![]() |
وتستمر الحياة...
وتستمر الحياة...
كانت الأوراق مبعثرة فوق مكتبي، يكاد المكتب الهزيل لا يقو على حملها، نظرت فيها من جديد في يأس وحاولت عبثا ترتيبها ترتيبا زمنيا ليسهل علي مراجعتها لاحقا... كانت الأوراق جلها فواتير تحمل الملايين في أسطرها ولكنها بالنسبة لي حبر فوق ورق وتظل في النهاية ورقة حقيرة تعكر صفو ساعاتي ... أنظر إلى ساعة يدي فتشير لي أنها الرابعة مساءا وخمس دقائق ... حتى هذه الساعة أمرها عجيب لفؤادها دقات تتسارع في مواضع نريد فيها أن تتباطىء، وكم يحلو لها التباطىء في لحظات انتظارنا - ونحن في عتمة ليل حالك- إلى بصيص من نور شمس يوم جديد... لم أقو على ترتيب الأوراق، دسستها جملة في الخزانة وحملت حقيبة يدي، أطفأت النور وأغلقت باب المكتب وانصرفت في نشوة وكأنني تخلصت من الأوراق إلى الأبد، وكأنها لن تقابلني من جديد صباح الغد، تلك الأوراق البائسة كم تتلذذ في الجلاء بين عيني ... من وراء الباب الرئيسي، لمحت الشارع مكتظا بالمارة، وكأن النهار في منتصفه وقد غمر الضياء الأفق ، الكل في حركة والكل مسرع، أنا الأخرى انطلقت سريعة الخطى، ولكنني سرعان ما أدركت أنني بحاجة إلى إبطائها ، نعم بحاجة إلى النظر إلى الشارع وأزقة الأحياء والدكاكين المزروعة هنا وهناك مثلما كنت أفعل منذ زمن ...منذ زمن؟ عن أي زمن أتحدث؟ وأي الأزمة أقصد؟ أهو زمن النكسة؟ أم زمن اليأس ؟ ربما زمن السجن وراء قضبان الخوف ؟ أو الاستسلام... الحرمان... تبا ، لم أنجح في وضع عنوان لذلك الزمن أو اسما ولا حتى مرجعا ... كم تمنيت ذلك، لأنني لا أريد أن أتذكر أدنى تفاصيل ذاك الزمن الحاضر الغائب... رميت لخيالي عينا بين صفحات ذاك الزمن فتذكرت أن عقارب الساعة كانت حينها بطيئة جدا لدرجة تقلقني، فلم أراها سريعة الآن ؟ ... لربما كان الزمن ثابتا؟ والأحداث التي تكسو جدرانه بين الحين والآخر تغير من لونها كما تفعل الحرباء في أحضان الشجر... ورحت أتساءل من جديد عم حدث معي في ذاك المجال الزمني، لم أكن حينها أستطيع رؤية الشارع والدكاكين والمارة مثلما أفعل الساعة، كنت لا أرى سوى ذاك الشبح بين عيناي يطاردني الليل والنهار، في صحوتي ومنامي ، هل كنت مسحورة؟ لا لا ... ليس كل ذي هم مسحور .. أما الأشباح والأرواح- التي تهاجر جثث الموتى لتتقاسم مع الأحياء حياتهم- فلم أكن ممن يؤمنون بها ...و لكنه كان كذلك، يلاحقني في كل وقت وحين، يغزو أفكاري وشعوري ويتحكم في تصرفاتي يقف بيني وبين السعادة حاجزا صعب العبور، فتراني لا أسمع سوى صوته ولا أرى إلا صورته، أليست تلك الصفات للأشباح؟ كنت أعتقد أن الحياة سوف تنتهي فوق عتبة ذلك الكابوس المخيف الذي حسبته بادئا حلما ورديا قد زارني، نعم كنت أتوقع زهق روح أيامي وساعاتي على يد ذلك الشبح السفاح، ولكن... أين ذهب ؟ كيف اختفى ؟ هل خلع روحه عن روحي ؟ هل سأعيش بسلام ؟ أم أنه سيزورني يوما، فقط لأنه يحبني وأنا أكرهه كرها حد الخوف ... لطالما كان الخوف من المستقبل هاجسي الوحيد ولكن قد يصبح الخوف من الحاضر أشد أثرا وقوة، وليس من الضروري أن يرسم الألم نقطة نهاية لجملة حياتنا، فغالبا ما يحولها إلى جحيم ويضرب لنا مع القدر موعدا لاحقا... عندما وصل تفكيري الى فكرة عودة الكابوس، انصرفت مسرعة من مدن الماضي، وعاودت صورة الشارع تتمثل أمام عيناي بروعتها، لا يزال مكتظا بالمارة ، والدكاكين مفتوحة الأبواب والأطفال يبتاعون ما طاب لهم من ألبسة جديدة لعيد سعيد ، وهذا رجل يشتري كبش سمينا والفرحة لا تفارق ابتسامة طفل يساعده في إدخال الكبش إلى الشاحنة ... نعم هي الحياة إذن، سماء بألف فصل، سرعان ما تتبدد سحب الكآبة والألم لتشرق شمس السعادة، فتغمر الكون الحزين ببهجتها، رحت أستنشق دخان السيارات وأسمع صهيلها أخالني في رياض نقية الهواء لا يسمع فيها سوى زقزقة العصافير المغردة أنشودة انتصاري فوق حلبة الدنيا في احد أشواطها، تمنيت لو دفنت خصمي بيدي ولكن لابد للحياة أن تستمر بعسرها ويسرها ... تحياتي |
إقتباس:
رائعة كالعادة كاتبتنا الكبيرة " حسناء " قرأت المقال مرتين ، وفي كل مرة يأخذني إلى جانب آخر عشت معه الخوف والأمان ، والحزن والفرح وسبحان الواحد الأحد الذي جعل مع ( العسر ) يسرين تحياتي :) |
إقتباس:
إقتباس:
:New6: :New6: :New6: وتستمر الحياة فمها طال الظلام لابد من فجر ونهار عزيزتى حسناء قلمك حقا رائع فلا تتأخرى علينا ولا تحرمينا من كتاباتك المميزة |
ساعة من عمر الزمن وكأنها فصل من فصول الحياة بتفاصيلة المرسومة بدقة والموشاة بالإحساس والحيرة والخوف .
كتابة أخذتنا معها إلى حيث كنت . |
قلم وتواجد اكثر من رائع ... |
شكرا على الثناء دمت كاتبة وفية لخيمتكم
تحياتي كل عام والخيام بالف خير |
نوهم انفسنا يان غدا تشرق شمس يوم جديد ولكن لا ندرى متى يكون هذا الاشراق ,فتطل العتمه لسنين طويلهوفلا نجد مخرجا منها فتصبح الحياة شبحز
|
نوهم انفسنا يان غدا تشرق شمس يوم جديد ولكن لا ندرى متى يكون هذا الاشراق ,فتطل العتمه لسنين طويلهوفلا نجد مخرجا منها فتصبح الحياة شبح
|
نوهم انفسنا يان غدا تشرق شمس يوم جديد ولكن لا ندرى متى يكون هذا الاشراق ,فتطل العتمه لسنين طويلهوفلا نجد مخرجا منها فتصبح الحياة شبح
|
اجزم بان كلماتك اروع كلمات ، ولو لا اليأس ما كان أمـل ،
امضي فالسنون كفيلة حتى بتغيير ما بأنفسنـا ، لعل الشمس تشرق من جديد |
السلام عليك أختي حسناء منذ أيام قال لي أحد الأحبة بعد أن وجدني في حالة مزرية لا أراكِها الله أختاه أتدري ما الحياة يا ماهر قلت له لا، علمني بارك الله فيك قال الحياة يا ماهر هي فترة ما بين الآذان و الصلاة تعجبت و قلت له كيف قال لي إن الحياة تبدأ بآذان بلا صلاة و تنتهي بصلاة بلا آذان قلت له صحيح، و المعنى !!! قال لي تفائل دوما و عش تلك اللحظات كأسعد ما تكون و تصور نفسك مقبلا من الآذان إلى الصلاة أو تقبل على ربك حزينا ؟؟ قلت لا إذا !!!!! قال لي تشبث بقطرة الأمل إلى آخر لحظة في حياتك فهي الشيء الوحيد الذي سيدفعك للأمام عدا ذلك، فستبقى قابعا في مكانك متقوقعا على نفسك استمر أنت و ستستمر الحياة معك :):) |
بوركتي .. موضوع أكثر من رائع .. أعدك بقراءة أخرى .. بس أصحصح شوي ببيالة شاي
|
بعد إذنك أختي حسناء أريد أن أرحب بعودة أخي الحبيب التاروتي حياك الله أخي العزيز وين الغيبات إن شاء الله بخير يا رب أنت و كل العائلة و إن شاء الله برنامجك تسهل يا رب :):):) :heartpump :heartpump إقتباس:
|
إقتباس:
بارك الله فيك أخي وفي صديقك .... قصة مؤثرة ... اعدك بكتابات اخرى ... دمت وفي لكلماتي ... |
كل عام والخيام بالف خير
|
مشكورررررررررررررررررررررررر
|
كم هده الحياة قاسية وكم هده الدنيا مليءة بالاحزان كرهت عام2007 كرهت المعانات في هده السنة فقدت اعز مخلوق في هدا العالم فقدت ابني حمو فادعولي الصبر وادعلوا بالرحمة
|
مشكووووووووووووووووور
|
إقتباس:
لك مني فائق العزاء سيدي الكريم ... ليس للمرء أغلى من فلذة كبده... اجبني حين أسألك... كم سهرت تحلم ان يرى نور الحياة ... وهو يتصارع في احشاء امه.... كم انتظرت ان تحمله كتلة من لحم ... تفتح عيناها لتراك... تذكر اول خطوة قام بها... كم انتابك الفرح ... وانت تحلم به رجلا ... ناجحا ترفع به رأسك ... تذكر حين لفظت الشفاه البريئة كلمة أبي ... هل دمعت عيناك... هل قبلته ... هل ضممته الى صدرك... لن تجيبني سوى بكلمة نعم ... لقد غدرت العبرات عيوني حين قرأت أسطرك وتمنيت البكاء ... لن أبكي فقط كي لا اقلب المواجع ... الله يصبرك |
و تستمر الايام فنسعد ونحزن نرضئ ونغضب ولكن هل نحن على صواب ام لا يوجد شئ يبرر هدا
حمو |
اختى حسناء
رائع كلماتك عن الحياة الحياة تستمربخيرها وشرها وهى الحياة سلمت يداكى تقبلى تحياتى ا |
مرورا عطرا اختاه ...
لك مني فائق الشكر والاحترام ... تحيــــــــــــــــــــاتي |
موضوع أكثر من رائع .. بارك الله فيك
|
الحياة ذلك الكتاب الذي نراه ونجهل قراءته ...
نعيشه صفحة بصفحة وسطرا بسطر ... تغيب عتا منه اشياء وندرك بعضها ... نسمع أحيانا همس الاقدار وهي تقرا احد جمله ... فنضحك عليها ... ونتهمها بالجهل والتشاؤم والجهل مزروع فينا والتشاؤم ملاذ الارواح الخائفة منا.... لكم مني أحر التحيـــــــــــــــــات |
زهرة الصبــار
زهرة الصبــار كأن علامة الحياة هي زهرة النار تصارع أحلامنا، وكأن الحياة نفسها حلم عابر يكسره الضجر أو الموت. ولأن جوهر الحلم هو الحب، وجوهر الموت هو الغياب، يقف الشاعر أحياناً في المنطقة الوسط، نصف الغياب أو غربة الأحباب: «غادروا تاركين أنفاسهم وأماكنهم ما مضى من حيوات هنا لم تزل تنبض في ألبومات الصوَر وبعضَ الوعود بالعودة لكنها عودة مؤجلة متورطة في السفر، ومن موعد الى موعد تستقرّ على انتظاراتها في اطاراتها كلماتك جميلة سلمت يداكى |
وكأن الدنيا هذه لاتسير على اجسادنا
|
بل أجسادنا من تسير على الدنيا .....
|
السلام عليكم لتميز الموضوع و جماليته قمت بنقله لخيمة المواضيع المميزة شكرا أختاه على موضوعك الجميل و شكرا على ما تجودين به للخيام من فيض قلمك و أتمنى أن لا تحرمينا القراءة لك شكرااااا :thumb: :thumb: :thumb: |
اسلوبك في الكتابة رائع جدا اختي حسناء وموضوعك يشعر بالارتياح ويبعث الامل بغد مشرق وفقك الله اختك فضائل
|
Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.