حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   صالون الخيمة الثقافي (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=9)
-   -   الشاعر ابراهيم الأسود الفائز بجائزة البردة لوزارة الثقافة الإماراتية. (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=69689)

السيد عبد الرازق 22-03-2008 11:44 PM

الشاعر ابراهيم الأسود الفائز بجائزة البردة لوزارة الثقافة الإماراتية.
 
[FRAME="8 70"]ابراهيم الأسود !!؟؟

--------------------------------------------------------------------------------






اترككم مع هذا اللقاء مع الشاعر ؟؟

إسمي إبراهيم عبد الحميد الأسود ، ولدت عام 1952 في قرية سورية ذات طبيعة جميلة تقع على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات ، اسمها هجين ، هي الآن مدينة بحسب التقسيمات الإدارية ، درست حتى ( سنة رابعة إبتدائي ) ، ثم صُـرفت عن التعليم بفعل ٍ مبنيٍّ للمجهول ، إلا أنني كنت محباً للكتاب شديد الشغف بالمطالعة ، و بخاصة ما يتعلق بالأدب و اللغة والشعر ، و بهذه الطريقة _ التي تشبه أن تكون سماعية في التعلم _ إكتسبت ثقافتي ، و قد داعب الشعر خيالي عام 1967 – 1968 كمحاولات ، ثم كتبت القصيدة الصحيحة حين وُجـِدت للشعر دواعيه ، و كان ذلك عام 1976، في قصة لا محل لذكرها .
وأنا الآن عضو إتحاد الكتاب العرب ، ولديّ ثلاثة دواوين مطبوعة ، هي : ( إلى المقتولة ظلماً ، أرجوان على شفة الجرح ، من رماد القلب ) وأربعة مخطوطة ، وسلسة أخرى مستقلة من الشعر الساخر والناقد ، اسمها (شواخص) بلغت حتى الآن أربعة دواوين إثنان منها قيد الطبع ، فيكون عندي أحد عشر ديواناً ، المطبوعة منها خمسة .
كتبت القصيدة ذات المائتي والثلاثمائة بيت ، والشاخصة ذات البيتين والثلاثة ، والكثير مما هو بين ذلك .
كما إن لدي ثلاث روايات ، إحداها مطبوعة وعنوانها ( وداعاً يا حطام العمر ) و ( شجرة الظل ، و أنامل الشيطان ) ما زالتا تنتظران ... والقليل من المحاضرات والمقالات الصحفية والدراسات النقدية

و أي حـديثٍ يـوجـع القلبَ و قـعُـه ** كأن توئس المشتاقَ من عَوْد غائبِ

و أي عـذابٍ للـمـشـاعـر مـثـلـمـا ** يـعـذبـهـا مــرأى خُـلُــوّ الـمــلاعــبِ

لك الله يا قلبي المُعنّى إلى متى ** تُـقَـطّـعُــك الأحــــزان إثر الــذواهبِ

لكِ الله ياعيني التي جفّ مـــاؤها ** و لـمّـا تـزل جــــيّاشةً بالسحـائــبِ

فـآكل من مُـرِّ الأسى لا أسيغـــهُ ** و تـأكل ديــدان الأسى من أطايـبي

و لقد ورثـت اليوم نعـليْ ( حُـنْـدُج ٍ) ** و سُـلـبـتُ حـقـاً لـي بـــإرث الـتـاج ِ

و رقى إلى قُـلَل الـمـعـالي أعـجَـمٌ ** و ظـلـلـتُ مـقـبـوراً أنـا و نـتــاجــي

فـلعـنتُ عصراً أصبحت فـيـه الـذّرى ** نـهـبـاً لـكـل مـنـافـــق ٍ و مُـــــداج ِ

حندج << امرؤ القيس

وله:-

تـضـايـقني الأرزاء حـتـى كــأنـنـي ** عـلى سعـة الأرجاء أرقـد في حبس ِ

و يعـبسُ في وجـهي الزمـان مـقـطِّباً ** كأن زماني من بـقـايا بني عـبس ِ

و يمشي على رجلين ناسٌ ،و بعضهم ** عـلى أربع ٍ.. أمّا أنا فعلى رأسي

و من أدعـياء الشعـر من عـاب أنـني ** شربتُ و أهلَ الجاهلية من كـأس ِ

و يعـرض عـن شـعري و يـنفر طبعه ** كما ينفر الشيطان من آية الكرسي

وله:-

يَمُنُّ عليّ الـدهر أن كنت شاعراً ** وكم شاعر ٍ قد مات جوعاً وكاتبِ

ولو كان لي رأيٌ رفـضتُ ، لأنـني ** أريد حياتي ... لا هــراء مـواهبي

و إني لتوّاقٌ إلى ساعةٍ ، يـفي ** ليَ الزمن الغدّار من بعض واجبي

و هيـهات ، إذ لو أفـلتتني نُيوبُهُ ** تـلقّفـَني من فــورهِ بالمـخــالــبِ

وله:-

تـغـزّلتُ حتى أنهـج الفـتـلُ مـغـزلي**و جانيتُ عرفاً لَحمة القـول و السَّدى

و كـل بحـور الشعـر أوطــأتُ قـــاربي**و أخــرجــت مـنـهــا لــؤلــؤاً و زمــرّدا

و عُـلِّمت سجـع الطير بـومـاً و بـلبـلاً**سجـيّـة طـبع ٍ فيّ ليست تـجـَـهُّــدا

فــإن شـئتُ أبكـيتُ الأوابــد نـاعـيـــاً**و إن شـئت أطـربتُ الجـمـاد مـغــرِّدا

و أنا شاعرٌ غَـز ِلٌ بكل جزيئات روحي .. و الحب أحسبه المادة الأساس في تكوين المشاعر ، و عنه تتفرع كل عناصر القضية الوجدانية :

و لِعتُ بالحب طفلاً ، ثم شبتُ ، وها ** قد شبّ فيّ وشاب الهاجسُ الولَعُ

قـنصتـُه في متـاهـات الصِّـبا حـدَثـاً ** قوسي صليبٌ و مُـهـري ضامرٌ جذَعُ

و لــــم أزل تـتـصـبّـانــي بـــــــوادرهُ ** و شرطـُه قـائمٌ ... و الحظ مضـطجـعُ

مـلآن منه خـوانـي طـافـحٌ قـدَحـي ** و لـيس لـي مـنـه لا ريٌّ و لا شِــبَـعُ

و لي في هذا الفن أفلاك مشرّعة ، و ديوان خاص ، و غير الديوان قصائد تعد من عيون الشعر ، منها قصيدة ( لابسات الشنوف ) ، وهذه أبيات من قصيدة أخرى تصلح أن تكون مثالاً :

و تـقول عاذلتي : تصـبَّـرْ عنهمُ ** أو فاستـعـض عن هاجر ٍ بسواهُ

نـِعـم الـدواءُ الصـبرُ ، إلاّ أنــني ** جـربــتُــهُ فــازداد مــا ألـقـــــاهُ

و لربما استبدلتُهمْ بسـواهـمُ ** لـو كــان في الدنيا لهم أشـبـاهُ


أمّا الحدة و الجرأة ، فنسبتهما في شعري أكثر منها تواجداً في طبعي ، لأنني ( إنساناً ) لا أحتاج إليهما دائماً ، أمّا ( شاعراً ) فلا أتصور أن يكون أي صاحب رسالة إلاّ جادّ اً حادّ اً ، و لست أدري من القائل : على الشاعر أن يضع في شعره ناراً ، أو أن يضع شعره في النار .



زماني ألقـى بي إلـى صُمِّ جندلِ ** و لو شاء ألقاني على موطئ ٍ دهس ِ

و لكنّ نـفـساً أعجـز الهـمَّ قـتـلُـها ** من الغـبن أن تُـبـتـاع بالثـمن البخس ِ



● الشعر الحديث ..
هذا الذي أكثروا فيه مـدحاً و قـدحاً ، بين مؤيد و معارض ، قد تكون أشـرعت قـاربـك في بحره ، أو على الأقـل : ما هي علاقتك به ، و كيف تنظر إليه ؟؟

●● الشعر الحديث ، كائن مستعرب يجب التعاطي معه و لو لإثبات عدم معاداة السامية . ( هذا لتبتسمي )
و الحقيقة قريبة من هذا ، فالشعر الحديث لا يمكن إخفاء هُجنته ، إلا أن من يتعاطاه يشعر بتعال ٍ وأبـّهة كمثَل من يتزوج أمريكية ، و هذا الشعر و إن كان أجنبيّاً فهو مستورد بطريقة يساندها العرف و القانون ، و قد تواضَعَ عليه الناس فصار أمـراً واقـعـاً ، لا يستطيع أحد إنكار شخصـيته ، و لا انتقاص هيـبـته ، كأي وافد إلينا من الغرب ! .
يقـول المناهضون له أنـه مـولـود غير شرعي ، و الشرع يقـول : الولد للفراش ، و يقولون أنه بدعه ، و أنا أقول إنه بدعة حسنة ، و أرى أن سر جماله في كونه بدعة ، و أزعم لو أنه جاءنا مبكراً لـَعدّهُ علماؤنا الأقدمون أحـد ضروب البديع ، و قد نبغ فيه عن جدارة فـائقـة مثل السياب و محمود درويش و نزار قباني و الأبنـودي .. و ناهيك بأحمد مطر قبل و بعد كل هؤلاء .
و أنا شخصياً لي فيه قليل من الخبرة و قليل من التجربة ، كهذه الشاخصة :

غلط


صـوتٌ عَـلا
مَـلأ الفـضـاءَ مُـجـلـجِـلا
صـوتٌ فـقـط ..
....... لا شيءَ غـيـرَ الـصــوتِ قـَـطْ
قـال : " الشلام عليكمُ "
قـالـوا : هَــلا
نـادى : ألـستُ بـربِّـكـم ؟
ذُهِـلَ الـمَـلا
قـالـوا : نـعـم …
قـالـوا : بـلـى ...
و تـضـاءَلـتْ أنـّاتُ " لا " بـيـن الـلـغـطْ
أوَ مـا هـنـاك ( ابنُ جَـلا )
يـضـعُ العـمامـةَ
ثـم يُـعـلِنُ صـائـحاً :
...........................غـلـطٌ ... غـلـطْ

إن السلامَ لـه نَـمَـطْ
إن السلامَ
.......................( الـيـعـرُبـيًّ )
.....................................بلا نقط !!

وللحديث بقيــــــــــة

وسلااااااااااااام ...
[/FRAME]

السيد عبد الرازق 22-03-2008 11:48 PM

[FRAME="8 70"]^
بقية الحديث !!

●● هـناك أركان خمـسة لابـد من وجـودهـا لدى الأديـب ليـجوز أن يسمى مبدعاً ، و هي على التوالي العكسي : اللغة و الموهبة و المعاناة و الحس و شيء آخر سماوي ، و هذا الأخير لا يكون لازماً لكل أديب إلاّ للشاعر ، و لا لكل شاعر إلاّ المطبوع منهم ..
هذه الخمسة هي العناصر الحقيقية للبيئة المثلى التي تنمو فيها بذرة الإبداع ، أما الماء و الخضراء و الوجه الحسن ، فهي في الأغلب الأعم مسألة ( فانتازيا ) ...
و الشاعر إذا توفرت له الرفاهية سُـدّت لديه منافذ الروح .
و الشاعر لا بد أن يبقى دائماً تحت أصابع الأقدار تدغدغه ، و كأن عمره جملة موسيقية في فكر مؤلفها ، فكل ضغطة من كل إصبع تضيف نغمةً لها جَرْس مختلف ، و هكذا .. ثم لا تنتهي المعزوفة أو لا تكاد ! ...
و الشاعر في دنياه ، كالمؤمن في الجنة لا يجوع فيها و لا يعرى ، و في دنيا الناس كالكافر في النار لا يموت فيها و لا يحيا ، و هو يعيش النقيضين في الـوقت الواحد ، و إنما اختلف عن غيره من الناس لأن الناس أرضيّون بالكليّة ، أما هو فسماوي بقدر مّا .. بقدر ما فيه من شاعرية !
و الشاعر يا ابنتي ، إذا تمت له شاعريته لم يعد محميّـاً من أي أنواع المآسي ، فليس عجباً أن تكون صورته معفرة بألوان من الغبرة ولو بعدد ألوان الطيف .

