عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-02-2008, 08:27 PM   #2
صتيمه
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 561
إفتراضي

ثالثاً – العلاقات العثمانية الأوربية في القرن الثامن عشر الميلادي :
1- مع النمسة :
كانت اتفاقية " كارلوفيتش" بمثابة هدنة أرادة من خلالها الدولة العثمانية إلتقاط أنفاسها ، وذلك لاسترداد ما فقدته في شبه جزيرة البلقان و حين أخذت القوات العثمانية تعل على استعادة بعض مناطق اليونان استنجدت سكان هذه المناطق بجمهورية البندقية وذلك لمساعدتهم ، فقام التحالف مرة أخرى بين النمسة و البندقية استطاع أن يهزم العثمانيين في أكثر من موقع ، فقدت السلطنة العثمانية البقية المتبقية في بلاد المجر وكذلك إقليم " مولدافيا" ومدينة " بلغراد" ، وقد أدت العمليات العسكرية التي قامت بين الطرفين إلى توقيع معاهدة صلح ( عام 1718 م ) عرفت بمعاهدة " بساروفيتز" وقد نصت هذه الاتفاقية على :
1- تحتفظ النمسة بالمجر(هنغاريا) والجزء الشمالي الشرقي من"صوفيا" مع قسم كبيرمن"مولدافيا".
2- للنمسة و البندقية على غرار الإنكليز و الفرنسيين إمتيازات تجارية في بلاد السلطنة .
3- تحتفظ السلطنة بشبه جزيرة المورة و بعض من بلاد الهرسك .


2- مع روسيا :
حين اعتلى " بطرس الأكبر" ( 1689 – 1725 م ) العرش الروسي أوصل الحدود الروسية إلى شواطئ البحر الأسود الشمالية (المياه الدافئة ) ، وفي عهد الإمبراطورة " كاترين الثانية " ( 1762 – 1796 م ) حولت البحر الأسود إلى بحيرة روسية ، أمنت مرور السفن التجارية الروسية عبر المضائق ( البوسفور و الدردنيل) إلى البحر المتوسط ، وحصلت على حق حماية الرعايا المسيحيين الأرثوذوكس في الدولة العثمانية ( هذا كان تأسيس لما يطلق عليه فيما بعد " المسألة الشرقية" ) .

وفي عهد " بطرس الأكبر" وكنتيجة للحروب العثمانية الروسية تم توقيع معاهدة صلح بين الطرفين عرفت بمعاهدة "أدرنة" (عام 1713 م ) ثم واصلت روسيا سياستها التوسعية على حساب السلطنة إلى (عام 1736م ) في الوقت الذي كانت فيه النمسة تضغط على السلطنة في الجانبين البوسنوي والصربي لصالح الروس ، وبعد سلسلة من المعارك عقدت النمسة وروسيا مع السلطنة اتفاقية " بلغراد" ( عام 1739 م ) التي ردت للسلطنة من اعتباراتها لتفوق العثمانيين في هذه الجبهة .

ولكن مع اعتلاء " كاترين الثانية" عرش روسيا تجددت الحروب بين الطرفين ومرد ذلك يعود إلى سياسة التوسع التي انتهجتها هذه الإمبراطورة ، وبعد معارك متعددة منيت فيها الدولة العثمانية بإخفاقات متتالية عقد الطرفان اتفاقية صلح( سنة 1774 م) عرفت باسم اتفاقية" كوجك قاينارجه" (النبع الصغير) اشتملت على ثمانية و عشرين بنداً يمكن تلخيصها بما يلي :
1- حصلت روسيا بمقتضى هذه المعاهدة على مناطق استراتيجية شمالي البحر الأسود .
2- أنهت هذه المعاهدة السيطرة العثمانية على البحر الأسود لصالح الروس .
3- جعلت بلاد القرم في استقلال ثم ما لبثت القوى الروسية أن سيطرت عليها .
4- حصلت روسيا من السلطنة على إمتيازات تجارية داخل بلادها .
5- حصلت روسيا على إمتيازات حق حماية المسيحيين الأرثوذوكس في بلاد السلطنة العثمانية .
6- مثلت هذه المعاهدة نهاية قوة الدولة العثمانية أو بداية النهاية لسقوط الدولة العثمانية .
7- فتحت هذه المعاهدة الباب الواسع لمعاهدات مشابهة جعلت التدخل الأوربي في شؤون السلطنة الداخلية أمراً متفقاً عليه ( قانوناً ) .


