عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-11-2007, 02:22 PM   #62
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أخي الكريم صلاح الدين القاسمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم أخي الكريم في البداية على تلك الدفقات الطيبة من استحسان ما مررتم عليه من تعقيبي المقتضب، والذي أحس أنه قيل في أكثر ما في من خصال .. وخشيت أن أقول لكم أنني تجاوبت مع هذا الموضوع لعائديته لشخصكم الذي أجد فيه مساحة من الموضوعية المشجعة لتبادل حوار مفيد، أن يكون هذا القول رد لجميلكم الآتي من كلماتكم الطيبة ..

لو عدنا لتساؤلاتكم المثيرة، والتي يصفني البعض عندما أتناولها بكاتب (المطولات) لغصنا في كل تساؤل من تلك التساؤلات نبحث عن لؤلؤة في جو ينقصه في كثير من الأحيان الأكسجين اللازم لفترة الغوص ..

ولو أخذنا التساؤل الأول بكيف نبدأ؟ لكان علينا إجراء تعديل على التساؤل لنجعله كيف ننتهي مما نحن فيه لنبدأ؟

في تصفحي للخيمة السياسية، أجد كما هائلا من المغالاة في تحميل مسألة الدين والعقيدة والطائفية ما قد لا تستطيع حمله .. فهذا يُخرج طائفة كاملة من دين الله وهذا ينبش بالماضي السحيق ليفتش عن نقطة اختلاف ليرميها في وجه محاوره ، وهذا يحدد خطا حديديا إن لم يلتزم الجميع به فلا نجاة لهم، وكل جزيئات ثقافة هؤلاء الأخوة منتقاة ، تضخم مسألة وتسكت عن مسألة أو مسائل لتصوب الضوء (لكادر) فكرتها حتى تتصاعد في المساق التحاوري!

في عامي 1991 و 1992 عقد مركز دراسات الوحدة العربية دورتي نقاش في الدوحة وحلب، والتي كانت في الدوحة حول العلاقات العربية الإيرانية والتي عقدت في حلب كانت حول العلاقات العربية التركية .. وقد استوقفني كلام لبعض المفكرين الإيرانيين حول نظرتهم الحديثة للعرب، وجاء على لسان مفكر إيراني ـ إن لم تخني الذاكرة ـ كان اسمه الدكتور احمد الموسوي، فقال معاتبا في ورقته للعرب: (لماذا تربون أبناءكم على كرهنا نحن الإيرانيين وأنتم لم تحكمونا سوى 93 سنة، ولا زلنا من أشد المنافحين والذائدين عن الدين؟) وأضاف (في حين حكمتم الأندلس زهاء 8 قرون ولم يعد فيها من يذكر الإسلام بخير؟) [ هذا كان تساؤله ـ ولست بمحض التعليق عليه الآن] .. ثم استوقفني في دورة حلب ما قالته إحدى المفكرات التركيات وعلى ما أظن كان اسمها (زليخة كذا) [ ممكن الرجوع الى تلك الملفات من مركز دراسات الوحدة العربية] فقالت: ( هناك من المفكرين العرب من يدعي أننا استعمرنا البلاد العربية خمسة قرون، وكان الأجدر بهم أن يقولوا أننا عطلنا استعمارهم من قبل الأوروبيين خمسة قرون)

إن تناولنا لجيراننا وإطالة الشرح بأوضاعهم هو أحد الحصون التي نهرب إليها من عجزنا وضعفنا، لجعلها مبررات تعفينا من تقصيرنا ..

إن أي بداية أخي الكريم لا بد لها من خط (للبداية) كأي سباق، ونحن لم نتفق بعد على رسم ذلك الخط .. وقبلها كما قلت لك لم نتفق على من نحن ؟ فإن قلنا نحن أبناء تونس وصفنا البعض بالقطرية وإن قلنا نحن أبناء النيل أو أبناء الأقطار المغاربية وصفنا البعض بالإقليمية، وإن قلنا نحن أبناء الأمة العربية، فتحنا علينا أبوابا من المناكفة والمعارضة من القطريين والإقليميين والشيوعيين والإسلاميين .. واختلفنا عندها على مكان خط البداية ولونه .. حتى غدونا أمة إنشطارية وبقعة مولدة للإنشطار في كل شيء ..

لا بأس، إن أي منا له صلة بمجموعة من النحنوات، فإن كنت من (سيدي بو زيد) وقلت نحن أبناء سيدي بو زيد تكون على حق ولا بد لك أن تتقن معايشتك ومواطنتك بما يتلاءم مع تلك المنطقة وإن قلت نحن التونسيين يتوجب عليك أن تمارس مواطنتك التونسية بما يمليه عليك الواقع (وهي قضية تحتاج لاستفاضة) وتتدرج بانتماءاتك الجغرافية والمهنية والعقائدية وتجعل لكل واحدة جزء من (نحن) فعالة .. وستكتشف بالنهاية أن هناك صيغا لا بد من الالتزام بها للتعايش مع الآخرين الذين قد يختلفون معك في بعض (النحنوات) ولكنهم يلتقون معك في (نحن) محددة .. فليكن استثماري للقائي معهم في سبيل تحسين ما قد نختلف عليه ..

هذا شأن سياسي (بحت) يحتاج الى علوم تقنية واجتماعية، ولا يشترط معاداته للفضاء الإيماني الذي يتولاه مختصون، تواصلوا مع ماضي الأمة ويعايشون حاضرها وأظن أن أدائهم سيزداد جلالا وهيبة عندما يتحسن الأداء السياسي والثقافي بين عناصر (نحنوات) الأمة الأخرى ..

لم يمر علي من خلال قراءاتي أن دولة خلال أربعة عشر قرنا منعت الشيعة من الحج لبيت الله .. ولا يسرني الوقوف عند الحملات التي يتعرض لها أبناء تلك الطائفة من استصغار و تكفير و استهزاء، وهذه الحملات ستزيد من بروز مغالين عند أبناء تلك الطائفة (يسبون ويشتمون) صحابة رسول الله صلوات الله عليه ورضوانه عليهم .. وقد نهانا الله عن سب وشتم الكفار حتى لا يسبوا الله ورسله ، فكيف لنا أن نكفر غيرنا من المسلمين؟ وهذا أيضا ينسحب على الغيارى من أبناء الطوائف الإسلامية الذين يحملون وجهة نظر مغايرة لما نحمل نحن أبناء السنة ..

إن البداية وتحديدها، تستوجب وقفة موضوعية من كل مثقف جاد يحرص على ما يؤمن به ويعتقد أنه يصب في مصلحة الدين والأمة .. ونحن إذا توصلنا لذلك أضمن لك أننا نكون قد قطعنا شوطا هاما في الاتفاق على نقطة البداية..

تقبل احترامي وتقديري
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس