الموضوع: يا عراقي
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-11-2007, 09:54 AM   #8
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي

أخواتي و أخوتي..
مها كان ردي على ما كتبتم سيبدو صغيراً أمام ترحابكم و قلوبكم الكبيرة.
الحمد لله أن وهبني أخوةً و أخواتٍ لم تلدهم أمي.
أعلم أن قصيدتي فيها قدرٌ كبيرٌ من الغضب و العصبية و ربما الكثير أيضاً من خيبة الأمل. و سأروي لكم باختصارٍ ما حدث معي و ساقني إلى كتابة هذه القصيدة.
بعد إنهاء مناقشة الدكتوراه في بغداد و تفضّل الله عليَّ بالنجاح، ما كان لي إلا أن أعود قافلاً إلى الأردن حيث عملي و بيتي. و في شهر حزيران الماضي سافرت مع زوجتي و ابنتي إلى عمّان عن طريق مطار بغداد. و سأروي لكم في وقتٍ آخر ما يحدث عادةً للمسافرين في مطار بغداد إن شاء الله. ما يهمني الآن هو ما حدث في مطار الملكة علياء في الأردن. وما حدث أن بعد نزولنا من الطائرة سلمنا جوازاتنا إلى ضابط الجوازات فأوماً لنا برأسه من غير كلامٍ و من غير ردّ سلام بالجلوس مع مجموعة من المسافرين العراقيين القادمين إلى الأردن في مكان قريب. و بعد إستجوابٍ طال و طال إلى 4 ساعات، رأى ضابط المخابرات أن لا داعي لدخولنا الأردن، رغم عملي و شقتي الموجودة هناك. و أخذونا مع مجموعة من المسافرين و أغلبهم من النساء إلى الإحتجاز حتى الصباح ليرسلوننا إلى العراق مرة أخرى. و الإحتجاز عبارة عن مصلّى المطار، يُحتجُز فيه العراقيون فقط لأن كل خلق الله الباقين مسموحٌ لهم بدخول الأردن و لا يشكلون خطراً على أمن مملكة الأمان. أحتجزونا أنا و زوجتي وابنتي ذات الأشهر الأحد عشر في غرفة لا تحتوي ولا حتى على فراش ولا أي شئ. و قبل منتصف الليل بقليل تفضّلوا علينا بطعام عشاءٍ لم نمسس منه شيئاً بسبب الحال الذي كنا فيه. فأنا لا أذكر معاملةً كهذه ولا حتى من الجنود الأمريكان. فحتى الأمريكان حين يعلمون أني استاذُ جامعيٌّ يعاملونني بإحترام أكثر من هذا. و مما آلمني أكثر أني كنت في الأردن أعمل أستاذاً أيضاً و مستشاراً في شركة إتصالات و لم يبدر مني إلى ما هو في خدمة الأردن و كنت أقود أحد أحدث المشاريع التي كانت ستنقل الأردن إلى عالمٍ جديد من الإتصالات الحديثة. إلا أن هذا كله و دمعات إبنتي الصغيرة لم تثنِ ضابط المخابرات من رفض دخولي وعائلتي رغم أن والدي و والدتي و اخوتي موجودون في الأردن. و في خضم ذلك ذهبت الألف و خمسمائة دولار التي انفقتها على تذاكر الطائرة هباءً.
و في السابعة صباحاً عادت بنا الظائرة إلى المحرقة المسماة بغداد و ليس لي فيها بيت ولا مكان آمن أظل فيه بعد أن أُخذ بيتي من قبل تنظيم القاعدة رغم أني والحمد لله من أهل السنة و الجماعة. وإضطررت إلى البقاء في بغداد حتى نهاية سبتمبر رغم التهديدات التي تعرضت لها لأني لم أملك أن أذهب إلى مكان آخر.
أستطيع أن اتفهم حرص الدول على أمنها و سلامة شعبها من الوباء المسمى العراقيين، و لكني لم أفهم كيف أني شخصياً و ائلتي كنت أشكل تهديداً على أمن المملكة و سلامة شعبها.
و في نهاية سبتمبر و في منتصف شهر رمضان المبارك سافرتُ براً إلى دمشق في رحلةٍ طالت إلى 24 ساعة. و بعد بقائي في دمشق لأسبوع عادت دمشق لتفرض تأشيرةً صعبة المنال على عوائل الهاربين من العراق، فتملكتني نوبة من الغضب العارم و أنا أتذكر كيف كنا نعامل العرب في العراق قبل الإحتلال و كيف كانت الحكومة تفضّل العرب على العراقيين حتى في الجامعات. فكتبت هذه القصيدة و في قلبي من النار ما فيه.
و في بداية نوفمبر سافرت إلى السودان الشقيق، فلم أجد من أهل السودان الطيبين إلى حسن الملقى و طيب الإستقبال. و الحمد لله الذي أكرمني بأن أذهب إلى دولةٍ لا يشكل العراقيون فيها تهديداً للأمن و لا يلتقيهم الناس فيها إلا بالحب و الترحاب.

سلامي إلى زوجتي و ابنتي في بغداد و أمي و أبي و أخوتي في الأردن..أعذروني لأني لا أستطيع أن التقيكم..




محمد
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس