشتين أنها انبعثت فى ذهنه نتيجة شطحاته التى حاول فيها أن يتصور الكون على صورة جديدة ..




يُتبع ..

محمد الحبشي 11-02-2009 11:05 AM

هل نحن نحلم ولا وجود لهذا العالم ؟


البداهة والفطرة تنفى هذا الرأى ، فالعالم الخارجى موجود ..

وحواسنا تحيلنا دائما على شىء آخر خارجنا .. ولكن هناك فجوة بيننا وبين هذا العالم .. حواسنا لا تستطيع أن تراه على حقيقته وإنما هى تترجمه دائما بلغة خاصة وذاتية ..وشفرة مختلفة ..

ولو أننا كنا نحلم .. ولو أننا نهذى كل منا على طريقته .. لما استطعنا أن نتفاهم ..

ولما استطعنا أن نتفق على حقيقة موضوعية مشتركة .. ولكننا فى الحقيقة نتناول بين أيدينا تراجم حسية .. ربما ناقصة .. وربما غير صحيحة .. ولكنها تراجم لها أصل أمامنا ..

إننا لا نحلم ..

وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة .. وسجناء طبيعتنا العاجزة .. وما نراه ينقل إلينا دائما مشوها وناقصا ومبتورا نتيجة رؤيتنا الكليلة ..


والنتيجة أن هناك أكثر من دنيا ..

هناك الدنيا كما هى فى الحقيقة وهذه لا نعرفها .. ولا يعرفها إلا الله ..

وهناك الدنيا كما يراها الصرصور .. وهى مختلفة تماما عن دنيانا .. لأن الجهاز العصبى للصرصور مختلف تماما عن جهازنا .. فهو يرى الشمس بطريقة مختلفة .. وهو لا يرى الشجرة كما نراها نحن شجرة .. وهو لا يميز الألوان ..

وهناك الدنيا كما تراها دودة الإسكارس .. وهى مختلفة تماما عن دنيا الصرصور ..
فهى دنيا كلها ظلام .. دنيا خالية من المناظر .. ليس فيها سوى إحساسات بليدة تنتقل عن طريق الجلد ..

وهكذا كل طبقة من المخلوقات لها دنيا خاصة بها ..

وكل طبقة من المخلوقات تعيش سجينة فى تصوراتها .. لا تستطيع أن تصف الصور التى تراها الطبقات الأخرى ..

لا يمكننا نحن الآدميون أن نتكلم مع الطيور أو الزواحف أو الديدان أو الحشرات لنشرح لها أو تشرح لنا ما نراه من الدنيا ..

وربما لو حدث هذا فى يوم لأمكننا أن نصل إلى ما يشبه حجر رشيد .. ولأمكننا أن نتوصل إلى عدة شفرات ولغات مختلفة للدنيا .. نضعها تحت بعضها ونفك طلاسمها ..
ونعرف سرّ هذه الدنيا ..

ولكن هذا الإتصال غير ممكن .. لأننا الوحيدون فى هذا الدنيا الذين نعرف اللغة وبقية المخلوقات عجماء ..

ما الحل ؟

هل ننتظر حتى نسافر إلى الفضاء ونعثر على مخلوقات فى المريخ تقرأ وتكتب ؟

علماء الرياضة يقولون لنا أنه لا داعى للإنتظار .. فهناك طريقة أخرى ..
طريقة صعبة لكنها قد تصل بنا إلى الحقيقة ..

هذه الطريقة هى أن نضع جانبا كل ما تقوله الحواس .. ونستعمل أساليب أخرى غير السمع والبصر والشم واللمس ..
نستعمل الحساب والأرقام .. نجرّد كل المحسوسات إلى أرقام ومقادير ..


القائمة الطويلة المعروفة للأشعة الضوئية .. الأحمر والأزرق والبنفسجى والأخضر ..... إلخ
نجرّدها إلى أرقام ..

ماذا يقول لنا العلم .. إنه يقول إن كل هذه الاشعة عبارة عن موجات لا تختلف إلا فى أطوالها وذبذباتها .. إذا هى فى النهاية مجرد أرقام ..
كل موجة طولها كذا .. وذبذبتها كذا ..
وكذلك كل صنوف الإشعاع كأشعة الراديوم واشعة إكس ..
الاشعة الكونية كلها أمواج .. مثل أمواج اللاسلكى التى نسمع المذيع يقول كل يوم إنها كذا كيلو سيكل فى الثانية ..
مجرد أرقام .. نستطيع أن نقيسها نحسبها ونجمعها ونطرحها ..

إذن نغمض عيننا ونفكر بطريقة جديدة ..

وبدلا من أن نقول اللون الأخضر أو اللون الأحمر نقول كذا كيلو سيكل ثانية ..

والذى أغمض عينيه وبدأ يفكر بهذه الطريقة الجديدة التى أحدثت إنقلابا فى العلوم ..كان هو العالم الرياضى ماكس بلانك الذى خرج فى 1900 م بنظريته المعروفة فى الطبيعة النظرية الكمية .. Quantum Theory

وقد بدأ من حقيقة بسيطة معروفة .. إنك إن سخنت قضيبا من الحديد فإنه فى البداية يحمر ثم يتحول إلى برتقالى ثم أصفر ثم أبيض متوهج ..

إذن هناك علاقة طردية بين الطاقة التى يشعها الحديد الساخن وطول أو ذبذبة الموجة الضوئية التى تنبعث منه ..

هناك معادلة ..

وبدأ يبحث عن عن هذه المعادلة حتى عثر عليها ..

وجد ببساطة أن الطاقة المشعّة مقسومة على الذبذبة (ن) تساوى دائما كمّا ثابتا (مثل النسبة التقريبية فى الدائرة) هذا الكمّ أسماه ثابت بلانك (هـ) ..
والمعادلة هى :

الطاقة = هـ x ن

وهى معادلة تقوم على إفتراض أن الطاقة المشعة تبعث فى كميات متتابعة .. فى دفعات .. أو حزم .. أو حبيبات من الطاقة .. أو ذرات ..
وأطلق على هذه الذرات الضوئية اسم "فوتونات" ..

وفى رسالة نال عليها أينشتين جائزة نوبل قدم دراسة وافية بالمعادلات والأرقام عن العلاقة بين هذه الفوتونات الضوئية الساقطة على لوح معدنى وبين الكهرباء التى تتولد منه ..

وعلى اساس هذه المعادلات قامت فكرة إختراع التليفزيون فيما بعد ..

يقول أينشتين إن من الظاهرات المعروفة فى المعمل أنك إذا أسقطت شعاعا من الضوء على لوح معدنى فإن عددا من الإلكترونات تنطلق من اللوح .. ولا تتأثر سرعة إنطلاق هذه الإلكترونات بشدة الضوء ، فمهما خف الضوء ومهما ابتعد مصدره فالإلكترونات تنطلق بسرعة ثابتة .. ولكن بعدد أقل .. وإنما تزداد هذه السرعة كلما كانت الموجة الضوئية الساقطة عالية الذبذبة .. ولهذا تزيد فى الأشعة البنفجسية وتقل فى الحمراء .

وهو يفسر إنطلاق هذه الإلكترونات بأن الضوء لا يسقط على اللوح المعدنى فى سيّال متصل وإنما فى حزم من الطاقة .. "فوتونات" .. وتصطدم هذه الفوتونات بالإلكترونات فى اللوح المعدنى كما تصطدم العصا بكرات البلياردو فتطلقها حرة خارج مداراتها ..

وكلما كانت الأشعة الضوئية ذات ذبذبة عالية (البنفسجية مثلا) كلما كان الفوتون يختزن طاقة أكبر .. كلما أطلق الإلكترونات بسرعة أكبر ..

وربط هذه العلاقات فى سلسلة من المعادلات الرياضية ..

وعمد التليفزيون إلى تطبيق هذه النظرية فى جهاز الإرسال التلفزيونى .. فأنت حينما تجلس أمام كاميرا التليفزيون فإنها تنقل صورتك التى هى عبارة عن نقط من الظل ونقط من النور إلى اللوح المعدنى الحساس ..

ونقط النور ونقط الظل الساقطة على اللوح المعدنى تطلق سيالا من الإلكترونات يتفاوت فى العدد وفى السرعة حسب الظل والنور فى الصورة .. وهذه الخفقات الإلكترونية تنتقل إلى عمود الإرسال وتذاع على شكل موجات مغناطيسية كهربائية إلى أجهزة الإستقبال ..

وأينشتين لم يفكر حينما وضع معادلاته فى إختراع التليفزيون ..

وعلماء الرياضة لم يثر إهتمامهم فى ذلك الحين ولا فيما بعاد .. ظهور التلفزيون .. وإنما الذى اثار إهتمامهم هو هذا الإفتراض الجديد الذى اقام عليه ماكس بلانك معادلته فى النظرية الكمية .. وأقام عليه أينشتين معادلاته فى الظاهرة الضوئية الكهربائية ..

إن الضوء ينطلق فى ذرات .. أو فوتونات .. لا فى أمواج متصلة .. فالضوء حتى ذلك الحين كانت طبيعته موجية .. فكيف يصبح شأنه شأن المادة .. مؤلف من ذرات .. أو فوتونات ..

وماذا تكون هذه الفوتونات .. هل هى كرات من الطاقة لها حيز .. ولها أوضاع فى المكان .. شأنها فى ذلك شأن جزيئات المادة .. وإذا كان الضوء ذرات .. فكيف يتصرف كما لو كان أمواجا ..

لماذا يحيد الضوء حينما يدخل من ثقب ضيق كما تحيد أمواج البحر حينما تدخل فى مضيق .. ولماذا ينعطف الضوء حول شعرة رفيعة فلا يبدو لها ظل .. كما تنعطف الأمواج وتلتحم حول عصا مرشوقة فى البحر ..

وكيف نفرق بين المعادلات التى تحسب الضوء على أساس أن طبيعته موجية متصلة وبين المعادلات الجديدة التى تحسب الضوء على أساس أن طبيعته ذرية متقطعة ؟

أم أن للضوء طبيعة مزدوجة ؟


وكيف !! ؟

كيف تكون الحقيقة بهذا التناقض ؟

أم أنه لا توجد حقيقة واحدة ؟ !!

ريّا 13-02-2009 08:47 PM

إننا لا نحلم ..

وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة .. وسجناء طبيعتنا العاجزة .. وما نراه ينقل إلينا دائما مشوها وناقصا ومبتورا نتيجة رؤيتنا الكليلة
قوس المطر ...........مواضيعك الرائعة حقأ تضيف لي الكثير ........اشكر جهودك,,,,,,,,تقبل تحاياي

نمارق 15-02-2009 04:09 AM

العلم نور
 
أخي محمد
أشكرك على إشراكك لنا فيما تقرأ ، يتضح لي إنك شخص تحب أن تنظر للبعد العلمي والفلسفي في الأمور وهذا
شئ جيد بل رائع بحيث يدرك المتأمل عظمة الخالق في خلقه ويستشعر جمال الإبداع
عجبني موضوعك وحاولت التركيز لأبعد الحدود إلا إنني تهت بمواضع معينه ، وهذا أمر طبيعي فأنا إختصاصي أدبي
ودائما أحب أنظر للأمور من الناحيه الجماليه والصوره الخلابه واستشعر الجمال ، ومع ذلك
إستشعرت الجمال ب " أن لله في خلقه شؤن " سبحان الله .
جميل أن تختلف تخصاتنا وإهتماماتنا في الخيام لنثري المنتدى
تحياتي لك .

محى الدين 21-02-2009 08:02 PM

النسبية.........
و ما أدراك ما النسبية .....
نظرية القرن السابق و اللاحق و التى لم ينقضها شيء حتى الآن
جميل ان يجد المرء مثل هذة المواضيع عندما يدخل هنا
و لكن أيها الشاعر مالك انت و النسبية..!!!:New2:
و لكن هل تعلم ان الشعر و النسبية صنوان لبعضهما
كيف ؟؟
هذا ما سوف اتحدث عنه لاحقا
سلاما ايها الشاعر

الجنرال 2009 23-02-2009 02:48 PM

شكرا لك:New2:

محمد الحبشي 23-02-2009 05:39 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة rayaa (المشاركة 626260)
إننا لا نحلم ..

وإنما نحن سجناء حواسنا المحدودة .. وسجناء طبيعتنا العاجزة .. وما نراه ينقل إلينا دائما مشوها وناقصا ومبتورا نتيجة رؤيتنا الكليلة
قوس المطر ...........مواضيعك الرائعة حقأ تضيف لي الكثير ........اشكر جهودك,,,,,,,,تقبل تحاياي

أضاء حرفك هذا المتصفح فكانت إطلالتك فيه وسام آخر تمنحيه لهذا النقل المذهل حد لذهول ..

دمت رائعة

محمد الحبشي 23-02-2009 05:42 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة نمارق (المشاركة 626673)
أخي محمد
أشكرك على إشراكك لنا فيما تقرأ ، يتضح لي إنك شخص تحب أن تنظر للبعد العلمي والفلسفي في الأمور وهذا
شئ جيد بل رائع بحيث يدرك المتأمل عظمة الخالق في خلقه ويستشعر جمال الإبداع
عجبني موضوعك وحاولت التركيز لأبعد الحدود إلا إنني تهت بمواضع معينه ، وهذا أمر طبيعي فأنا إختصاصي أدبي
ودائما أحب أنظر للأمور من الناحيه الجماليه والصوره الخلابه واستشعر الجمال ، ومع ذلك
إستشعرت الجمال ب " أن لله في خلقه شؤن " سبحان الله .
جميل أن تختلف تخصاتنا وإهتماماتنا في الخيام لنثري المنتدى
تحياتي لك .

على عكس ما يبدو هذا الموضوع علمى أو فلسفى فهو أبسط ما يكون فى صورته العامة ..

أى أننا لسنا بحاجة إلى فهم كل فقرة فيه وكل قانون علمى ..

لكننا نفهم الصورة العامة والفكرة الاشمل والتى لأجلها كان هذا الموضوع ..

إننا مهما بلغنا من العلم فإننا عاجزون أمام حقيقة هذا الكون الواسع المذهل ..

"وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"

صدق الله العظيم

محمد الحبشي 23-02-2009 05:52 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة محى الدين (المشاركة 628185)
النسبية.........
و ما أدراك ما النسبية .....
نظرية القرن السابق و اللاحق و التى لم ينقضها شيء حتى الآن
جميل ان يجد المرء مثل هذة المواضيع عندما يدخل هنا
و لكن أيها الشاعر مالك انت و النسبية..!!!:new2:
و لكن هل تعلم ان الشعر و النسبية صنوان لبعضهما
كيف ؟؟
هذا ما سوف اتحدث عنه لاحقا
سلاما ايها الشاعر

أهلا بالحبيب .. محى الدين

إشتقنا لك يا غالى ..

وكم أشتاق لمشاركتك والتى أثق بأنها ستكون أكثر من مميزة هذا من واقع خبرتى بأسلوبك العلمى المتقن الذى لا يرضى بالشك وفكرك المنسق غاية التنسيق ..

النسبية حاولت فهمها أيام الجامعة وعجزت وانصرفت عنها ..

لكنى منذ فترة قصيرة أعدت القراءة ، بشكل مختلف هذه المرة .. ورأيتنى أتوغل فيها دون خوف وكلما توغلت أكثر زاد مستوى الأدرينالين وزادت المتعة والتشويق ..

فعرفت فى النهاية أن النسبية لا تحتاج لعقل جبار مثل عقل آينشتين كى يدرك ما فيها ..

بل تحتاج إلى عقل متقتح إلا ما لا نهاية ونافذة تطل على الإيمان اللامحدود .. عقل يقبل بكل فكرة ويمزج بين الوهم والواقع والخيال ..

هو عقل الشاعر من أمكننى من فهمها .. فهى تحليق لا يضاهيه تحليق ..وتناغم موسيقى بين هذا الكون الواسع والذى أعيا آينشتين فى البحث عن قانون واحد يفسر به كل علاقاته ..

