الموضوع: هلاك الجبابرة
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-03-2008, 06:45 PM   #2
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي

وكان سعد يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل والله لينصرن الله وليه وليظهرن دينه وليهزمن الله عدوه إن لم يكن في الجيش بغي أو ذنوب تغلب الحسنات. فلما خرجوا من النهر وجدوا كسرى قد هرب بأهله وما استطاع من المال. ثم جاء سعد بالجيش أهل القصر الأبيض ثلاثة أيام على لسان سلمان الفارسي فلما كان اليوم الثالث نزلوا منه وسكنه سعد واتخذ الديوان مصلى وتلا قوله تعالى: {كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما اخرين» ثم تقدم فصلى ثماني ركعات بتسليمة واحدة ثم أرسلوا السرايا في أثر كسرى يزدجرد فقتلوه وأخذوا أموالا عظيمة وكنوزا كثيرة أنفقت في سبيل الله تصديقا لحديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث من دلائل النبوة وقوع الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حيث زال ملك كسرى عن العراق بل زال تمامًا وزال ملك الروم عن الشام وإن كانت أطماعهم لا تزال تمتد نحو بيت المقدس ويغتنمون غفلة المسلمين لينقضوا عليهم. والله لا يمكن للكافرين من رقاب المسلمين إلا بسبب غفلة المسلمين عن دينهم وتركهم لكتاب ربهم وهجرهم لسنة نبيهم فيكون الهوان واقعًا بهم. فمن هان عليه أمر ربه فعصاه هان هو على ربه فأسلمه وخذله. ومن عظم عنده أمر ربه فتمسك به وأطاعه وعمل به فانتهى عن المحارم واستغنى بالحلال عن الحرام والتزم الطاعات فاستوفى الفرائض واجتهد في تحصيل النوافل فإن الله تعالى يتولاه. ومن تولاه الله تعالى رفع عنه عدوه، ومكر بمن مكر به وخدع من خدعه وخذل من خذله ونصر من نصره فانظر كيف كان في شق البحر كيد لموسى وكيد بفرعون فنجى الله موسى وأهلك فرعون بكيده العظيم. والله يعز من أعز دينه واعتز به ويذل من خذل دينه وينزله من جبروته وعلوه ويصيره عبدا ذليلا. فلابد لنا أن نعتبر من الأمم السابقة وما أصابهم فالأيام دول والله غالب على أمره. والله يحكم كونه فلا تفلت منه ذرة ولا يفلت منه أحد لحظة، فسبحان رب العالمين يعز من يشاء، ويذل من يشاء وتدبر في قوله تعالى في سورة القصص: {طسـم« (1) تٌلًكّ آيّاتٍ پًكٌتّابٌ پًمٍبٌينٌ (2) نّتًلٍو عّلّيًكّ مٌن نَّبّأٌ مٍوسّى" وّفٌرًعّوًنّ بٌالًحّقٌَ لٌقّوًمُ يٍؤًمٌنٍونّ (3) إنَّ فٌرًعّوًنّ عّلا فٌي الأّرًضٌ وجّعّلّ أّهًلّهّا شٌيّعْا يّسًتّضًعٌفٍ طّائٌفّةْ مٌَنًهٍمً يٍذّبٌَحٍ أّبًنّاءّهٍمً و ّيّسًتّحًيٌي نٌسّاءّهٍمً إنَّهٍ كّانّ مٌنّ المٍفًسٌدٌينّ (4) ونٍرٌيدٍ أّن نَّمٍنَّ عّلّى الذٌينّ اسًتٍضًعٌفٍوا فٌي الأّرًضٌ وّنّجًعّلّهٍمً أّئٌمَّةْ ونّجًعّلّهٍمٍ پًوّارٌثٌينّ (5) وّنٍمّكٌَنّ لّهٍمً فٌي الأّرًضٌ وّنٍرٌيّ فٌرًعّوًنّ وهّامّانّ وّجٍنٍودّهٍمّا مٌنًهٍم مَّا كّانٍوا يّحًذّرٍونّ} [القصص:1ـ6]، وتدبر قوله سبحانه: {ّوعّدّ الللَّهٍ الذٌينّ آمّنٍوا مٌنكٍمً وعّمٌلٍوا الصَّالٌحّاتٌ لّيّسًتّخًلٌفّنَّهٍمً فٌي الأّرًضٌ كّمّا اسًتّخًلّفّ الذٌينّ مٌن قّبًلٌهٌمً وّلّيٍمّكٌَنّنَّ لّهٍمً دٌينّهٍمٍ الذٌي ارًتّضّى" لّهٍمً ولّيٍبّدٌَلّنَّهٍم مٌَنً بّعًدٌ خّوًفٌهٌمً أّمًنْا يّعًبٍدٍونّنٌي لا يٍشًرٌكٍونّ بٌي شّيًئْا وّمّن كّفّرّ بّعًدّ ذّلٌكّ فّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الفّاسٌقٍونّ <55> وّأّقٌيمٍوا الصَّلاةّ وّآتٍوا الزَّكّاةّ وّأّطٌيعٍوا الرَّسٍولّ لّعّلَّكٍمً تٍرًحّمٍونّ <56> لا تّحًسّبّنَّ الذٌينّ كّفّرٍوا مٍعًجٌزٌينّ فٌي الأّرًضٌ وّمّأًوّاهٍمٍ النَّارٍ وّلّبٌئًسّ المّصٌيرٍ} [النور:55ـ57]. وهذه الأمم من حولنا عروش تزول وتتهدم، وأخرى تعلو وتتجبر، والله هو الملك الجبار فمن لاذ بجنابه عز، ومن بعد عن دينه وهجر كتابه وعصى ربه ذل. والطريق بيِّن للسالكين فلا تغتر بكثرة الهالكين ولا تستهن بقلة السالكين إلى ربهم، فكم من ملك ظن أن ملكه لا يبيد فأزال الله ملكه حال كان أعز ما يرى الناس ويحسبون، وكم من مستضعف رفعه الله تعالى فوق رقاب الجبارين. واعلم أن الآخرة أبقى فإن كان النعيم فهو المقيم العظيم وإن كان العذاب فهو الأليم الشديد. فاللهم نسألك عفوك وعزك ونصرك فبصرنا بدينك وأقمنا عليه إنك على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين.

نقلا عن مجلة التوحيد
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس