حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   صالون الخيمة الثقافي (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=9)
-   -   أيام في الخليج(2) (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=82286)

إبراهيم مشارة 02-01-2010 01:22 PM

أيام في الخليج(2)
 
وليس ذلك مرده إلى أن الناس يعملون في النهار فالبطالة ضاربة أطنابها في عالمنا العربي ولكنها طريقة في الحياة أقل ما توصف به أنها حجرية!
وفي بعض المدن لا أثر للمرأة ليلا في شوارعنا وإذا كانت المرأة تخاف من الخروج ليلا فهذا معناه أننا نعيش في دغل ولسنا محل ثقة ولا روح حضارية وإنسانية وهي كارثة بكل المقاييس.
على أن متعتي الحقيقية كانت في منتجع ساندز فلم يسبق لي أن أقمت في فندق فخم كهذا كلما دخلت استقبلك بالشاي وتمور الجزيرة العربية والحق أني كنت سعيدا بصداقات ربطتني بإخوان عرب وأتاحت لي ليالي السمر في أن أتبادل أطراف الحديث مع لفيف منهم.
فهذا صديق شاعر من السودان على صفحة وجهه طيبة أهل السودان ووداعتهم وهدوءهم شأن النيل حين يستوي في أرض السودان فيزداد حكمة وصفاء وجلدا على مغالبة الأرض الحارة التي تنساب مياهه فيها مئات الأميال صوب الشمال مانحا الحياة للكائنات، يحدثك خجلا وبصوت خفيض بلكنة محببة لا اصطناع فيها وقد جاء إلى الإمارات مشاركا في برنامج شعري وله ديوان مطبوع خص الأطفال بقصائده وهذا وجه من وجوه الوعي فما زال أدب الطفل عندنا أدبا ناميا بالقياس إلى غيرنا من شعوب العالم المتطور وما أحوجنا إلى كاتب من طراز هانس كريستيان أندرسن وإن كانت للأستاذ الراحل كامل كيلاني خطوات يستحق عليها كامل التقدير والاقتفاء وكأننا ننظر إلى هذا الأدب نظرة الاستصغار فالطفل رجل المستقبل والعناية بتعليمه وتثقيفه وتسليته ذريعة إلى مستقبل واعد، أليس الرجل طفلا كبيرا؟ أليست الطفولة بئرا أولى كما يقول الراحل جبرا إبراهيم جبرا؟ وقد تكفل اتحاد أدباء السودان بطبعه له ومن الديوان الذي أهداني إياه وكان من الشعر الموزون المقفى تتعرف على خصائص أهل السودان فهم يحافظون على الأصول ويتريثون فلا ترى الكاتب منهم يندفع لا يلوي على شيء يضيق ذرعا بتراث الآباء والأجداد داعيا إلى إلقاء كل شيء في البحر! هلاّ كلف نفسه عناء القراءة وعناء التروي في إصدار الأحكام حتى إذا انتهى إلى شيء مما ينتهي إليه الراسخون في العلم كان حقا خليقا بأن يقرأ وأن يحترم رأيه على الرغم من الاختلاف معه فالاختلاف لا يفسد للود قضية.
وصديقي الشاعر السوري يقرأ علي شيئا من شعره وقد شممت فيه رائحة ياسمين دمشق واستمعت منه إلى خرير النواعير في حماه ووضعت يدي في أشعاره على شيء من لزوجة الأشياء المندّاة في اللاّذقية.أما الجراح المصري العامل في مستشفى الملك عبد العزيز في جدة فقد كان حالة خاصة ذكرني بالدكتور ناجي "الشاعر" فما أكثر الأطباء المشتغلين بالشعر، وهو سعيد بعمله في مستشفى الملك عبد العزيز في جدة فهو يدر عليه دخلا وفيرا وطموحه يدفعه إلى الحصول على الزمالة البريطانية وهي تتيح له كثيرا من التجربة والسفر والمعرفة وهو جدير بها كما يبدو من تواضعه ودماثة خلقه . وهذا صديق مغربي آخر ولأهل المغرب معزة في قلبي فالحركة الثقافية خصبة في المغرب وأنا منذ زمن أتابعها منذ عرفت الحبابي صاحب مذهب "الجوانية "الذي تهكم منه الدكتور طه حسين والجابري وفاطمة المرنيسي وبنيس ومحمد شكري ومحمد زفزاف ويمكن أن نقول في ثقة أن المغرب الأقصى هو بؤرة الفكر والأدب والثقافة حاليا .
قال صديقي المغربي ونحن نستعد لندخل محلا تجاريا ضخما نتفرج على السلع ونتأمل في وجه الغادين والرائحين.
لماذا تصرون على استقلال الصحراء وتقدمون الدعم للثوار. لقد نالوا الحكم الذاتي لا ريب أن لكم مآرب في الصحراء؟
لكنني قلت على الفور:
- إن ما تفرقه السياسة تجمعه الثقافة، وقضية الصحراء الحكم فيها للتاريخ فلا شيء أقوى من حكمة القرون.
وهذا الصديق أهداني ديوانه الشعري وتأملت فيه فوجدت فيه أصالة شعرية وروحا شاعرية مغربية باحثة عن أناها في التيه العالمي وسررت غاية السرور حين قرأت في موقع وكالة أنباء الشعر العربي أن هذا الشاعر نال جائزة الشعر في بغداد وحسبه ذلك تكريما واعترافا بشاعريته.


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.