و الشاعر الجدُّ " مثلي " قـد تكون له ** ضـرورةً نُــوَبُ الأيام ، و الـفُـجَـعُ

كالنـار ، يعـتدُّهـا من أجل صنعـتـِه ** _ و إن تضرر منها _ الصيقلُ الصَّـنَعُ !

و الشاعر فراشة أحلى ما يحلو في عينها النار ، ثم لا تكتفي أن تحوِّم حولها حتى تقذف بنفسها فيها !
و الشاعر يا ابنتي ... الشاعر يا ابنتـي ...
لكن .. يا لـغــفلتـي : كيـف سـمحـت لنفـسي أن أحـدثـك عن الشـاعـر و ظروفه و عناءاته و البيئة الأفضل للإبداع ، و أنت شاعرة !!!


كان الشعر يـبـني مـفـاخر و أمجاداً و يهدم بيوتاً و مجتمعات ، رفع سلولاً و بني أنـف النـاقـة ، و وضـع بجيـلـة و نميراً و عامـلة .. و حتى عهد قريبٍ و الشعر له أثر قوي _ سلباً و إيجاباً _ في أوساطنا العربية ، تُرى : ما هو دور الشعر في حياتنا الآن ، و هل لازال للكلمة تأثيرها ؟؟

●● كان العربي في الماضي يحرص على الفضيلة حرصه على الحياة ، لا بل أشد ، و كان أنفَسُ الأمجاد أغلاها تكلفة ، فلا أهون من حياة أحدهم يقدمها ثمن مكرمةٍ يضيفها إلى مفاخر قومه لتزيد في بناء المكارم مدماكاً .. و لا أشَقَّ عليه من هنةٍ تعرض له ، يعجز عن درئها بنفسه أو ماله أو ولده ، فتترك في شرفه ثلمة !
أما اليوم فقد تعطلت مفاهيم القيم و هبط منسوب الأخلاق ، و أصبحت العروبة تعيش حالة من الهدم ، و هذا الهدم لم يقتصر مخططه على كياننا المادي فحسب ، بل لابد أن واضعيه أدركوا أن مقومات وجودنا المادية كلها لواحق لشيئين ( معنويين ) هما اللغة والدين ، فبقدر ما يمكنهم النيل من لغتنا و ديننا فــالعـنــاصر المــادية الأخـــرى من سياسة و اقتصاد وغيره ستكون تبعاً لذلك ، طبعاً .. لأن مشقة و تكلفة هدم أي بناء ، يختصرها هدم قواعده ، و دين أمتنا ولغتها هما قاعدتا وجودها بالضرورة .
و لن أكلفكِ ألم الخيـبة جرّاء نظرةٍ بسيطة يلقيها المرء على مصيبتنا في ديننا ، و لكن في مجال اللغة أقـول : هناك مجرمون كبار مدفوعون من جهات بعيدة ، أبطلوا دور الشعر في حياتنا وأفقدوا الكلمة تأثيرها ، إنهم بدعوى التجديد و التطوير و مواكبة التقدم ، عمدوا إلى قتل الجينات الوراثية في الأدب و الشعر وكل الموروث الثقافي العربي ، ثم إلى تعويضها بغيرها من جنس آخر غريب عنها ، مما أدى في النتيجة إلى استيلاد مخلوق مشوه ، تنطبق عليه صفة الخَرْق أكثر من صفة الخَلْق ، و قد قلد هؤلاء كثيرٌ من الهمج الذين يتبعون كل ناعق ، و معلوم أن أخطر الفيروسات أسرعها انتقالاً بالعدوى ، و معلوم أيضاً أن أكثر المجتمعات احتضاناً للأمراض أقلها تحصناً .
و بالتالي فحين ستُكتشف المؤامرة سيكون المولود قد دَبَّ و درج بيننا على صورة من الشذوذ و المسخ ، و نجح من زيّن الفكرة لأوباشنا و أعدّ لها ما استطاع من قوة عبر القرون .
و اعلمي يا سيدتي أن لكل شيء قيمـة واحــدة إلا الكلمة ، فإن لها دائمـاً قيمـتان ، قيمة معناها و قيمة أثرها .
فإذ لا قيمة للشعر اليوم في حياتنا ، فلأن الكلمة و حياتنا معاً فقدتا معناهما ، و الأشياء إذا فقدت معناها فقدت خاصية التأثير و التأثر .
قيسي درجـة السمو الخلقي عندنا ، تـظـهـرْ لك مسافةُ ما بين كثير من أدبـائـنا و بين الأدب ، و ما بين كثير من شعرائنا و بين الشعر ، أعني منهم الذين اتخذوا من الغربيين أرباباً آلهةً يتعبدونهم بالتبعية لهم :

