سياسة أمريكا تجاه الخليج العربي :
بدأ إهتمام الأمريكان بالخليج العربي مع بداية ظهور النفط فيه، وقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية لإقامة علاقات متينة مع كل من إيران والسعودية، وإن عدم اهتمامها بالعراق كان ينبع من خضوع العراق تحت السيطرة الإنجليزية.
وفي عام 1953 قامت الولايات المتحدة بالإطاحة بحكومة مصدق في إيران، وأعادت الشاه اليها، ويمكن تحديد أهداف السياسة الأمريكية في الخليج ب:
1ـ تأمين حرية وصول الغرب الى آبار البترول والحيلولة دون وصول السوفييت إليها (في وقته) ..
2ـ احتواء نفوذ السوفييت في منطقة الخليج والشرق الأوسط.
3ـ تحقيق استقرار دول الخليج المنتجة للنفط من خلال الحفاظ على الأمر الواقع وبأقل التكاليف الممكنة.
4ـ مساعدة الشركات والبضائع الأمريكية على التغلغل في أسواق الخليج.
ولأجل تحقيق تلك الأهداف، قامت الحكومة الأمريكية برسم سياسة خارجية مرنة، في مقدورها العمل على عدة اتجاهات، اقتصادية ثقافية اجتماعية عسكرية، مع معظم دول الخليج، فاستطاعت انتزاع موافقة كثير من تلك البلدان على إقامة قواعد عسكرية فيها، مبتدئة بعمان والبحرين .. ولم تنس أمريكا إيران والكيان الصهيوني كأسيجة لحماية تلك المنطقة وجعلها آمنة لتسهيل السيطرة عليها ..
لقد صرح إيزنهاور عام 1957 بالتزامه بحماية تلك المنطقة، كما أعلن كارتر في أعقاب غزو الاتحاد السوفييتي لإفغانستان بالتزامه بالدفاع عن منطقة الخليج إذا ما تعرضت لخطر ..
ولعب ريغان لعبة مزدوجة في الحرب العراقية الإيرانية، إذ أوحى للعراقيين بأنه على استعداد لتزويدهم بالمعلومات الاستخبارية عن إيران. وأوعز للكيان الصهيوني بتزويد إيران بأسلحة أمريكية عن طريق الكيان الصهيوني وتلك العملية التي سميت (إيران ـ كونترا) .. وقد جن جنون الأمريكان عندما عرض السوفييت على الكويتيين تأجيرهم ثلاث سفن لنقل النفط مع تأمين الحماية لها، بعد أن تعرضت ناقلات النفط الكويتية لهجمات إيرانية .. مما اعتبره الأمريكان تهديدا للهدف الأول من سياساتهم في الخليج ..
إلا أن السياسة الأمريكية قد شابها فتور في النصف الثاني من الثمانينات، في عهد ريغان في منطقة الخليج بالأشكال التالية:
1ـ حدوث انخفاض حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وأمريكا..
2ـ قيام أمريكا بناء على رغبة الكيان الصهيوني بعدم الالتزام ببنود المقاطعة مع الكيان الصهيوني .. مما حدا بالخليجيين بالعزوف عن التعامل مع الشركات المخالفة.
3ـ قيام اللوبي الصهيوني بتحريض الكونجرس على عدم تنفيذ بيع أسلحة لبعض الدول الخليجية ..
عناصر سياسة أمريكا الشرق أوسطية
1ـ الحيلولة دون حصول السوفييت على موضع قدم لهم في الشرق الأوسط.
2ـ ضمان انفراد الغرب بنفط المنطقة وسهولة انسيابه وتدفقه لأسواقهم.
3ـ الحفاظ على استقرار الدول التي تقيم علاقات جيدة مع أمريكا .. وإرباك الدول الممانعة لإقامة مثل تلك العلاقات ..
4ـ ضمان وجود إسرائيل وأمنها وتقدمها..
5ـ تسهيل وتأمين دخول الشركات والبضائع الأمريكية للمنطقة العربية.
أما قضية فلسطين فإن الإدارة الأمريكية تنظر لها وفق ما يلي:
1ـ الاعتراف بحق دول وشعوب المنطقة بحياة سلام وأمن.
2ـ إيجاد حل دائم وشامل يقوم على:
أ ـ توفير الاحتياجات الأمنية للكيان الصهيوني.
ب ـ توفير الاحتياجات الأمنية للدول الأخرى..
ج ـ أخذ تطلعات الشعب الفلسطيني بالاعتبار!
3ـ التمسك بقراري الأمم المتحدة 242و 338 باعتبارهما أساس لمبادلة الأرض بالسلام..
4ـ ربط الضفة الغربية وقطاع غزة بالأردن.
5ـ الإيمان بأهمية المفاوضات المباشرة..
6ـ إن صيغة المؤتمر الدولي لا بد وأن تحدث تقدما وتحول دون الشلل..
7ـ الابتعاد عن دمج الوفود العربية بالمفاوضات والتفاوض معها منفردة..
8ـ لا بد أن يتوفر بالمفاوضين الرغبة بالسلام وكراهية العنف والإرهاب!
9ـ يجب أن ينتج عن كل مفاوضات معاهدات منفصلة عن غيرها مع أقطار عربية أخرى ..
مع ذلك فإن أمريكا (النخب الحاكمة) تقدم مصالحها على مصالح غيرها، حتى لو كان الآخرين (الكيان الصهيوني) وهذا يعني أن القوة الإسرائيلية في منطقتنا هي قوة هشة على أحسن الفروض، قابلة للانحناء والانكسار، وقد رأيناها في جنوب لبنان كما كنا رأيناها في حرب 1968 في الكرامة و1973 في حرب أكتوبر/ تشرين .. فإذا تم خلع أنبوب التغذية الأمريكي عنها وهي أشبه ما يكون بغرفة العناية الحثيثة، فإن إمكانية زوالها أمر ممكن جدا ..
سنتكلم في المرة القادمة وهي الأخيرة عن العرب وصنع السياسة الأمريكية
__________________
ابن حوران
|