حوار الخيمة العربية

حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com:1/index.php)
-   خيمة القصـة والقصيـدة (http://hewar.khayma.com:1/forumdisplay.php?f=69)
-   -   الإنسان القصيدة ..مجموعة مميزة للشاعر العبقري عزت الطيري علقت عليها (http://hewar.khayma.com:1/showthread.php?t=82958)

المشرقي الإسلامي 12-02-2010 12:05 PM

الإنسان القصيدة ..مجموعة مميزة للشاعر العبقري عزت الطيري علقت عليها
 
بسم الله الرحمن الرحيم
تحت عنوان قصائد كسيرة كثيرة قصيرةلكنها عادية ولم تكن مثيرة كتب الشاعر الألِق المرِح الإنسان المهذب عزت الطيري هذه القصائد وقد علقت عليها في موقع آخر مستعيرًا اسم المكافح .
1
غيمة
————-
غيمةٌ ٌ
من مساء قديمٍ
تطرزه الذكرياتُ الخجولاتُ
لمَّا تزلْ
هاهنا واقفه
فى سماوات روحى
وتسكنها لوعةٌ ٌجارفه
غيمةٌ
سوف تلقى بأمطارها
فوق عشب الحنينِ ِ
وتبقى طويلا
تهدهدنى بالبكاءِ
إلى أن تجىء الرياحُ فتجرفها
عنوةً
وتزلزلها الراجفه
غيمةٌ
خائفه


المشرقي الإسلامي 12-02-2010 12:07 PM

هذا العمل قد اتسم بقدر كبير من الإنسانية والعمومية والتي تجعل العمل صالحًا لكل وزمان ومكان ، حيث إن حب المطر هذا الحب الفطري للإنسان لم يكن مجرد شعور عادي وإنما خبرة يفلسفها المبدع وفق مدخلاته وعناصر تكوين الثقافة بالنسبة له ، وهنا تبدو الغيمة مُأنسنة ، ووجه الشبه بينهما في الخجل والوقوف . هذه الغيمة ربما تكون أنثى حقيقية ولكنها قد تكون كذلك أنثى أخرى مجازية كأن تكون تعبير عن حالة نفسية تطوف بالنفس تهم بأن تمطر في واحة ذكرياتها ، ليبقى الشجن ذلك الوقوف .

ثم التعبير الآخر عن الغيمة وهو أقرب إلى الأنثى الحقيقية تلك التي تعشُب الحنين في النفس ، وتبقى العلاقة بين الغيمة والذكريات والأنثى في تناسق ثلاثي بديع ، حيث تأتي الرياح لتجرف هذه الذكريات الخجولة ولأنها خجولة فلم يشأ المبدع أن يزيد من خجلها بالتصريح فاكتفى بالإشارة ، ولا تجد الغيمة بعد ذلك الانجراف لهذه الذكريات وما احتوته من أعشاب الحنين إلا أن تظل خائفة . إن النص يتسم بالمزج بين خصوصية الحالة وعمومية الموقف والتجربة ، إذ لا يكتمل الحب ولا تكون الطبيعة على بهجة إيحاءاتها في النفس إلا ضربًا من الحزن هو مآل كل الجمال وكل الذكريات التي تطوف بالنفس ردحًا من الزمن فتنقضي .

والكلمات التي رسمت اللوحة يسرح القارئ بينها ليتخيل ما يشاء من ذكريات ربما انتهت إلى عتاب أو هجر وهذا هو حال المشاعر الرقيقة دائمًا ، ولا تجد الغيمة إلا ان تظل خائفة وربما واقفة وقفة حداد على هذه الذكريات الخجولة التي طرزت مساءً غاب عنه البدر لتسرح فيه الأعاصير .

كان مما ميز النص الاختزال ، والإتيان بالنظير ، والتأوه في حرف الهاء الذي كان قافية الحزن والألم المتمازج بألم الحالة وأشجانها .كذلك المشهد الأخير للغيمة إذ تظل وحيدة فلا هي اختبأت في خدرها السماوي (السحاب) ولا هي نزلت لتصنع تاجًا من الندى على رءوس المحبين ، ويظل الخوف غير محدد الأمد.
ما زال في جعبتي الكثير ، ولا أقول إلا أن هذه الغيمة أظلت سماء خيمتنا فشكرًا لك على هذه الإضافة الجميلة ، ولك منا أخلص الشكر والود والتقدير.

المشرقي الإسلامي 12-02-2010 12:08 PM

هل أعجبتكم؟
 
جارةُ
—————
أنا ذلك الطفل الذى
أمسَكْتِهِ
ألقيْتِهِ
فوق السريرِ
تقلِّدينَ
أبا وأمَّا
أنا ذلك الولدُ الذى
أشْعَلْتِ فيهِ
مواجدِ الوصلِ الجميلِ
زَرَعْتِه
جمراً
وزلزلةً
وحلْمأ
أنا ذلك الرجلُ الذى
مارال يذكرُ
كل شىءٍ
فى طفولتهِ ، صباهُ،
ويستعيد مواسم الذكرى،
ويبكى حلمه العفوىَّ،
أيتها التى،
ترعى حفيدا،
أزرق العينين ، مثلكِ
أو تُعِدُّ لزوجها شاياً،
فيغضبُ من تأخرها
عليهِ
ويشتكى
ينهالُ تقريعا
ولوما


المشرقي الإسلامي 12-02-2010 12:10 PM

جمال العمل الأدبي يكمن في هذا المزج بين المباشرة والاستتار أو الرمزية ، والعمل (جارة) هو واحد من هذه القصائد التي تقع في منطقة المباشرة النسبية .وإذا كانت الطفولة واحدة من الذكريات التي تظل عالقة في ذهن الفرد فإن الشاعر يستخدم هذه الأحداث ليصنع منها مادة إنسانية رائعة شجية كانت أو مرحة أو غير ذلك .ويتسم هذا النص بقدر كبير من الهدوء والاستخدام للغة السهلة البسيطة التي يفهمها جميع أبناء المجتمع ، والبدء بالفعل أمسكتيه ، ألقيته جعل الجانب الحركي الذي في أول القصيدة مدخلاً لحالة من النشاط والبهجة سواء على صعيد الحركة الحقيقية أو حركة وحالات الانفعال الإنساني .وهذه القصيدة ( جارة) هي مزج بين إنسانية التجربة واجتماعية الرؤية أو الهدف ، ففي هذا العصر الذي اتسمت فيه الجيرة بهذا القدر من الصدام والعراك تأتي صورة الجيرة في الماضي معرّضة بحال اليوم وهذا التناغم بين الجانبين سواء أتى متعمدًا أو غير متعمد يزيد العمل توهجًا ويعدد من وجوه تفسيره والتفاعل الإنساني معه .وإذا كان الشاعر يصف المشاعر الإنسانية في أدق تفاصيلها فإن المقطع (تقلدين أبًا وأمًا) يبدو مشهدًا جميلاً من الطراز النادر ، إذ أن الشعراء في غمرة انفعالاتهم وصخب أفكارهم تتفلت الجوانب الإنسانية الرقيقة الدقيقة من بين أياديهم ، وهنا يحسب للمبدع أنه أتى بهذه الصورة الطفولية التي تستفز هذه المشاعر الراكدة لتتفاعل معها في غمرة هذه الأجواء الجافة.
وجاءت الزلزلة والجمر والحلم بما فيها من تداعيات حركية معبرة عن هذا التوقد الإنساني ، فالزلزلة هي (شقاوة )الطفل بينما الجمر هذا الشوق في الصبا والحلم هو تلك المرحلة من الشبيبة .

