الاهمية الاقتصادية للصحراء
لقد اكتسبت الصحراء أهميتها قديما من موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط طرق القوافل التجارية في المنطقة (برا وبحرا) ، وزادت هذه الأهمية مع تنامي صراع القوى الاستعمارية على اقتسام مناطق النفوذ ، ومع تطور مفهوم الجيوبوليتيك وشيوع الميل إلى تطبيق نظريات المجال الحيوي . غير أن الثروات البحرية التي تزخر بها شؤاطي الإقليم ، واكتشاف الفوسفات ومعادن أخرى بكميات كبيرة ، شكلت العامل الأهم في تأجيج الأطماع التوسعية لبعض الجيران ، وفي استمرار تشبث الدولة المستعمرة (إسبانيا) بمستعمرتها الواعدة اقتصاديا ، إذ كان وزير الخارجية الإسباني الأسبق (1945) "ألبرتو مارتين أرتاخو" قد وصفها بسوق المستقبل، وأنها هبة العناية الإلهية لإسبانيا .
الفسفاط
وبالرجوع إلى المعطيات الشحيحة المتوفرة ، يمكن إجمال المخزون المكتشف من ثروات الصحراء الغربية في الموارد التالية : الفوسفات : يعتبر الفوسفات الصحراوي من أجود الأنواع عالميا ( نسبة نقاء 65 – 80 % )، ويمثل نسبة 10 % مؤكدة من الاحتياطي العالمي ( أكثر من 10 مليارات طن ) ، في حين ذهبت بعض المراجع إلى أن مجموع احتياطي 6 حقول مكتشفة على امتداد التراب الصحراوي قد يمثل نسبة 28,5 % من الاحتياطي العالمي . وتحتل الصحراء الغربية الرتبة الثالثة عالميا في إنتاجه بعد المغرب والولايات المتحدة الأمريكية . ومن المعروف أن الفوسفات يدخل في صناعة الأسمدة بنسبة كبيرة ، ويستخدم لصناعة الفوسفور واليورانيوم ذي الأهمية الحساسة (يحتوي طن واحد من الفوسفات الصحراوي على 200 غرام من اليورانيوم) . بدأت عمليات التنقيب عنه لأول مرة في الصحراء الغربية سنة 1942 ، على يد الأسبان المتلهفين لموارد جديدة ، بعد فقدان مستعمراتهم في أمريكا اللاتينية
في 1947 تمكن المهندس "مانويل أليا ميدينا " من اكتشاف الفوسفات بكميات اقتصادية في منطقة بوكراع ( مساحة 800 كم2 ) ، لتبدأ سنة 1962 مراحل الاستغلال التجريبية تحت إشراف ( الشركة الوطنية لمعادن الصحراء ) . وفي سنة 1965 انتهت الأعمال الجيولوجية ومنحت الحكومة الإسبانية حق الاستخراج لكارتل دولي يشمل شركات أمريكية ( 25 % ) وشركات فرنسية وألمانية ( 20 % ) ومصالح إسبانية ( 55 % ) ، ثم ألغت هذا الامتياز حين أسست الشركة الإسبانية العالمية ( حكومية ) برأسمال 3.5 مليون دولار . وفي سنة 1968 تأسست شركة "فوس بوكراع" بمساعدة مجموعة بنوك أمريكية ، والتي بدأت في تشغيل شريط النقل الآلي ( بطول 100 كم وقدرة حمولة 20 مليون طن في السنة ) سنة 1972 من منجم بوكراع إلى ميناء العيون، الذي هيئ آنذاك لتصدير حوالي 13 مليون طن سنويا ( 20 مليون طن حاليا )، وتعاقدت مع عدة شركات لاستخراج الفوسفات وتسويقه ( أساسا إلى الولايات المتحدة وأوربا واستراليا ) . ومع تقدم عمليات الاستغلال نشأت مرافق صناعية حول المنجم ، وعبدت بعض الطرق لتسهيل أعمال التصدير .. و في 31 أكتوبر 1975 ، تضمنت اتفاقية مدريد شقا اقتصاديا ، نص على أن تحتفظ إسبانيا بنسبة 35 % من اسهم شركة " فوس بوكراع "، وأن تفوت نسبة 65 % للحكومة المغربية