حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   الخيمة الاسلامية (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=8)
-   -   فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى ياتيك الموت وأنت على ذلك (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=81049)

الامام محمد الغباري 02-10-2009 09:01 AM

فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى ياتيك الموت وأنت على ذلك
 

روى البخاري في صحيحه واللفظ له في كتاب الفتن - بَاب كَيْفَ الْأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ (وكذا رواه مسلم وابن ماجه)


6557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ
قَالَ نَعَمْ
قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ
قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ
قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ
قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ
قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا
قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا
قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ
قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ
قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ


قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث في فتح الباري
قَوْله ( مَخَافَة أَنْ يُدْرِكَنِي )
فِي رِوَايَة نَصْر بْن عَاصِم عَنْ حُذَيْفَة عِنْدَ اِبْنِ أَبِي شَيْبَة " وَعَرَفْت أَنَّ الْخَيْر لَنْ يَسْبِقنِي " .
قَوْله ( فِي جَاهِلِيَّة وَشَرّ )
يُشِير إِلَى مَا كَانَ مِنْ قَبْل الْإِسْلَام مِنْ الْكُفْر وَقَتْل بَعْضهمْ بَعْضًا وَنَهْب بَعْضهمْ بَعْضًا وَإِتْيَان الْفَوَاحِش .
قَوْله ( فَجَاءَنَا اللَّه بِهَذَا الْخَيْر )
يَعْنِي الْإِيمَان وَالْأَمْن وَصَلَاح الْحَال وَاجْتِنَاب الْفَوَاحِش ، زَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد عَنْ حُذَيْفَة " فَنَحْنُ فِيهِ "
قَوْله ( فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْر مِنْ شَرّ ؟ قَالَ : نَعَمْ )
فِي رِوَايَة نَصْر بْن عَاصِم " فِتْنَة وَفِي رِوَايَة سُبَيْع بْن خَالِد عَنْ حُذَيْفَة عِنْدَ اِبْن أَبِي شَيْبَة " فَمَا الْعِصْمَة مِنْهُ ؟ قَالَ السَّيْف قَالَ فَهَلْ بَعْدَ السَّيْف مِنْ تَقِيَّة ؟ قَالَ نَعَمْ هُدْنَة " وَالْمُرَاد بِالشَّرِّ مَا يَقَع مِنْ الْفِتَن مِنْ بَعْدِ قَتْل عُثْمَان وَهَلُمَّ جَرًّا أَوْ مَا يَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مِنْ عُقُوبَات الْآخِرَة .
قَوْله ( قَالَ : نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَن )
بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَتَيْنِ بَعْدَهَا نُون وَهُوَ الْحِقْد ، وَقِيلَ الدَّغَل ، وَقِيلَ فَسَاد فِي الْقَلْب ، وَمَعْنَى الثَّلَاثَة مُتَقَارِب . يُشِير إِلَى أَنَّ الْخَيْر الَّذِي يَجِيء بَعْدَ الشَّرّ لَا يَكُون خَيْرًا خَالِصًا بَلْ فِيهِ كَدَر . وَقِيلَ الْمُرَاد بِالدَّخَنِ الدُّخَان وَيُشِير بِذَلِكَ إِلَى كَدَر الْحَال ، وَقِيلَ الدَّخَن كُلّ أَمْر مَكْرُوه . وَقَالَ أَبُو عُبَيْد يُفَسِّر الْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث ، الْحَدِيث الْآخَر " لَا تَرْجِع قُلُوب قَوْم عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ " وَأَصْله أَنْ يَكُون فِي لَوْن الدَّابَّة كُدُورَة فَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ قُلُوبهمْ لَا يَصْفُو بَعْضهَا لِبَعْضٍ .
قَوْله ( قَوْم يَهْدُونَ )
بِفَتْحِ أَوَّله
( بِغَيْرِ هَدْيِي )
