عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-04-2008, 04:26 AM   #2
المصابر
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 5,633
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي

أعرف أن القارئ سيتعجب وقد يصرخ : كل هذا قدمته حماس ؟! وقبل أن أجيب عن كل واحدة ، أقول : إن الذي قدمته حماس ، وما قد تقدمه إلا إذا تداركت الأمر كما سيأتي ، نتيجة منطقية لمن يدخل في لعبة دولية أكبر منه .
ذلك عندما يكون الأداء السياسي غير متاح في ظل الظروف القاهرة فالثوري لا يمارسه ، لأنه سيضطر إلى الاختيار بين أداء سياسي يناسب الظروف وهذا يعني التخلي عن النهج ، وبين أن يتمسك بالثوابت ، وهذا خلاف شروط واضع اللعبة ، فيتم إخراجه من اللعبة .
وعندما لا تمتلك الحركة ـ أي حركة ـ عناصر المجابهة الناجحة فعليها أن تقف بانتظار مرحلة أفضل تستعد فيها للدخول في المجابهة. لقد دخلت حماس في الفرصة الناقصة، حيث الـتجربة غير مشروعة. ولا تكون التجربة مشروعة إلا عندما يكون الحوار بين ندين متكافِـئَين، وعندما تكون إمكانية تطبيق الأهداف حرة غير مقيدة.

الرضا بنهج التسوية، والاعتراف بدولة العدو: مجرد دخول حماس في الوزارة يعني قبولها بنهج التسوية، حتى وإنْ أعلَـنت غيرَ ذلك. ومع ذلك فقد صدر عن حماس ما يدل على ذلك:

1 ـ تشكيل الوزارة يعني الرضا بالواقع الذي أفرزته أوسلو ومدريد وباقي الاتفاقات الدولية.
2 ـ اضطُرت حماس بعد مؤتمر مكة إلى الإعلان بأنَّ حكومة الوحدة الوطنية تـقبل بكلِّ الاتفاقات الدولية التي تمَّ عقدُها. وهذا صريحٌ في الموافقة على أوسلو وغيرها وإفرازاتها.
3 ـ وافقت حماس على دولة بحدود 67.
4 ـ ما سبق يعني اعترافاً بدولة العدو.

الانقلاب على ميثاق حماس:

1 ـ القبول بحدود 67 يعني التنازل عن جزء من فلسطين، وهو مخالف لما نص عليه ميثاق حماس:" فالتـفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين " ( ميثاق حماس الصادر في 18 آب 1988 ص15 ). " تعتقد حركة المقاومة الإسلامية أن أرض فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها، ولا تملك ذلك دولة عربية أو كل الدول العربية، ولا يملك ذلك ملك أو رئيس، أو كل الملوك والرؤساء، ولا تملك ذلك منظمة أو كل المنظمات سواء كانت فلسطينية أو عربية " ( السابق
ص 12، 13 ).

2 ـ التصريح بالموافـقة على كل الاتـفاقات الدولية مُخالف لنهـج حماس، جاء في الميثـاق:" تـتعارض المبادرات، وما يسمى بالحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية.... وتثار من حين لآخر الدعوة لعقد مؤتمر دولي للنظر في حل القضية، فيقبل من يقبل ويرفض من يرفض لسبب أو لآخر مطالبا بتحقيق شرط أو شروط، ليوافق على عقد المؤتمر والمشاركة فيه، وحركة المقاومة الإسلامية لمعرفتها بالأطراف التي يتكون منها المؤتمر، وماضي وحاضر مواقفها من قضايا المسلمين لا ترى أنَّ تلك المؤتمرات يمكن أنْ تحقـق المطالب أو تعيد الحقوق، أو تُـنصف المظلوم " ( الميثاق ص15 ).

3 ـ تشكيل حماس للوزارة في ظل الظرف القائم يعني قبولها بالتهدئة، وميلها إلى الحل الدبلوماسي، وهذا ما حصل، فقد لاحظ المراقبون ندرة العمليات الجهادية بعد تـشكيل الوزارة. قال الميثاق:" ولا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد، أما المبادرات والطروحات والمؤتمرات الدولية، فمضيعة للوقت، وعبث من العبث " ( السابق ص15 ). وهذه انقلابات غير صريحة، تمَّت على استحياء، فهل تـفـقأ حماس (الدمَّل) فـتصرح كما صرح عرفات عام 92 في فرنسا عن ميثاق منظمة التحرير بقوله " كوداك " يعني: ملغي !

اختلاف قلوب الناس على حماس:

أحياناً وضمن ظروفٍ معينة تمر بعض الأخبار دون الانتباه إلى دلالاتها، ويبدو لي أن خبر خسارة حماس لرئاسة 16 نقابة واتحاد بعد توليها الوزارة من هذه الأخبار ! ودلالة هذا الخبر واضحة ومؤلمة في نفس الوقت، تغني عن التعليق.

