عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-03-2008, 12:19 PM   #17
عنترنيت
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
الإقامة: السعودية
المشاركات: 866
إرسال رسالة عبر MSN إلى عنترنيت إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى عنترنيت
إفتراضي

أحمد الجار الله

تجني سورية في قمة "نصف العرب" اليوم حصاد ما زرعه نظامها من عبث أدمت جراحه أنحاء متفرقة من ديار العرب, ولا يبدو مستغربا ان تغيب بعض الدول العربية وتخفض أخرى مستوى تمثيلها في هذه القمة التي تضرب الرقم القياسي من حيث ضعفها الناجم عن ارتكابات النظام السوري وانتهاكاته.


نماذج العبث السوري أكثر من ان تحصى, ولعل لبنان هو النموذج الامثل حيث لم يكتف نظام دمشق بما ارتكبه حتى الآن ليخرج خرتيت السياسة الخارجية السورية وليد المعلم بتصريحات تظهر بوقاحة ان نظامه يسعى لاستغلال القمة واستخدامها معبرا لتمرير سياساته وتحقيق اهدافه المشبوهة تحت غطاء هذا اللقاء العربي لخدمة نظام الملالي الايراني وستراتيجيته الطامحة الى احياء الامبراطورية الفارسية.

لقد حاول خرتيت السياسة الخارجية السورية (وللعلم فإن من صفات الخرتيت قصر النظر حيث يهاجم من دون دراية ليتبين لاحقا ما حدث) ان يزين مواقف النظام البعثي وينفي عنه عار التخريب والتدمير والقتل والاغتيال الذي وسمه في دول الجوار... لكن محاولاته باءت بفشل ذريع حيث ادرك العرب بقياداتهم ومواطنيهم سوء ذلك النظام ووجدوا ان الرسالة الاكثر تعبيرا عن سخطهم عليه هو مقاطعة الجلوس معه تحت سقف القمة.

المملكة العربية السعودية وغيرها من دول عربية اخرى سعت الى كف يد النظامين السوري والايراني عن التدخل في شؤون لبنان, وترك هذا البلد يعيش حياته الطبيعية ويجري انتخاباته ويشكل حياته الدستورية أسوة بكل الدول المستقلة والحرة, لكن الجهود السعودية لم تستطع ان تثني المسار السوري المبني على ستراتيجية ايرانية عن عبثه من خلال إحداث خروقات في بعض الساحات العربية, لاسيما فلسطين عبر "حماس", ولبنان من خلال "حزب الله" والمتعاملين مع النظام السوري.

وعبرت السعودية ودول عربية اخرى عن غضبها من سورية التي تحاول تبرئة نفسها من وهن القمة بالقاء المسؤولية على أميركا واسرائيل وبعض الدول العربية, واتهامها بالسعي الى إفشال القمة, فيما يشكل التعنت السوري السبب الاول والاخير لهذا الفشل الذريع.

لا ندري الى اي مدى يبقى النظام السوري يعتمد سياسة تخوين الاخرين ممن لا يلتقون معه في المواقف, ويتهمهم بالعمالة لاميركا والصهيونية, لا بل يمنع على لبنان اقامة علاقات جيدة مع محيطه العربي والعالمي, بينما يعمل هو وفق أجندة ايرانية, ويسمح بتصدير ثورة الملالي التي قاومها العرب منذ بداية الثورة الخمينية, وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي .

لقد جاءت سورية الآن لتعيد فتح نافذة واسعة أمام تصدير ثورة الملالي عبر صواريخ "حزب الله" التي لن تنفع مهما بلغ غرور حسن نصرالله وذهبت به العزة بالاثم الى التهديد باختيار الزمان والمكان لشن الحرب على اسرائيل, وهو غرور لم ينفع من سبقوه وسقطوا قبله أمثال صدام حسين وميلوسوفيتش وغيرهما ممن صح فيهم القول "قاتل الله الغرور ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله".

غرور نصرالله وتهديده بالصواريخ لن ينفع في المستقبل كما لم ينفع في حرب يوليو 2006 , عندما دفع لبنان ضريبة كبيرة من أرواح بنيه وتدمير بنيته ثمنا لتصرفات "حزب النصر الالهي" الذي احتفل بتحقيقه على أنقاض الوطن ودماء أبنائه.

تدمير لبنان لم يدفع النظام السوري الى اعادة النظر في مواقفه وترك جاره العربي ينعم بالامن والاستقرار, لا بل زاد في صلفه وغيه حتى استحق أن يعيش عزلة عن محيطه العربي. وكان حريا بمؤسسة الجامعة العربية ان تختار مكانا غير دمشق لاستضافة القمة ومعالجة مشكلات الامة حتى وان قاطعت سورية وقلة من السائرين في ركبها, بدل ان تعقد هذه القمة في دمشق وتكون مناسبة لمزيد من الشرخ العربي, وتاليا منح جوائز الترضية العربية لدمشق وصكوك البراءة مما ترتكبه في لبنان.

حسنا فعلت الحكومة اللبنانية عندما اعلنت عدم المشاركة في القمة كتعبير احتجاجي ضد الذين دمروا وطنهم وعطلوا شؤونهم الداخلية وسعوا, ولايزالون, الى إذكاء نار الفتنة بين أطياف الشعب اللبناني, وحسنا فعلت الدول العربية التي خفضت مستوى تمثيلها في القمة تعبيرا عن رفضها للمواقف السورية. ولكن لا عزاء في ان يدرك النظام السوري دروس القمة وعبرها, وبالتالي فهو سيواصل جني هزائمه, لان من يزرع الشوك لايحصد العنب.

* نقلا عن صحيفة "السياسة" الكويتية
السبت 21 ربيع الأول 1429هـ - 29 مارس2008م
__________________
antrnet2009@hotmail.com
عنترنيت غير متصل   الرد مع إقتباس