المـنـتمـين لـ " كونداليزا " عن مَـعَـدٍّ .. أو نـزار
الصـاعـدين مـن انحـدار ٍ .. لانحـدار ٍ .. لانحـدار ِ
المكثرين النقّ في المستنقعات وفي المجاري
قــومٌ أضاعوا مجدهم ، و أتـوْا بمجـدٍ مـسـتعار
صعبٌ على صدئ الحديد يصوغ مجداً من نُضار!!!

فكيف للشعر أن يكون له دور في حياة أمةٍ تخلت هي عن دورها في الحياة ؟!
و كيف يبقى للكلمة تأثيرها إذا تحولت في فم قائلها ، إلى نوع من الهذيان الذي لا تُستخلص منه جملة مفيدة ؟!
حضرتُ يوماً أمسيةً شعرية في مدينة كبرى ، جذبتني إليها الدعاية القوية ، و بريق الأسماء و بهرجها الزائف ، و حين سئلت عن رأيي فيما قدم هؤلاء الشعراء ( المبدعون ) أجبت بهذين البيتين :

رجــلٌ يـعــوي .. و كلـبٌ نـاهـــقٌ ** و حـمـارٌ مـرهـفُ الـحـسِّ يـَمـــوء

حـاولـوا عكس سجـاياهمْ ، فقل** : سوءُ تقليد ٍ ، و قل : تقليدُ سوء

هؤلاء هم لغويونا المفترضون ، بل هم أعلى منزلة لأن اللغويين كانوا يأخذون عنهم شواهد اللغة .
و مثَل أمتنا و ما يراد بها ، كمثل ذلك الأسد الذي كان يعيش في حرش مجاور لبعض قرى البادية ، فذهب أهل القرية يحتالون له حتى تمكنوا من صيده حيّــاً ، فجاءوا به و ربطوه إلى زاوية في الحظيرة مع الغنم ، بحيث لا يتمكن من أذاهــا و لا تتمكن هي من الفرار منه ، أياماً ثم أسابيع و شهوراً من الجوع و القهر و الذل ، و فوجئ القوم ذات يوم بأن الأسد يثغـو مثل نعاج الزريبة ، لقد نسي زئيره أو تركه حين لم تعد به إليه حاجة ، و أصبح ينافق الحياة بتقليد أصوات ما حوله من الأغنام !!


● أنت قلت أن الحالة الشعرية تباغت الشاعر بلا موعد ، و أنا أقول إن الأحداث أيضاً كذلك : ماذا عن ملكة الإرتجال لديك ، و هل هي خصوصية عند بعض الشعراء أم كلهم ، و هل من حدثٍ تسميه لنا فاضَ فيه قلمك فكتب قصيدة ؟

●● نعم .. الأصل في الشعر هو الإرتجال و ليـس الكتـابة و التـفـكـير و تدخين سيجارتين على البيت الواحد ، و لا يعد شاعراً من لا يملك القدرة على ارتجال الشعر ، و الإرتجال يُعنى به حضور البديهة ، و هذه من ألصق صفات الشاعر به ، و متى كان الشخص شاعراً كان بالضرورة الحتمية ذا بداهة و مرتجـِلاً ، و المواقف التي اقتضتني أن أرتجل فيها شعراً كثيرة جداً ، أذكر أحدها على سبيل الطرفة :
في دمشق منذ ثلاث سنوات شاركت في أمسية شعرية مع عدد من الزملاء أعضاء اتحاد الكتّاب ، وحين جاء دوري في الإلقاء قدّمني عريف الأمسية باسمي ( إبراهيم الأسود ) فنهضت من آخر الصالة ، و في طريقي إلى المنصة لاحظت أن إحدى الحسناوات لفت انتباهها اسمي ، فلفتت جيدها لترى هذا الشاعر الذي لم تسمع به ، و حين رأتني أسمر ، كأنما أوحى لها تناغم الإسم واللون بمقولة ( اسم على مسمّى ) فضحكتْ بصوت مسموع و همست إلى التي بجانبها ، و من على المنصة نظرت إليها و هي ما تزال مبتسمة ، فطلبت قلماً من الحضور و كتبت الأبيات التالية ثم ألقيتها متوجهاً إليها بالقصد :

إن أكن أسوداً كما نوَّه اسمي ** فلها الذنب ... و المـلام عليها

جمرةً كنتُ ، فحمـةً صـيّرَتني ** و اشتهتني خالاً على خدّيـها

أنا راض ٍ لـولا ظـنـون الأعـادي ** أنني قد سـقطت من عيـنيها

فما كان أسرع من أن و قفت الشابة تعتذر و هي تحاول إخفاء وجهها المحمرّ و عينيها المبللتين وسط تصفيق الحضور .
أما الحدث الذي فاض فيه قلمي ، فهو الآخر تكرر مرات ونتج عنه قصائد عديدة ، منها قصيدة ( من على سرير الموت ) و هي التي نوهت آنفاً أنها تضمنت وصيتي ، و قصيدة ( حديث الهوى ) و هي في ذكرى مـولد رسول الله نبـيـنا محـمـد صلى الله عليه و سلّم ، و ( الرواية العصرية لمعلقة عمرو بن كلثوم ) تخيلت فيها أن أمريكا اكتشفت قبر الشاعر المذكور ، فأخذت خليةً من رفاته ثم قامت بعملية استنساخ ٍ له ، و بعد أن بلغ أشده طُلب منه أن يقول معلقته الشهيرة ، فقالها ، و لكن بلسان حاله كشاعر أمةٍ تعاني هذا الواقع الراهن ، و قصيدة ( آيات جنين ) كتبتها يوم نفذت هدفها السامي الفتاة الفلسطينية الشهيدة آيات الأخرس ، و قصيدة ( بغداد ) في هذه الكارثة الأخيرة .
هذه قصائد فاض بها قلمي فكتب ، و كأنما كان يكتب لوحدهِ !!
و بالمقابل _ و هو من العجب العجاب و الشيء المؤسف _ فقد حدث أن منيتُ بيوم جلل تمنيت أن يفيض فيه قلمي فلم يستجب ، و لا زلت شديد الحزن على الحدث و أحاول استدراكه فلا أستطيع ، و لا زلت لا أعرف معنىً لذلك ، إنه يوم وفاة والدي ، و كان شيخاً ذا مقام و رجلَ دين ٍ مجاهداً لنفسه ، طاهراً ورعاً تقياً نقياً .. رحمه الله !!

والسلاااااااااام ...
..
[/FRAME]

هيثم العمري 23-03-2008 12:57 AM

أخي السيد عبد الرزاق أنا أشكركم على هذا العمل الرائع ,, فإن هذا الشاعر الكبير يستحق شذا الأحترام تحاياي


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.