عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-12-2007, 05:40 PM   #6
muslima04
مشرفة قديرة سابقة
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 1,505
إفتراضي

وانطلق على الفور حتى وصل البحيرة، وبحث طويلاً، حتى عثر على الزهرة الزرقاء بين الأعشاب، وقبل أن يمدّ يده إليها تذكر كلام أصدقائه السبعة، فخاف خوفاً شديداً وعاد إلى القرية. وفي الطريق لام نفسه لوماً شديداً. وتعجب من خوفه فرجع إلى البحيرة. وما إن اقترب من الزهرة الزرقاء حتى أحس بالخوف من جديد، فأسرع الخطا نحو القرية. ومرة أخرى توقف وقال في نفسه:
-كيف أعود إلى أصدقائي ولم أعمل على إنقاذهم.
فرجع إلى البحيرة، ووقف أمام الزهرة الزرقاء متردداً، وهمّ بمد يده إليها، فتخيل البحيرة تتلون وتفور، وتخيل الأصوات التي تغري وتهدد، فضعف، ووجد نفسه يجري نحو القرية وهو يردّد:
لا أستطيع .. لا أستطيع.. وأنا أحب نفسي أكثر مما أحب أصدقائي.
لا أستطيع .. لا أستطيع.. وأنا أحب نفسي أكثر مما أحب أصدقائي.
وفي الطريق صادف أم أصدقائه الصيادين السبعة. فسلم عليها وقال لها:
-أين تذهبين يا خالة؟
فقالت له:
-أذهب إلى البحيرة يا ولدي، لأفتش عن أولادي كعادتي كل يوم.
فقال لها الصياد الشاب:
-هناك سر يا خالتي، وقد أوصاني أولادك ألا أبوح به.
وبدا الفرح على وجه الأم فصاحت:
-أولادي؟ وهل رأيتهم؟
قال:
-أجل يا خالتي وهم موجودون عندي.. ولكن..
قالت:
-ولكن.. ماذا يا ولدي.. أرجوك..
وفكر الصياد طويلاً، وخاف أن يبوح لها بالسر فتخاطر بنفسها، وتتحول إلى حجر أزرق، ولكنه قال في نفسه أخيراً:
-وهل هناك أحد يحبّ أكثر من الأم؟ وهل هناك قلب أشجع من قلب الأم؟ وهل هناك من يضحي بنفسه من أجل أولاده أكثر من الأم؟
عند ذلك باح لها بسر أولادها الأقزام وعلّمها كيف السبيل إلى إنقاذهم، فشكرته وودعته وهي تقول:
-الله معي يا ولدي.
وتوجهت إلى البحيرة، وأخذت تبحث، وتبحث بين الأعشاب حتى عثرت على الزهرة الزرقاء، ودون خوف مدت يدها. فتلونت البحيرة وفار ماؤها وصارت الأشجار والأعشاب والصخور والرمل تناديها بصوت عذب فيه سحر وإغراء:
-أيتها الأم الطيبة.. أيتها الأم الطيبة الشجاعة.. أيتها الأم الطيبة الشجاعة الصابرة..
ولكنها لم ترد ولم تلتفت، وقطفت الزهرة الزرقاء. وتحولت النداءات إلى أصوات فيها تهديد ووعيد. أحست الأم بالخوف من هذه الأصوات المفزعة، ولكن حبها كان أقوى من خوفها، فمضت نحو القرية لا تلتفت إلى الخلف، والأصوات ما زالت تهدد وتتوعد. ووصلت إلى بيت الصياد. فوجدت الصياد الشاب وزوجته قلقين خائفين عليها.
فانقلب خوفهما وقلقهما فرحاً وسُرّوراً. وأخذ الصّياد الزهرة الزرقاء وجعل أصدقاءه الأقزام يشمونها واحداً واحداً فيتحولون إلى شبانٍ كما كانوا. وأخذت الأم تعانقهم وهي تبكي من فرحتها. وتعانق الجميع وهم يهنئون أنفسهم بالسلامة.
وتذكر الأخوة السبعة ما قالته لهم الحورية المنقذة "بأن المارد لا يخاف إلا من النار، ولا يُقضى عليه إلا بالنار "فجمعوا أهل القرية في الساحة العامة، وطلبوا إلى كل واحد منهم أن يحضر شعلة كبيرة، ويتوجه في المساء إلى البحيرة المسحورة للقضاء على المارد الشرير.
وفي المساء خرجوا جميعاً يحملون المشاعل، وهم يغنّون للحبّ والأمان والسلام.
ولما وصلوا إلى البحيرة ركبوا زوارق الصيد ودخلوا إلى الأعماق، وفجأة خرج الماء من المارد غاضباً صائحاً:
-ماذا تفعلون في بحيرتي؟
فلم يخافوا، ولم يتراجعوا، ورفعوا المشاعل إلى أعلى، وهم يغنون بصوت واحد قوي، وصاروا يقتربون من المارد، وهو يبتعد خوفاً من النار، ولكنهم حاصروه من كل الجهات، وأحرقت النار عينيه، وكوت جسده الضخم ودخلت في فمه الكبير المفتوح، فتهاوى وهو يصيح. وغاب في البحيرة إلى الأبد.
وعادت الأخوات الحوريات إلى شكلهن الأول، ورجعن إلى القرية وعاد جميع الذين سحرهم المارد وغيّر أشكالهم، إلى حالتهم الأولى، ورجعوا إلى أهلهم، وعاش الجميع في خير وسعادة وأمان.



تأليف ماما رجاء( ليست أمي أنا)
muslima04 غير متصل