وتأتي الاستعارة في الحلم العفوي ذلك الحلم الذي لم يكن على سبق ميعاد معه وإنما صقلته البراءة .إن مثل هذه التعبيرات تبعد بالنص عن التقريرية والمباشرة وتجعله في منطقة يشعر كل فرد بأنها تعبر عن جزء من حياته في مرحلة ما. وتقدم الضمير أنا في بدء الجملة جاء ليذكر المخاطَب وهي الجارة بنفسه ، وكأنه يعرّض باحتمالات نسيانه ، والحالة التي تبدو القصيدة فيها كأنه لقاء بعد طول أمد في مدارات تلك الحياة تلك التي يفارقك الجار فيها فجأة ، وكذلك يلتقيك فجأة .بينما جاء النداء للجارة (أيتها) بعد ثلاث مرات من تكرار الضمير أنا ، للتشويق وإحداث المفاجأة أو الدهشة تلك التي تتمثل في هذا اللقاء بهذه االأنثى والتي هي الأم أو جارة بمكانة الأم وكان ذكر الطفل الحفيد ليستعيد المبدع ذكراه من خلاله .
إن حياتنا كثيرًا ما ينتابها الفراق مؤقتًا أو مطلقًا ، ولكن هذه القصيدة تأتي إهداء للأم أو لجارة تحل في مكان الأم لتستعيد بعضًا من عبق الماضي وتبلل في مياهه العذبة منديلها لتسمح عنه أسى ودموع الحياة التي نعيشها .
عمل رائع ودمت مبدعًا أستاذنا العزيز

المشرقي الإسلامي 12-02-2010 03:45 PM

واصل
 
زراعة
—————
زَرَعَتْ
حقلا
من عنَّابٍ
ونخيلٍ
وعناقيدَ،
فأثمرَ
خوفا
وعتابا
ومواعيد وعيدٍ
وصدودْ
هل تزرع خوفا
ووعيدا وصدودا
كى يثمرَ
عنابا
وعناقيدَ
وما كانت تبغى
وتريدْ

المشرقي الإسلامي 12-02-2010 03:47 PM

كأنني إزاء المثل الجاهلي القديم الجميل الذي جددته بأسلوبك الخاص :"إنك لا تجني من الشوك العنب" ، وذلك في النصف الثاني من القصيدة .وهذه القصيدة الأقرب إلى الومضة تتسم بالمقابلة والتضاد . والذي لا ينظر إلى النص بدقة قد يظن أن النص مكرر بشكل مقلوب ، لكن هذه العملية كانت واعية لتصل بالقارئ إلى حكمة مفادها أن الزرع الطيب إذا كان ثمره مرًا ، فمن باب أولى أن يكون الغراس المر أشد مرارة إذا لا يتوقع أن تطّرد القاعدة العكسية ، ففي الحالة الأولى كانت نتيجة هذا الغراس مرة ولكن ليحذر المخاطب من أن يعكس المعادلة ،لكي يجد النتيجة المرتجاة. إن المرآة تعكس الصورة ، ولكن الصور البائسة لا تنعكس ، والملاحظ للعمل يجد نتيجة مؤداها أن المر(الهجر-الفراق-الحزن) في كلتا الحالاتين هو السيد للموقف. والحكمة إذ تكون بسيطة فإنها تحتاج إلى أدوات غير معقدة للوصول إلى الهدف بأقصر الطرق وأسرع الأساليب وهذا الاقتصاد في الأدوات والوسائل أتى من خلال الاعتماد على صورة بلاغية بسيطة نوعًا ما في دنيا المجاز وهي إتيان النظير (أثمر خوفًا وعتابًا )وتأتي جملة (مواعيد وعيد) لتزيد النص ألمًا من خلال تناقض الدال والمدلول . فالمواعيد -في التصور الذهني للقارئ- ترتبط بالغرام والرقة والدعة ..إلخ ولكن حينما تكون المواعيد تخبئ وعيدًا فإن الدهشة والألم يمتزجان في صورة مواعيد الوعيد ، والجناس الذي كان في النص زاد من جمال التناغم الموسيقي . النص يحوي حكمة تلك التي لا تصاغ في شكل تقريري خطابي وإنما في همسة رقيقة هادئة للمتلقي ، وهذا التناول يجعل القصيدة في المنطقة الرمادية أي المنطقة التي يفهمها القراء من كافة الثقافات والرؤى والأجناس والأعراق . وانتحاء هذا المنحى يجعل النص يتسم نحو العمومية والتجرد و(العالمية) أي أنها مشاعر لكل إنسان من حيث هو إنسان . والذي يتراءى لي أن القصيدة لمسة حانية على الأنثى تلك التي تزرع العنب والنخيل لتجني الصدود والوعيد ، ثم لما يحين العطاء من الآخر يكون العطاء وعيدًا وصدودًا ..لسان حال القصيدة قول أبي فراس الحمداني رحمه الله : أمن بعد بذل النفس فيما تريده أثاب بمر العقب حين أثاب ؟ كما أن القصيدة تبدو كقول حكيم اشتكى إليه هذا المحب ، ولم يكن يعلم أن الأنثى ليست بهذه السذاجة التي تجعلها تتقبل المر أخذًا وعطاء ، وكأن ثمة ردة فعل لها مخبأة بين أسطر هذه الكلمات يدل عليها السؤال الاستنكاري :هل تزرع خوفًا ووعيدًا وصدودًا .. النص دعوة إلى الترشد وإعمال العقل وإعادة ما يبدو كأنه (ثوابت) لدى بعض فئات المجتمع ، وليست قضيته الأنثى فحسب بل قضية الإنسان الذي يتبرم من الخطوب الملمة به مع أنه هو المخطئ وتبقى كالحكمة الخالدة وتنعي هذه الأنانية والهروب من تحمل المسئولية وهي دعوة إلى إعادة فهم الحياة مرة أخرى . وهكذا الفن ..رؤية وتجربة ، وإيجاز . عمل رائع ، دمت مبدعًا لك منا خالص الشكر والتحية.

