حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   دواوين الشعر (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=33)
-   -   دراسة عن الشاعر المصري محمد محسن ( صانع الع&# (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=70874)

عادل نمير 09-05-2008 08:40 PM

دراسة عن الشاعر المصري محمد محسن ( صانع الع&#
 
[FRAME="11 70"]بسم الله الرحمن الرحيم
صانع العرائس: محمد محسن
بقلم الناقد والشاعر د. عادل نمير

ليبدأ سواي كلمته عن محمد محمد محسن بـ "محمد محسن الإنسان والطبيب وعن وتديّته وحضوره المنتج في الوسط الثقافي بمصر عامة وبالإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة خاصة
وعن وعن ........"
ولأترك هذا الحديث المنهك لأتطرق إلى محمد محسن الشاعر الذي لا أجد لتفرع وتنوع إنتاجه الشعري وصفا اقدر من قوله:
لا موضعٌ في الشِعــر إلا داسه شِعري وخيل مشاعري الغرّاء
وهنا ارتدى ثوب الناقد لألقى الضوء على شاعر يأخذنا في جولة تفقدية إلى مصنع العرائس
هذى عروسٌ صغتـُها من مهجتي فمشاعري لحمٌ لـها ودمـاءُ
يصنع عروسا إنما هي قصيدته الأثيرة ، يصنعها من مهجته ويجرى وراء استكمال وصفها قائلا:
ألبستها فـستان أخيلتى وألـ ـوانـي كأن ثــيابها لألاءُ
والخيال كما نعرف هو أول ما يصنع القصيدة لا سيما إن تحدثنا عن خيالها في موضوعها العام وبذلك تلألأت تلك العروس ولألأت سماء من رآها :
وحشوتها لغة ووزنا واستــعا راتٍ وفـِكرا للوجود حُـداءُ
فان كان أفلاطون قد تناسى الشعراء من مدينته الفاضلة فان الوجود الذي هو تهويمات من الفوضى لا ينقصه بعد عناية الله سوى فكر شاعر ليحدوه ويهديه السبيل في التفاعل التأثيرىبين المبدع والمتلقي ، ويكمل صانع العرائس
طرّزتها بــملامحي وعناصري حتى يقـال لها : من الحسناءُ
ملامحه هو وعناصره هو
أى ختمتها ببصمتى الشعرية ، وهو ما يدلك على أن هذا النص هو للشاعر (فلان )وهذا بعيد جدا عن نظام (copy-paste) الذي ينتهجه شعراء كثر بشكل يجعل المبدع مسخا من ذاته .
والبصمة الشعرية هي التي جعلت عروسه تسبي من رآها حتى إذا وقعت عيناه عليها فغرَ فاه ولم يجد تعليقا غير مقتضى الحال، تعبيرا قصيرا ( مين القمر دا ) أو (من الحسناء) علي حد تعبير الشاعر .واختتم صورة عروسه الجميلة بقوله
أبدعتها وولــدتها قالت : أنا روح الجمال ووجـهه الوضاءُ
أحببت بجماليون أحييت الجما د كأنها والمعجــزات سواءُ
ولنتوقف قليلا أو كثيرا عند ملامحه وعناصره
ألا تري أن البيت يصبح مبتذلا إن لم نستطع التفرقة بين الملامح والعناصر وهنا انتقل للتفرقة بينهما .
فالملامح أتصورها بما هو خاص بمحمد محسن ذاته خاص ب (س) أو (ص) بشكل لا نقول نادر بل قليل التواجد بشكل مجتمع فهناك عين عسلية كملمح وهناك أنف بارز كملمح آخر ، وشعر أجعد وطول فارع و......
لكن اجتماع هذه الملامح كلها في إنسان يشكل هيأته التى تفرقه عن غيره ،أما العناصر فهي أعم في الامتلاك فكلنا لنا أقدام وكلنا لنا أصابع وكلنا لنا شفاه وإن اختلفت هذه العناصر في جمالياتها من إنسان لآخر وهى كالأدوات في الشعر
خلاصة القول هي أن العناصر هي ما قد يأتي بها معظم الشعراء أما الملامح فهي ما يكون مستغلقا على الكثير
العناصر في شعر صانع العرائس وأتحدث فيها عن ..
(الصورة – اللفظة – استخراج المعاني اللطيفة- توظيف النحو فيما اسميه 0البلاغة النحوية)

