عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-05-2008, 10:32 AM   #7
الوافـــــي
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 30,397
إرسال رسالة عبر MSN إلى الوافـــــي
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة المصابر
رحم الله شيخنا الكبير / محمد بن صالح العثيمين
وأسأله تعالى أن يجمعني به في مستقر رحمته

إقتباس:
أما حسن الخلق مع المخلوق فعرفه بعضهم. ويذكر عن الحسن البصري أنه "كف الأذى، وبذل الندى، وطلاقة الوجه".
ثلاثة أمور:
1ـ كف الأذى.
2ـ بذل الندى.
3ـ طلاقة الوجه.
ومعنى كف الأذى، أن الإنسان يكف أذاه عن غيره سواء كان هذا الأذى يتعلق بالمال، أو يتعلق بالنفس، أو يتعلق بالعرض. فمن لم يكف أذاه عن الخلق فليس حسن الخُلق، بل هو سيئ الخُلق. وقد أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم في أعظم مجمع اجتمع به في أمته. قال:"إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا" (105).
إذا كان رجل يعتدي على الناس بالخيانة، أو يعتدي على الناس بالضرب والجناية، أو يعتدي على الناس في العرض، أو بالسب والغيبة. فهذا ليس بحسن الخلق مع الناس؛ لأنه لم يكف أذاه عنهم، ويعظم إثم ذلك كلما كان موجهاً إلى من له حق عليك أكبر. فالإساءة إلى الوالدين مثلاً أعظم من الإساءة إلى غيرهما، والإساءة إلى الأقارب أعظم من الإساءة إلى الأباعد، والإساءة إلى الجيران أعظم من الإساءة إلى من ليسوا جيراناً لك.ولهذا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ:" والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه" (106). وفي رواية لمسلم:"لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه" والبوائق هي: الشرور.
وأما بذل الندى، الندى هو الكرم والجود. يعني أن تبذل الكرم والجود، والكرم ليس كما يظنه بعض الناس هو أن تبذل المال، بل الكرم يكون في بذل النفس، وفي بذل الجاه، وفي بذل المال، إذا رأينا شخصاً يقضي حوائج الناس يساعدهم يتوجه في شئونهم إلى من لا يستطيعون الوصول إليه، ينشر علمه بين الناس، يبذل ماله بين الناس، فإنا نصفه بحسن الخلق لأنه بذل الندى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن"(107) .
ومعنى ذلك أنك إذا ظُلمت أو أسيء إليك فإنك تعفو وتصفح، وقد امتدح الله العافين عن الناس فقال في أهل الجنة(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:134) وقال الله تعالىوأن تعفوا أقرب للتقوى). (البقرة، الآية: 237) . وقال تعالىوليعفوا وليصفحوا) ( النور، الآية: 22) . وقال تعالى : )فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(الشورى: من الآية40) .
وكل إنسان يتصل بالناس فلابد أن يجد من الناس شيئاً من الإساءة، فموقفه من هذه الإساءة أن يعفوا ويصفح، وليعلم علم اليقين أنه بعفوه وصفحه ومجازاته بالحسنى سوف تنقلب العداوة بينه وبين أخيه إلى ولاية وصداقة. قال الله تعالى)وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) فما هو الأحسن، السيئة أم الحسنة؟ الحسنة. وتأملوا أيها العارفون باللغة العربية كيف جاءت النتيجة ب (إذا) الفجائية تدل على الحدث الفوري في نتيجتها.(فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) ولكن هل كل أحد يوفق إلى ذلك؟ لا) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35)
وهاهنا مسألة:
هل نفهم من هذا أن العفو عن الجاني مطلقاً محمود ومأمور به؟
قد نفهم من هذا الكلام أن العفو مطلقاً محمود ومأمور به. ولكن ليكن معلوماً لديكم أن العفو إنما يُحمد إذا كان العفو أحمد، ولهذا قال الله تعالى: ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (الشورى:40) فجعل العفو مقروناً بالإصلاح، وهل يمكن أن يكون العفو غير إصلاح؟