المشرقي الإسلامي 12-02-2010 09:04 PM

الوحيدة
—————–
المرأة الوحيده
فى الشرفة البعيده
تُطرِّزُ الغيوم،
تصنع الغطاءَ وارفا
ودافئا
للخوخة الشريده
إذ جاءها الشتاءُ،
دونما إشارةٍ
أو فُسحةٍ
مديده
المرأة الوحيده
تصغى إلى نسيم مرَّ
ربما أتى
بغبطةٍ
ودهشةٍ
ملونا
وحاملا
أخباره الجديده
عن سيد مضى
لحزنهِ
ومٌزنهِ
وما ارتضى
سوى
بغربةٍ
عنيده
ماعانق التفاح
مذ رحيلهِ،
مالامس الأقداحَ،
شاربا سلافةً،
من وردها
وماهمى
بوجده،
لوجدها،
وما رمى
وراء زهرهِ
تراب بُعْدِهِ،
كى يبدأ الوصالَ،
والأحوالَ،
والزلزالَ،
معلنا هديرَهُ،
ومطلقا رعودهْ
المرأة الوحيده
إلى متى تظل فى
شرفاتها
تطرز الغيومَ،
والنجومَ
للأشجارِ،
بينما
فى بردها الفريدِ
تصطلى
تصطكُّ
من ثلوجهِ العتيده

المشرقي الإسلامي 12-02-2010 09:08 PM

المرأة الوحيده


فى الشرفة البعيده


هنا يسترعي الانتباه حالة الوحدة والتي اقترنت بأل التعريف لتكون المرأة المخصصة لهذا الحدث


امرأة تعاني وحدة ما ولا تجد لها أنيسًا غير هذه الطبيعة





تُطرِّزُ الغيوم،


لا أستطيع فهم ما تعنيه هذه الجملة وإنما قد تدل عليها العبارات اللاحقة


تصنع الغطاءَ وارفا


ودافئا


للخوخة الشريده


تبدو قيمة الكثير من الأشياء عندما تخرج من حالتها العادية إلى تعبيرها عن واقع إنساني صادق ،إذ تنزاح الدلالات الاعتيادية وتحل محلها دلالات أكثر عمقًا تضرب بحذورها في أقصى نقطة في الشعور ، وهنا يمتزج إحساس الشاعر بهذه الخوخة إذ هي خوخة ذات طابع خاص ، إنها شريدة ولا يخفى على القارئ ما بذلك من إسقاط على الجنس البشري ، لتصير هذه الخوخة واحدة من آلاف الثمار التي تتساقط من شجرة الفاكهة لكنها شريدة لا تجد غطاءً وقد غدرت بها الأشجار إذ لو أن الأشجار لم تغدر بها لما اضطرت هذه المرأة الوحيدة إلى صناغة الغطاء لها .


إذ جاءها الشتاءُ،


دونما إشارةٍ


أو فُسحةٍ


مديده


المرأة الوحيده


مرة أخرى تأتي ثيمة المرأة الوحيدة لتملأ المشهد ولتقترب العدسة منها بعد أن كانت في الشرفة


البعيدة صارت في واجهة الحدث وترصد لنا هذه الكاميرا الشاعرة ما آل إليها حالها .الصورة الفنية والأبعاد في العمل زادتها حيوية وتدفقًا .


تصغى إلى نسيم مرَّ


ربما أتى


بغبطةٍ


ودهشةٍ


ملونا


وحاملا


أخباره الجديده


النسيم –الشجرة –الخوخة هذه الثلاثية التي تكون العمل في دلالتها الإنسانية والرمزية ، إذ أن الأشجار وقد ضنت على الخوخة(بدلالتها الأبعد وليست المباشرة) ولطالما تعرضت لشتاء قارص فليس أقل من أن تنعم ببعض النسيم والذي هو الأمل الذي يتمناه الإنسان في مسيرة حياته الملبدة بغيوم الحزن واليأس ذلك النسيم الذي يمر عليها فيشعل فيها أملاً في غد أفضل تينع فيه هذه الثمرة وتتبوأ مكانها المرموق وسط هذا البستان الذي لطالما حدد ما يدخل إلى ساحته.


عن سيد مضى


لحزنهِ


ومٌزنهِ


وما ارتضى


سوى


بغربةٍ


عنيده


ما أصعب الفراق ! إن هذه الخوخة الشريدة قد اتضح سبب تشردها واستضعاف الشجر لها وشحه بالأوراق عليها ، و البيئة المستقاة منها القصيدة متكاملة وواضحة المعالم لاسيما حينما يجد السيد هذه المزن التي ترويه –هذا النعيم غير المكتمل المكلل بالحزن في رحلة البحث عن الرزق .


وأجمل ما ميز النص أن تكون المزن بتخيلاتها السعيدة المرحة في الذاكرة ذات دلالة حزينة آسفة ,


ماعانق التفاح


مذ رحيلهِ،


مالامس الأقداحَ،


شاربا سلافةً،


من وردها


وماهمى


بوجده،


لوجدها،


وما رمى


وراء زهرهِ


تراب بُعْدِهِ،


كى يبدأ الوصالَ،


والأحوالَ،


والزلزالَ،


تتدرج ا لصور وتختلف بيئات القصيدة لتعلن عن هذه الحالة الأسية المنتظرة وإن كان الاتكاء على صورة المأساة المنبثقة من صورة الطبيعة به بعض السرد الزائد والذي دل عليه السطران الملونان بالأزرق


معلنا هديرَهُ،


ومطلقا رعودهْ


وتستحيل هذه المأساة رعودًا وهديرًا بعد هذه الغربة لتكون تعبيرًا عن الأشجان والمشاعر الأسية المكبوتة بداخله ربما هي زفرة الانفصال وكلمة النهاية لهذه الخوخة والتي ما ألجأها إلى المكوث تحت الشرفة إلا ذلك الخطب الجسيم.