المميز .. محى الدين

أنتظرك

:)

محمد الحبشي 23-02-2009 05:53 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة الجنرال 2009 (المشاركة 628556)
شكرا لك:new2:

عفوا ..

كن متابعا

:)

محمد الحبشي 23-02-2009 05:54 PM

مبدأ الشك



هل الضوء أمواح ؟

هل الضوء ذرات ؟

كانت المعركة محتدمة بين العلماء الذين يقولون بأن للضوء طبيعة موجية .. وبين العلماء الذين يقولون بأن طبيعته مادية ذرية .. حينما تقدم عالم نمساوى اسمه "شرودنجر" بمجموعة من المعادلات .. ليعلن نظرية اسمها "الميكانيكا الموجية" .

وفى هذه النظرية أثبت شرودنجر بالتجربة أن حزمة من الإلكترونات ساقطة على سطح بللورة معدنية تحيد بنفس الطريقة التى تحيد بها أمواج البحر التى تدخل فى مضيق .. واستطاع أن يحسب طول موجة الإلكترونات التى تحيد بهذه الطريقة ..

وأعقبت هذه المفاجأة مفاجآت أخرى .. فقد أثبتت التجارب التى أجريت على حزم من الذرات ، ثم على حزم من الجزيئات .. أنها بإسقاطها على بللورة معدنية تتصرف بنفس الطريقة الموجية وأن طول موجاتها يمكن حسابه بمعادلات شرودنجر ..

وبهذا بدأ صرح النظرية المادية كله ينهار ..

إن الهيكل كله يسقط ، ويتحول إلى خواء ..


إن كهان العلوم دأبوا من سنين على أن يعلمونا أن الذرة عبارة عن معمار مادى يتألف من نواة (بروتون أو أكثر) تدور حولها الإلكترونات فى افلاك دائرية كما تدور الكواكب حول الشمس ..

وأكثر من هذا حسبوا عدد الإلكترونات فى كل ذرة وقالوا لنا إنها إلكترون واحد فى ذرة الأيدروجين ثم تزيد فى العناصر الثقيلة حتى تبلغ 92 إلكترون فى ذرة اليورانيوم ، وأن كل ذرة لها وزن ذرى .. وأثبتوا كل هذا بالمعادلات ..

فماذا يقولون فى هذا الذى يهدم لهم صرح الهيكل ليقول إنه لا يحتوى على شىء له كيان مادى أو حيز ، وإنما كل ما هنالك طاقة متموجة وأكثر من هذا يقدم لهم الإثبات بالمعادلات والتجارب !

وكانت بلبلة علمية لا حد لها ..

كيف يمكن أن يقوم البرهان على شيئين متناقضين .. وهل يمكن أن يكون للشىء طبيعة متناقضة ..


كيف يمكن أن تكون للمادة صفات موجية ، وللضوء صفات مادية ..

وتقدم عالم ألمانى هو "هايزنبرج" وبرفقته عالم آخر هو "بورن" ليقول إنه من الممكن تخطى هذه الفجوة وأنه لا توجد مشكلة ، وقدم مجموعة من المعادلات يمكن عن طريقها حساب الضوء على أنه أمواج أو على أنه ذرات .. ولمن يريد أن يختار الإفتراض الذى يعجبه ، وسيجد أن المعادلات تصلح للغرضين فى وقت واحد ..

كيف يمكن أن تكون الحقيقة متناقضة ؟

العلماء يسألون .. وهايزنبرج يرد ببساطة ..

الحقيقة المطلقة لا سبيل إلى إدراكها ..

العلم لا يستطيع أن يعرف حقيقة أى شىء ، إنه يعرف كيف يتصرف ذلك الشىء فى ظروف معينة ، ويستطيع أن يكشف علاقاته مع غيره من الاشياء ، ويحسبها .. ولكنه لا يستطع أن يعرف ما هو ؟

لا سبيل أمام العلم لإدراك المطلق ..

العلم يدرك كميات ، ولكنه لا يدرك ماهيات ..

العلم لا يمكنه أن يعرف ما هو الضوء .. ولا ما هو الإلكترون ..

وحينما يقول أن الاشعة الضوئية هى موجات كهربية مغناطيسية أو فوتونات فإنه يحيل الألغاز إلى ألغاز أخرى .. فما هى الموجات الكهربائية المغناطيسية ؟ حركة فى الأثير ؟ وما الحركة ؟ وما الاثير ؟

وما الفوتونات ؟ حزم من الطاقة ؟ وما الطاقة ؟

العلم لا يمكن أن يعرف ما هية أى شىء .. إنه يستطيع أن يعرف سلوك الشىء وعلاقاته بالاشياء الأخرى والكيفيات التى يوجد بها فى الظروف المختلفة .. ولكنه لا يستطيع أن يعرف حقيقته ..


وحينما يكتشف العلم أن الضوء فى إحدى التجارب يتصرف بطريقة موجية .. وفى تجربة أخرى يتصرف بطريقة مادية ذرية .. فلا تناقض هناك .. لأن ما اكتشفه العلم هو مسلك الضوء .. والكيفيات التى ينطلق بها فى الظروف المختلفة ، لا فى حقيقة الضوء .. ويمكن أن تكون للضوء طبيعة مزدوجة ..

والصفة الثانية للعلم .. أن أحكامه كلها إجصائية وتقريبية .. لأنه لا يجرى تجاربه على حالات مفردة ، لا يمسك ذرة مفردة ليجرى عليها تجاربه .. ولا يقبض على إلكترون واحد ليلاحظه .. ولا يمسك فوتونا واحدا ليفحصه .. وإنما يجرى تجاربه على مجموعات .. على شعاع ضوء مثلا (والشعاع يحتوى على بلايين بلايين الفوتونات) .. أو جرام من مادة والجرام يحتوى على بلايين بلايين الذرات .. وتكون النتيجة أن الحسابات كلها حسابات إحصائية تقوم على الإحتمالات .. وعلى الصواب التقريبى ..

والقوانين العلمية اشبه بالإحصائيات التى يمسح بها الباحثون الإجتماعيون المجتمع لتقرير حالات الإنتحار أو اسباب الطلاق ..
أو علاقة السرطان بالتدخين . أو الخمر بالجنون .. وكل النتائج تكون فى هذه الحالة ناتج عن إحتمالية وإحصائية لأنها جميعا متوسطات حسابية من أعداد كبيرة ..

أما إذا حاول العلم أن يجرى تجاربه على وحدة اساسية .. كأن يدرس ذرة بعينها أو يلاحظ إلكترونا واحدا بالذات .. فإنه لا يمكنه أن يخرج بنتيحة أو معرفة .. لأنه يصطدم باستحالة نهائية ..

ولكى يثبت هايزنبرج هذه الإستحالة تخيل أن عالما يحاول أن يشاهد الإلكترون .. فعليه أولا أن يستخدم ميكروسكوبا يكبر مائة مليون مرة .. وعلى افتراض أنه حصل على هذا الميكروسكوب .. فإن هناك صعوبة أخرى ، وهى أن الإلكترون اصغر من موجة الضوء .. فعليه أن يختار موجة قصيرة .. مثل اشعة إكس .. ولكن اشعة إكس لا تصلح للرؤية .. إذن عليه أن يستخدم اشعة الراديوم .

وبإفتراض أنه حصل على هذه الاشياء ، فإنه فى هذه اللحظة التى يضع فيها عينيه على الميكروسكوب ويطلق فوتونا ضوئيا ليرى به الإلكترون فإن الفوتون سوف يضرب الإلكترون كما تضرب العصا كرة البلياردو ويزيحه من مكانه مغيرا سرعته (لأن الفوتون شحنة من الطاقة) .. فهو فى محاولته لتسجيل وضع الإلكترون وسرعته لن يصل لأى نتيجة .. إذ فى اللحظة التى يسجل فيها مكانه تتغير سرعته .. وفى اللحظة التى يحاول فيها تسجيل سرعته يتغير مكانه .. لأن إطلاق الضوء عليه لرؤيته ينقله من مكانه ويغير سرعته ..