بِيَاءِ الْإِضَافَة بَعْدَ الْيَاء لِلْأَكْثَرِ وَبِيَاءِ وَاحِدَة مَعَ التَّنْوِين لِلْكُشْمِيهَنِيِّ ، وَفِي رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد " يَكُون بَعْدِي أَئِمَّة يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي " .
قَوْله ( تَعْرِف مِنْهُمْ وَتُنْكِر )
يَعْنِي مِنْ أَعْمَالهمْ ، وَفِي حَدِيث أُمّ سَلَمَة عِنْدَ مُسْلِم " فَمَنْ أَنْكَرَ بَرِئَ وَمَنْ كَرِهَ سَلِمَ " .
قَوْله ( دُعَاة )
بِضَمِّ الدَّال الْمُهْمَلَة جَمْع دَاعٍ أَيْ إِلَى غَيْر الْحَقّ .
قَوْله ( عَلَى أَبْوَاب جَهَنَّم )
أَطْلَقَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ حَالُهُمْ ، كَمَا يُقَال لِمَنْ أَمَرَ بِفِعْلٍ مُحَرَّم : وَقَفَ عَلَى شَفِير جَهَنَّم .
قَوْله ( هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا )
أَيْ مِنْ قَوْمِنَا وَمِنْ أَهْل لِسَاننَا وَمِلَّتنَا ، وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُمْ مِنْ الْعَرَب . وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ : أَيْ مِنْ بَنِي آدَم . وَقَالَ الْقَابِسِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ فِي الظَّاهِر عَلَى مِلَّتنَا وَفِي الْبَاطِن مُحَالِفُونَ ، وَجِلْدَة الشَّيْء ظَاهِره ، وَهِيَ فِي الْأَصْل غِشَاء الْبَدَن ، قِيلَ وَيُؤَيِّد إِرَادَة الْعَرَب أَنَّ السُّمْرَة غَالِبَة عَلَيْهِمْ وَاللَّوْن إِنَّمَا يَظْهَر فِي الْجِلْد ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد " فِيهِمْ رِجَال قُلُوبهمْ قُلُوب الشَّيَاطِين فِي جُثْمَان إِنْس " وَقَوْله " جُثْمَان " بِضَمِّ الْجِيم وَسُكُون الْمُثَلَّثَة هُوَ الْجَسَد وَيُطْلَق عَلَى الشَّخْص ، قَالَ عِيَاض : الْمُرَاد بِالشَّرِّ الْأَوَّل الْفِتَن الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ عُثْمَان ، وَالْمُرَاد بِالْخَيْرِ الَّذِي بَعْدَهُ مَا وَقَعَ فِي خِلَافَة عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ، وَالْمُرَاد بِالَّذِينَ تَعْرِف مِنْهُمْ وَتُنْكِر الْأُمَرَاء بَعْدَهُ ، فَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يَتَمَسَّك بِالسُّنَّةِ وَالْعَدْل وَفِيهِمْ مَنْ يَدْعُو إِلَى الْبِدْعَة وَيَعْمَل بِالْجَوْرِ
قُلْت : وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِالشَّرِّ الْأَوَّل مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ الْفِتَن الْأُولَى ، وَبِالْخَيْرِ مَا وَقَعَ مِنْ الِاجْتِمَاع مَعَ عَلِيّ وَمُعَاوِيَة وَبِالدَّخَنِ مَا كَانَ فِي زَمَنهمَا مِنْ بَعْض الْأُمَرَاء كَزِيَادٍ بِالْعِرَاقِ وَخِلَاف مَنْ خَالَفَ عَلَيْهِ مِنْ الْخَوَارِج ، وَبِالدُّعَاةِ عَلَى أَبْوَاب جَهَنَّم مَنْ قَامَ فِي طَلَب الْمُلْك مِنْ الْخَوَارِج وَغَيْرهمْ ، وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ " اِلْزَمْ جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامهمْ " يَعْنِي وَلَوْ جَارَ وَيُوَضِّح ذَلِكَ رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد " وَلَوْ ضَرَبَ ظَهْرَك وَأَخَذَ مَالَك " وَكَانَ مِثْل ذَلِكَ كَثِيرًا فِي إِمَارَة الْحَجَّاج وَنَحْوه .
قَوْله ( تَلْزَم جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامهمْ )
بِكَسْرِ الْهَمْزَة أَيْ أَمِيرهمْ زَادَ فِي رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد " تَسْمَع وَتُطِيع وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَك وَأَخَذَ مَالَك " وَكَذَا فِي رِوَايَة خَالِد بْن سُبَيْعٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ " فَإِنْ رَأَيْت خَلِيفَة فَالْزَمْهُ وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرك ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَة فَالْهَرَب " .
يتبعـــــ
المصدر : بوابة الاسلام