المرأة الوحيده


إلى متى تظل فى


شرفاتها


تطرز الغيومَ،


والنجومَ


للأشجارِ،


بينما


فى بردها الفريدِ


تصطلى


تصطكُّ


من ثلوجهِ العتيده


تأتي عملية المقارنة ، وتظل المرأة الوحيدة في سحر الطبيعة وجمال الليل تطرز الغيوم تصنع للعالم المحيط به فرحته ورونقه وبهاءه بينما هي تصطك بالثلوج العتيدة .إن النهاية جاءت مسقطة حال الخوخة على المرأة .وكثير ما يلجأ منتجو الأفلام عند التعبير عن بعض المشاعر والأفكار إلى هذه الطريقة فمثلاً يأتي المشهد الأول فيه إنسان يموت ضربًا بالرصاص وفي المشهد الثاني نملة تدهسها الأقدام ....وهكذا .


نفس التقنية المعمول بها في الأفلام لاسيما ذات الطابع الوثائقي رأيتها متقنة للغاية ، وتتخذ فكرة تطريز الغيوم والنجوم منحى غير تقليدي كناية عن المستحيل الذي تصنعه المرأة من أجل إسعاد الآخرين بينما هي نفسها تصطك بالثلوج العتيدة والثلوج هنا كما نعلم معلومة الدلالة .



المشرقي الإسلامي 12-02-2010 09:10 PM

إن القصيدة ثنائية أو ثلاثية الأبعاد إذ تذرف دموع الأسى على هذه المرأة التي تسعد الآخرين أمًا أو زوجة وتمتعهم بأجمل ما عندها بينما هي نفسها لا تمتلكه ، وكذلك ينسحب الرمز بهدوء شديد إلى معنى الوطن ذلك الذي يورد خيرات ما يملك إلى الآخرين بينما هو مقفر لا يقوى على شيء من خطوب الحياة وتصاريف الدهر .ذكرتني الأسطر الأخيرة بما كتبه أحمد مطر :


حلب البقال ضرع البقره.

ملأ السطل... وأعطاها الثمن.

قبلت ما في يديها شا كرة.

لم تكن قد اكلت منذ زمن.

قصدت دكانه

مدت يد يها بالذي كان لديها..

واشترت كوب لبن


غير أن البقرة وجدت ما تشربه بينما أن الخوخة ظلت شريدة.


إن الجمال يتعانق في القصيدة من خلال الإيقاع الغنائي لهذا البحرالرجز ، مع المشهد وصورته التي تبدو للوهلة الأولى ربيعية فانتازية خلابة بينما يخفي ذلك كله بركانًا من المشاعر والأحاسيس الحزينة ليكون هذا الجمال معبرًا عن أنة وأستطيع أن أقرأ منه رسالة غير مباشرة وهي أن الخوخة تبدو للجميع سعيدة في هذا البستان الزاهي ، كذلك الوطن يبدو للجميع ظاهريًا كخير ما يكون لكن (السيط ولا الغنى) ربما يشفق حاسدو هذه الخوخة عليها لأن الجمال حزينًا كان أو فرحًا ..خادع ، وبئس الحقيقة إذ تكتشف .


عمل رائع وأروع وفيه إضافة أكثر وثراء أشد أحييك عليه وأرجو أن أكون موفيك بعضًا من حقك وما أراني فعلت

المشرقي الإسلامي 13-02-2010 01:15 PM

جنونان
————–
جنونٌ
هداكِ لقلبى
وقلبٌ
غريبُ الِمزاجِ
هدانى
لعذ بِ
جنونكْ

المشرقي الإسلامي 13-02-2010 01:17 PM

ميّز هذه الومضة بشدة قدرتها على التكثيف لإبراز هذا الجمال الكامن خلف أسوار مدينة النفس الإنسانية ، تلك النفس التي تقتات التقلب وترتوي بالشوق ، ليكون الجنون لديها سمة هي تساوي العقل في أرقى مراتب الفكر ، إذ نجد الجنون في هذه الومضة هو الهادي .ومن جمال هذا الاستخدام إدانة الشاعر للعقل وقيوده المنطقية التي يحكمها حتى في الحب ، وهذا السور المنيع المسمى بالعقل يلتف شاعرنا من حوله ليسمي الحب جنونًا لكنه بذكاء يجعل هذا الجنون هاديًا ، فإذا كان الجنون (الحب) هاديًا فمقابل ذلك يأتي العقل وقواعده المملة ليكون هو التيه الذي تخلص الشاعر منه ليصل إلى هداية ما .
والجمل الاسمية تكون ذات طابع عاطفي ذاتي بعكس الجمل الفعلة التي تناسب مقام التعقل والهدوء والمنطق لذلك بدأشاعرنا العزيز باستخدام كلمة جنون للبدء بها تعبيرًا عن هذا الشيء الذي يقع عليه الاهتمام والتوكيد لأهميته.
إلى ذلك فقد ميز النص أمر آخر هو التعبير عن تدرجات هذا (الجنون)ليصير الجنون عذبًا ، ،ولا ينعت الجنون بالعذوبيةإلا إذا كان هناك جنون مر ولعل شاعرنا العزيز بذلك يؤكد عبقرية هذا الجنون في مواجهة جنون المنطق ووقوفه الدائم ضد طريق الحب. وتبدو الألفاظ غريب المزاج ، الجنون مستحضرة قيمة الحب لكنها تعبر عنه بمنطق آخر هو منطق الهروب من مواجهة العقل ليغدو الهروب مرة أخرى قمة التفكير السليم لتحاشيه مواجهة العقل والانتصار بالرمز . كذلك ميز النص حالة (الجنون الدائري) ، فالألفاظ كثيرًا ما تؤدي دورًا حركيًا يمكن ملاحظته من دلالات الألفاظ ، فالجنون هدى للقلب والقلب غريب المزاج هدى لعذب الجنون كأنها رقصة تانجومكونة من اثنين يرقصان في دائرة تلك الدائرة التي لا مركز لها لا تدري من أين تبدأ كذلك الشاعر العزيز يتساءل ضمنيًا أهو القلب أم الجنون أيهما البادئ ؟ شأنهما شأن البيضة والدجاجة .إننا لا نعلم لهذا اللغز حلاً مطلقًا .وهذه الحالة من الدائرية تجعل الحب عملية لا منتهيةويعطي لحالة التعانق تصورًا ذهنيًا جميلاً لا ينفك ما دام هناك قلب وجنون .
أستاذنا العزيز : في لجة هذه الأمواج المتلاطمة من الحياة أظننا بحاجة إلى قرض طويل الأجل من هذا الجنون في مواجهة جنون الحياة وتقلبات همومها .فهلاّ أقرضتنا ؟
عمل رائع أشكرك عليه ولك منا خالص الشكر والترحاب