إن عملية الملاحظة التى يقوم بها تغيّر من النتيجة المطلوبة .. إنه يحاول أن يرى طبيعة الإلكترون ليسجلها ولكن عملية الرؤية تغيّر أو ما تغيّر تلك الطبيعة التى يجرى وراء تسجيلها .. فهو ينقل الإلكترون من مكانه فى اللحظة التى يحاول فيها أن يسجل مكانه ..

وهكذا يكون التعامل مع الوحدات الأساسية فى الطبيعة مستحيلا .. فحينما نصل إلى عالم الذرة الصغير .. يستحيل علينا التحديد .. وفى نفس الوقت يتعطل قانون السببية ، فلا يصبح ساريا ..

إننا نكون مثل الإعمى الذى يمسك بقطعة مربعة من الثلج ليتحسس شكلها ومقاييسها .. وهى فى اللحظة التى يتحسسها تذوب مقاييسها بين يديه ، فيفقد الشىء الذى يبحث عنه بنفس العملية التى يبحث بها عنه .

وهكذا تتعطل القوانين حينما تصل إلى منتهى أجزاء ذلك الكون الكبير وتتوقف عن اصغر وحدة من وحداته .. فلا تعود سارية ولا تعود صالحة للتطبيق ..

وبالمثل هى تتعطل أحيانا حينما نحاول أن نطبقها على الكون باسره ككل .. فقانون السببية أيضا لا يعود ساريا بالنسبة للكون ككل ..

القوانين تصطدم مع الحد الأكبر ومع الحد الأصغر للكون ولا تعود سارية ..

والعقل يصطدم بالإستحالة حينما يحاول أن يبحث فى المبدأ وفى المنتهى .. لأنه لم يُجهز بالوسائل التى يقتحم بها هذه الحدود ..

بهذا البحث الفلسفى الرياضى .. استطاع هايزنبرج أن يفسر الطبيعة المزدوجة للضوء .. ووضع المعادلات التى تصلح لتفسير الضوء على الاساس المادى وعلى الأساس الموجى فى نفس الوقت ..

إن كل ما يمكن للعلم ان يدركه هو "الكميات" و "الكيفيات" ولكن لا سبيل إلى إدراك الماهيات !


لكن آينشتين كانت له وجهة نظر أخرى ..

كان يرى العالم فى وحدة منسجمة ..

كان يرى العالم الكبير بشموسه وأفلاكه .. والعالم الصغير بذراته وإلكتروناته خاضعا كله لقانون واحد بسيط ..

وكان يرى أن العقل فى إمكانه أن يكتشف هذا القانون .. وكان يبحث عنه جاهدا ..

وفى سنة 1929 أعلن عن نظرية "المجال الموحد" .. ثم عاد ورفضها بعد ذلك واستبعدها ..


وعاود البحث من جديد ..

البدوي الشارد 19-03-2009 08:10 PM

التحليل الفيزيائي للحواس لا يعني عدم صحة الإدراك البشري ففي هذه المحاكمة "خلفا منطقيا" إن جاز التعبير. مثلا "الأخضر" هو ما تراه العين أخضر ولا يقدح في ذلك أي تفسير فيزيائي لطبيعة هذا الإحساس وقس على ذلك بقية الأمثلة.
التجربة والعلم تقوم بتوسيع نطاق معرفتنا بالعالم ولكنها لا تناقض هذه المعرفة.

محمد الحبشي 02-04-2009 09:09 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة البدوي الشارد (المشاركة 633309)
التحليل الفيزيائي للحواس لا يعني عدم صحة الإدراك البشري ففي هذه المحاكمة "خلفا منطقيا" إن جاز التعبير. مثلا "الأخضر" هو ما تراه العين أخضر ولا يقدح في ذلك أي تفسير فيزيائي لطبيعة هذا الإحساس وقس على ذلك بقية الأمثلة.
التجربة والعلم تقوم بتوسيع نطاق معرفتنا بالعالم ولكنها لا تناقض هذه المعرفة.

كان العلم على يقين من مسلمات وحقائق لا تتغير ولا تتبدل حتى هذا الوقت القريب ..

ولكن آينشتين بنظريته النسبية غير نظرة العلم إلى هذا الوجود وأصبح اليقين العلمى الذى كان غير قابل للجدل والشك من قبل .. أمرا يجب إعادة النظر فيه من جديد ..

إن ما جاءت به النسبية من حقائق أو فرضيات مذهلة .. قد تكون قفزة جديدة فى علوم المستقبل ومفتاحا لعصر جديد لم تشهده البشرية من قبل ..

ولم يكن له أن يصل إلى هذه المرحلة قبل أن يكسر حمود الفكر ويطلق لعقله حرية التحليق فى فضاء حر لا تكبله قيود ..



محمد الحبشي 02-04-2009 09:09 AM

المكان



كان أول سؤال سأله أينشتين :

هل يمكن تقدير وضع أى شىء فى المكان ؟

وهل يمكن الإثبات بشكل مطلق وقاطع بأن جسما من الأجسام يتحرك وجسما آخر ثابتا لا يتحرك ؟


راكب يمشى على ظهر سفينة فى عرض البحر .. لو أردنا أن نقدر موضعه فسوف نحاول أن نقيس مكانه بالنسبة للصارى أو المدخنة .. فنقول مثلا إنه على بعد كذا من مدخنة السفينة ..
ولكن هذا التقدير خاطىء لأن المدخنة ليست ثابتة وإنما هى تتحرك مع السفينة التى تتحرك بأسرها فى البحر ..

إذن نحاول أن نعرف موضعه بالنسبة للأرض فنقول إنه عند تقاطع خط طول كذا بخط عرض كذا ولكن هذا التقدير خاطىء أيضا لأن الأرض باسرها تتحرك فى الفضاء حول الشمس ..

إذن نحاول أن نقدر وضعه بالنسبة للشمس ، ولكن الشمس تتحرك مع مجموعتها الشمسية فى الفضاء حول مركز مدينتها النجمية الكبرى ..

إذن نحاول أن نعرف موضعه بالنسبة للمدينة النجمية الكبرى .. لا فائدة ايضا .. فالمدينة النجمية هى الأخرى جزء من مجرة هائلة اسمها درب التبانة ، وهى تتحرك حول مركز التبانة ..

إذن نحاول أن نعرف وضعه بالنسبة للتبانة .. للأسف .. لا أمل .. لأن التبانة هى الأخرى تتحرك مع عدد من المجرات حول مصيبة أخرى لا يعلمها إلا الله ..

وحتى بافتراض أننا أحطنا بكل مجرات الكون ومدنه النجميه الهائلة وعرفنا حركاتها كلها بالنسبة للكون .. لا فائدة ايضا .. لأن الكون كله فى حالة تمدد .. وكل أقطاره فى حالة انفجار دائم فى جميع الإتجاهات ..

إذا هناك إستحالة مؤكدة ..


لا سبيل لمعرفة المكان المطلق لأى شىء فى الفضاء .. وإنما نحن فى أحسن الأحوال نقدر موضعه النسبى بالنسبة إلى كذا وكذا .. أما وضعه الحقيقى فمستحيل معرفته .. لأن كذا وكذا فى حالة حركة هى الأخرى ..

وأغلب الظن أنه لا يوجد شىء اسمه "وضع حقيقى" ..

فإذا جئنا إلى الحركة فالمشكلة هى نفس المشكلة ..

فأنت فى قطار ، حينما يمر بك قطار آخر قادم فى عكس الإتجاه .. فإنك للوهلة الأولى يختلط عليك ، يُخيل إليك أن قطارك واقف والآخر هو الذى يتحرك .. وأنت عادة تقدر سرعته خطأ فيخيل إليك أنه يسير بسرعة خاطفة (بينما هو فى الواقع يسير بمعدل سرعة القطار الذى تركبه) ..

وإذا كان يسير فى نفس إتجاه قطارك وموازٍى له .. فأنت يخيل إليك أن القطارين واقفان ..

فإذا أغلقت نوافذ قطارك خيل إليك أنه ساكن لا يتحرك ..

ولا سبيل للخروج من هذا الخلط إلا بالمقارنة بمرجع ثابت .. كأن تفتح النوافذ وتنظر إلى الأشجار أو أعمدة البرق .. فتدرك بالمقارنة أن القطار يتحرك بالنسبة لها ..

