حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   خيمة صـيــد الشبـكـــة (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=73)
-   -   أحلام ضد سن اليأس‏ (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=72406)

ياسمين 03-07-2008 10:13 PM

أحلام ضد سن اليأس‏
 
أحيانا يدعو الواحد منا نفسه إلى قهوة في مكان ما. يرتشف فنجانه ويتأمل حياته الماضية قليلا. وبين رشفة قهوة وأخرى يتذكر أحلام طفولته ومراهقته وشبابه. ويفكر هل استطاع أن يحقق شيئا من كل تلك الأحلام الكبيرة التي ظل يرسمها في خياله خلال لحظات شروده الطويلة كما يرسم الطفل فوق الرمل، قبل أن تأتي الموجة وتمحو كل رسوماته. كثيرون منا يجدون أنفسهم بعد إنهاء فنجان القهوة أنهم أصبحوا في واد وأحلامهم القديمة أصبحت في واد آخر. يشتغلون مهنة مملة لا علاقة لها بالمهنة التي تمنوا دائما احترافها، ويسكنون في المدينة التي لم يطيقوا يوما أهلها، ولديهم جيران كل ما يجمعهم بهم هو تحية الصباح والمساء. هذا إذا كان هؤلاء الجيران من الذين يردون السلام طبعا. بعضنا كان يحلم بأن يصبح طبيبا، وبسبب قلة ذات اليد درس الأدب حتى السنة الثانية ثم غادر الجامعة جريا وراء الخبز وانتهى طبيبا مختصا في علاج أوضاع عائلته المادية، عوض أن ينتهي طبيبا مختصا في القلب كما كان يحلم. بعضنا كان يحلم عندما اشتغل بأن يتزوج بنت الجيران التي تبادل معها الرسائل الغرامية طيلة مراهقته، وعندما عاد إلى مدينته وجاء ليطلب يد فتاة أحلامه وجد أن هناك من أتى قبله ولم يطلب يدها فقط بل طلبها عن آخرها وأخذها إلى حيث تربح ما تصرف به على عائلتها الفقيرة. بعضنا كان يحلم بأن يصير مهندسا يرسم العمارات والفيلات الفخمة، وبسبب موت الأب سقطت كل البنايات التي رسم في خياله فوق رأسه، وعوض أن يرث بقعة أرضية يشيد فوقها مشاريعه ورث الديون وقبيلة من الإخوان الذين صاروا يرون فيه مهندسهم الخاص الذي يجب أن يرسم لهم من جيبه مستقبلهم واحدا واحدا. بعضنا كان يحلم بأن يصير شاعرا وظل يكتب قصائده ويخبئها في دفاتره الخاصة، وعندما كبر اكتشف أن كل البيوت الشعرية التي بنى في قصائده لن تنفعه في بناء بيت حقيقي يؤوي فيه زوجته وأبناءه، فترك بناء البيوت الشعرية بالاستعارات والكلمات الجميلة جانبا وتفرغ لبناء بيت حقيقي من الإسمنت والطوب! بعضنا كان يحلم بأن يصير ممثلا تملأ صوره الشوارع والقاعات السينمائية، وعندما كبر نجح في أن يصير مجرد كومبارس يلعب دورا تافها في الحياة وليس في السينما. وعوض أن يملأ الشوارع بملصقات أفلامه ملأ حياته بالأدوار الرديئة وأصبح يمثل على الناس دور البطولة. وعندما ينهي أفلامه لا يجد من جمهور ينادي عليه باسمه سوى استدعاءات مخافر الأمن، ولا يجد من معجب يطلب منه توقيعه سوى محرر محاضر الاستماع في مقرات الشرطة! بعضنا كان يحلم بأن يهاجر إلى الخارج بعيدا عن هذا الوطن، وأن يبدأ دراسته من جديد وأن يتزوج امرأة أجنبية ويغير جنسيته. وعندما كبر هجر وطنه دون أن يغادره، وبدأ دراسة وضعه المادي عوض الجامعي، وتزوج زميلته في العمل، وعوض أن يغير جنسيته غير زجاج نظارتيه ومفتاح الباب واستقر في السكن الوظيفي إلى الأبد. بعضنا كان يحلم بأن يكون فنانا بشعر أشعث وفرشاة ألوان في الجيوب، يسكن في كوخ بعيد عن المدينة ويعيش على بيع لوحاته. وعندما كبر وجد نفسه وقد أصبح فنانا يرسم الصفقات وجيوبه مليئة بأقلام الحبر الغليظة التي يوقع بها على الشيكات عوض الفرشاة التي كان يحلم بأن يوقع بها اللوحات. بعضنا كان يحلم بأن يصبح كاتبا مشهورا يكتب الروايات والقصص، فانتهى كاتبا عموميا يكتب الشكايات وعقود البيع والشراء والكراء. بعضنا كان يحلم أن يصبح صحافيا يفضح اللصوص ويميط اللثام عن زعماء العصابات والأحزاب، فانتهى مناضلا في أحد هذه الأحزاب التي كان يحلم بأن يفضح زعماءها، وعوض أن يميط اللثام عن زعماء العصابات أصبح لوحده عصابة قائمة الذات. بعضنا كان يحلم أن يصير جنديا يدافع عن حوزة الوطن، وعندما كبر وجد أنه لم يدخل إلى الجندية لكنه مع ذلك وجد نفسه مجبرا على الدفاع عن حوزة نفسه ضد كل الدخلاء والأشرار الذين يحاولون التدخل في شؤونه الخاصة. بعضنا كان يحلم أن يتزوج بحبه الكبير، وعندما كبر وجد نفسه مجبرا على الزواج بحب صغير وضيق جدا على قلبه، ومع الوقت أصبح هذا الحب يجرحه في صدره كما يجرح الحذاء الضيق القدم بسبب المشي. بعضنا كان يحلم أن يصبح مغنيا مشهورا، وقضى سنوات مراهقته يدرب حباله الصوتية في الحمام على أغنية «أروح لمين»، وعندما كبر وجد نفسه مازال في الحمام نفسه، وعوض ترديد أغنية «أروح لمين» أصبح يردد «أغدا ألقاك»! بعضنا كان يحلم بالشهرة فحصل على الفضيحة. بعضنا كان يحلم بالسلطة فسلطها الله عليه. بعضنا كان فقط يحلم بالستر فافتضح أمره. بعضنا كان يحلم بالثروة ونسي أن الثروة الحقيقية هي حب الناس، وأن ابتسامة صغيرة واحدة يمنحك إياها في الشارع شخص لا تعرفه أثمن وأغلى من رصيد سمين وجامد في بنك. بعضنا كان يحلم بالثورة في شبابه وعندما تجاوز مرحلة الحماس استبدل الثورة بالثروة. فربح الثروة وخسر نفسه. بعضنا كان يحلم بأن يكون مناضلا، وظل يخطط في ساعات عزلته للإطاحة بكل الأفكار التي لا تمشي في صفه، وعندما كبر وأصبح بمستطاعه أن يقود أفكاره إلى النصر وأن يقود انقلابا ناجحا، غير البندقية من كتف إلى كتف وقرر أن يصبح مهادنا وأن ينفذ انقلابا ناجحا ضد مواقفه السابقة. بعضنا كان يحلم بالاشتراكية العمالية فانتهى رأسماليا ولم يحتفظ من الاشتراكية سوى بالسيغار الكوبي وأطباق الكافيار المستورد. بعضنا كان يحلم بالشيوعية فانتهى ملكيا أكثر من الملك. بعضنا كان يحلم بقلب النظام فانتهى في قلبه. بعضنا بدأ ضابطا صغيرا في الجيش وانتهى تاجر سمك كبير في أعالي البحار. بعضنا كان مغرما بقضية المرأة في شبابه، وعندما تزوج زميلته في النضال كسر أضلاعها في اليوم الموالي، وعوض أن يقضي معها شهر العسل في فندق بخمس نجوم، قضى معها عمرا كاملا من الحنظل رأى فيه النجوم في عز الظهر. بعضنا كان دائما ينتظر أن تأتي فرصة العمر، وعندما أتته ضيعها لأنه كان مشغولا بالنظر إلى فرص الآخرين. بعضنا كان يحلم، فانقطعت عنه عادة الأحلام وأصبحت تزوره الكوابيس فقط.
ومع ذلك، رغم الخيبات والانكسارات، لا مفر للإنسان من الحلم، لأنها الملجأ الأخير للأمل، العدو اللدود لليأس. فالأحلام مثلها مثل العادة الشهرية، تنقطع عنا بمجرد ما يدخل طموحنا سن اليأس!
ًمنقولً

السيد عبد الرازق 04-07-2008 10:44 AM

الأخت الفاضلة ياسمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك مررت من هنا .
تحياتي لكم وتقديري
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبداللطيف أحمد فؤاد 17-07-2008 11:57 AM

شكرا يا جاسمين على زرع باقات الامل فى ارض القلوب ولكن 000000000000

ياسمين 21-07-2008 02:30 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة عبداللطيف أحمد فؤاد
شكرا يا جاسمين على زرع باقات الامل فى ارض القلوب ولكن 000000000000



أخي عبد اللطيف

أشكرك على مرورك، لكن لم أفهم جيدا ما قصدته في

تعقيبك، إن كان بإمكانك توضيح ما رميت إليه، أكون

ممتنة لك.

ياسمين 21-07-2008 02:34 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة السيد عبد الرازق
الأخت الفاضلة ياسمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك مررت من هنا .
تحياتي لكم وتقديري
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أخي الفاضل السيد عبد الرزاق

أشكرك على المتابعة، دمت في أمان الله ورعايته

تقبل مني أطيب المنى

نزار المصري 28-07-2008 07:55 PM

سبحانك... لا اله الا هو
ثم
شكرا ياسمين على الموضوعات الطيبه

بنت المغرب الواعيه المثقفه..... المغرب من البلاد التي تحمل تراثا وتاريخ

تقديري لكل كتاباتك

لا اله الا الله

نزار المصري 28-07-2008 07:55 PM

سبحانك... لا اله الا هو
أسف على التكرار
لا اله الا الله

salsabeela 28-07-2008 09:13 PM

جميلة الأحلام

موضوع ربما يعبر عن شىء عند كل منا

ياسمين ... تقبلى مرورى

ياسمين 28-07-2008 09:44 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة salsabeela
جميلة الأحلام

موضوع ربما يعبر عن شىء عند كل منا

ياسمين ... تقبلى مرورى


ربما طرحت هذا الموضوع لارتباطه بشخصيتي

أذكر جيدا منذ فترة تدرجي في أسلاك التعليم الثانوي

وعند انتهاء كل سنة من العمل، ينتابني إحساس بالحزن،

وأقول في نفسي وماذا بعد؟ ما الذي سيربطني بالمستقبل؟

لم أكن أحب الفراغ لأنه يعني بالنسبة إلي نهاية الحياة

والشعور بالموت البطيء، بعدها أدركت بأن نهاية كل

عمل إنما هو بداية لمشروع جديد وحياة جديدة من العمل

الجاد، لأن أشد ما يقتل الإنسان هو تخليه عن أحلامه

ليعيش خارج الزمن.

ومن نعم الله علينا أنه أودع فينا عقلا وروحا ومواهب

جمة، يجب أن نعمل على صقلها بالمتابعة والعمل لكي

نحصل على درجة التقدير الذاتي لأنفسنا ونستمتع بالحياة

شكرا لك سلسبيلا على مرورك الطيب

تحياتي إليك


:heartpump :heartpump :heartpump

المشرقي الإسلامي 12-04-2010 09:20 PM

رأي يُحترم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكرك أختي العزيزة على هذا المقال المنقول وإن كنت أ راه طويلاً بلا داعٍ وكان من الممكن اختززال كل الأمثلة التي ذكرها في كلمتين :"أحلام اليقظة". ولم يكن هذا الذي ذُكِرَ في المقال بالجديد .ليست كل الأمثلة على هذا النمط بالضبط ، بل إن الرهان على قدرة الإنسان على الكفاح والتفكير غير النمطي والقبول -مرحليًا- بالوضع الشيء الذي يعاني منه من أجل الانتقال إلى وضع أفضل هو سبيل تحقيق هذه الأحلام .
ربما كان من الضروري على الفرد أن يضع حلمًا سهلاً يرى تحقيقه أمام عينيه حتى يأخذ منه الدافعية من أجل تحقيق ما يريد.قد يكون الفرد لديه أخطاء في عملية التقييم لطريقة تفكيره أو مقدراته الحقيقية. والعمر -في النهاية-لا يتوقف على حلم معين ، وإنما بقدر ما يتسم الإنسان بالمرونة الكافية في تحقيق أهدافه بقدر ما يكون قد شعر بلذة هذه الحياة ومفاجآتها السعيدة.


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.