أما الملامح فأتحدث فيها عن
(المفارقة – الإدهاش – الانفتاح الدلالي – الروافد الثقافية)
العناصر في شعر صانع العرائس ( الأدوات الشائعة)
1- الصورة
سقطت من أجفان سمائي شمس ما برحتني
يتكلم هنا عن صورة لصديق سقط من مكانته العالية ألتى كان فيها رفيقا للنجوم بل كان شمس سماء صديقه ولكنه للأسف مازال يسكن بمبدأ (العشرة مبتهونش) يسكن فكر الشاعر وذكرياته ولكنه أخيرا:
سقطت شمسا فارغة
حين تخلت عن صد جليدي
ومقاومة جيوش الغيم وضنت أن ترسل بعض ضفائرها
أو تترك بصمة شرر في ذاكرتي .
بصمة؟ شرر؟ في الذاكرة؟ البصمة لا تكون بالشرر ولا تطبع على الذاكرة كما أن الشمس لا تفعل هذا كأنه أراد أنها ستترك ذكرى جميلة قد تجعله ينسى ما سواها بأن تحرقه في شررها
ومن صور الشاعر أيضا
غيبوبة بحجم ألف ليلة وليلة
وبعدها تساقط القناع قطعة فقطعة
يرمز هنا لعرس كبير كان الضحية فيه (العريس) بلا وعى كأنه في غيبوبة
- ويقول :
هرولت نحوى يا قصيدة
كيف اهتديت لمهجتي
يا هِرة عمياء تعرف وجهتي
كيف احتللت مشاعري فشحذت أوتاري البليدة
كلنا نعلم كم هو مؤرق صيد الخاطر لما يستسلم له الشاعر ،وشاعرنا يستخدم المشبه به المـُدِلّ في صورة الهرة العمياء وهي الحيوان المشاكس اللزِج الذي يتوعد من يوليه اهتماما أكثر بـ" عككنة" أكثر

2- اللفظة
أ – يعتني د. محمد محسن باستخدام الألفاظ ال (fabricated ) التي لم يخدش حياءها بهذا التصرف أحد قبله فمثلا عندما يصف شيئا تشبث في مكانه يقول ( تتمترس) من المتراس، و ( تتبأور) من البؤرة أو حينما يتكلم عن ما فعله القدر في صفحاته المطوية يقول انه (يٌبَستن)
وقال أ.د. محمد زكريا عناني – الناقد الكبير- عن هذه الكلمة في شعر محمد محسن يقول: احترت هل هي كلمة أعجمية أم عربية ولكن أعتقد أنها عربية مشتقة من البستان
قال ذلك في تقييمه لديوان( انعتاق إلى القيود) لمحمد محسن قائلا – ياله من عنوان-

