عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-02-2008, 02:36 PM   #6
مغربي
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 298
إفتراضي

بدت آثار الحصار الخانق المفروض على سكان قطاع غزة واضحة جلية، لا سيما على المرضى منهم، والذين ينتظرون إشارة السماح لهم بمغادرة القطاع لتلقي العلاج اللازم في المستشفيات داخل دولة الاحتلال، وذلك نظراً لافتقاد مستشفيات غزة للكثير من المستلزمات الطبية الحديثة، حيث لفظ البعض منهم أنفاسه جراء منعه من السفر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.



اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار ذكرت في تقرير لها أن نحو ألف مريض في قطاع غزة يحتاجون للعلاج في الخارج، وأن استمرار الحصار يهدد حياتهم.



ورغم إطلاق الكثير من التحذيرات من قبل جهات حقوقية وطبية متعددة في هذا السياق، إلا أن شيئاً لم يتغير، حيث فارق العديد من المرضى الحياة ومنهم الأم عايدة عبد العال بعد حرمانها من تلقي العلاج في الخارج، لتنضم بذلك إلى عشرة مرضى قضوا نحبهم جراء منعهم من السفر.



زوج الفقيدة عبد العال لم يتخيل أنه في يوم من الأيام سيكون ربة منزل، تطبخ، وتكنس، وتقوم بكافة أعمال المنزل، ويوقظ أطفاله في الصباح الباكر كل يوم لكي يصنع لهم الطعام، لم يكن يتخيل أيضاً أنه سيبقى وحيداً بين أركان غرفته الخالية الذي لربما كلما ذهب لركن منها تذكر مع زوجته أجمل الذكريات.



يقول زكريا عبد العال (31) عاماً زوج عايدة التي توفت بمرض السرطان لعدم سماح قوات الاحتلال لها بمغادرة غزة لتلقي جرعة كيماوي:" كانت عايدة تصارع المرض يوماً بعد يوم لم تبال بما ابتلاها به الله، إنما كانت تردد على لسانها مقولة: إنما يبتلي الله عباده الصالحين"، وكانت صابرة على ما بها من مرض، وكان الأمل يراودها يوماً بعد يوم بالشفاء"، مشيراً إلى أنها أصيبت بالمرض مطلع العام الماضي.



وأضاف: "عند الكشف عن نتائج التحاليل غادرت القطاع لتلقي العلاج في الخارج، حيث أخذت الجرعة الأولى من الكيماوي في مصر"، وتابع عبد العال حديثه: "بعد مضي 4 أشهر على سفرها إلى مصر ومع تحسن الحالة عادت إلى قطاع غزة، وأخذت 5 جرعات من الكيماوي واستقر وضعها تماماً لكن في 26/8 طلبنا الجرعات المتبقية من الكيماوي، لكن الحصار قطع عنها العلاج"، موضحاً أنه قدم طلباً لوزارة الصحة لمدها بالعلاج وشكوى للمجلس التشريعي لكن دون جدوى.



علاج بالخارج

وأشار الزوج المكلوم إلى أنه بعد تدهور حالة زوجته رأى الدكتور المشرف على علاجها ضرورة سفرها إلى (إسرائيل) لتلقي العلاج، ومضى يقول: بعد إجراء التحليلات لها قالوا إنهم لا يستطيعون فعل شيء لها؛ لأنها أتت في وقت متأخر من المرض، وبعدها رقدت ثلاثة أيام في (إسرائيل)، ثم عادت إلى غزة ولم يمض يومان حتى فارقت الحياة".



وبينّ عبد العال أن لديه خمسة أبناء وابنتين، وهم يحيى (12عاماً)، رضا (10أعوام)، حمزة (8 أعوام)، هديل (7 أعوام)، وإبراهيم (5أعوام)، ومحمد (4أعوام)، ومصطفى (10 أشهر)، وقال:" يحيى ورضا تأثروا كثيراً بموت والدتهم حتى أنهم من شدة البكاء قالوا ماما كانت كويسة كتير وطابت ليش رجعت تاني".



وحمل المسؤولية للاحتلال عن وفاة زوجته؛ لأنه هو من يفرض الحصار على قطاع غزة ويمنع المرضى من السفر خارج قطاع غزة لتلقي العلاج، وقال:" آخر كلمات كانت ترددها دائماً: شو دخل المريض بالسياسة ؟!، ووضعي استقر وتحسنت، لماذا أرجعوني إلى نقطة الصفر مرة أخرى ؟!!". ووصف عبد العال زوجته بـ"الصالحة والمطيعة"، وأنها "كانت محافظة على الصلاة حتى في مرضها.



وأوضح عبد العال أنه بفراق زوجته خسر "أفضل إنسانة في حياته"، وتابع القول: خسرت زوجة وأماً صالحة ومحافظة على بيتها وزوجها، والآن أقوم بكافة أعمال المنزل، ولا يوجد لدي عمل حتى أعين أولادي في هذه الحياة"، لافتاً إلى أنه يسكن في غرفتين داخل بيت العائلة الذي ويؤوي33 فرداً.



