الشاعر ابراهيم الأسود الفائز بجائزة البردة لوزارة الثقافة الإماراتية.
[FRAME="8 70"]ابراهيم الأسود !!؟؟
-------------------------------------------------------------------------------- اترككم مع هذا اللقاء مع الشاعر ؟؟ إسمي إبراهيم عبد الحميد الأسود ، ولدت عام 1952 في قرية سورية ذات طبيعة جميلة تقع على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات ، اسمها هجين ، هي الآن مدينة بحسب التقسيمات الإدارية ، درست حتى ( سنة رابعة إبتدائي ) ، ثم صُـرفت عن التعليم بفعل ٍ مبنيٍّ للمجهول ، إلا أنني كنت محباً للكتاب شديد الشغف بالمطالعة ، و بخاصة ما يتعلق بالأدب و اللغة والشعر ، و بهذه الطريقة _ التي تشبه أن تكون سماعية في التعلم _ إكتسبت ثقافتي ، و قد داعب الشعر خيالي عام 1967 – 1968 كمحاولات ، ثم كتبت القصيدة الصحيحة حين وُجـِدت للشعر دواعيه ، و كان ذلك عام 1976، في قصة لا محل لذكرها . وأنا الآن عضو إتحاد الكتاب العرب ، ولديّ ثلاثة دواوين مطبوعة ، هي : ( إلى المقتولة ظلماً ، أرجوان على شفة الجرح ، من رماد القلب ) وأربعة مخطوطة ، وسلسة أخرى مستقلة من الشعر الساخر والناقد ، اسمها (شواخص) بلغت حتى الآن أربعة دواوين إثنان منها قيد الطبع ، فيكون عندي أحد عشر ديواناً ، المطبوعة منها خمسة . كتبت القصيدة ذات المائتي والثلاثمائة بيت ، والشاخصة ذات البيتين والثلاثة ، والكثير مما هو بين ذلك . كما إن لدي ثلاث روايات ، إحداها مطبوعة وعنوانها ( وداعاً يا حطام العمر ) و ( شجرة الظل ، و أنامل الشيطان ) ما زالتا تنتظران ... والقليل من المحاضرات والمقالات الصحفية والدراسات النقدية و أي حـديثٍ يـوجـع القلبَ و قـعُـه ** كأن توئس المشتاقَ من عَوْد غائبِ و أي عـذابٍ للـمـشـاعـر مـثـلـمـا ** يـعـذبـهـا مــرأى خُـلُــوّ الـمــلاعــبِ لك الله يا قلبي المُعنّى إلى متى ** تُـقَـطّـعُــك الأحــــزان إثر الــذواهبِ لكِ الله ياعيني التي جفّ مـــاؤها ** و لـمّـا تـزل جــــيّاشةً بالسحـائــبِ فـآكل من مُـرِّ الأسى لا أسيغـــهُ ** و تـأكل ديــدان الأسى من أطايـبي و لقد ورثـت اليوم نعـليْ ( حُـنْـدُج ٍ) ** و سُـلـبـتُ حـقـاً لـي بـــإرث الـتـاج ِ و رقى إلى قُـلَل الـمـعـالي أعـجَـمٌ ** و ظـلـلـتُ مـقـبـوراً أنـا و نـتــاجــي فـلعـنتُ عصراً أصبحت فـيـه الـذّرى ** نـهـبـاً لـكـل مـنـافـــق ٍ و مُـــــداج ِ حندج << امرؤ القيس وله:- تـضـايـقني الأرزاء حـتـى كــأنـنـي ** عـلى سعـة الأرجاء أرقـد في حبس ِ و يعـبسُ في وجـهي الزمـان مـقـطِّباً ** كأن زماني من بـقـايا بني عـبس ِ و يمشي على رجلين ناسٌ ،و بعضهم ** عـلى أربع ٍ.. أمّا أنا فعلى رأسي و