الجواب : نعم قد يكون هذا الذي اجترأ عليك وجنى عليك رجل شرير ، معروف بالشر والفساد فلو عفوت عنه لتمادى في شره ، وفساده فما هو الأفضل حينئذٍ أن نعفو أو نأخذ بالجريمة ؟
الأفضل أن نأخذ بالجريمة لأن في ذلك إصلاحاً .
قال شيخ الإسلام : { الإصلاح واجب والعفو مندوب } . فإذا كان في العفو فوات الإصلاح فمعنى ذلك أننا قدمنا مندوباً على واجب. وهذا لا تأتي به الشريعة. وصدق رحمه الله.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه على مسألة يفعلها كثير من الناس بقصد الإحسان، وهي أن تقع حادثة من شخص فيهلك بسببها شخص آخر، فيأتي أولياء المقتول فيسقطون الدية عن هذا الجاني الذي فعل الحادث، فهل إسقاطهم محمود ويعتبر من حسن الخلق أو في ذلك تفصيل؟ في ذلك تفصيل.
لابد أن نتأمل ونفكر في حال هذا الجاني الذي وقع منه الحادث هل هو من الناس المعروفين بالتهور وعدم المبالاة؟ هل هو من الطراز الذي يقول أنا لا أبالي أن أصدم شخصاً لأن ديته في الدرج. والعياذ بالله؟
أم أنه رجل حصلت منه الجناية مع كمال التحفظ وكمال الاتزان ولكن الله تعالى قد جعل كل شيء بمقدار؟ فالجواب: إن كان من الطراز الثاني فالعفو بحقه أولى، ولكن قبل العفو حتى في الطراز الثاني يجب أن نلاحظ هل على الميت دين؟ إذا كان عليه دين فإنه لا يمكن أن نعفو.
ولو عفونا فإن عفونا لا يعتبر، وهذه مسألة ربما يغفل عنها كثير من الناس. لماذا نقول إنه قبل العفو يجب أن نلاحظ هل على الميت دين أم لا؟ لماذا نقول ذلك؟
لأن الورثة يتلقون الاستحقاق لهذه الدية من الميت الذي أصيب بالحادث ولا يرد استحقاقهم إلا بعد الدين ولهذا لما ذكر الله الميراث قال) مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ)(النساء: الآية11) هذه مسألة تخفى على كثير من الناس وعلى هذا فنقول: إذا حصلت حادثة على شخص ما فمات فإنه قبل أن يقدم ورثته على العفو ننظر في حال المجني عليه فإن كان عليه دين لا وفاء له إلا من الدية فلا عفو؛ لأن الدين مقدم على الميراث، وإن لم يكن عليه دين نظرنا في حال الجاني فإن كان من المتهورين فترك العفو عنه أولى، وإن لم يكن منهم نظرنا في ورثة المجني عليه فإن كان غير مرشدين فلا يملك أحد إسقاط حقهم عن المجني عليه، وإن كانو مرشدين فالعفو في هذه الحال أفضل.
والحاصل: أن من حسن الخلق العفو عن الناس، وهو من بذل الندى؛ لأن بذل الندى: إما إعطاء، وإما إسقاط، والعفو من الإسقاط.
وأما طلاقة الوجه فهي أن يكون الإنسان طليق الوجه، وضد طليق الوجه عبوس الوجه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:"لا تحقرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق" (108) .
طلاقة الوجه تدخل السرور على من قابلك. وعلى من اتجه لك، وتجلب المودة والمحبة، وتوجب انشراح القلب، بل توجب انشراح الصدر منك وممن يقابلك ـ وجرب تجد ـ لكن إذا كنت عبوساً فإن الناس ينفرون منك ، ولا ينشرحون بالجلوس إليك، ولا بالتحدث معك، وربما تصاب بمرض خطير يسمى بالضغط، فإن انشراح الصدر وطلاقة الوجه من أكبر العقاقير المانعة من هذا الداء داء الضغط. ولهذا فإن الأطباء ينصحون ابتلي بهذا الداء بأن يبتعد عما يثيره ويغضبه؛ لأن ذلك يزيد في مرضه، فطلاقة الوجه تقضي على هذا المرض؛ لأن الإنسان يكون منشرح الصدر محبوباً إلى الخلق.
هذه الأصول الثلاثة التي يدور عليها حسن الخلق في معاملة الخلق.
وشكرا لك أخي المصابر على إضافتك الضافية من كلام الشيخ
وكم أتمنى أن أجد رأيك في ما سطرته أعلاه ، فإن ذلك هو ما أبغيه وأتمناه

تحياتي
__________________



للتواصل ( alwafi248@hotmail.com )
{ موضوعات أدرجها الوافـــــي}


الوافـــــي غير متصل   الرد مع إقتباس