ياسر الهلالي 13-02-2010 01:39 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصائد رائعة ولكن ما يستوقفني اعجابا وانبهارا بحق هو تحليقك في فضاء القصيدة وغوصك في اعماق الشاعر
دعني اقول وبعيدا عن المجاملات والاطراء انك قمة في الدهاء
وأنا اسميك جاسوس الاحاسيس
ما شاء الله لا قوة الابالله

وأنا نقلت لك بعض تعليقاتك وشهد لك بأكثر من هذا من هم اهلا للأدب والثقافة

اتمنى لك التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المشرقي الإسلامي 13-02-2010 02:11 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة ياسر الهلالي (المشاركة 682799)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصائد رائعة ولكن ما يستوقفني اعجابا وانبهارا بحق هو تحليقك في فضاء القصيدة وغوصك في اعماق الشاعر
دعني اقول وبعيدا عن المجاملات والاطراء انك قمة في الدهاء
وأنا اسميك جاسوس الاحاسيس
ما شاء الله لا قوة الابالله

وأنا نقلت لك بعض تعليقاتك وشهد لك بأكثر من هذا من هم اهلا للأدب والثقافة

اتمنى لك التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بك أخي العزيز وأنا في غاية السعادة لهذا التواجد وأعتز للغاية بإطرائك ، وإن كنت أؤمن
بأن هناك من زملائي من يبدعون في فهم الأحاسيس بشكل يفوقني عشرات المرات . ولقد سجلت
منذ ما يقرب من الستة أشهر في مجلسكم الموقر ونقلت فكرة مشروع صناعة مبدع هناك ولاقت بفضل الله إعجاب الكثير من الناس وقد وجدت فعلاً بعض منقولاتك من هنا إلى هناك حينما كنت أتجول في المدارس الأدبية وفنون النثر . أشكرك لحسن تواجدك ومرورك العطر ولك مني أحر التحية وأخلص الود وفي انتظار مزيد من مشاركاتك.

المشرقي الإسلامي 13-02-2010 02:14 PM

مصيدة
——————
عصفورانِ
على الشجره
فخَّانِ على الأرضِ
يرشانِ القمح
وينتظران

المشرقي الإسلامي 13-02-2010 02:16 PM

إذا كان الشعر فنًا من فنون التعبير عن خلجات النفس وتقلبات أهوائها ، فإن من الضروري
أن تتوافر للمبدع رؤيا -وليست رؤية- تميز إحساسه وفلسفته تجاه الأشياء عن غيره من الناس.
وإذا كان المبدع هو هذا الإنسان الذي لا يكتفي بالرصد وإنما يلقي بأفكاره وفلسفياته بين سطور
القصيدة ، فإن عملية الرصد الآلي للحدث أو المشهد لا تكون كافية لتحقيق هذا التفاعل من جانب
المتلقي مع العمل . وهذا العمل وإن كان ومضة وربما يخفي وراءه أكثر مما تراه أعيننا على
الأسطر إلا أنني ومن جانبي الشخصي أرى أن العمل كان وصفيًا بشكل كبير وأن العنوان مصيدة
كان مباشرًا للغاية ، رغم أن قِصَر العنوان نابع من قِصَر القصيدة نفسها إلا أن الوصف لم يتطرق
لشيء ذي خطورة وتحريك للمشاعر فالعصفوران ليس في وصف حالهما اتكاء على وتر إنساني
كشكل الجناحين مثلاً أو ألم في القدم عن المشي أو دماء في المنقار ..إلخ.
ورغم مجازية التعبير "فخان على الأرض يرشان القمح وينتظران" وفيه تصوير للإنسان الذي
استحوذ الشرعليه بأنه فخ ، رغم ما في هذا التجسيد من جمال إلا أنه أتى منفصلاً عن الحالة وعن
مبررات شعورنا بالتعاطف مع هذين العصفورين أو ضد هذين الفخين . في رأيي الشخصي أنه
كان من الممكن أن تتخذ الومضة شكلاً أجمل إذا اعتمدت بعض السرد كما في القصيدة التي جاءت
عن الخوخة والتي كانت مدعوكة بماء الإنسانية .الومضة أعطت القارئ انتظا،رًا لما سيحدث وتركت
له حرية الخيال في تصور ما سيحدث لهما لكن ليس ثمة ما قد يفاجئ المتلقي ،لأن مبرر إحداث المفاجأة
نفسه ليس موجودًا . هذه هي وجهة نظري الشخصية وما زلت أستمتع بكثير ما تكتب ولك مني خالص التحية
وأصدق الشكر .



هـــند 13-02-2010 03:04 PM

جميل جدا ما قدمت هنا أخي الكريم المشرقي الإسلامي و طالما كنت متابعة لتعاليقك و آرائك في الأعمال المقدمة هنا في الخيمة ربما أستفيد من نقدك و أعرف أكثر على فنون الكتابة و أساليب التعبير السليمة.
كما قلت في ردك الأخير
إقتباس:

إذا كان الشعر فنًا من فنون التعبير عن خلجات النفس وتقلبات أهوائها ، فإن من الضروري
أن تتوافر للمبدع رؤيا -وليست رؤية- تميز إحساسه وفلسفته تجاه الأشياء عن غيره من الناس.

و أضيف لغة فصيحة سليمة فمشكلتنا تهاوننا في البحث و التعمق في دراسة اللغة السليمة المناسبة للتعبير، خصوصا في مجال القصيدة و الخاطرة.

أشكرك على هذه الدروس القيمة ودمتَ كما أنت مثال للعضو المحب لإفادة الآخرين.

المشرقي الإسلامي 19-02-2010 04:17 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة هـــند (المشاركة 682811)
جميل جدا ما قدمت هنا أخي الكريم المشرقي الإسلامي و طالما كنت متابعة لتعاليقك و آرائك في الأعمال المقدمة هنا في الخيمة ربما أستفيد من نقدك و أعرف أكثر على فنون الكتابة و أساليب التعبير السليمة.

كما قلت في ردك الأخير

و أضيف لغة فصيحة سليمة فمشكلتنا تهاوننا في البحث و التعمق في دراسة اللغة السليمة المناسبة للتعبير، خصوصا في مجال القصيدة و الخاطرة.

أشكرك على هذه الدروس القيمة ودمتَ كما أنت مثال للعضو المحب لإفادة الآخرين.

أهلاً ومرحبًا بك أختي العزيزة ، وأشكرك على هذه المشاركة والتي أرجو أن تفيدي منها ،وأن أكون عند حسن ظنونكم جميعًا. وهذه المجموعة من الممكن أن تكون مفيدة لك للغاية خاصة وأنك تمتلكين قدرة على التعبير جيدة ، وهذه المجموعة من القصائد يمكنك صياغتها نثريًا مع مزجها بما يتشابه مع تجربتك الوجدانية الإنسانية.. إليك باقي المجموعة.

المشرقي الإسلامي 19-02-2010 04:20 PM

سلام
——————
سلامٌ علىَّ
إذا ما أتيتُ إليكِ
حزيناً كليلة صيفٍ
أليفا كلحظةِ خوفٍ
نحيلاً، كومضةِ طيفٍ
خفيفاً
كريشةِ عصفورةٍ
فى الهواءِ
تطيِّرها،
نسمةٌ
من يديكِ
سلامٌ عليكِ
إذا أوصَدَتْ كلُّ أبوابكِ الفاتناتِ
مزاليجها الخضرَ،
دونى
وأنهتْ فصولاً
لعشقٍ وموسمَ،
سربِ يمامٍ
أ تى مثقلاً،
بالمواعيدِ
من كل غصنٍ
وأيكِ

المشرقي الإسلامي 19-02-2010 04:23 PM

إنه الإنسان وليد تقلباته النفسية والانفعالية ، وقلما تجود عليه الدنيا ببعض حالات الصفاء التي يجد نفسه فيها راضيًا عن كل شيء محيط به ، راضيًا عن نفسه متحدًا معها ، لا تنغص عليه ولا ينغص عليها في هدنة تطول وتقصر حسب (لياقة) كل إنسان ، وتتبدى فلسفة هذا الصفاء الإنساني بين أحرف ترسم حالة ربما احتجنا إلى
من يستبطنها داخلنا ..
سلامٌ علىَّ
إذا ما أتيتُ إليكِ
حزيناً كليلة صيفٍ
أليفا كلحظةِ خوفٍ
نحيلاً، كومضةِ طيفٍ
خفيفاً
كريشةِ عصفورةٍ
فى الهواءِ

من أقل ما نجد أن يبدأ الشاعر السلام على نفسه ، لكنه في هذه القصيدة يبدأ بها للفت المخاطَب إلى هذا الانسجام مع الذات ، المقترن بشجن رقيق يفعل في القلوب فعل الندى ، وتبدو المحبوبة هي الملاذ الذي يأتي إليها المبدع أو من يتحدث المبدع على لسانه وتبدو هذه السمات التي يثبت بها تفرد هذه المحبوبة ، من خلال استيعابها ذلك الحزن . وتبدو فلسفة الشاعر في الأبيات عندما تكون ليلة الصيف معبرة عن حزنه ، إذ أنها ليلة تقصر ساعاتها مقارنة بالشتاء والربيع ،مما يعطي سبب الذهاب إليها هروبًا من هذا الفراق المحيط به.
إن سرًا من أسرار هذه الومضة يكمن في هذا التبطين لسبب هذه الحالة من الصفاء والتي يكون مردها إلى عجز الشاعر عن الحياة بذاته .
ويأتي التعبيران أليفًا ونحيلاً ليزيدا الحالة الإنسانية توقدًا وفيهما تحايل على معنى الطفولة . وهذا الحياء من ذكر كلمة الطفولة بشكل مباشر يعطي النص مذاقًا أكثر شجويةً وإنسانية والتعبير أليفًا كلحظة خوف ربما يقصد به أليفًا كحالي لحظة الخوف إذ لا يُتصور أن تكون اللحظة نفسها أليفة .إن الليلة تبدو رغم قصرها حزينة ومخيفة وبعد ذلك هي سريعة المرور ، إذ يغدو الشاعر نحيلاً كهذه الومضة من الطيف.
إن الشاعر يبدو في حالة من الصفاء والرضى عن الذات إذ يبدو كائنًا مضيئًا بهذا الحب الطائف في أعماقه وفلسفة الحزن التي تجعل كل جميل منهزمًا تجعل للتعبير سلام عليّ تأثيره الإيجابي على المعنى إذ أن الشاعر يرى نفسه في حالة استثنائية أهلاً للتعاطف ولا يجد إزاء هذه الحالة إلا البوح بهذه اللواعج إلى حبيبته التي تبدو حقيقية أو افتراضية لعجزه عن كتمان هذا الشجن في نفسه .
ورغم اعتيادية التعبير كريشة عصفورة في الهواء إلاأنه اعتمادًاعلى ما سبقه من تعبيرات يزيد الحالة تألقًا من خلال هذا التحويم في الهواء ليرقى إلى أعلى مراتب السمو الإنساني والوجداني لا سيما وأن المحسوسات كانت ذات حضور كبير في النص (حزين-صيف- أليف-خوف-هواء)ولعل تعبير عصفورة فيه إسقاط للمحبوبة التي يرى العاشق أنه جزءمنها لا يرجو عنها فكاكًا .
ورغم جمال التعبيرات والجو الذي عشناه من خلالها إلا أن شيئًا يتبدى في التعبير تطيرها نسمة من يديك والذي يحتوي على فعل له جانبه الحركي في التطيير ، لكن على صعيد التعبير أرى أن شاعرنا العزيز لم يوفق بالشكل الكافي في إحداث هذا التعبير عن الحالة ، فليس من المنطق أن تأتي النسائم لتطيّر الريشة ، بل إنه منطقي أن تسقط الريشة لأسفل والصورة فيها مخالفة للمنطقة ولو جعل الشاعر العزيز هذه الريشة تطير بالنسمة كالفقاقيع لكانت الصورة أكثر فانتازية وأجمل تأثيرًا للمتلقي .(رأيي الخاص)
ويأتي المقطع الثاني ليعبر عن المقابلة بين سلام عليّ ، سلام عليك .. تلك الحالة التي يشعر فيها من يتحدث المبدع على لسانه بالضعف لهذا النكران ، لتبدو هذه الأنثى حائطًا حائلاً دون ولوجه إلى بستان أحلامه المنتظر .
سلام عليك ِ
إذا أوصَدَتْ كلُّ أبوابكِ الفاتناتِ
مزاليجها الخضرَ،
دونى

تتسم هذه المقطوعة بالشاعرية المتدلهة إذ تأخذ التشبيهات طريقها منسابًا إلى قلب المتلقي ليفتح هو مزاليجه الخضر والسمر لهذه الأحرف العطِرة.. فالحبيبة تبدو جنة أو بستانًا وكانت الاستعارة فاعلة دورها وكذلك الصورة مساعدة على تحقيق الشعور بالمكونات اللونية لهذه الخلفية الجميلة الأبواب الفاتنات ولا أعلم هل الأصح أن يقال أبوابك الفاتنة أم لأن التعبير عن أنوثة دلالة الأبواب فاقتضى هذا استخدام تعبير الفاتنات ؟ ، وتأتي كلمة مزاليجها الخضر والمزاليج هي جمع مزلاج(الترباس) هذه المزاليج هي تعبير عن الصد والنفور من المحبوب لكن تبدو كلمة مزاليجها الخضر ذات دلالة راقية للغاية ،لأن هذه المزاليج رغم صدها المحبوب عن دخولها الباب إلا أنها خضراء .وهذا الصد والنفور يشعِران المبدع بالتحسر لأن هذه المزاليج خضرٌ وتلك الخضرة مكتسبة من بستان هذه المحبوبة ليكون حتى الصدود له طعم يختلف عن صدود أي محبوبة أخرى.كأننا بإزاء المعنى الذي عبر عنه الشاعر سيد يوسف في ديوانه أنا أيضًا لا أمنع فمي بقوله :"أيها الشجرة الطيبة لماذا ظلك ينفيني؟"أو قول بدر شاكر السياب رحمه الله: الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق.. بهذا المعنى يعبر المبدع العظيم عن خضرة هذا الصدود والنفور الغزالي الذي تبديه وكل شيء من الحبيبة يبدو أخضر ، حتى مزاليج الأبواب المغلقة!!
وعلى صعيد الكتابة أو تنسيق القصيدة فمجيء كلمة دوني وحيدة أتت عبقرية معبرة عن الوحدة حتى داخل أسطر\أشطر القصيدة ليكون للشجن عبقه.
وأنهتْ فصولاً
لعشقٍ وموسمَ،
سربِ يمامٍ
أ تى مثقلاً،
بالمواعيدِ
من كل غصنٍ
وأيكِ

الذي أراه –والله أعلم- أن هذه الصورة على جمالها في النهاية إلا أن عنصر الإضافة لم يكن في صالح النص ، لأن المعروف أن هذه المزاليج تعطي دلالة للنهاية وعلى صعيد التصور فكان أحسن –في رأيي الخاص – أن الأفضل أن تأتي النهاية ممثلة في صورة الباب المعبرعن الحيلولة دون الوصول للمحبوبة (وهو وصول معنوي بطبيعة الحال).
هذه الأبيات جاءت لتعطي الخلفية لونًا وشكلاً حالمًا لكن حتى هذا الشكل لا يتناسب مع الحالة الشجية الحزينة ، ولكنه أتى معبرًا عن حسن تمثل الشاعر للطبيعة وتوظيفها في الحالةالشعورية.
قصيدة جميلة شاعرنا العزيز بما لها وما عليها ، ولعل كلمة المنفلوطي رحمه الله تحضرني إذ قال عن أحد المبدعين : وما أظنه أصاب إلا من حيث ظن الخطأ ولا أخطأ إلا من حيث أراد الإصابة. لك مني أحر السلام وأخلص التهنئة وكل عام أنت بخير\بقصــــــــــــــائد.




المشرقي الإسلامي 23-03-2010 02:40 AM

الذئب
——————
بنتٌ فى المقهى
تشربُ قهوتها
وتحدقُ فى الحائطِ
وتفكِّرُ………….
ذئبٌ
فى الطاولةِ الأخرى
يشربُ خطَّتَهُ،
ويُعِدُّ العُدّةَ،
بكلامٍ رومانسىٍّ
وقصائد تترى

المشرقي الإسلامي 23-03-2010 02:43 AM

الومضة التي قرأتها وجدتها عادية بشكل أو آخر ، ووجود العنوان جزءًا من العمل الأدبي بوجه عام
أمر قد يكون فيما بعد محل إعادة نظر لأن العنوان يعكس رؤيا المبدع وفلسفته وليس فقط مجرد
رؤيته الوصفية للقضية المبثوثة في شعره .
الذي استرعى انتباهي هو التعبير : "يشرب خطته"ذلك التعبير الذي يدل على اعتيادية الخطط
الماكرة (إن نجحت) في القيام بهذا السلوك الشائن ، وربما كان المتلقي ينتظر وجود علامة ..
بعد قصائد تترى لتعطي دلالة أقوى ، لكن لم يتحقق ذلك بعكس تفكر ...... والتي دلت على حالة
من الحركة البصرية بين الحائط والذئب ، والحائط ربما يتخذ دلالة رمزية عن طريق الأمل المسدود
وربما يعطي دلالة على الغفلة من ناحيتها ، لكن الكثير من المكونات كالحقيبة ، المحمول ،الألوان
المحيطة بهما كان لابد أن تكون حاضرة في الخاطرة .
ربما يقول البعض إن عدم ذكر ما تم بعد كان بسبب تعمد ترك المبدع ذلك ليستنتجه المتلقي أولكي
يزيد التشوق وتُترك له مساحة من التخيل .
لكن الذي أراه أنه ليس في النص ما يُشعِر القارئ بالتفاعل معه لأن العنوان كان مباشرًا بشكل زائد.
هذه وجهتي نظري الشخصية المتواضعة وأشكرك على إدراج هذه الأشعار وأرجو باسم المنتدى
استمرار التواجد مبدعنا العزيز ، ولك منا جميعًا أخلص الترحاب والشكر .