3- مع فرنسا :
أن خطر التوسع الروسي للوصول إلى المياه الدافئة جعل الفرنسيين يتحسسون الخطر المحدق بتجارتهم كما أن طموح "الإنكليز" كان في تزايد مستمر في تلك الفترة إلى الحد الذي وصل الإنكليز إلى منافسة الفرنسيين في التجارة الدولية( العالمية) ، هنا بدأت حكومة الثورة الفرنسية تسوغ الخلاف القائم بين العثمانيين والروس تمهيداً لاحتلال" مصر"، وبالفعل استطاع الفرنسيون ( سنة 1798 م )إنزال قواتهم في "الاسكندرية" ثم ما لبثوا أن استولوا على " القاهرة" ، ثم وصل "الإنكليز" بأسطولهم بعد عدة أيام إلى "الاسكندرية" فاحرقوا الأسطول الفرنسي ، هذا من الجانب الأوربي الأوربي ، لكن من الجانب العثماني الأوربي ، فمما لا شك فيه أن احتلال " فرنسة" لـ"مصر" أثار حفيظة السلطنة و جعلها تميل إلى الجانب الإنكليزي للوقوف في وجه " فرنسة" ، ولما كان الإنكليز حلفاء الروس فقد عقدت الأطراف الثلاثة اتفاق دفاع مشترك ، كل هذا أفسح المجال وسهل على الفرنسيين قضية التوسع في المنطقة فاجتاحوا "سورية" ، إلا أن الحلفاء أحبطوا المحاولات الحثيثة لدوام السيطرة الفرنسية على "سورية" ، وكان لضغط الحلفاء على الفرنسيين بالإضافة إلى موقف المصريين من الحملة وتغير الموقف عموماً في أوربة الغربية أن تركت فرنسة "مصر " و لجأت إلى توقيع اتفاقية صلح مع السلطنة ومجموعة من دول أوربة عرفت هذه الاتفاقية باتفاقية "إميان" (سنة 1802 م ) .


رابعاً – العلاقات العثمانية الأوربية في القرن التاسع عشر الميلادي :
بعد خروج الفرنسيين من مصر تسلم حكومة البلاد " محمد علي باشا" الذي كان يعمل إجمالاً على حكم مصر بما يتوافق مع طموحه أو طموحاته الاستقلالية ، ولان هذا الأمر يتعارض مع مصلحة الإنكليز في مصر ، فقد عمدت الحكومة الإنكليزية إلى عزله و أخذت تؤلب الباب العالي ضده ضمن مساعيها الدبلوماسية في استنبول ، وحين فشلت المساعي الإنكليزية للإيقاع بـ " محمد علي باشا" أعدت إنكلترة حملة بحرية و هاجمت مصر ( سنة 1807 م ) بقيادة " فريزر" لكن المصريين استطاعوا رد هذه الحملة على أعقابها ، وحيال تزايد قوة " محمد علي باشا" في مصر أخذت السلطنة تستعين به في رد إعتباراتها في اليونان ، ثم أنه وحيال مواقف بعض الباشوات في بلاد الشام أعد " محمد علي باشا" جيش بقيادة ابنه " إبراهيم باشا" وهاجم الشام و استمر يزحف إلى أن وصل إلى حلب ، فـ" ممر بيلان"
الحد الفاصل بين بلاد الشام و الهضبة الأناضولية .

هنا أدرك الغرب الأوربي خطورة الموقف فأخذوا يعملون على للحيلولة دون استمرار"محمد علي باشا"
في سياسته التوسعية، مما أدى بالنتيجة إلى أن تعقد الأطراف المتضررة(صاحبت المصلحة في المنطقة)

اتفاقية عرفت باتفاقية " كوتاهيه" ( سنة 1833 م ) حصل بموجبها " محمد علي باشا" على ولاية مصر و الشام و ابنه "إبراهيم باشا" على ولاية " أضنة" ، ولأن فرنسة و إنكلترة كان لهما مصالح مع " محمد علي " عمدت الدبلوماسية الروسية على إقناع الباب العالي بأنها الصديق الوحيد الذي بقي للسلطنة ، وهذا ما جعل الروس والعثمانيون يوقعون على معاهدة دفاع مشترك عرفت بمعاهدة"هنكار أسكله سي"

والتي نصت في أحد بنودها على تعهد السلطنة بالسماح للأسطول الروسي المرورعبرالمضائق العثمانية ( البوسفور و الدردنيل)، كذلك سمحت له في إغلاق هذه المضائق بوجه السفن التابعة للدول الأخرى .