فإذا كان قطارك واحدا من عدة قطارات فلا سبيل إلى تمييز حركاتها من سكونها إلا بالخروج منها ومشاهدتها من مكان بعيد من على رصيف محظة ثابتة ..

القطع إذا بحركة جسم وسكونه يحتاج إلى رصيف ثابت للملاحظة ، وبدون مرجع ثابت لا يمكن معرفة الحركة من السكون .. وعلى الأكثر يمكن معرفة الحركة النسبية فقط ..

فإذا تركنا القطارات وجئنا إلى الكون فالمعروف أنه فى حالة حركة ككل وكأجزاء .. الأرض مثلا تدور حول محورها بسرعة ألف ميل فى الساعة .. وحول الشمس بسرعة عشرين ميلا فى الثانية .. والشمس تتحرك ضمن مجموعتها الشمسية بسرعة 13 ميلا فى الثانية حول مدينتها النجمية .. والمدينة النجمية تتحرك داخل درب التبانة بسرعة مائتى ميل فى الثانية .. ودرب التبانة تتحرك نحو المجرات الأخرى بسرعة مائة ميل فى الثانية ... الخ

وقد تعب نيوتن من مشكلة البحث عن الحركة الحقيقية .. وظل يتخبط من حركة نسبية إلى حركة نسبية .. فحاول الخروج من المشكلة بافتراض أن هناك جسما ساكنا تماما يوجد فى مكان ما بعيد غير معروف ، تقاس به الحركة الحقيقية .. ثم عاد فاعترف بعجزه عن البرهنة على وجود هذا الجسم الثابت .. واعتبر أن الشىء الثابت هو الفضاء نفسه واستمر على هذه العقيدة بدوافع دينية ، قائلا أن الفضاء يدل على وجود الله .. ولم تنفع بالطبع هذه الدروشة ..

ولم يكن العلماء أقل دروشة من نيوتن فقد افترضوا مادة ثابتة تملأ الفضاء .. هى الإثير .. وبرهنوا على وجود الأثير بالطبيعة الموجية للضوء قائلين إن الأمواج لا بد لها من وسط مادىّ تنتشر فيه كما ينتشر موج البحر فى الماء وأمواج الصوت فى الهواء .. كذلك أمواج الضوء لا بد لها من وسط ..

وحينما أثبتت التجارب أن الضوء يمكن ان ينتشر فى الهواء المفرغ فى ناقوس ، قالوا بوجود مادة اسمها الأثير تملأ كل الفراغات الكونية .. واعتبروا هذا الاثير المزعوم مرجعا ثابتا يمكن أن تنتسب إليه الحركات وتكتشف به الحركات الحقيقية ..

وفى سنة 1881 أجرى العالمان ميكلسون ومورلى تجربة حاسمة بغرض إثبات وجود الاثير ..

وفكرة التجربة تتلخص فى أن الأرض تتحرك خلال الأثير بسرعة عشرين ميلا فى الساعة .. فهى بذلك تحدث تيارا فى الاثير بهذه السرعة .. فلو أن شعاع ضوء سقط على الارض فى اتجاه التيار فإنه لابد ستزداد سرعته بمقدار العشرين ميلا .. فإذا سقط فى اتجاه مضاد للتيار فلابد أن سرعته سوف تنقص بمقدرا العشرين ميلا .. فإذا كانت السرعة المعروفة للضوء هى 186284 ميلا فى الثانية ، فإنها ستكون فى التجربة الأولى 186304 وفى التجربة الثانية 186264 ..

وبعد متاعب عديدة قام ميكلسون ومورلى بتنفيذ التجربة بدقة .. وكانت النتيجة المدهشة أنه لا فرق بين سرعتى الضوء فى الإتجاهين ، وأنها 186284 بدون زيادة أو نقصان ..

وأن سرعة الارض فى الأثير تساوى صفر ..

وكان معنى هذا أن يسلم العلماء بأن نظرية الاثير كلام فارغ .. ولا وجود لشىء اسمه الأثير .. أو يعتبروا أن الارض ساكنة فى الفضاء ..

وكانت نظرية الأثير عزيزة عند العلماء لدرجة أن بعضهم شكّ فى حركة الأرض واعتبرها ساكنة فعلا ..

أما أينشتين فكان رأيه فى المشكلة .. أن وجود الأثير خرافة لا وجود لها ، وأنه لا يوجد وسط ثابت ولا مرجع ثابت فى الدنيا .. وأن الدنيا فى حالة حركة مصطخبة ..

وبهذا لا يكون هناك وسيلة لأى تقدير مطلق بخصوص الحركة أو السكون .. فلا يمكن القطع بأن جسما ما يتحرك وأن جسما ما ثابت .. وإنما كل ما يقال ان الجسم كذا يعتبر متحركا بالنسبة إلى الجسم كذا .. كل ما هناك ، حركة نسبية أما الحركة الحقيقية فلا وجود لها .

كما وأن السكون الحقيقى لا وجود له ايضا ، والفضاء الثابت لا معنى له ..

ويؤيد هذا رأى قديم لفيلسوف اسمه ليبنتز يقول فيه :

"إنه لا يوجد شىء اسمه فضاء .. وما الفضاء سوى العلاقة بين الأجسام بعضها البعض" .

وكانت هناك مشكلة ثانية تفرعت عن تجربة ميكلسون ومورلى هى ثبات سرعة الضوء بالرغم من اختلاف أماكن رصدها .. وقد تأكد بعد هذا أن هذه السرعة ثابتة لا بالنسبة لزوايا الرصد المختلفة على الأرض وحدها .. وإنما هى ثابتة بالنسبة للشمس والقمر والنجوم والنيازك والشهب وأنها أحد الثوابت الكونية ..

وقد استخلص أينشتين من هذه الحقيقة قانونه الأول فى النسبية ، وهو أن قوانين الكون واحدة لكل الأجسام التى تتحرك بحركة منتظمة .


ولشرح هذا القانون نورد المثل :

مَثل الراكب على السفينة الذى يتمشى على سطحها بسرعة ميل واحد فى الساعة .. لو أن السفينة كانت تسير بسرعة 15 ميلا فى الساعة (15 + 1) .. ولو أنه غيّر إتجاهه وسار بالعكس (عكس إتجاه السفينة) لاصبحت سرعته بالنسبة إلى البحر (15 – 1) أى 14 ميلا فى الساعة .. برغم أنه لم يغير سرعته فى الإتجاهين .. ومعنى هذا أنه وهو نفس الشخص يسير بسرعتين مختلفتين 14 و 16 فى نفس الوقت .. وهذه إستحالة ..

وأينشتين يكشف سر هذه الإستحالة قائلا إن هناك خطأ حسابيا ..

والخطأ الحسابى هنا هو الإضافة والطرح لكميات غير متجانسة .. واعتبار أن المسافة المكانية لحادثة يمكن أن ينظر إليها مستقلة عن الجسم الذى اتخذ مرجعا لها .. وهو هنا الراكب ..
والسرعة ميل واحد فى الساعة هى سرعة الراكب والمسافة هنا مرجعها الراكب .. أما الـ 16 ميل سرعة السفينة فهى بالنسبة إلى البحر .. ولا يمكن إضافة الـ 15 ميل إلى الواحد لأنهما مسافتين من نظامين مختلفين .. فالحساب هنا خطأ تبعا لقانون النسبية الأول الذى يقول بوحدة القوانين للأجسام التى تتحرك بحركة منتظمة داخل نظام واحد ..

والقانون لا ينطبق على المسافة المكانية وحدها وإنما هو ايضا ينطبق على الفترات الزمنية .. فالفترة الزمنية لحادثة لا يمكن ان ينظر لها مستقلة عن حالة الجسم المتخذ مرجعا لها ..

وهذا يجرّنا إلى الحلقة الثانية فى النظرية النسبية وهى الزمان ..

لقد رفض أينشتين فكرة المكان المطلق .. واعتبر أن المكان دائما مقدار متغير ونسبى .. واعتبر التقدير المطلق لوضع أى جسم فى المكان مستحيلا .. وإنما هو فى أحسن الحالات يقدر له وضعه بالنسبه إلى متغير بجواره ..

