أسامة بن لادن (أ ب)
> لكن الجهاديين يسمعون لابن لادن والظواهري وغيرهما وربما يقتنعون بأن عمليات مسح مخ مثلاً أجريت لك ولإخوانك الذين أيدوا الوثيقة؟
- القول بأن الجهاديين يستخفون بذلك، فهذا من قلة عقل من قال ذلك لأنه يظن أنه هو وأصحابه هم كل الجهاديين في العالم، وكأنه يعلم الغيب ويحكم على الأجيال الناشئة أنها ستكون كلها مثلهم، وأنا لا أكتب لأهل مكان أو زمان معيّنين وإنما أكتب لكل موجود وكل مولود مما يشاء الله، والإنسان إذا قال الحق فقد أدى ما عليه ولا يضره ألا يقبله أحد، فقد أخبرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه يوم القيامة «يأتي النبي وليس معه أحد» الحديث متفق عليه، أي أن بعض الأنبياء لم يتبعه ولا إنسان واحد، فكيف بنا نحن؟
أما «الوثيقة» فقد تلقاها مئات الأخوة الجهاديين في مصر بالقبول والاستحسان ومنهم شيوخ بعض المقيمين في الخارج، والذين اعترضوا هم من الفاشلين ولهم مخاز سترتها عليهم، وما منعهم من ذلك إلا الكبر وعدم الانقياد للشريعة.
والقول بإن بعض الجهاديين يستخفون بهذه المبادرات مبرر لفشلهم المزمن، وسبب لانهماكهم في سفك الدماء بغير حق، وسبب دفعهم لإخوانهم بالجملة إلى المشانق والسجون من غير طائل بسبب جهلهم بالشريعة.
> بماذا تفسر حدة الانتقادات التي وجهت إليك من بعض الإسلاميين المعترضين على الوثيقة بما اخرج الأمر من مجرد نقاش إلى حد الصراع؟
- بداية أقول للقارئ الكريم، أعلم أن الخصم إذا لجأ إلى السباب والتجريح والبذاءة فإن هذا يدل على أن لا حجة له ولا دليل عنده، أما ما أحب أن أقوله: أني رأيت واحداً من هؤلاء في السودان منتصف العام 1994، ولم يكن هناك ما يستدعي لجوءه إلى أوروبا، ونصحه أخوانه بعدم اللجوء إليها وحذروه من الفتن في بلاد الغرب وأنه لا يحل له اللجوء (والأسماء موجودة والشهود أحياء) فرد عليهم: «ومن فين المم للأولاد»؟ والمم هو الطعام بلغة الأطفال في مصر، يعني هو قَبِل أن يلجأ إلى بلاد الكفار وأن تجرى عليه قوانين الكفر باختياره من أجل المم، فما دخله بالجهاد، وليست له فيه سابقة لا علماً ولا عملاً؟
> هل رصدت تناقضات في ردود الفعل الرافضة للوثيقة؟
- قال أحدهم في بيان له إن جهاد هذه الأنظمة واجب، وناقض نفسه وقال إن شيخه الظواهري وتنظيمه أعلن وقف العمليات في مصر من 1995، فكيف يُفسر هذا التناقض؟ وإذا كان الجهاد واجباً فليخرج من حماية الدولة الكافرة التي يحتمي بها ويأتي إلى مصر ويعطينا القدوة العملية ويرينا كيف يجاهد؟ أم أنه يكفيه الصياح من أوروبا في الفضائيات؟ فليترك الجهاد بالريموت كنترول وينزل إلى أرض الواقع وينفذ ما يدعو إليه.
> يقول بعضهم أنك لم تقم بمراجعات وإنما تراجعات؟
- قال الله تعالى «لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» (الصف 2-3)، وقال تعالى «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب، أفلا تعقلون» (البقرة 44)، من قال هذا اقول له: تعال إلى مصر وافعل ما تقول حتى تخرج من مقت الله وغضبه، وأرنا كيف تجاهد فعلاً وليس بالريموت كنترول.
أنا نصحتهم بعدم الصدام في مصر العام 1992، وفي باكستان وأول 1994 في السودان، وأصر شيخهم الظواهري على الصدام وباع إخوانهم للسودانيين ولما تحطم أعلن وقف العمليات في 1995 فمن الذي تراجع؟ بعدما علق إخوانهم على المشانق وحشرت بهم السجون من دون أي فائدة ومن دون أن يقدم لهم مساعدة في سجونهم.
لقد شجعوا الجماعة الجزائرية على سفك الدماء وبرروا أفعالهم في نشرتهم «الأنصار» وفي نشرتهم «المجاهدون» ثم تبرأوا من ذلك بعدما ورّطوهم، فمن المتراجع؟ واليوم يبررون لابن لادن غدره وخيانته لماذا سبقوا الأحداث ويعلنون أن تأثير الوثيقة سيكون ضعيفاً؟ وما أدراهم، هل يعلمون الغيب أو يأتيهم الوحي؟
> ربما رصد بعضهم في الأجزاء الأولى من الوثيقة ما يستحق النقد؟
- كيف يحكمون على «الوثيقة» حتى قبل أن يكتمل نشرها؟ والله سبحانه يقول «وما شهدنا إلا بما علمنا» (يوسف 81)، أين دينهم بل أين عقولهم؟ كيف يصف أحدهم «الوثيقة» بأنها تصب في خانة الأعداء ـ وقد بيّنت فساد هذا القول وتلبيسه على الجهال من قبل ـ وهو ما يترك له الكفار مركزه إلا للحصول على المعلومات المجانية عن إخوانه للأضرار بهم؟ هل نسيتم ما فعلوه مع أصحابه بسبب الفاكس الذي جاءهم من باكستان؟، الكفار عنده يعلمون جيداً أن شيخه الظواهري كلفه بأن يكون مركزاً للدعاية والتمويل والاتصالات لهم، كما يعلمون أنه المسؤول عن إصدار مجلة «المجاهدون» الخاصة بجماعة «الجهاد»، كما يعلمون أنه الآن البوق المدافع عن الظواهري وتنظيمه «القاعدة» تنظيم الغدر والخيانة، وقد قال الله تعالى «ولا تكن للخائنين خصيماً» (النساء 105).
مراكزهم في أوروبا هي التي أوقعت بالمسؤولين عن تفجيرات نيروبي ودار السلام وهم الآن في سجون أميركا، إن فاكسات شيخهم الظواهري من باكستان وأوروبا هي التي سجنت إخوانهم، فمن الذي يضر بالمجاهدين؟ أن مكالمات عادل عبد المجيد في لندن، ومكالمات آخر كان في أذربيجان وآخر كان في الإمارات هي التي أوقعت بمجموعات «الجهاد» في مصر وساقتهم بالجملة إلى المشانق والسجون، فمن الذي يضر بالمجاهدين؟ إن مكالمات لندن هي التي أوقعت بإخوانهم في ألبانيا فمن الذي يضر بالمجاهدين؟ هل يُستغل جهل الناس بما حدث فيتم تضليلهم؟ والأسماء والتفاصيل كلها موجودة، ولكن الله أمر بالستر.
> البعض يرى أن هذا الجيل العقائدي لا يثق إلا بالمشايخ المرابطين في الثغور وساحات القتال؟
- إن أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل والبخاري رحمهم الله لم يكونوا كذلك فهل لا يثقون بهم وبعلمهم؟ أنهم في جماعة الجهاد وصفوني في مجلتهم «المجاهدون» التي كانت تصدر من لندن بأنني «مفتي المجاهدين في العالم» وبأنني «العالم المرابط والمفتي المجاهد» فما قولهم الآن؟
لأن كل ما في كتابات الظواهري من أمور شرعية أنا الذي كتبتها له، والتدريب العسكري الذي حصل عليه بعضهم في أفغانستان بل أي شيء نافع فعلته جماعة «الجهاد» كان أثناء صلتي بها ولكن عادتهم أنهم يجحدون النعمة ويعضون اليد التي أحسنت إليهم فلما قاطعتها «الجماعة» صارت مخذولة بقدر الله فوقعت في الكذب والعمالة وتحريف كتب العلم الشرعي وتبرير ما حدث في الجزائر ثم الإيقاع بإخوانهم في مصر ودفعهم إلى المشانق والسجون بالجملة ثم الغدر والخيانة في أحداث ايلول (سبتمبر) وأخواتها.. أما بن لادن فقد كان يكتب له خطبه أتباعه من موريتانيا واليمن (والأسماء موجودة) من طلبة العلم وقد أنكروا عليه ما فعله في ايلول (سبتمبر) لأنهم لم يعلموا بها إلا بعد وقوعها فمن هم الشيوخ المجاهدون؟
هل هم شيوخ الغدر والخيانة بن لادن والظواهري أم آخرون لا نعرفهم؟
إن الظواهري نفذ عمليات في مصر عام 1993 لمجرد أن يقلد الجماعة الإسلامية وللدعاية كما صرحوا لي بذلك لما نهيتهم عام 1992، أي أنها عمليات للرياء، والرياء من الشرك ثم لجأوا لتمويل العمليات إلى العمالة للمخابرات السودانية، وهكذا المعصية تسوق صاحبها إلى معصية حتى انتهى أمره إلى غزوات الغدر والخيانة في 11/9/2001 فأين هم الشيوخ المرابطون؟.
> بعض المعترضين على الوثيقة قالوا إنهم يخشون تأثيرها في الجهاد كقيمة في الاسلام؟
- الجهاد ماض وسيستمر والخلافة قادمة بإذن الله وقبل ظهور المهدي رضي الله عنه، هكذا أخبرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) كما ذكرته في آخر بنود الوثيقة، ولكن «وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم» (آل عمران 126)، وما عند الله لا ينال بمعصيته ولا بالغدر والكذب والخيانة، وإنما ينال بطاعته والمؤمن أوّاب ولا يكن للخائنين مدافعاً ومنافحاً.
.. يتبع ..
|