إلا أن الدول الأوربية وخوفاً على مصالحها الاقتصادية عمات بكل قواها على تحطيم بنود هذه المعاهدة وفي ذروة التأزم الدولي وموقف الأوربيين المتوحد ضد توسعات"محمد علي باشا"الذي رأوا فيه الخطر المحدق على مصالحهم ، اجتمعت دول أوربة في " لندن"( سنة 1840 م ) وعقدت اتفاقية نصت على :
1- أن تكون ولاية مصر وراثية لـ " محمد علي باشا" وأبنائه من بعده .
2- يدفع " محمد علي باشا" جزية سنوية للباب العالي .
3- تسري في الولايات التي يحكمها " محمد علي" القوانين العثمانية ويتولى جباية الضرائب باسم السلطان .
4- تعتبر قواته ( قوات مصر) جزءاً من القوات العثمانية .

وكان من تداعيات هذه الفترة أن قامت " فرنسة" و احتلت " الجزائر" ( سنة 1830 م ) لأسباب بحرية بحتة وكما قامت فتنة الحرب الأهلية في " لبنان" ( سنة 1860 م ) ، ثم كان لوقوف فرنسة وإنكلترة مع السلطنة ضد روسيا خصوصاً بعد حرب الروس في القرم ( سنة 1854 م ) وما تبعا من أحداث ، كل هذا أدى إلى عقد اتفاقية " باريس" ( سنة 1856 م ) هذه الاتفاقية التي توضحت من خلال بنودها قضية مستقبل الدولة العثمانية ، وفي ذروة الاضطرابات و الحركات القومية في البلقان المطالبة بالاستقلال عن السلطنة العثمانية بدعم من الدول الأوربية وعلى رأسها روسيا ، كل هذا أدى إلى قيام الحرب بين الروس و العثمانيين ( سنة 1877 م ) أفضت بالنتيجة إلى عقد الطرفان معاهدة عرفت بمعاهدة " سان ستيفان" ( سنة 1878 م ) نالت بموجبها روسيا أراضي واسعة في آسيا و أوربة ، وكان من نتائج هذه الاتفاقية أن قامت دولة " بلغاريا" بعد أن عزلت عن السلطنة ، و حصلت "بلاد البوسنة والهرسك"على استقلال ذاتي ، و استقلت كذلك " رومانيا" ، ولم يبق للسلطنة سوى ( تراقيا – تسالونيك – تساليا- أبيدوس – جبال ألبانية ) ولما كانت بنود هذه المعاهدة لا تتوافق مع مصالح دول أوربة الغربية كانت الضرورة ملحة في إعادة النظر في بنودها فعقد الأوربيين مؤتمراً في " برلين" في العام ذاته ، تم فيه تقسيم تركة الرجل المريض ( المصطلح الذي أطلق على الدولة العثمانية ) بين جميع الأطراف .

وكان من تداعيات هذا المؤتمر أن احتلت إنكلترة " قبرص"، واحتلت " فرنسة " " تونس" ،ثم احتلت
"إنكلترة" " مصر ( سنة 1882 م ) .

وحينما ركنت الدول الأوربية إلى ما اغتنمته من السلطنة ، وجدت السلطنة في ظل ضعفها أن تتحالف مع قوى أوربية فوجدت ضالتها مع الألمان فمنحتهم إمتيازات واسعة في أراضيها ، وكان الألمان من جانبهم بحاجة إلى هذا التحالف وذلك تجلى في حجم المشاريع الاقتصادية الألمانية في أراضي السلطنة العثمانية ، كل هذا أثار حفيظة الدول الأوربية الأخرى ، ليدخل العالم في عقد جديد مع بداية القرن العشرين الذي تمخض عنه حربين عالميتين ورسم من جديد خارطة العالم.




من لا يعرف تاريخه لا يفهم حاضره ولا يبنى مستقبله

مع خالص التمنيات:
الامير اسماعيل العشري

منقول
__________________
ان لم تكن معي والزمان شرم برم...لاخير فيك والزمان ترللي

آخر تعديل بواسطة صتيمه ، 23-02-2008 الساعة 08:33 PM.
صتيمه غير متصل   الرد مع إقتباس