ب- استخدام اللفظة المعجمية فيما يعده درسا لغويا وأظن هنا إننا بصدد واحد من هؤلاء الذين يجعلون لأنفسهم وردا يوميا لأحد المعاجم يقول:
وليدي خشعتى شعري أيحيي موتنـا عيسي
يتكلم عن الولد الخـِشعة وهو غير مكتمل النمو حين ولادته
ويقول :
....ونبضٍ عن القلب من حلأه .
وحلأ الشئ أو على الأصل (حلأ عنه ) بتشديد اللام أي حال دون الوصول اليه ،وهو هنا جعل الفعل متعديا لمفعول مباشر وهذا من الكلام البليغ شاهده في القرآن ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم )
ج – وقد يؤدى إصراره على استخدام لفظة بعينها في الدرس اللغوي إلى أن يقدم ويؤخر في البيت حتى قد يستصعب المعني :
فهل صار الفؤاد بِلىً وشلوا منه ميئوسا
يقصد هل صار الفؤاد باليا( من بلى الشئ فهو بال أو مهترئ) وهل صار شلوا( مفرد أشلاء) ميؤسا منه
د – استخدام ألفاظ المهنة
مثل: الفورمالين والأوكسجين والشريان التاجي والأبهر وهى كثيرة جدا وموظفة في موضعها
هذا بخلاف استخدامه لمعلومات طبية في القصيدة التي تحمل موضوعا طبيا وغير استخدام التعبير الطبي في سائر القصائد يقول:
إذا استنسخوا مثل دوللى ... أيستنسخون الشجاعة ؟
3 – استخراج المعاني اللطيفة
مثاله حين يقول: وصناعة نجم أسهل من صنع حذاءْ
أو يقول: أحبيني يرق القلب كالأوراق للموسـَى
وفي قوله على لسان آله الحرب الأمريكية المتحركة جورج بوش في قصيدة طويلة:
لسنا غزاةْ .. جئنا لتحرير الشعوب من الحياة .
فكـُلوا هنيئا نعمة الخبز المشع ..وخزنوا السرطان في ذراتكم
لنري الأحبة ميتين مشوَّهين ..تقر أعيننا ونحيا في الوفاقْ.
وفيها: فأنا الرئيس ولست منتخبا حمارْ
ويقول فيها :
هاتفي المحمول مجانا لكل العاشقينْ
أو: نحن والألغام للإسلام دوما في اشتياق ... أحبتي شعب العراق .
وفي قوله : جرحي يؤلمني حين أريدُ
ولما أتمرد .. يصبح خدشا فوق جليدْ
ما أشهى الألم ..إذا سواني إنسانا بعد حديدْ
أو :
فلتحمدي الله الذي أهواكِ في مهجتي وقضى بان أهواكِ
4 – توظيف النحو
هنا أتعرض لما أسميه نحو ما بعد النحو عندما يتعدى التركيب النحوي دوره القالبي ليدخل في ضوء الدور التعبيري الإبداعي بانفتاح دلالي للفظة أو لتعبير ما فيقول مثلا :
لأن نزيفيَ ليس دماءً
دعيتيَ أنزفْ لكي أستريح
ويكررها مرة أخري بصيغة
دعيني لأنزفَ كي أستريح
الفوارق بين التعبيرين الأخيرين نحويا أربعة فوارق وهى
-جاء في الأولي دعينيَ بضرورة تحريك ياء المتكلم بالفتح وفى الثانية دعينى بإسكان الضمير
-وفي الأولى أنزفْ مجزوم في جواب الطلب ، وفي الثانية لأنزفَ منصوب وهنا توجد لام تعليل كفارق مع نصب الفعل كفارق آخر
-وجاء في الأولى لكي بلام قبل كي ، وفي الثانية كي فقط
وأسألك قبل أن تسألني: هل لو رأيت التعبيرين معا في قصيدة هل كنت تستغرب وجودهما معا وهذا مؤكد
أم هل كنت تستوعب السبب وإن لم تستوعبه فهل تطالب بحذف احدهما وأيهما تحذف ؟
والسؤال الذي ستسألني إياه ما الفارق بينهما تعبيريا؟ والجواب:
الأولى: دعينيَ أنزفْ أي سأنزف أمامكِ ولكن أرجوك أن تدعيني حتي أحقق مرادى في الامتثال بين يديك نازفا وهنا استريح أما الثانية فهي دعينى لأنزفَ أي أتركينى قليلا وابتعدي عن ناظري فأنا بهذا سوف أنزف وأستريح ....أرأيت ؟
وعندما يقول :
تأتين بالنيران طائرة لتنطفئ ..بأعماق الشعور المستكينِ
وتستبيني من دمائي القاحلة
فقد تمر علي آذان وأبصار كثر لفظة مثل( تستبيني) مرور الكرام لكن يلاحظ القارئ والسامع اللماح أن هذه اللفظة لها معنيان وكلاهما وارد( وهذا لا يحمل مراد التورية) .
فهي إما بمعني أنت تأتين لتستبيني أي لتتجلي وتَبدي (من استبان يستبين ) لتستبيني من دمائي
وهي أيضا بمعني أنت تستبيني أي تأخذيني في سباياك (من استبى يستبي ) لتستبيني من دمائي
وكلاهما كما ترى وارد وكلاهما جميل ولم يحدد في النص ،ولكن الملاحظ أن هذه اللعبة بهذا التمكن لا يمكن أبدا الحصول عليه إلا بشرطين وقد تحققا في التعبير أولهما هو حذف نون الفعل المضارع بجازم أو ناصب وثانيهما هو إسناده لضمير واحد فقط هو ياء المخاطبة دون سائر الضمائر وهذه اللعبة اللذيذة لا يأتي بها إلا من يمتلكون زمام اللغة .
[/FRAME]