الـتـنـازلات:

كل ما سبقت الإشارة إليه دال على التـنازلات التي قدمتها حماس بلا مقابل. ولعل آخرها التنازل إثر مؤتمر مكة عن وزارات السيادة، وهي الإعلام والداخلية والخارجية والمالية. وقد تنازلوا عنها مقابل اعتراف بحكومة الوحدة الوطنية، وفك الحصار، ووعـدٌ ب250 مليون دولار من العربية السعودية. ولم يتحقق شيءٌ من ذلك.

إصابة الناس باليأس، والكفر بالجهاد ، وفقدان الثقة بمن يمثل ذلك :

إنَّ تكرار الجهود التي تـنتهي إلى الصراع الداخلي ، أو التحولات التي تصيب المجاهد عندما ينتقل إلى السياسة ، أو إجهاض كل محاولة للـتـغيـير ، والتي تُجْهَضُ في كثير من الأحيان بأيدي أصحابها ! كل ذلك يؤدي بالناس إلى القناعة بعدم جدوى جهود النهضة والتحرير، واللجوء إلى الاستسلام، أو الحل الرخيص الذليل. كما يؤدي إلى الشعور بعدم أهلية الرموز أو القيادات ـ فضلاً عن غيرهم ـ ، وعجزهم عن متابعة الواقع المتقدم عليهم.

الـنـتـيجة والنـصيحة:

لقد تم استدراج حماس إلى المشاركة في الوزارة. وكانت هذه المشاركة خطأ قاتلاً. وأخشى أنَّ الحلَّ الإسلامي سيدفع ـ نتيجةً لهذه المشاركة ـ الثمنَ باهظاً.
وأنَّ ما حصل، والرؤية المستقبلية - إنْ أصرَّت حماس على ما هي عليه - لما سيكون يدل على أن حماس ستنتهي إلى ما انتهت إليه فتح، وسنسمع مرة أخرى عن جدلية العلاقة المعقدة بين الثوري والسياسي! ولكن بلغة أخرى مدعومة بالدليل الشرعي هذه المرة!
كان ينبغي أن تبقى حماس في المعارضة ، وتكتـفي بالتشريعي ، وتتمسك بسلاحها ، وخطِّها الجهادي الواضح ، وتدع الآخرين يقطفون ثمار تراكمات فشلهم في قيادة القضية ، لا أن تتبرع بحمل نتائج خياناتهم وفشلهم عنهم . وهذا ما حصل فعلاً فقد حمَّـل الاستعمارُ والإعلامُ ـ بفنية كبيرة ـ والناسُ بعد ذلك حماس فشل عقود من المخازي ! كان على حماس أن تنكفئ على أهدافها انتظاراً للفرصة السانحة.
إنَّ تـشكيل وزارة ليس مطلباً في حدِّ ذاته، خاصة إذا لم تكن الظروف ملائمة.

والآن ... على حماس أن تخرج من النفق الذي وضعت نفسها فيه ، ونصيحتي أن تعود إلى صفوف المعارضة ، متمسكةً بسلاحها ، وخيار التحرير ، ولتدع الشعب يواجه العملاء عنها كما كان في السابق . وأعتـقد أنَّ التجربة كانت كافية لتدرك حماس الدرس، وتعود إلى سابق عهدها، وتصلح ما يمكن إصلاحه.

لقد شكَّـل خيارُ حماس نقـلةً نوعيةً في تاريخ القضية، وذلك عندما راهنت على الداخل، مدركةً أن الحل لن يأتي إلا من الداخل، لكنها تركت هذا الرهان بتعلقها بهذه الجهة أو تلك في الخارج، مع أنَّ التجربة أثبتت أنَّ (هذه وتلك ) يميلون حيث مالت الريح، وأنهم لا ثبات لهم. فلتعد حماس إلى الداخل الفلسطيني، فإنَّ الحلَّ في الداخل.

وبعد فإن القضية الفلسطينية تمثل صراع الأمة والعقيدة ، وهي بذلك أكبر مِن كل مَن على الساحة . ولا يجوز لأي كان مهما كانت تضحياته وتاريخه أن يتجاوز الخطوط الحمراء . ولا ينبغي للتضحيات أن تشفع لصاحبها فيكون فوق النقد ، فلا وجود للبقرات المقدسة في هذه القضية !!![/right]
__________________

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) ابراهيم
كفر من لم يكفّر الكافر والمشرك
أعيرونا مدافعكم اليوم لا مدامعكم .تحذير البرية من ضلالات الفرقة الجامية والمدخلية
المصابر غير متصل   الرد مع إقتباس