من أدعـياء الشعـر من عـاب أنـني ** شربتُ و أهلَ الجاهلية من كـأس ِ و يعـرض عـن شـعري و يـنفر طبعه ** كما ينفر الشيطان من آية الكرسي وله:- يَمُنُّ عليّ الـدهر أن كنت شاعراً ** وكم شاعر ٍ قد مات جوعاً وكاتبِ ولو كان لي رأيٌ رفـضتُ ، لأنـني ** أريد حياتي ... لا هــراء مـواهبي و إني لتوّاقٌ إلى ساعةٍ ، يـفي ** ليَ الزمن الغدّار من بعض واجبي و هيـهات ، إذ لو أفـلتتني نُيوبُهُ ** تـلقّفـَني من فــورهِ بالمـخــالــبِ وله:- تـغـزّلتُ حتى أنهـج الفـتـلُ مـغـزلي**و جانيتُ عرفاً لَحمة القـول و السَّدى و كـل بحـور الشعـر أوطــأتُ قـــاربي**و أخــرجــت مـنـهــا لــؤلــؤاً و زمــرّدا و عُـلِّمت سجـع الطير بـومـاً و بـلبـلاً**سجـيّـة طـبع ٍ فيّ ليست تـجـَـهُّــدا فــإن شـئتُ أبكـيتُ الأوابــد نـاعـيـــاً**و إن شـئت أطـربتُ الجـمـاد مـغــرِّدا و أنا شاعرٌ غَـز ِلٌ بكل جزيئات روحي .. و الحب أحسبه المادة الأساس في تكوين المشاعر ، و عنه تتفرع كل عناصر القضية الوجدانية : و لِعتُ بالحب طفلاً ، ثم شبتُ ، وها ** قد شبّ فيّ وشاب الهاجسُ الولَعُ قـنصتـُه في متـاهـات الصِّـبا حـدَثـاً ** قوسي صليبٌ و مُـهـري ضامرٌ جذَعُ و لــــم أزل تـتـصـبّـانــي بـــــــوادرهُ ** و شرطـُه قـائمٌ ... و الحظ مضـطجـعُ مـلآن منه خـوانـي طـافـحٌ قـدَحـي ** و لـيس لـي مـنـه لا ريٌّ و لا شِــبَـعُ و لي في هذا الفن أفلاك مشرّعة ، و ديوان خاص ، و غير الديوان قصائد تعد من عيون الشعر ، منها قصيدة ( لابسات الشنوف ) ، وهذه أبيات من قصيدة أخرى تصلح أن تكون مثالاً : و تـقول عاذلتي : تصـبَّـرْ عنهمُ ** أو فاستـعـض عن هاجر ٍ بسواهُ نـِعـم الـدواءُ الصـبرُ ، إلاّ أنــني ** جـربــتُــهُ فــازداد مــا ألـقـــــاهُ و لربما استبدلتُهمْ بسـواهـمُ ** لـو كــان في الدنيا لهم أشـبـاهُ أمّا الحدة و الجرأة ، فنسبتهما في شعري أكثر منها تواجداً في طبعي ، لأنني ( إنساناً ) لا أحتاج إليهما دائماً ، أمّا ( شاعراً ) فلا أتصور أن يكون أي صاحب رسالة إلاّ جادّ اً حادّ اً ، و لست أدري من القائل : على الشاعر أن يضع في شعره ناراً ، أو أن يضع شعره في النار . زماني ألقـى بي إلـى صُمِّ جندلِ ** و لو شاء ألقاني على موطئ ٍ دهس ِ و لكنّ نـفـساً أعجـز الهـمَّ قـتـلُـها ** من الغـبن أن تُـبـتـاع بالثـمن البخس ِ ● الشعر الحديث .. هذا الذي أكثروا فيه مـدحاً و قـدحاً ، بين مؤيد و معارض ، قد تكون أشـرعت قـاربـك في بحره ، أو على الأقـل : ما هي علاقتك به ، و كيف تنظر إليه ؟؟ ●● الشعر الحديث ، كائن مستعرب يجب التعاطي معه و لو لإثبات عدم معاداة السامية . ( هذا لتبتسمي ) و الحقيقة قريبة من هذا ، فالشعر الحديث لا يمكن إخفاء هُجنته ، إلا أن من يتعاطاه يشعر بتعال ٍ وأبـّهة كمثَل من يتزوج أمريكية ، و هذا الشعر و إن كان أجنبيّاً فهو مستورد بطريقة يساندها العرف و القانون ، و قد تواضَعَ عليه الناس فصار أمـراً واقـعـاً ، لا يستطيع أحد إنكار شخصـيته ، و لا انتقاص هيـبـته ، كأي وافد إلينا من الغرب ! . يقـول المناهضون له أنـه مـولـود غير شرعي ، و الشرع يقـول : الولد للفراش ، و يقولون أنه بدعه ، و أنا أقول إنه بدعة حسنة ، و أرى أن سر جماله في كونه بدعة ، و أزعم لو أنه جاءنا مبكراً لـَعدّهُ علماؤنا الأقدمون أحـد ضروب البديع ، و قد نبغ فيه عن جدارة فـائقـة مثل السياب و محمود درويش و نزار قباني و الأبنـودي .. و ناهيك بأحمد مطر قبل و بعد كل هؤلاء . و أنا شخصياً لي فيه قليل من الخبرة و قليل من التجربة ، كهذه الشاخصة : غلط صـوتٌ عَـلا مَـلأ الفـضـاءَ مُـجـلـجِـلا صـوتٌ فـقـط .. ....... لا شيءَ غـيـرَ الـصــوتِ قـَـطْ قـال : " الشلام عليكمُ " قـالـوا : هَــلا نـادى : ألـستُ بـربِّـكـم ؟ ذُهِـلَ الـمَـلا قـالـوا : نـعـم … قـالـوا : بـلـى ... و تـضـاءَلـتْ أنـّاتُ " لا " بـيـن الـلـغـطْ أوَ مـا هـنـاك ( ابنُ جَـلا ) يـضـعُ العـمامـةَ ثـم يُـعـلِنُ صـائـحاً : ...........................غـلـطٌ ... غـلـطْ إن السلامَ لـه نَـمَـطْ إن السلامَ .......................( الـيـعـرُبـيًّ ) .....................................بلا نقط !! وللحديث بقيــــــــــة وسلااااااااااااام ...[/FRAME] |
[FRAME="8 70"]^
بقية الحديث !! ●● هـناك أركان خمـسة لابـد من وجـودهـا لدى الأديـب ليـجوز أن يسمى مبدعاً ، و هي على التوالي العكسي : اللغة و الموهبة و المعاناة و الحس و شيء آخر سماوي ، و هذا الأخير لا يكون لازماً لكل أديب إلاّ للشاعر ، و لا لكل شاعر إلاّ المطبوع منهم .. هذه الخمسة هي العناصر الحقيقية للبيئة المثلى التي تنمو فيها بذرة الإبداع ، أما الماء و الخضراء و الوجه الحسن ، فهي في الأغلب الأعم مسألة ( فانتازيا ) ... و الشاعر إذا توفرت له الرفاهية سُـدّت لديه منافذ الروح . و الشاعر لا بد أن يبقى دائماً تحت أصابع الأقدار تدغدغه ، و كأن عمره جملة موسيقية في فكر مؤلفها ، فكل ضغطة من كل إصبع تضيف نغمةً لها جَرْس مختلف ، و هكذا .. ثم لا تنتهي المعزوفة أو لا تكاد ! ... و الشاعر في دنياه ، كالمؤمن في الجنة لا يجوع فيها و لا يعرى ، و في دنيا الناس كالكافر في النار لا يموت فيها و لا يحيا ، و هو يعيش النقيضين في الـوقت الواحد ، و إنما اختلف عن غيره من الناس لأن الناس أرضيّون بالكليّة ، أما هو فسماوي بقدر مّا .. بقدر ما فيه من شاعرية ! و الشاعر يا