عادل نمير 09-05-2008 08:43 PM

تكملة الدراسة النقدية عن شاعر العرائس 2
 
[FRAME="11 70"]الملامح في شعر صانع العرائس(صفات شخصية وروافد ثقافية)
1 – المفارقة
وهى موجودة علي المستوي الانسانى ولا سيما المستوي الإبداعي
فمحمد محسن الذي قال في مباشرة شديدة :
هي أمة الإسلام كم ذا أنجبت من خيرة العلماء والقـُواد
أمـم رجال شـرفوا تاريخهم من كل صديق ومن جوّاد
هو نفسه الذي سيقول عن التفاحة التي تتعري
أتأملها واجفة .. أتمني أن أقضمها ..وأغوصَ بنصلي للمجهولْ
- يقصد بتفاحة الألم أنثي تأتيه كطبيب بجمالها وربما بأشياء أخرى ليختلي بها في غرفة فحص فيتمني كبشر (رغم أنه لا يفعل ) أن يلمسها أو يتلذذ بجمالها أو حتي يقضمها أو أن يـُعمل " نصله في المجهـول"
هو نفسه محمد محسن الذي يستكين ويخضع ويستسلم :
وأصبّ عذاباتي في قمقم وجدي
فدموعي تحرق مملكتي .. إذ تفضحني
وعذابي يتضخم لو يعرفه الناسْ
ثم ها هو يمتطي جواد نفسه العالية ليقول عن رفعته عن منزلة تلك الحبيبة التي لا تستحقه
النسر حط من السماء بزهوه فجفا الزهور وحن للأشواكِ
وهو الذي يستخدم المفارقة علي المستوي الإبداعي في قوله:
وقلّدوك علي عروش الوهم قردا من ...ذهب!

وفى قوله : وتروسا ملساء
وفى قوله : حطمت من حولي المرايا .. هاربا من وَحدتي
وزحام سجني الانفرادي ..المعتق في الخلايا
لا تلوموني .. أنا وجهي المهشم صار مليونا
يحاصرني .. وتنهشني الشظايا .
رأى نفسه في سجن انفرادي وهو وإن خلا من المُرافِق والمَرافق مزدحم ربما بالهموم أو مزدحم ربما بإطراءات الآخرين وبالذات المتضخمة أو..أو.......
فقام بعد انغلاقه على نفسه بتحطيم المرايا والتي هي أيضا مكون لا يتواجد في سجنه الانفرادي ولكنه يستدرك ليقول (المعتـق في الخلايا ) ولما قام بهذا العمل ازداد الطين بلة وأتت الرياح بما لم تشته سفنه فلا تلوموه

2 – الإدهاش
وأنا أراه صورة أعلى من المفارقة ولا سيما إذا استخدم كخاتمة لقصيدة حبذا لو كانت (ايبيجراما) وهي قصيدة الومضة القصيرة المضغوطة ،،،يقول :
عيناك أوحتا إلي الزنادِ .. مستا الفؤادَ
فانطلقتِ في المدى..... قصيدة !
القصيدة لا تنطلق في المدى كما أن الزناد لا يعمل بمجرد الإيحاء ، فكأنه أراد إن عينيها بما لها من جاذبية وتأثير على الموجودات يكفيها فقط إن توحي بقول أو بإيماءة :يا زناد الحب أصب محمدَ بنَ محمد بن محسن فيطيعها الزناد مذعنا ويا أيها القلب سأمسّك -فكيف إذا خدشتك- فأطلق في المدى شهقة قصيدية لا تنتهي
ويقول : جيوشٌ من عيونك قاتلتني ..كإطلاق الحمام علي الرصاصِ
هل الحمام هو الذي يطلق جيوشا علي الرصاص؟
هذه هي صفات الشاعر الذي يخلع علي الأشياء صفات ليست فيها ويردف بالبيت الآخر
فعدتُ شهيد أشواقي إليها وآب لواحة الإيمان عاصِ
فما أجملها من خلخلة للثوابت
ويقول
وأنى لا أري في الحب
إلا أن يكون النهر مشتاقا إلي الظمآنْ
فإن لم تكن يا من أتعشم فيك نهري المشتاق لظمآن شعوري فلا أهلا بحبك
3-الانفتاح الدلالي
أتحدث أنا الآن عن قصيدة أعدها أجمل ما قرأت له إن لم تكن أجمل ما قرأت في حياتي وهي "المروق في البرق" يقول بعد مطلعها :
وغزوة الفتح انتهت... بفارسٍ
يفتح أبواب المدينةْ .. ويعتلي قلاعك الحصينةْ
لتصبحي في لحظة ... منتصرةْ.
ماذا يقصد بذلك؟ قد يقصد أنه رمى تلك الفاتنة المغرورة بأسهم عينيه فاستطاع بمفرده من ضمن فوارس كثيرة أن يُسلمها للحب يعبث بأقدارها،ربما ولكن بالعودة الي مطلع القصيدة نجد انه يقول :
تذاوبي في لحظة لا تصطلي في العمر إلا مرّة
وعانقيها حلوة ومرّة
فما هي؟ ، ماهي هذه اللحظة التي" تتذاوب" فيها الانثي بل تصطلي وتشعر فيها بالمر قبل الحلو؟
إنها لا شك ليلة الزفاف حين كان الفارس الفاتح الذي اهدى إليها الألم والمتعة لأول مرة مجتمعيْن وفي النهاية أصبحت منتصرة وعندما سمعت منه هذه القصيدة لأول مرة تراءى لذهني انفتاح آخر بحكم مهنتي لكنه ليس علي المستوى المرئي ولكن علي مستوى أدق وهو المستوى المجهري
والحقيقة أنه فوجئ بهذا ولا عيب في ذلك فالنص الجيد الذي يولد أكثر من مرة بعدد مرات انفتاحاته الدلالية
فالانفتاح الثالث- أخي الكريم- والذي هو علي المستوى المجهري هو أن واحدا فقط من ضمن ملايين الامشاج الذكرية تستطيع أن تقتحم أسوار هدف منيع هو البويضة الأنثوية ليتم بذلك التلقيح وهنا يتم لهذه البويضة مهمتها لتصبح بمفارقة شديدة في لحظة" منتصرة " بعد غزوة فتح وأريد أن أتوقف في هذه القصيدة عند شيئين آخرين
1- الحديث عن موضوع شائك في حد ذاته لكن في صورة غير جارحة ولا مبتذلة
2- دور العـَروض في دائرة (عروض ما بعد العروض )ومنطلقا من نظرية الوصل والفصل التفعيلي للأستاذ .محجوب موسى فكلمة (بفارس) أتت هنا منفردة من وزن (مفاعلن) o//o// في الرجز لتؤكد معني التفرد والتوحد فهو فارس متوحد في مكانه وزمانه وجبروته ومتفرد كذلك تفعيليا وكذلك كلمة (منتصرة) جاءت مفصولة عروضيا لأنها التي تحمل معنى المفارقة المطلوبة

4-الروافد الثقافية
يتميز صانع العرائس بتنوع روافده الثقافية ، وهكذا من يريد أن يضع قدمه في رِكاب الشعر تجرأ علي أي علم في الوجود فبعيدا عن الثقافة الطبية -مجبرا أو بطلا -نجد أن د.محمد محسن يتمتع بروافد أخرى يتكئ عليها أهمها التراث الاغريقى والتراث العربي الجاهلي أو الإسلامي فضلا عن توظيف مصطلحات عصرية قد يرى البعض خجلا من ذكرها في الشعر
-الطب : بعيدا عن اللفظة الطبية نتحدث عن الإسقاطات الطبية والحديث عن موضوع طبي جامد بلغة شيقة فكيف يأتى به في الشعر شلال الشعور ؟ ..فيقول
قلبي المجمَّد حين ينقله الطبيب الي مريض آخرَ
كي يكمل العبء الثقيل
فيا تري هل مالك القلب الجديد سيشتهيك حبيبة؟!
وعن هذه الومضة يقول الأخ الكريم الناقد الشاب عبد الباقي عطية أن الاستفهام هنا يحمل أكثر من معنى لربما كان معنى الاستنكار أي لن يتمناك كما تمنيتك ،ولربما كان يمُنّ بحبه على تلك الحبيبة أي ابحثي الآن يا أنتِ عمن يحبك سواي ،أو لربما حمل معنى أسمى وهو الاستفهام بغرض التمني أي تمنيت جسدا أحبك فيه بعد موتي فيا ليته يشتهيك حبيبة ليكمل عبء حبك الثقيل،
الله أكبر!
وننتقل إلي قصيدة بأكملها حينما يتحدث عن الزائدة الدودية كعملية جراحية :
جففْ أو شغلْ شفاطا
وافصل هذي العضلات المرتخية في بحر التخدير
(لم يأتي حتي الآن بجديد وهو طبيب محض )
هذى الفجوة أعمق من ظلمات الجب
وأخطر من ادمان الحب .. فدعِ الفتنة نائمةً
(هو هنا شاعر يتنفس الصعداء ويغلق الجرح الذي قد يحمل تحته نزيفا خطيرا أو التهابا في البريتون أو حتى ورما خبيثا فدعنا منه وخلِّنا نخرج من هنا بالسلامة وأغلق الفتنة النائمة لعن الله من أيقظها )
ومن ذلك قوله :
كبـّاحات القلب المهترئة لا توقفـُهُ
فكما في السيارة الكباحات أو الفرامل فالأعصاب التي تتحكم في دقات القلب لم تعد قادرة على أن توقف سرعة دقات القلب المضطربة في مرض الخفقان
ومن روافده الثقافية يقول :
علـّقت عينيّ في الآفاق زرقاءُ اليمامة
فهو يقلب الآية ويقول انها هي التي علقت عينيه ويسأل بعدها:
هل تراني مثلما دوما أراها
نقطة في البعد أو في القلبِ....
وكذا استخدامه للرمز الشجاعيّ (عنترة العبسي) :
عجبا لعبسٍ جهلهم..حرّرتـَهم فدعـَوْك عبدا أسودا ما أحقرهْ
اجترّ شـِعرك..فالمفاخـر كلها في عالم "الديسكو"هـُراء ثرثرةْ
سقطتْ من الأفلاك شمسك حينما سرقوا من العقد الثمين الجوهرة
أوددت تقبيل السيوف أم الصوا ريخ الرهـيبة والـقنابل ممطرة
قبـّل ثرى بغداد ....غزة إنمـا ثغر الحبيـبة مزقـته المجـزرة
ومنه استخدام التراث الإسلامي ومحاولة التجديد فيه فكلنا قرأ دالية الرقيق يزيد بن معاوية والمعروفة في ديوان الشعر العربي بـ (وأمطرت لؤلؤا ).. قارنها بومضة محمد محسن وعنوانها (أمطرت لؤلؤا)حيث يتحدث فيها عن تكون اللؤلؤة حين تخدش حبة من الرمل قلب المحارة فيقول :
حبة الرمل جرح بقلب المحارْ
أمطرت لؤلؤا عند قاع البحارْ
وهذا بالضبط ما فعلته البنت الشقية :
وأنت جرحت الفؤاد الصموتْ .. وسافرت شمسا بعيدةْ
فانقطع بذلك التصال المادي بينهما
وقلبي لكي لا يموتْ
تصرف تصرفا وجدانيا يبرز أهمية وصفه القلب بالصموت ..
تكور حول هواك
ليصنع لؤلؤة هي أنت .. ويشدو لعينيك أحلي قصيدة
ومنه الإسقاط القرآني :
والغربان انقرضت يا ويلاه.. فكيف أواري قلبي
أو أنفخ روحا من روحي فيه ..
وهو هنا يبرز الجمال في المستقبح فالغراب كرمز قديم للشؤم هو ذاته أول معلم لمهنة من أشرف المهن وهي مهنة اللـّحـّاد
ومن ذلك قوله :
أكلوها ومضت كل الأجيال
لماذا جئت أنا .. كي أدفع عنهم ثمن التفاحة
ومن استخدام الأساطير الرومانية واليونانية أيضا :
سيزيف لم يزل مبعثرا على السفوح والقممْ
معلقا بين القنوط والألم
وصخرتي.. مدينتي .. دماؤها بداخلي
ولم أزل سجين سورها العتيق .