رحلة مع المرض

كما امتدت آثار الحصار الخانق إلى المواطن نائل الكردي (21 عاماً)، والذي يعاني من مرض السرطان وتمنعه قوات الاحتلال من تلقي العلاج في الخارج، وفي هذا السياق يقول شقيقه رامي الكردي:"بعد اكتشاف المرض عند أخي تقدمنا لتحويله لتلقي العلاج في الخارج لكن بعد الإجراءات الأمنية تم رفض ذهابه إلى (إسرائيل)، ثم بدلنا التحويلة للعلاج في مصر، حيث تلقى 17 جلسة علاج هناك".



وبين أن الأطباء اكتشفوا أن الورم السرطاني موجود ما بين الكلية والمعدة، ولم يستطيعوا إجراء عملية لنائل، حيث أعطوه جرعات كيماوي وكتبوا له 6 جرعات بعد ذلك.



وقال:" لعدم وجود الإمكانيات لأن العلاج كان على نفقتنا اضطررنا للعودة إلى غزة على أساس عودته بعد شهرين لإكمال العلاج، لكن تفاجئنا بإغلاق المعبر"، وتابع:"تحسن نائل لمدة شهر لكن بعد ذلك عادت له الآلام مرة أخرى، وأجرى الأطباء له تحويلة أخرى إلى (إسرائيل) لكن الأخيرة رفضت قبوله، وتبدلت التحويلة مرة أخرى إلى مصر، لكن هذه المرة أغلق المعبر ولم يستطع المغادرة".



تمنيات بالشفاء

وأضاف الكردي:"الآن خرج شقيقي من المستشفى لعدم وجود العلاج وحالته متدهورة للغاية؛ لأن المحاليل التي يأخذها لا تفيده بشيء ولا يوجد علاج في المستشفى لإفادته"، محملاً مسئولية ما حدث لشقيقه نائل للاحتلال الإسرائيلي وللجانب المصري لمشاركته في إغلاق معبر رفح جنوب قطاع غزة.



أما والدة نائل الحاجة أم رامي الكردي، فقد دعت لولدها بالشفاء، ولم تتمالك نفسها من البكاء عند الحديث معها، حيث قالت:"هذا مريض ما ذنبه في هذا الحصار ؟!، وما ذنبه كي يرفضه الاحتلال أمنياً عدة مرات؟!"، موضحة أن نائل في الفترة الأخيرة تدهورت حالته النفسية كونه لا زال في أول شبابه، مؤكدة أنه يصبر على ما به من حال، ويدعو الله عز وجل دائماً أن يشفيه من مرضه.



الجهات المعنية

بدوره، قال خالد راضي، مدير العلاقات العامة في وزارة الصحة :" هنالك حوالي 91 صنفاً من الأدوية الخاصة بمرضى الكلى والسرطان رصيدها صفر في مستودعات وزارة الصحة، إلى جانب وجود 48 صنفاً لا تكفي لبقية الشهر". وأشار إلى وجود 300 حالة تحتاج لسفر عاجل لتلقي العلاج.



ولفت أيضا إلى وفاة شخصين مطلع الأسبوع نتيجة شح العناية الطبية الناتجة عن نقص الأدوية، موجهاً مناشداته ونداءاته لكل المنظمات والمؤسسات الصحية، وقال:" من الحقوق التي كفلتها القوانين العالمية حق العلاج، وما تقوم به (إسرائيل) هو تجاوز لحق الفلسطينيين بالعلاج، وهي جريمة ترتكب بحق الفلسطينيين ".



وتابع قوله: على منظمة الصحة العالمية، وعلى كل وزارات الصحة على مستوى الدول العربية والأوروبية، أن تساعد الفلسطينيين، وأنا أوجه نداء لضمير العالم، أن يمدوا يد العون للشعب الفلسطيني ومرضاه، وأن يوقفوا نزيف جسد الفلسطينيين". وشدد على أن (إسرائيل) "ليست وحدها المسئولة عن الكارثة الصحية التي تمر بالشعب الفلسطيني في غزة، ولكن كل من يصمت عن هذه الجريمة هو مشارك فيها"، على حد قوله.



ومن الجدير بالذكر أن (إسرائيل) تمنع دخول قطع الغيار اللازمة لتصليح الأجهزة الطبية في مستشفيات غزة والتي تعاني من عطل كبير، لاعتقادها بأنها ليست من الأشياء الضرورية.



وفي هذا السياق يقول راضي:" هنالك الكثير من الأجهزة بحاجة لتصليح كأجهزة الأشعة وتخطيط القلب والعناية المركزة، وبالنسبة لأجهزة الكلى أكثر من 400 مريض يقومون بغسل الكلى على حوالي 66 جهازاً منها 23 معطلاً بحاجة لتصليح، وحوالي 43 جهازاً فقط يستطيع المرضى استعمالها، لذا قمنا بتقليص عدد مرات غسيل الكلى من ثلاث مرات إلى مرتين أسبوعياً".
مغربي غير متصل   الرد مع إقتباس