ابنتي ، إذا تمت له شاعريته لم يعد محميّـاً من أي أنواع المآسي ، فليس عجباً أن تكون صورته معفرة بألوان من الغبرة ولو بعدد ألوان الطيف . و الشاعر الجدُّ " مثلي " قـد تكون له ** ضـرورةً نُــوَبُ الأيام ، و الـفُـجَـعُ كالنـار ، يعـتدُّهـا من أجل صنعـتـِه ** _ و إن تضرر منها _ الصيقلُ الصَّـنَعُ ! و الشاعر فراشة أحلى ما يحلو في عينها النار ، ثم لا تكتفي أن تحوِّم حولها حتى تقذف بنفسها فيها ! و الشاعر يا ابنتي ... الشاعر يا ابنتـي ... لكن .. يا لـغــفلتـي : كيـف سـمحـت لنفـسي أن أحـدثـك عن الشـاعـر و ظروفه و عناءاته و البيئة الأفضل للإبداع ، و أنت شاعرة !!! كان الشعر يـبـني مـفـاخر و أمجاداً و يهدم بيوتاً و مجتمعات ، رفع سلولاً و بني أنـف النـاقـة ، و وضـع بجيـلـة و نميراً و عامـلة .. و حتى عهد قريبٍ و الشعر له أثر قوي _ سلباً و إيجاباً _ في أوساطنا العربية ، تُرى : ما هو دور الشعر في حياتنا الآن ، و هل لازال للكلمة تأثيرها ؟؟ ●● كان العربي في الماضي يحرص على الفضيلة حرصه على الحياة ، لا بل أشد ، و كان أنفَسُ الأمجاد أغلاها تكلفة ، فلا أهون من حياة أحدهم يقدمها ثمن مكرمةٍ يضيفها إلى مفاخر قومه لتزيد في بناء المكارم مدماكاً .. و لا أشَقَّ عليه من هنةٍ تعرض له ، يعجز عن درئها بنفسه أو ماله أو ولده ، فتترك في شرفه ثلمة ! أما اليوم فقد تعطلت مفاهيم القيم و هبط منسوب الأخلاق ، و أصبحت العروبة تعيش حالة من الهدم ، و هذا الهدم لم يقتصر مخططه على كياننا المادي فحسب ، بل لابد أن واضعيه أدركوا أن مقومات وجودنا المادية كلها لواحق لشيئين ( معنويين ) هما اللغة والدين ، فبقدر ما يمكنهم النيل من لغتنا و ديننا فــالعـنــاصر المــادية الأخـــرى من سياسة و اقتصاد وغيره ستكون تبعاً لذلك ، طبعاً .. لأن مشقة و تكلفة هدم أي بناء ، يختصرها هدم قواعده ، و دين أمتنا ولغتها هما قاعدتا وجودها بالضرورة . و لن أكلفكِ ألم الخيـبة جرّاء نظرةٍ بسيطة يلقيها المرء على مصيبتنا في ديننا ، و لكن في مجال اللغة أقـول : هناك مجرمون كبار مدفوعون من جهات بعيدة ، أبطلوا دور الشعر في حياتنا وأفقدوا الكلمة تأثيرها ، إنهم بدعوى التجديد و التطوير و مواكبة التقدم ، عمدوا إلى قتل الجينات الوراثية في الأدب و الشعر وكل الموروث الثقافي العربي ، ثم إلى تعويضها بغيرها من جنس آخر غريب عنها ، مما أدى في النتيجة إلى استيلاد مخلوق مشوه ، تنطبق عليه صفة الخَرْق أكثر من صفة الخَلْق ، و قد قلد هؤلاء كثيرٌ من الهمج الذين يتبعون كل ناعق ، و معلوم أن أخطر الفيروسات أسرعها انتقالاً بالعدوى ، و معلوم أيضاً أن أكثر المجتمعات احتضاناً للأمراض أقلها تحصناً . و بالتالي فحين