الامام محمد الغباري 02-10-2009 09:02 AM

قَوْله ( وَلَوْ أَنْ تَعَضّ )
بِفَتْحِ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الضَّاد الْمُعْجَمَة أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاعْتِزَال بِالْعَضِّ فَلَا تَعْدِل عَنْهُ . وَتَعَضّ بِالنَّصْبِ لِلْجَمِيعِ ، وَضَبَطَهُ الْأَشِيرِيّ بِالرَّفْعِ ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ جَوَازه مُتَوَقِّف عَلَى أَنْ يَكُون " أَنْ " الَّتِي تَقَدَّمَتْهُ مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة وَهُنَا لَا يَجُوز ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَلِي " لَوْ " نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِب الْمُغْنِي ، وَفِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن قُرْط عَنْ حُذَيْفَة عِنْدَ اِبْن مَاجَهْ " فَلَأَنْ تَمُوت وَأَنْتَ عَاضّ عَلَى جِذْل خَيْر لَك مِنْ أَنْ تَتَّبِع أَحَدًا مِنْهُمْ " وَالْجِذْل بِكَسْرِ الْجِيم وَسُكُون الْمُعْجَمَة بَعْدَهَا لَام عُود يُنْصَب لِتَحْتَكَّ بِهِ الْإِبِل ، وَقَوْله " وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ أَيْ الْعَضّ " ، وَهُوَ كِنَايَة عَنْ لُزُوم جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ وَطَاعَة سَلَاطِينهمْ وَلَوْ عَصَوْا . قَالَ الْبَيْضَاوِيّ : الْمَعْنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْض خَلِيفَة فَعَلَيْك بِالْعُزْلَةِ وَالصَّبْر عَلَى تَحَمُّل شِدَّة الزَّمَان ، وَعَضّ أَصْل الشَّجَرَة كِنَايَة عَنْ مُكَابَدَة الْمَشَقَّة كَقَوْلِهِمْ فُلَان يَعَضّ الْحِجَارَة مِنْ شِدَّة الْأَلَم ، أَوْ الْمُرَاد اللُّزُوم كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث الْآخَر " عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ " وَيُؤَيِّد الْأَوَّل قَوْله فِي الْحَدِيث الْآخَر " فَإِنْ مُتّ وَأَنْتَ عَاضّ عَلَى جِذْل خَيْر لَك مِنْ أَنْ تَتَّبِع أَحَدًا مِنْهُمْ " وَقَالَ اِبْن بَطَّال : فِيهِ حُجَّة لِجَمَاعَةِ الْفُقَهَاء فِي وُجُوب لُزُوم جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ وَتَرْك الْخُرُوج عَلَى أَئِمَّة الْجَوْر ، لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّائِفَة الْأَخِيرَة بِأَنَّهُمْ " دُعَاة عَلَى أَبْوَاب جَهَنَّم " وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمْ " تَعْرِف وَتُنْكِر " كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِينَ ، وَهُمْ لَا يَكُونُونَ كَذَلِكَ إِلَّا وَهُمْ عَلَى غَيْر حَقّ ، وَأَمَرَ مَعَ ذَلِكَ بِلُزُومِ الْجَمَاعَة .
قَالَ الطَّبَرِيُّ : اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَمْر وَفِي الْجَمَاعَة ، فَقَالَ قَوْم : هُوَ لِلْوُجُوبِ وَالْجَمَاعَة السَّوَاد الْأَعْظَم ، ثُمَّ سَاقَ عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي مَسْعُود أَنَّهُ وَصَّى مَنْ سَأَلَهُ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان " عَلَيْك بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّه لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ أُمَّة مُحَمَّد عَلَى ضَلَالَة " . وَقَالَ قَوْم : الْمُرَاد بِالْجَمَاعَةِ الصَّحَابَة دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ ، وَقَالَ قَوْم : الْمُرَاد بِهِمْ أَهْل الْعِلْم لِأَنَّ اللَّه جَعَلَهُمْ حُجَّة عَلَى الْخَلْق وَالنَّاس تَبَع لَهُمْ فِي أَمْر الدِّين .
قَالَ الطَّبَرِيُّ : وَالصَّوَاب أَنَّ الْمُرَاد مِنْ الْخَبَر لُزُوم الْجَمَاعَة الَّذِينَ فِي طَاعَة مَنْ اِجْتَمَعُوا عَلَى تَأْمِيره ، فَمَنْ نَكَثَ بَيْعَتَهُ خَرَجَ عَنْ الْجَمَاعَة ، قَالَ : وَفِي الْحَدِيث أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ إِمَام فَافْتَرَقَ النَّاس أَحْزَابًا فَلَا يَتَّبِع أَحَدًا فِي الْفُرْقَة وَيَعْتَزِل الْجَمِيع إِنْ اِسْتَطَاعَ ذَلِكَ خَشْيَةَ مِنْ الْوُقُوع فِي الشَّرّ ، وَعَلَى ذَلِكَ يَتَنَزَّل مَا جَاءَ فِي سَائِر الْأَحَادِيث ، وَبِهِ يُجْمَع بَيْنَ مَا ظَاهِره الِاخْتِلَاف مِنْهَا ، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن قُرْط الْمُتَقَدِّم ذِكْرهَا ، قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : فِي الْحَدِيث حِكْمَة اللَّه فِي عِبَاده كَيْفَ أَقَامَ كُلًّا مِنْهُمْ فِيمَا شَاءَ ؛ فَحُبِّبَ إِلَى أَكْثَر الصَّحَابَة السُّؤَال عَنْ وُجُوه الْخَيْر لِيَعْلَمُوا بِهَا وَيُبَلِّغُوهَا غَيْرهمْ ، وَحُبِّبَ لِحُذَيْفَةَ السُّؤَال عَنْ الشَّرّ لِيَجْتَنِبَهُ وَيَكُون سَبَبًا فِي دَفْعه عَمَّنْ أَرَادَ اللَّه لَهُ النَّجَاة ، وَفِيهِ سِعَة صَدْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْرِفَته بِوُجُوهِ الْحِكَم كُلّهَا حَتَّى كَانَ يُجِيب كُلّ مَنْ سَأَلَهُ بِمَا يُنَاسِبُهُ ، وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ كُلّ مَنْ حُبِّبَ إِلَيْهِ شَيْء فَإِنَّهُ يَفُوق فِيهِ غَيْره ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ حُذَيْفَة صَاحِب السِّرّ الَّذِي لَا يَعْلَمهُ غَيْره حَتَّى خُصَّ بِمَعْرِفَةِ أَسْمَاء الْمُنَافِقِينَ وَبِكَثِيرٍ مِنْ الْأُمُور الْآتِيَة ، وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ مِنْ أَدَب التَّعْلِيم أَنْ يَعْلَم التِّلْمِيذ مِنْ أَنْوَاع الْعُلُوم مَا يَرَاهُ مَائِلًا إِلَيْهِ مِنْ الْعُلُوم الْمُبَاحَة ، فَإِنَّهُ أَجْدَر أَنْ يُسْرِع إِلَى تَفَهُّمه وَالْقِيَام بِهِ وَأَنَّ كُلّ شَيْء يَهْدِي إِلَى طَرِيق الْخَيْر يُسَمَّى خَيْرًا وَكَذَا بِالْعَكْسِ .
وَيُؤْخَذ مِنْهُ ذَمّ مَنْ جَعَلَ لِلدِّينِ أَصْلًا خِلَاف الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَجَعْلهمَا فَرْعًا لِذَلِكَ الْأَصْل الَّذِي اِبْتَدَعُوهُ ، وَفِيهِ وُجُوب رَدّ الْبَاطِل وَكُلّ مَا خَالَفَ الْهَدْي النَّبَوِيّ وَلَوْ قَالَهُ مَنْ قَالَهُ مِنْ رَفِيع أَوْ وَضِيع .
انتهى من فتح الباري بنصه



Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.