كما اعتبر إدراك الحركة المطلقة لجسم يتحرك بانتظام أمرا مستحيلا وبالمثل إدراك سكونه المطلق ..

إنه عاجز عن اكتشاف الحالة الحقيقية لجسم من حيث الحركة والسكون المطلقين طالما أن هذا الجسم فى حالة حركة منتظمة .. وكل ما يستطيع أن يقوله إن هذا الجسم يتحرك حركة نسبية معينة بالنسبة إلى جسم آخر ..

وهناك مثل طريف يضربه العالم الرياضى هنرى بوانكاريه على هذا العجز .. فهو يقول :

"لنتصور معا أن الكون أثناء استغراقنا فى النوم قد تضاعف فى الحجم ألف مرة .. كل شىء فى الكون بما فى ذلك السرير الذى ننام عليه ، بما فى ذلك الوسادة والغرفة والشباك والعمارة والمدينة والسماء والشمس والقمر والنجوم .. بما فى ذلك أجسامنا نحن أيضا .. بما فى ذلك الذرات والجزيئات والأمواج .. بما فى ذلك أجهزة القياس العيارية التى نقيس بها ..

ماذا يحدث لنا حينما نستيقظ ؟

يقول بوانكاريه فى خبث شديد .. إننا لن نلاحظ شيئا .. ولن نستطيع أن ندرك أن شيئا ما قد حدث ولو استخدمنا كل ما نملك من علوم الرياضة ..

إن الكون قد تضاعف فى الحجم ألف مرة .. هذا صحيح .. ولكن كل شىء قد تضاعف بهذه النسبة فى ذات الوقت .. والنتيجة أن النسب الحجمية العامة تظل محفوظة بين الأشياء بعضها البعض ..

ونفس القصة تحدث إذا تضاعفت سرعة الأشياء جميعها أثناء النوم وبنفس النسبة .. فإننا نصحو فلا ندرك أن شيئا ما قد حدث بسبب عجزنا عن إدراك الحركة المطلقة ..

هذا ما قاله أينشتين عن المكان وعن الحركة فى المكان ..

فماذا قال عن الزمان ..

إن المكان والزمان هما حدان غير منفصلين فى الحركة ..

فماذا قالت النسبية عن هذا الحدّ الثانى ؟

محمد الحبشي 08-04-2009 06:25 AM

الزمان



لا شىء يبعث على الحيرة أكثر من هذه الكلمة المبهمة الغامضة .. الزمان ؟

ما هو الزمان ؟

هناك زمان نتداوله فى معاملاتنا ونعبر عنه بالساعة واليوم والشهر ..

وهناك زمان نفسانى داخلى يشعر به كل منا فى دخيلة نفسه ..

والزمان الخارجى الذى نتداوله زمان مشترك .. نتحرك فيه كما يتحرك غيرنا .. نحن فيه مجرد حادثة من ملايين الحوادث .. ومرجعنا فيه تقويم خارجى .. أو نتيجة حائط ..

أما الزمن الداخلى فهو زمن خاص .. لا يقبل القياس .. لأنه لا مرجع له سوى صاحبه .. وصاحبه يختلف فى تقديره .. فهو يشعر به شعورا غير متجانس .. لا توجد لحظة فيه تساوى اللحظة الأخرى .. فهناك اللحظة المشرقة المليئة بالنشوة التى تحتوى على اقدار العمر كله .. وهناك السنوات الطويلة الفارغة التى تمر رتيبة خاوية كأنها عدم .. وهو زمن متصل فى ديمومة شعورية وكأنه حضور ابدى ، الماضى فيه يوجد كذكرى فى الحاضر ، والمستقبل يولد كتطلع وتشوّف فى الحاضر ، اللحظة الحاضرة هى كل شىء .. ونحن ننتقل من لحظة حاضرة إلى لحظة حاضرة ولا ننتقل من ماضى إلى حاضر إلى مستقبل .. نحن نعيش فى حضور مستمر .. نعيش شاخصين باستمرار إلى سيّال من الحوادث ينهال أمام حواسنا لا نعرف فى هذا الزمن الداخلى سوى "الآن" .. ننتقل من "آن" إلى "آن" .. ولا يبدو انقطاع النوم فى هذه الآنات إلا كانقطاع وهمى ما يلبث أن تصله اليقظة ..

هذا الزمن الذاتى النفسى ليس هو الزمن الذى يقصده آينشتين فى نظريته النسبية .. إنه زمن برجسون وسارتر وهيدجر وكيركجارد وسائر الفلاسفة الوجوديين ، ولكنه ليس زمن آينشتين ..

أما زمن آينشتين فهو الزمن الخارجى الموضوعى .. الزمن الذى نشترك فيه كأحداث ضمن الأحداث اللانهائية التى تجرى فى الكون .. الزمن الذى نتحرك بداخله وتتحرك الشمس بداخله وتتحرك كافة الكواكب والنجوم ..

وهو زمن له معادل موضوعى فى نور النهار .. وانحراف الظل .. وظلمة الليل .. وحركات النجوم .. وهو الزمن الذى نتفاهم من خلاله ونأخذ المواعيد ونرتبط بالعقود ونتعهد بالإلتزامات ..

ماذا يقول آينشتين فى هذا الزمان ؟


إنه يتناوله فى نظرية النسبية بنفس الطريقة التى يتناول بها المكان ..
المكان المطلق فى النسبية لا وجود له ..
إنه لا أكثر من تجريد ذهنى خادع ..

المكان الحقيقى هو مقدار متغير يدلّ على وضع جسم بالنسبة لآخر ولأن الأجسام كلها متحركة فالمكان يصبح مرتبطا بالزمان بالضرورة .. وفى تحديد وضع أى جسم يلزم أن نقول إنه موجود فى المكان كذا فى الوقت كذا .. لأنه فى حركة دائمة ..

وبهذا ينقلنا أينشتين فى نظريته إلى الزمان ليشرح هذه الرابطة الوثيقة بين المكان والزمان ..

الزمن المعروف بالساعة واليوم والشهر والسنة ما هو إلا مصطلحات ترمز إلى دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس أو بشكل آخر "مصطلحات لأوضاع مختلفة فى المكان" .

الساعة هى دورة الارض 15 درجة حول نفسها .. اليوم هو دورة كاملة .. والسنة هى التفافها الكامل حول الشمس ..

حتى الساعة التى نحملها فى معاصمنا عبارة عن إنتقالات فى المكان (إنتقالات عقرب على ميناء دائرى من رقم إلى رقم) .

الزمان والمكان متصلان فى حقيقة واحدة ..

وينتقل بعد هذا إلى النقطة الثانية فيقول :

إن كل الساعات على الارض مضبوطة على النظام الشمسى .. لكن النظام الشمسى ليس هو النظام الوحيد فى الكون .. فلا يمكن ان نفرض تقويمها الزمنى على الكون ونعتبر الكميات التى نقيس بها كميات مطلقة منزلة ..

فالإنسان الذى يسكن عطار مثلا سوف يجد للزمن دلالات مختلفة .. إذ أن عطارد يدور حول نفسه فى 88 يوما .. وهو فى هذه المدة نفسها يكون قد دار أيضا حول الشمس .. ومعنى هذا أن طول اليوم العطاردى يساوى طول السنة العطاردية .. وهو تقويم يختلف تماما عن تقويمنا ..
وبذلك يكون الزمن مقدارا لا معنى له إذا لم ينسب إلى النظام الذى اشتق منه ..

ولا يمكن أن نفرض كلمة مثل "الآن" على الكون كله .. فهى أولا كلمة ذاتية نفسية .. وحتى إذا اقتصرنا على معناها الموضوعى وهو تواقت حدثين وحدوثهما معا فى ذات اللحظة .. فإن هذا التواقت لا يمكن أن يحدث بين أنظمة مختلفة لا اتصال بينها ..