ستُكتشف المؤامرة سيكون المولود قد دَبَّ و درج بيننا على صورة من الشذوذ و المسخ ، و نجح من زيّن الفكرة لأوباشنا و أعدّ لها ما استطاع من قوة عبر القرون . و اعلمي يا سيدتي أن لكل شيء قيمـة واحــدة إلا الكلمة ، فإن لها دائمـاً قيمـتان ، قيمة معناها و قيمة أثرها . فإذ لا قيمة للشعر اليوم في حياتنا ، فلأن الكلمة و حياتنا معاً فقدتا معناهما ، و الأشياء إذا فقدت معناها فقدت خاصية التأثير و التأثر . قيسي درجـة السمو الخلقي عندنا ، تـظـهـرْ لك مسافةُ ما بين كثير من أدبـائـنا و بين الأدب ، و ما بين كثير من شعرائنا و بين الشعر ، أعني منهم الذين اتخذوا من الغربيين أرباباً آلهةً يتعبدونهم بالتبعية لهم : المـنـتمـين لـ " كونداليزا " عن مَـعَـدٍّ .. أو نـزار الصـاعـدين مـن انحـدار ٍ .. لانحـدار ٍ .. لانحـدار ِ المكثرين النقّ في المستنقعات وفي المجاري قــومٌ أضاعوا مجدهم ، و أتـوْا بمجـدٍ مـسـتعار صعبٌ على صدئ الحديد يصوغ مجداً من نُضار!!! فكيف للشعر أن يكون له دور في حياة أمةٍ تخلت هي عن دورها في الحياة ؟! و كيف يبقى للكلمة تأثيرها إذا تحولت في فم قائلها ، إلى نوع من الهذيان الذي لا تُستخلص منه جملة مفيدة ؟! حضرتُ يوماً أمسيةً شعرية في مدينة كبرى ، جذبتني إليها الدعاية القوية ، و بريق الأسماء و بهرجها الزائف ، و حين سئلت عن رأيي فيما قدم هؤلاء الشعراء ( المبدعون ) أجبت بهذين البيتين : رجــلٌ يـعــوي .. و كلـبٌ نـاهـــقٌ ** و حـمـارٌ مـرهـفُ الـحـسِّ يـَمـــوء حـاولـوا عكس سجـاياهمْ ، فقل** : سوءُ تقليد ٍ ، و قل : تقليدُ سوء هؤلاء هم لغويونا المفترضون ، بل هم أعلى منزلة لأن اللغويين كانوا يأخذون عنهم شواهد اللغة . و مثَل أمتنا و ما يراد بها ، كمثل ذلك الأسد الذي كان يعيش في حرش مجاور لبعض قرى البادية ، فذهب أهل القرية يحتالون له حتى تمكنوا من صيده حيّــاً ، فجاءوا به و ربطوه إلى زاوية في الحظيرة مع الغنم ، بحيث لا يتمكن من أذاهــا و لا تتمكن هي من الفرار منه ، أياماً ثم أسابيع و شهوراً من الجوع و القهر و الذل ، و فوجئ القوم ذات يوم بأن الأسد يثغـو مثل نعاج الزريبة ، لقد نسي زئيره أو تركه حين لم تعد به إليه حاجة ، و أصبح ينافق الحياة بتقليد أصوات ما حوله من الأغنام !! ● أنت قلت أن الحالة الشعرية تباغت الشاعر بلا موعد ، و أنا أقول إن الأحداث أيضاً كذلك : ماذا عن ملكة الإرتجال لديك ، و هل هي خصوصية عند بعض الشعراء أم كلهم ، و هل من حدثٍ تسميه لنا فاضَ فيه قلمك فكتب قصيدة ؟ ●● نعم .. الأصل في الشعر هو الإرتجال و ليـس الكتـابة و التـفـكـير و تدخين سيجارتين على البيت الواحد ، و لا يعد شاعراً من لا يملك القدرة على ارتجال الشعر ، و الإرتجال يُعنى به حضور البديهة ، و هذه من ألصق صفات الشاعر به ، و متى كان الشخص شاعراً كان بالضرورة الحتمية ذا بداهة و مرتجـِلاً ، و المواقف التي اقتضتني أن أرتجل فيها شعراً كثيرة جداً ، أذكر أحدها على سبيل الطرفة : في دمشق منذ ثلاث سنوات شاركت في أمسية شعرية مع عدد من الزملاء أعضاء اتحاد الكتّاب ، وحين جاء دوري في الإلقاء قدّمني عريف الأمسية باسمي ( إبراهيم الأسود ) فنهضت من آخر الصالة ، و في طريقي إلى المنصة لاحظت أن إحدى الحسناوات لفت انتباهها اسمي ، فلفتت جيدها لترى هذا الشاعر الذي لم تسمع به ، و حين رأتني أسمر ، كأنما أوحى لها تناغم الإسم واللون بمقولة ( اسم على مسمّى ) فضحكتْ بصوت مسموع و همست إلى التي بجانبها ، و من على المنصة نظرت إليها و هي ما تزال مبتسمة ، فطلبت قلماً من الحضور و كتبت الأبيات التالية ثم ألقيتها متوجهاً إليها بالقصد : إن أكن أسوداً كما نوَّه اسمي ** فلها الذنب ... و المـلام عليها جمرةً كنتُ ، فحمـةً صـيّرَتني ** و اشتهتني خالاً على خدّيـها أنا راض ٍ لـولا ظـنـون الأعـادي ** أنني قد سـقطت من عيـنيها فما كان أسرع من أن و قفت الشابة تعتذر و هي تحاول إخفاء وجهها المحمرّ و عينيها المبللتين وسط تصفيق الحضور . أما الحدث الذي فاض فيه قلمي ، فهو الآخر تكرر مرات ونتج عنه قصائد عديدة ، منها قصيدة ( من على سرير الموت ) و هي التي نوهت آنفاً أنها تضمنت وصيتي ، و قصيدة ( حديث الهوى ) و هي في ذكرى مـولد رسول الله نبـيـنا محـمـد صلى الله عليه و سلّم ، و ( الرواية العصرية لمعلقة عمرو بن كلثوم ) تخيلت فيها أن أمريكا اكتشفت قبر الشاعر المذكور ، فأخذت خليةً من رفاته ثم قامت بعملية استنساخ ٍ له ، و بعد أن بلغ أشده طُلب منه أن يقول معلقته الشهيرة ، فقالها ، و لكن بلسان حاله كشاعر أمةٍ تعاني هذا الواقع الراهن ، و قصيدة ( آيات جنين ) كتبتها يوم نفذت هدفها السامي الفتاة الفلسطينية الشهيدة آيات الأخرس ، و قصيدة ( بغداد ) في هذه الكارثة الأخيرة . هذه قصائد فاض بها قلمي فكتب ، و كأنما كان يكتب لوحدهِ !! و بالمقابل _ و هو من العجب العجاب و الشيء المؤسف _ فقد حدث أن منيتُ بيوم جلل تمنيت أن يفيض فيه قلمي فلم يستجب ، و لا زلت شديد الحزن على الحدث و أحاول استدراكه فلا أستطيع ، و لا زلت لا أعرف معنىً لذلك ، إنه يوم وفاة والدي ، و كان شيخاً ذا مقام و رجلَ دين ٍ مجاهداً لنفسه ، طاهراً ورعاً تقياً نقياً .. رحمه الله !! والسلاااااااااام ... ..[/FRAME] |
أخي السيد عبد الرزاق أنا أشكركم على هذا العمل الرائع ,, فإن هذا الشاعر الكبير يستحق شذا الأحترام تحاياي
|
Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.