المشرقي الإسلامي 23-03-2010 12:09 PM

علياء
—————
ثلجٌ
فى الشارعِ
شمسٌ
بعد هديلٍ
تشرقُ
من علياءِ
سخونتها

المشرقي الإسلامي 23-03-2010 12:11 PM

هذه الومضة تتسم بالتركيز الشديد لكنها قد تكون مختزِلة قدرًا أكبر من الرؤى والصور
والتي لو أنها أعطيت مساحة كافية لبدت في شكل أجمل .ليس أمامي العنوان ولا أدري
أهو ثلج أم لا ؟ العنوان كان وصفيًا نوعًا ما ولم يعبر عن المضمون الكامن وراء هذه الصورة.
إن الثلج والشجر والشمس ومكونات الطبيعة تتخذ كلها شكلاً رمزيًا لدلالة نفسية في أعماق
الإنسان ، وهذه الومضة ربما تعبر عن تلخيص لحال العالم الذي هو شارع جليدي والجليد
هنا رمز لما لا يُحمد من الألم ومعوقات الحياة السعيدة .
وتأتي صورة العالم الجليدية لتؤدي معنى ما وهو أن هذه الشمس والتي تعبر عن الأمل
لم تذب هذا الجليد ليبقى الجليد والشمس صديقين متواطئين ضد هذا الشارع الذي
سيذوق حرارة هذه السخونة والثلج الذي لا تشير أية قرائن إلى قرب زواله .وجملة
علياء سخونتها كانت معبرة عن هذه الدرجة من التوقد والتي تستحيل الشمس فيها
رمزًا للإحراق لا للإشراق وليكون العالم كله هو محصور بين فكي هذه الكماشة .
ربما تكون من وراء هذه الوضمة رسالة ما عن هذا التغير المناخي الذي غير مناخ
الإنسانية الدافئ المندّى ليكون جليديًا \ استوائيًا ووحده الإنسان يدفع ضريبة هذا المناخ .
ومضة مركزة للغاية وإن كنت أراها بحاجة إلى وجود بعض المفاتيح لأن القراء لا يتساوون
جميعًا في فهمهم وقراءتهم للقصيدة .لك منا أخلص الود والشكر وننتظر جديد ما تأتي به.

المشرقي الإسلامي 23-03-2010 12:12 PM

التحام
———————
كنجمتينِ
هبطا
واقتربا
وانسكبا
ماءً
وفضة
وذهبا
وعرقا متقدا
كنجمتينِ
ارتعدا
وصعدا
إلى نجومٍ
أنْكَرتْ
بأنها
فى الليل
سَرَّبتْ ِ
بُنَيَّةً
وولدا
هل ندما؟
أم ْنَدِما
أم واصلا الفناءَ
أبداً
وأبدا



المشرقي الإسلامي 23-03-2010 12:14 PM

القصيدة الأخيرة كانت ختامًا جيدًا لما كتبت شاعرنا العزيز الذي نرجو تواصل كتاباته الإبداعية والذي بلا مجاملة يضفي لمسة إنسانية تعجب فيها من هذه الروح الساخرة والإنسانية المتقدة في نفس واحدة .
القصيدة التحام كانت قصيدة متسمة بالتركيز ، وتتخذ القصيدة شكل الإسقاط والرمز ليكون الإنسان هو ذلك الكائن الحي الذي لا يريد الشاعر عبر القصائد كلها -عدا قصيدة المصيدة-ذكره صراحة رحمة به من ذكر مواجعه وكفى بذكره ألمًا .
القصيدة تتخذ جانبًا رمزيًا غير مغرَق وفي نفس الوقت ليس مستهلكًا .جاء الرمز واضحًا لكنه متناوَلٌ بشكل أدق وأجدّ أي فيه جِدّة أي أسلوب جديد.
كان التعبير رومانسيًا وهو نجمتان لكن التعبيرات ذات دلالة حركية تختلف عنها في الحالا التقليدية ليكون الالتحام تعبيرًا عن عملية هي من أرق وأشكال التواصل الجسدي الإنساني في حميمية ورحمة يؤكدها ما بعدها وهو هذا الوجود للكائن الإنساني وكلمة انسكبا كانت تتسم بعمق شديد يعبر عن معانٍ متعددة منها التمازج الجسدي. منها التمازج الإنساني والوجداني ومنها رقة الانسياب مما يدل على شاعرية الحالة التي تحلق بالمتلقي في آفاق أكثر رحابة من الدلالة التقليدية والنجمان هما -كما نعرف-اثنان ذكر وأنثى
وفي هذه الحالة الإنسانية المتقدة تكون النجمتان -والأصح لغويًا نجمان- في حالة تمايد واستمتاع بهذا الأفق الذي يعيشان فيه والكواكب المحيطة بهما ولتكون أهازيج الضوء وشاحًا على صدورهما ،لكن تأتي الصدمة من هذه النجوم التي تعبر عن إنكار وكانت كلمة إنكار قوية في مكانها الذي يعبر عن اضطرار الشاعر تحت تأثير دراماتيكية الحالة إلى استخدام هذه الكلمة التقريرية الصادمة لتعبر عن الإنكار وما يليه من أثر سيء على هذه الحالة .
إن الإنكار حينما يأتي من نفس المجتمع الذي خرج منه الإنسان يكون صادمًا مما يجعل الشاعر محوّلا منحى القصيدة لتتخذ هذا المنحى التراجيدي .
تلك النجوم هي القبيلة الأهل الأصدقاء تعبير عن هذا الإنكار والذي قد نجد سببه في الارتعاد والذي يأتي تعبيرًا عن فعل محظور وبسببه يكون الخوف غير أن هذه الرعدة ليست -بالضرورة- مرتبطة بالمحظور .
لكن الصدمة الأقوى هي تلك النجوم التي سربت يومًا ما بنية وولدا ، إذ تكون هذه النجوم تعبيرًا عن الأنانية ،فبالشكل الذي أتى به الولد والبنية من بين هذه النجوم ، يتواصل النجمان لكن تظل النجوم تنكر ذلك ليكون النص موجهًا نحو أناننة اجتماعية تمارسها الجماعة باسم الأعراف وغيرها من المسميات ، وهذا ما يستدعي الفعل هل ندما ؟ ندما على الخطأ أم ندِما على مخالفة أعراف المجتمع ؟ غير أن النص يذكر أن هذا المجتمع هو الذي ربما اضطرهما بتسريبه إياهما لأن يكونا في هذه الحالة من الالتحام .
وكان التعبير عن الاستغراق في هذا الالتحام بالفناء معبرًا عن هذه اللذائذ التي تفنى ليكون الندم أو التلاشي والإهمال من الآخر هو نهاية هذين النجمين البريئين وقد أنكرهمامجتمع لا يُتصور أن يكون حاله أفضل من حالهما .وإلا لما سرّبهما
النص من أجمل ما قرأت وأرجو أن نقرأ لك المزيد والمزيد بإذن الله ، تقبل خالص وأصدق تحياتي ودمت مبدعًا أستاذنا الفاضل

محمد الحيالي 17-04-2010 08:51 PM

استفادة جِدُ رائعة
وفائدة وكرمٌ وتحليلٌ
وانتَ ايها المشرقي
انسانٌ كبير الشان
فمرحى لمن فرح يتحليلكم
ومرحى لنا لاننا نستفيد
ومن تجاربكم ..........

ارجو انني مررت هنا
فبقيتُ طويلا
لاكون بينكم ومنكم

احترامي
وبوركتم
انتَ والشاعر الموقر
الاخ عزت الطيري


Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.