عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-11-2007, 06:04 PM   #2
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

[FRAME="9 70"]
ضروب المجانين
المجانين على ضروب، فمنهم المعتوه وقد مضى تفسيره ومنهم المرور وهو الذي أخرقته المرة، ومنهم الممسوس وهو الذي يتخبطه الجن والشياطين، ومنهم العاشق الذي تيمه الحب فأجنه.

سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن مسعود النسوي بها، يقول: سمعت أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى السركري؟ ببغداد يقول: سمعت زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري يقول: سمعت الأصمعي يقول: لقد أكثر الناس في العشق فما سمعت بأوجز ولا أجمل من قول أنشدنا بعض نساء الأعراب وسألت عن العشق فقالت: داء وجنون.
أنشدنا أبو محمد أحمد بن محمد بن إسحق الخزلحجي؟ بمرو قال: عبد الله بن بهلول بقرميسين.
ومـا عــاقل في الناس يحمد أمــره ... ويــــذكر إلا وهو في الحب أحمق
وما من فتى قد ذاق بؤس معيشة ... من الناس إلا ذاقها حين يعشق


سمعت أبا الحسن مظفر بن غالب الهمداني يقول: سمعت أبا بكر محمد بن يحيى الصولي قال: اعتل عبد الله بن المعتز فأتاه أبوه عائداً، وقال له: ما عراك يا بني؟ فأنشأ يقول:
أيـــها العــــاذلون لا تعــــــذلوني ... وأنظروا حسن وجهها تعذروني
وأنظروا هل تـــرون أحسـن منها ... إن رأيتــم شبيهها فاعــذلوني
في جنون الهوى وما بي جنـون ... وجنــون الهــوى جنون الجنون

(ومعنى الأبيات أن الناقدين واللائمين لحب الشاعر هذه الجارية عليهم أن ينظروا إلى مدى حسنها وجمال وجهها، فلو وجدوا من تشبهها جمالا فقط، وليس أجمل منها، فعندئذ يحق لهم لومه وعتابه على شدة حبه لها وتعلق قلبه بها، وأن ما به هو جنون العشق، وهو من أشد أنواع الجنون وقعا على صاحبه)

قال: فتتبع أبوه الحال حتى وقع عليها فابتاع الجارية التي شغف بها بسبعة آلاف دينار ووجهها إليه.
أنشدني أبو منصور مهلهل بن علي العنزي.
أبـــدر بدا أم وجهـك القمر السعد ... أليل دجا أم شعرك الفاحم الجعد
أنــرجسة هاتيـــــك أم هي مقلة ... أتفـــــاحة ذاك المضـــــرج أم خـد
أمــــوج إذا ولــيت أم كفـــل بــــدا ... أغض لجيـــن في الغــــلالة أم قد
كذا لو تأملت الذي بي لقلت لي ... أهــذا جنـــــــون ثابت بك أم وجد
(الكَفل بالفتح هي المؤخرة للإنسان والدابة، لجين: الفضة المذابة، الغلالة ثوب داخلي خفيف، القْدّ: الوسط، الوجد: شدة الحب)

سمعت أبا العباس الرازي الصوفي يقول: سمعت الشبلي يقول ذات يوم لأصحابه: ألست عندكم مجنوناً وأنتم أصحاء؟ زاد الله في جنوني وزاد صحتكم! ثم أنشد.
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... ما لذة العيش إلا للمجانين!

أنشدنا أبو العباس أحمد بن سعيد المغربي قال: أنشدنا أبو عمرو محمد ابن إسماعيل الضرير قال حدثنا وأنشدنا أيوب بن غسان وهو يقول:
ودعتني بعبــــرة من جفـــون ... أضمرت فيضها حذار العيـون
ومضت خـــلفها وقد خلفتني ... إلف ضــــر وفــــورة وجنـــون
فشكوت الفراق بالنفس الدا ... ئم حتى هتكت سر الظنون

(أضمرت: أخفيت، فيضها: أي نزول الدمعة من عيني، إلف ضر: أي صاحب مضرة، الفورة: هي شدة الانفعال والجيشان، هتك السر: أي أفشاه)
أنشدني أبو سعيد أحمد بن زاوية الفارسي الكاتب:
ألا قل للأحبة يرفقونا ... فإن الحب أورثنا الجنونا
(يرفقونا: من الرفق وهو ضد العنف، ومنها المِرفق، ومنها قوله تعالى في سورة الكهف: "ويجعل لكم من أمركم مرفقا
")

أنشدني أبي رحمه الله قال أنشدنا أبو محمد الزنجاني لبعض الأعراب:
أحبـــك حباً لو علمت ببعضـــه ... أصابك من وجد عليك جنون
لطيفاً على الأحشاء أما نهاره ... فسكت وأمــــا ليــــله فأنين

(الأنين: هو صوت المعتل من الألم والوجع)

وحكى لي عن حبيب بن محمد بن خالد الواسطي قال دخلت يوماً على علي بن هشام فوجدته باكياً حزيناً ذاهب النفس فأنكرته وسألته عما دهاه، فقال أعلم أني مررت الآن بالخريبة(المكان الذي خرب) فرأيت مجنوناً مصفداً بالحديد يتمرغ في التراب ويقول:
ألا ليت أن الحب يعشق مرة ... فيعرف ماذا كان بالناس يصنـع
يقولون خذ بالصبر إنك هالك ... وللصبر مني في مصابي أجزع
(يتمنى هذا الشاعر من الحب أن يَعشقَ ويحب حتى يحس ويشعر بعذاب المحبين ومعاناتهم، والناس تطلب منه الصبر في فقدانه لذلك الحبيب، ولا يعلم هؤلاء أن الصبر نفسه هو أشد جزعا وألما من ذلك الشاعر على فقدانه لذلك الحبيب!)

سمعت أبا علي الحسن بن أحمد القزويني يقول سمعت بعض السياح يقول رأيت مجنوناً في القفار وهو يرقص ويقول:
حبكم في القفار شردني ... آه من الحب ثم رآه
(القفار: بمعنى الصحراوات، شردني: نفرني وجعلني طريدا، رآه: أبصره)

وهذا الباب يطول شرحه إلا أنه يذكر في أثناء أخبار المجانين وستراه في موضعه إن شاء الله تعالى.


يتبع ،،،
[/FRAME]
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل   الرد مع إقتباس