ويشرح أينشتين هذه النقطة وهى من أعمق تطبيقات النسبية وأكثرها غموضا فيقول :

إن متكلما من نيويورك يمكن أن يخاطب فى التليفون متكلما آخر فى لندن .. ويكون الأول يتحدث فى ساعة الغروب بينما الآخر فى منتصف الليل .. ومع ذلك يمكن لنا أن نجزم بتواقت الحدثين وحدوثهما معا فى ذات اللحظة .. والسبب أن الحدثين يحدثان معا على أرض واحدة خاضعة لتقويم واحد هو التقويم الشمسى ..

أما القول بأنه من الممكن أن يحدث على الأرض وعلى الشعرى اليمانية مثلا .. أحداث متواقتة فى آن واحد .. فهو أمر مستحيل .. لأنها أنظمة مختلفة لا اتصال بينها ..


والإتصال الوحيد وهو الضوء يآخذ آلاف السنين لينتقل من واحد من هذه الأنظمة إلى الآخر .. ونحن حينما نرى أحد هذه النجوم ويخيل إلينا أننا نراه "الآن" .. نحن فى الحقيقة نراه عن طريق الضوء الذى ارتحل عنه منذ آلاف السنين ليصلنا .. نحن فى الواقع نرى ماضيه ويخيل إلينا أننا نرى حاضره .. وقد يكون فى الحاضر قد انفجر واختفى أو ارتحل بعيدا خارج مجال رؤيتنا .. ما نراه فى الواقع إشارة إلى ماض لا وجود له بالمرة ..

لابد أولا لكى نجزم "بالآنية" من أن نعرف العلاقات بين الحوادث والمجاميع الكونية .. ونعرف نسبية كل مقدار موجود فى إحدى المجاميع إلى المقادير الموجودة فى المجاميع الأخرى .. ولابد من وجود وسيلة إتصال حاسمة تنقلنا عبر الأبعاد الفلكية الشاسعة ..

ولكن للأسف أسرع وسيلة مواصلات كونية إلى الآن هى الضوء وسرعته 186284 ميلا فى الثانية .. وهذه السرعة تمثل حدود معلوماتنا والسقف الذى تنتهى عنده المعادلات والرياضيات النسبية الممكنة ..

ويعود اينشتين ليشرح هذا الكلام بتجربة خيالية ..

إنه يتصور شخصا جالسا على رصيف محطة فى منتصف مسافة بين النقطتين أ ، ب على شريط سكة حديد يجرى عليه قطار .. ويتخيل أن ضربتين من البرق حدثتا فى نفس الوقت وأنهما سقطتا على القضيب أ وعند ب وأن الشخص الجالس على الرصيف يراقب العملية مزودا بمرايا جانبية عاكسة ..

سوف يرى ضربتى البرق فى وقت واحد فعلا ..

فإذا حدث وجاء قطار سريع متجها من ب إلى أ وكان على القطار شخص آخر مزودا بمرايا عاكسة ليلاحظ ما يجرى فهل يلاحظ أن ضربتى البرق حدثتا فى وقت واحد فى اللحظة التى يصبح فيها محاذيا للملاحظ على الرصيف ؟

وليقرب أينشتين المثل إلى الذهن يفترض أن القطار يسير بسرعة الضوء فعلا .. ومعنى هذا أن ضربة البرق ب التى تركها خلفه لن تلحق به لأنه يسير بنفس سرعة موجة الضوء وهو لهذا لن يرى إلا ضربة البرق أ ..

فلو كانت سرعة القطار اقل من سرعة الضوء .. فإن ضربة البرق ب سوف تلحق بعده متأخرة بينما سيشاهد ضربة البرق أ قبلها .. وبذلك لن يرى الحدثين متواقتين .. فى آن واحد ..

بينما يراهما الملاحظ على الرصيف متواقتين فى آن واحد ..

وبهذا التناقض يشرح لنا اعمق ما فى نظريته .. ما يسميه "نسبية الوقت الواحد" .. وكيف أن الإنسان لا يستطيع أن يطلق كلمة الآن على الكون .. وإنما يمكن ان يطلقها على نظامه الزمنى .. لأن كل مجموعة من الأجسام لها زمنها الخاص ومرجعها الخاص ..

والنتيجة التى يخرج بها أينشتين أن الزمان مقدار متغير فى الكون وأنه لا يوجد زمان واحد للكون كله .. وإنما يوجد عديد من الأزمان .. كلها مقادير متغيرة لا يمكن نسبتها غلى بعضها إلا بالرجوع إلى أنظمتها واكتشاف علاقة حوادثها بعضها بالبعض وتحقيق الإتصال بينها ..

وهذا مستحيل .. لسبب بسيط ..

أن أسرع المواصلات الكونية وهى الضوء لا تستطيع أن تحقق تواقتا بين أطرافه ..

والنتيجة الثانية التى يخرج بها .. أنه بما أن سرعة الضوء هى الثابت الكونى الوحيد فينبغى تعديل الكميات التى نعبر بها عن الزمان والمكان فى كل معادلاتنا لتتفق مع هذه الحقيقة الاساسية ..

ومن الآن فصاعدا يصبح الزمان مقدارا متغيرا .. والمكان مقدارا متغيرا ..

وهذا يلقى بنا إلى نتائج مدهشة ..

محمد الحبشي 09-05-2009 06:19 PM

نتائج مدهشة



عرفنا أن الزمن مقدار متغير يتوقف على المجموعة المتحركة التى يشتق منها .. وأن كل زمن له مرجع هو حركة الجسم وحركة المجموعة التى يستنبط منها اساس تقويمه الزمنى ..

فإذا حدث وتغيرت حركة الجسم فإنه ينبغى أن يتغير زمنه ..

وبما أن الحد الاقصى لسرعة الحركة هو سرعة الضوء 186284 وهذا الرقم يمثل حدود معرفتنا والسقف الذى تقف عنده معادلاتنا وحساباتنا الرياضية ..

وما يقال عن الزمان يقال عن المكان ..

ويضرب أينشتين مثلا بسيطا لهذا الكلام فيقول :

أننا إذا تصورنا ساعة ملتصقة بجسم متحرك .. فإن هذه الساعة لا بد أن تسير بسرعة أخرى مختلفة عن سرعة ساعة ملتصقة بجسم ساكن كالجدار مثلا ..

وبالمثل فإن مسطرة تتحرك فى الفضاء لابد أن يتغير طولها تبعا لحركتها ..

وعلى وجه الدقة .. فإن الساعة الملتصقة بجسم متحرك .. تتأخر فى الوقت كلما زادت سرعة الجسم حتى تبلغ سرعة الجسم سرعة الضوء فتتوقف الساعة تماما ، والشخص الذى يصاحب الساعة فى حركتها لا يدرك هذه التغيرات .. وإنما يدركها الشخص الذى يلاحظها من مكان ساكن ..

وبالمثل تنكمش المسطرة فى إتجاه حركتها كلما زادت هذه الحركة حتى يتحول طول المسطرة إلى صفر حينما تبلغ سرعة الضوء ..

والتفسير بسيط .. إن الساعة التى تسير بسرعة الضوء لن يصل إلينا الشعاع القادم منها .. فهى بالنسبة لنا ستبدو متوقفة عند أوضاع العقارب التى شاهدناها بها أول مرة .. فإذا كانت تسير بسرعة عالية لكن اقل من سرعة الضوء فإن رؤيتنا للتغيرات على وجهها ستبدو دائما متخلفة .. وسنشعر أنها تؤخر ..

وبالمثل مسطرة تتحرك بسرعة الضوء فإننا لن نرى منها إلا نقطة .. إلا طول مقداره صفر .. فإذا كانت حركتها سريعة ولكن اقل من سرعة الضوء فإنها ستبدو اقل طولا مما هى عليه ..

أما بالنسبة للمسافر بهذه السرعة العالية فإنه لن يلاحظ أى تغير .. إن دقات قلبه سوف تبطىء ولكن ساعة يده سوف تؤخر .. وهو لهذا لن يلحظ أى تغير فى سرعة قلبه ..


ولكن الذى يلاحظه من على الأرض بتلسكوب مثلا سوف يكتشف أن يكبر ببطء ..

ولو قدر لواحد أن يسافر بصاروخ سرعته 167000 ميل ثانية مثلا .. ليقضى فى سفره عشر سنوات .. فإنه حينما يعود إلى الارض سوف يكتشف أنه كبر فى العمر خمس سنوات فقط ..

إنه يكبر ببطء لأن الزمن فى السرعات العالية يبطىء من إيقاعه لتصبح العشر سنوات خمس سنوات ..

أما إذا انطلق بسرعة أكبر من سرعة الضوء ولمسافة اكبر كأن يطير فى صاروخ إلى سديم أندروميدا وبسرعة خرافية بحيث يطوى هذه المسافة التى يقطعها الضوء فى مليون سنة يطويها هو ذهابا وإيابا إلى الارض فى 55 سنة .. فماذا يجد .. إنه يجد أن الأرض قد مضى عليها ثلاثة ملايين سنة فى غيابه .. لقد ابطا به زمنه وكاد يتوقف بينما ملايين السنين تطوى على الارض ..

وهو مجرد إفتراض طبعا لأنه لا احد يستطيع ان يتحرك بسرعة الضوء أو يتجاوزها .. ومستحيل على جسم مادى أن يخترق حاجز الضوء ..

لكن إذا تصورنا فرضا أن هذه المعجزة قد تحدث فإن هناك نكتة أخرى سوف تكون بإنتظار هذا المسافر العجيب .. فإنه إذا اخترق حاجز الضوء سوف يخرق حاجز الزمن فى نفس اللحظة ، فيبرح الارض اليوم ليعود إليها بالأمس بدلا من الغد .. سوف يتحول إلى مسافر فى الزمن الماضى .. فيسافر اليوم ويعود البارحة .. فيعثر على نفسه حينما كان فى ذلك اليوم الماضى ..وتتواجد منه نسختان لأول مرة فى آن واحد .. ويلتقى هو اليوم بنفسه وتوأمه البارحة ..

وهى ألغاز واحاجى تبدو كالهذيان وتخرق كل ما هو مألوف .. ولكن علماء الرياضيات لا ينظرون إلى المألوف ولا يستمدون علومهم من المألوف .. وإنما هم يعيشون فى المعادلات والحسابات والفروض .. والفيصل والحكم عندهم هى الارقام ..

ونحن لا نتصور كيف يمكن ان يبطىء إيقاع الزمن نتيجة الحركة ..

ولا نتصور كيف تتقلص أبعاد المكان بالحركة ..
والسبب هو التعود .. والأحاسيس المالوفة ..

فلم يحدث أن رأينا ساعة تؤخر بمجرد انها مثبتة فى قطار متحرك مثلا ..

ولم يحدث أن راينا مسطرة تنكمش فى إتجاه حركتها ..

والسبب أن السرع الأرضية كلها بما فيها سرعة الطائرات والصواريخ هى سرع صغيرة جدا بالنسبة لسرعة الضوء .. وبالتالى تكون التغيرات فى الزمان وفى المقاييس المترية طفيفة جدا جدا جدا .. ولا يمكن إدراكها بالحواس ..

فإذا أضفنا لهذا أن علم الطبيعة الكلاسيكية قد علمنا منذ الصغر أن الأجسام المتحركة تحافظ على أطوالها سواء فى الحركة أو السكون .. وأن الساعة تحافظ على إنضباطها سواء أكانت متحركة أو ساكنة .. فالنتيجة أننا نعيش سجناء .. أسرى آراء خاطئة .. وأحاسيس خاطئة .. تعمقت جذورها فينا يوما بعد يوم نتيجة الألفة ..

والعقل العبقرى وحده الذى يستطيع أن يمزق أستار هذه الألفة .. ويأخذ بأيدينا إلى حقيقة جديدة .. وهذا ما فعله أينشتين .. والنتيجة هى الدهشة وعدم التصديق ..

لأن الحقيقة تصدم حواسنا ..

ومن حسن الحظ أن العلم لم يتوقف عند مجرد الامثلة الخيالية والإفتراضات والمعادلات الجبرية وإنما استطاع أن يقدم دليلا ملموسا على صدق النسبية ..

استطاع "إيفز" سنة 1936 أن يثبت أن ذرة الأيدروجين المشع المنطلقة بسرعة عالية .. تطلق أشعة ترددها أقل من الذرات الساكنة ، أو بشكل آخر أن الزمن فيها ابطأ .. فتردد الموجة هو ذبذبتها فى الزمن ، وحينما نقول أن تردد الموجة يقل مع الحركة فإنه يكون مثل قولنا إن عقرب الساعة يتحرك على مينائها بطريقة ابطأ وأن زمنها يتأخر ..

وهكذا أمكن لأينشتين أن يثبت قصور رياضيات نيوتن وعدم كفايتها فى حساب السرع والأبعاد الكبيرة فى الكون الشاسع ..

وأثبت ماكس بلانك بالمثل قصور رياضيات الضوء الكلاسيكية وعدم كفايتها فى حساب العلاقات الدقيقة بين الابعاد الصغيرة جدا فى الذرة والفوتون ..

وكانت النتيجة هى النظرية النسبية كمحاولة لشرح ظواهر الكون الكبير ومعرفة علاقاته ..

والنظرية الكمية كمحاولة لشرح ظواهر عالم الذرة الصغيرة ومعرفة علاقاته ..

ولكن بين النظريتين فجوة ..

ولابد من محاولة ثالثة لربط النظريتين بقانون واحد ومعادلات واحدة حتى يتم ربط الكون كله فى إطار قانون واحد ..

فأينشتين عنده نظرية لا يريد أن يتزحزح عنها ..

أن الكون بسيط برغم تعدده .. وأن ظواهره الكثيرة برغم إختلافها وتناقضها فإن فيها وحدة ..

وهو يؤمن بهذه الوحدة إيمانا دينيا .. وهى تقوم فى ذهنه سابقة على أى برهان ..

وأكثر من هذا هو مؤمن بالمعنى التقليدى للمؤمنين فهو يعتقد فى إله ويعتقد أن الكون متسق ومنسجم .. وأنه آية من آيات النظام وأنه يمكن تعقله ..

وهو يرفض فكرة أن الكون فوضى .. ويرفض فكرة الصدفة والعشوائية ..

وهو فى عام 1925 يتقدم بنظرية "المجال الموحد" فى محاولة ليجمع شتات القوانين الطبيعية ويضمها تحت لواء قانون واحد ثم يعود فيستبعدها ويرفضها ..

إن الأمر اصعب بكثير مما تصور ..

وإذا عدنا للأساس الذى يبنى عليه أينشتين وحدة القوانين الطبيعية فإننا نرى أن اساسها عنده هو الضوء ..

فالضوء بسرعته الثابتة الواحدة خلال رحلته الأبدية فى أطراف الكون يضم أشتات الكون تحت لواء قانون واحد .. وفى نفس الوقت يزود الرياضيات بأحد الثوابت النادرة التى يمكن أن تعتمد عليها .. إن 186284 هو ثابت مطلق لا يتغير مقداره فى اى طرف من ارجاء الكون ..

وبما أنه يربط جميع المجموعات المتحركة ويتنقل بينها .. دون أن يتغير .. فلا بد ان هناك قاسما مشتركا أعظم لكل القوانين المختلفة التى تحكم هذه المجموعات ..

هناك امل إذن والطريق مفتوح ..

وإذا عدنا إلى مثل الساعة المتحركة والمسطرة المتحركة .. فإننا سوف نذكر أننا قلنا إن الساعة المنطلقة بجركة عالية تظل تؤخر وتؤخر حتى تبلغ سرعة الضوء فيتوقف الزمن فيها تماما ..

والمسطرة الطائرة بالمثل تظل تنكمش وتنكمش حتى تبلغ سرعة الضوء فيصبح طولها صفرا ..

وهذه مستحيلات فرضية بالطبع لأن سرعة الضوء حد أقصى لأى جسم أن يبلغها ، فهى قاصرة على الضوء ذاته ..

ولكن أينشتين يمعن فى الإفتراض فيبحث فى صفة ثالثة غير زمان الحسم ومكانه .. هى كتلته .. ويتساءل :

ماذا يحدث لكتلة جسم منطلق بسرعة عالية تقترب من سرعة الضوء ؟


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.