حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   خيمة صـيــد الشبـكـــة (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=73)
-   -   وطــن الـصـبـيــــــان (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=83150)

الفكرون 03-03-2010 01:00 PM

وطــن الـصـبـيــــــان
 
أحلام مستغانمي

وصلتُ إلى بيروت في بداية التسعينات، في توقيت وصول الشاب خالد إلى النجوميّة العالميّة.
أُغنية واحدة قذفت به إلى المجد• كانت أغنية “دي دي واه” شاغلة الناس ليلاً ونهاراً.
على موسيقاها تُقام الأعراس، وتُقدَّم عروض الأزياء، وعلى إيقاعها ترقص بيروت ليلاً، وتذهب إلى مشاغلها صباحاً.

كنت قادمة لتوِّي من باريس، وفي حوزتي مخطوط “الجسد”، أربعمائة صفحة قضيت أربع سنوات في نحتها جملة جملة، محاوِلة ما استطعت تضمينها نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، إنقاذاً لماضينا، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا.لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً:
“آه.. أنتِ من بلاد الشاب خالد!”، واجداً في هذا الرجل الذي يضع قرطاً في أذنه، ويظهر في التلفزيون الفرنسي برفقة كلبه، ولا جواب له عن أي سؤال سوى الضحك الغبيّ، قرابة بمواجعي. وفوراً يصبح السؤال، ما معنى عِبَارة “دي دي واه”؟
وعندما أعترف بعدم فهمي أنا أيضاً معناها، يتحسَّر سائلي على قَدَر الجزائر، التي بسبب الاستعمار لا تفهم اللغة العربية!

وبعد أن أتعبني الجواب عن “فزّورة” (دي دي واه)، وقضيت زمناً طويلاً أعتذر للأصدقاء والغرباء وسائقي التاكسي، وعامل محطة البنزين المصري، ومصففة شعري عن جهلي وأُميتي، قررت ألاّ أفصح
عن هويتي الجزائرية، كي أرتاح.

لم يحزنّي أن مطرباً بكلمتين، أو بالأحرى بأغنية من حرفين، حقق مجداً ومكاسب، لا يحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات، بقدر ما أحزنني أنني جئت المشرق في الزمن الخطأ.

ففي الخمسينات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأمير عبد القادر، وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد … اليوم يُنسب العربي إلى مطربيه وإلى الْمُغنِّي الذي يمثله في “ستار أكاديمي” … وهكذا، حتى وقت قريب، كنت أتلقّى المدح كجزائرية من قِبَل الذين أحبُّوا الفتاة التي مثلت الجزائر في “ستار أكاديمي”، وأُواسَى نيابة عنها
هذا عندما لا يخالني البعض مغربية، ويُبدي لي تعاطفه مع صوفيا.

وقبل حرب إسرائيل الأخيرة على لبنان، كنت أتابع بقهر ذات مساء، تلك الرسائل الهابطة المحبطة التي تُبث على قنوات الغناء، عندما حضرني قول “ستالين” وهو ينادي، من خلال المذياع، الشعب الروسي للمقاومة، والنازيون على أبواب موسكو، صائحاً: “دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي”.
وقلت لنفسي مازحة، لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان أو غزو مصر، لَمَا وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية، سوى بث نداءات ورسائل على الفضائيات الغنائية، أن دافعوا عن وطن هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم ومروى وروبي وأخواتهن ….
فلا أرى أسماء غير هذه لشحذ الهمم ولمّ الحشود.

وليس واللّه في الأمر نكتة. فمنذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية، التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة، حتى استحق لقب أقدم أسير مصري، ولم يجد الرجل أحداً في انتظاره من “الجماهير” التي ناضل من أجلها، ولا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من مربّع في جريدة، بينما اضطر مسئولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم “ستار أكاديمي” محمد عطيّة بعد وقوع جرحى جرّاء تَدَافُع مئات الشبّان والشابّات، الذين ظلُّوا يترددون على المطار مع كل موعد لوصول طائرة من بيروت.

في أوطان كانت تُنسب إلى الأبطال، وغَدَت تُنسب إلى الصبيان، قرأنا أنّ محمد خلاوي، الطالب السابق في “ستار أكاديمي”، ظلَّ لأسابيع لا يمشي إلاّ محاطاً بخمسة حراس لا يفارقونه أبداً .. ربما أخذ الولد مأخذ الجد لقب “الزعيم” الذي أطلقه زملاؤه عليه!

ولقد تعرّفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد في رحلة بين الجزائر وفرنسا، وكانت تسافر على الدرجة الاقتصادية، مُحمَّلة بما تحمله أُمٌّ من مؤونة غذائية لابنها الوحيد، وشعرت بالخجل، لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأُولى، بينما يفاخر فرخ وُلد لتوّه على بلاتوهات “ستار أكاديمي”، بأنه لا يتنقّل إلاّ بطائرة حكوميّة خاصة، وُضِعَت تحت تصرّفه، لأنه رفع اسم بلده عالياً!


ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.. أواه.. ثمّ أواه.. مازال ثمَّة مَن يسألني عن معنى “دي دي واه”!

ابن حوران 03-03-2010 01:51 PM

يا سلام

مقالة من النوع الرفيع جداً

بارك الله بكم

العنود النبطيه 03-03-2010 03:26 PM

للاسف
ان هذا الزمن الذي انحط فيه مستوى الثقافة
وصارت الكلمة المسموعة
اهم من المقروءة
بل ان الصورة صارت اهم من الاثنتين

فعلى مستوى الاغنية
ذهب زمن الطرب الاصيل
وجاء زمن الفيديو كليب
الذي يجعل الكثيرين يحولون الصوت الى حالة الصامت
وهم يشاهدون الاغنية
لان الاغنية صارت مشهدا من الصور الخليعة
وليس كلمة تقع في القلب فتدمع العين وتولد التنهيدات
فقد انتهى عصر العذرية
واصبح الزمن الذي لا غشاوة فيه على شيء
الا على المعاني والقيم الجميلة
التي دفنت تحت طبقات الغبار

لكن
يبقى بعض الخير
كيف لا
وهنالك اقلامكم تكتب لنا
لتذكرنا ان الخير لا يمكن ان يتلاشى نهائيا

بوركتم
الناقل والمنقول اليهم
وصاحبة المقال المبدعة احلام

صلاح الدين 03-03-2010 05:34 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة الفكرون (المشاركة 683797)
أحلام مستغانمي
ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.. أواه.. ثمّ أواه.. مازال ثمَّة مَن يسألني عن معنى “دي دي واه”!

دي دي : تعني خذي خذي ....
واه : تعني نعم ...
:thumb:
لا أعلم لماذا هذه " الغيرة " من نجاح الشاب خالد ملك الراي ؟ :New2:
بل امتدت الغيرة لتصل إلى صبيان و صبيات "ستار أكاديمي " الذي أثبت للعالم أجمع أن العرب متحضرون و متفتحون ؟!!!!:New5:

كل عصر و له رموزه .... الصالحة و الطالحة ، و لا أخال أن زمن جميلة بوحيرد أو الجيل الذي سبقها ليس فيه نماذج مثل "الشاب خالد " أو "نجوم الأكاديميات الخلفية " ...!

صحيح أن في زمننا الراهن ...زمن المعلومة السريعة و الوافرة : تبدو لنا النماذج الهابطة و كأنها هي التي تؤثر على عقلية مجتمعاتنا ...و هذا صحيح إلى حد ما ، نظرا للآلة الإعلامية الرهيبة التي يحركها أرباب السوق الرأسمالية الإستهلاكية البشعة تحريكا محكما و باقتدار عجيب .

لقد بتنا نعرف تفاصيل حياة "رياضيينا" و "فنانينا " و " ممثلينا في التلفاز و السنما " أكثر بكثير مما نعرف عن حياة علمائنا و مفكرينا و أطبائنا و مهندسينا !

لقد تحرك مجلس الأمن القومي المصري بعد سبات طويل بسبب مقابلة كرة قدم مع فريق عربي شقيق و لم يتحرك لموت شعب شقيق مجاور له ...!

لقد أعطيت الكلمة في الإعلام العربي لهيفاء وهبي و نانسي عجرم و غيرها من أيقونات " الفن العربي الشعبي " لتعطي رأيها في تاريخ و سيرة شعب عربي أبي بأكمله ...فصببن الزيت على النار من أجل الوريقات الخضراء ( جنيهات كانت أو دولارات ) و ممثلو السلطة الرابعة يصفقون لهن ...!


هل بحت أصوات العلماء و المفكرين الملتزمين أيام تلك المحنة ؟

أعتقد أن أصل المشكل لا يتحمله أساسا شباب الراي أو نجوم الأكاديمية ...و لكن يتحمله أساسا الأدباء و المفكرون و على رأسهم المحترمة صاحبة المقال أحلام مستغانمي !

الطبيعة تأبى الفراغ أخي الكريم فكرون ...و النفس إذا لم تشغلها بالمفيد شغلتك بالضد .

و تلك الأمثال ...!!!


و المعذرة على الإستطراد فإن في الفكر عواصف :New6:

زهير الجزائري 03-03-2010 05:42 PM

احلام مستغانمى والشاب خالد عندى وجهان لعملة واحد لهم نفس الهدف افساد الشباب العربي
خالد بلغة هابطة واحلام بلغة راقية
انى امقت كتابتها وكلماتها لانها تتغنى بالحب والعشق والجنس


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.