ومنه الحديث عن أسطورة بجماليون وهي تحكي عن تمثال صنعه بجماليون كأجمل ما تكون أنثى لكنه فوجئ في اليوم التالي أن هذا التمثال يتحرك(وإن تحرك تحديدا ليمسك بالمكنسة لينظف المنزل):
أحببت بجماليون أحييت الجما د كأنها والمعجــزات سواءُ

ولابد أن أختتم هذه الإطلالة فمازال هناك الكثير والكثير من أشعار د.محمد محمد محسن وقصائده التي لا تحصى
فتحية وإجلالا لشاعر أجبرني شعره علي الكتابة عنه وننتظر المزيد عن "صانع العرائس"

د. عادل محمد نمير
شاعر وناقد
[/FRAME]

السيد عبد الرازق 13-05-2008 08:54 PM

د عادل محمد نمير .
مبارك الدكتوراة عليك .
مررت من هنا علي مقالكم عن الشاعر المصري
محمد محسن فإني لأول مرّة أسمع عنه وأقرأ له .
تقبل أخي الفاضل مروري ولكم تحياتي وتقديري.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عادل نمير 18-05-2008 06:53 PM

السلام عليكم أنا طبييييييييب بشري ولست للأسف حاصلا على دكتوراة أكاديمية في الأدب وإن كنت أسعى لهذا الشرف لاحقا
جزيل الشكر لك

عادل محمد سيد 21-06-2010 07:30 PM



Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.