عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-05-2008, 04:55 PM   #2
م ش ا ك س
قلم مبدع
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
المشاركات: 92
إفتراضي

وكان ( السدّ الثالث ) خوف الفضيحة , فانقلبت الحال حتى صار الشاب الفاسق يفخر بفسوقه , ويسرد حوادث فجوره , بعد أن كان يتوارى ويستتر , ويجحد إن سُئل ويُنكر . وصارت القصص الماجنة مباحة لكل قارئ , تُصّور أفظع الحوادث التي صاروا يسمونها ( حوادث الجنس ) بريشة المصور , أو بقلم الكاتب , يقرؤها الشاب والشابة , ويُمدح كاتبوها على ألسنة أدبائنا ونقادنا , ولقد قرأت من قريب مقالة لأديب كبير في السن , وكبير في القدر , يمدح فيها الكاتب الفاسق ) ألبيرتو مورافيا ) , والفاسق الآخر الذي هلك من زمن بعيد وهو ( أوسكار ويلد) , يدفع الشباب إلى قراءة كتبهما !! وصارت الأفلام تعرض هذه القصص لمن لا يصل إليها , أو لا يحب أن يقرأها , ونسينا أنَّ إعلان الذنب في نظر الإسلام ذنب آخر !! وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم علَّم مَن ابتُلي بالمعاصي منّا أن يستتر بها , وأن يكتمها , وأن يستغفر الله منها !!

بل لقد قرأت لبنتين أدبيتين في الشام قصتين تذكر الواحدة منهما ما كان بينها وبين الرجل الذي اتخذته قريناً , من غير عقد شرعي بينها وبينه !! تتخذ قدوتها في ذلك ( جورج صاند ) المرأة الفاسقة , مع صاحبها الذي هو أفسق منها ( ألفردوموسه) !!
فانكسر ( السدّ الثالث)

وكان ( السدّ الرابع ) خوف المرض , فجاء الأطباء – أعني: بعض الأطباء – ينادون بأعلى أصواتهم : أن لا تخافوا الأمراض يا أيها الفساق ؛ فإن عندنا البنسلين والستربتوميسين , والتيرامايسين , والإبليسين ( نسبة إلى إبليس ) وكل دواء فيه هذه السين , فمهما أصابتكم به المحرمات من مرض , فنحن نُزيله , فأقِدموا ولا تخافوا .
فأقدَموا وما خافوا , فانكسر ( السدّ الرابع) .

وكان ( السدّ الخامس ) , هو خوف الحكومة والهرب من العقاب,– لمّا كانت الحكومات كحكومة المملكة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر , وكان الحكم بشرع الله – فأخذنا قانون العقوبات من فرنسا , من البلد الذي دمره الإنحراف حتى وطئته نعالة الألمان فاتحين ثلاث مرات خلال سبعين سنة . ونصصنا في قوانيننا ( انظر: قانون العقوبات ) على ما يشبه الإباحة للزنا , ويمنع الادعاء على الزاني إلاَّ من قِبَلِ الزوج , فإن رضي فلا ادّعاء ولا عقاب , وجعلنا عقوبة الزنا بين الأم والولد , أو بين الأب والبنت وهي أفظع جريمة يتصورها صاحب شرف وخلق ودين , جعلنا عقوبتها أقلّ من عقوبة السرقة ( الموصوفة ) ولو كانت سرقة ألف ريال .
وسكتنا وسكت العلماء والمفتون , والنواب والحاكمون , فانكسر ( السد الخامس) .

وكان أقوى السدود وأمتنها , خوف الله , وخشية جهنم . فأبعدنا الناشئة عن التربية الدِّينية وأنسيناهم خشية جهنم وخوف الله , ولم يعد الشاب الجديد يعرف طريق الجامع إلاَّ إذا تنبّه يوماً إليه أبوه وكان مُصلياً فأخذه معه
فانكسر بذلك أمتن السدود.
ثم قلنا للمغريات وللمغويات : انطلقي .. فانطلقت , وصارت المرأة تمشي في الطريق على صورة كانت تستحي قبل ستين سنة أن تخرج بها أمام أبيها وعمها في الدار , إي والله العظيم , لا أشهد إلاَّ بما رأيت !! مع أنَّ دين الإسلام , بل وكل دين في الدنيا صحيح أوباطل , يحرّم على المرأة كشف الأعضاء التي تثير الفتنة أمام الأجنبي , وقد وجدت مرّة على باب كنيسة في القدس – ردّنا الله إلى ديننا لنردها إلينا – إعلاناً للنساء النصرانيات المصليات , يمنع دخولهن الكنيسة إلا بالكم الطويل , والوشاح
( الإيشارب ) الذي يستر الشعر , وعلى أن يكون الوجه خالياً من الأصباغ .
وما زالت المرأة تقصر من ثوبها إصبعاً من هنا , وإصبعاً من هناك , حتى إذا ما وصلت إلى ساحل البحر لم يبقَ منه شيء !! هذه هي الحال , فهل الذنب ذنب الفتاة وحدها ؟! هل هو ذنب الشاب وحده وقد وجد الغريزة قوية في نفسه والزواج متعذراً أو متعسراً عليه , والسفاح سهلاً ولذيذاً , والمغريات والمغويات من كل جانب ؟!
فكيف تريدون أن يصبر ويقاوم ؟! ...
وكيف تريدون أن ينصرف إلى درسه وإلى كتابه ؟! ... إنها مشكلة ينبغي أن تجتمع على معالجتها الحكومات والشعوب , ورجال العلم ورجال القلم , والجمعيات النسائية – الجمعيات على التخصيص – تشتغل به بدلاً من اشتغالها بالسخافات والترهات , لأن الخطر في هذا على البنت , والضحية هي البنت . وهذه الجمعيات أولى بالدفاع عن النساء المظلومات .



وإذا فسدت اليوم بنت صاحب الكتاب الذي ورد عليَّ فجعلني أحدُث هذا الحديث , فالفساد ماشٍ إليّ وإليك , إلى بيتي وبيتك ,إلى بنتي وبنتك , إنها النار تمشي في الديار !! إنه السيل يجتاح كل شيء !! إنه الطاعون ينتشر في كل مكان !! ونحن قاعدون نتفرّج , لا نحاول إطفاء النار بل نحن نلقي البنزين عليها ونأمل أن لا يمسّنا الحريق !!
فكيف لا نحترق ونحن نضع البنزين فوق النار ؟!...كيف ؟!...كيف يا أيّها العقلاء ؟!...
م ش ا ك س غير متصل