عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-06-2008, 06:39 AM   #8
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

بنو مخزوم




كانت مخزوم كما أسلفنا من من أعرق قبائل قريش وأعلاها نسبا واشرفها وأغناها ، كان جد خالد المغيرة بن عبدالله الذى كان الرجل من مخزوم يؤثر أن ينسب إليه فيسمى المغيرة تشرفا بالإنتساب إلى الفرع الذى أناف على الأصول .

وكان أبوه الوليد بن المغيرة الملقب بالعدل والوحيد لأنه كان يكسو الكعبة وحده سنة وتكسوها قريش كلها كسوة مثلها سنة أخرى .

وكان عمه هشام قائد بنى مخزوم فى حرب الفجار وبوفاته أرخت قريش كما تؤرخ بالأحداث العظام ولم تقم سوقا بمكة ثلاثا لحزنها عليه .

وكان عمه الفاكه بن المغيرة من أكرم العرب فى زمانه ، له بيت للضيافة يأوى إليه من شاء بغير إستئذان .

وكان عمه أبو حنيفة أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف الرداء وحملوا فيه الحجر الأسود إلى موضعه من الكعبة كما أشار النبى عليه السلام قبل الدعوة الإسلامية ، أما الذى فض النزاع بين القبائل على هذا الشرف حين أذن التنافس بينها بالشر المستطير فهو عم آخر من أعمامه وهو أبو أمية بن المغيرة الملقب بزاد الراكب . فقد أشار عليهم أن يكلوا الحكم إلى أول داخل من باب المسجد ليختار من بينهم من يرفع الحجر إلى مكانه فارتضوا مشورته وتم الصواب والمشورة بتوفيق البشارة النبوية قبل إهلالها على العالم بسنين . ولقب أبو أمية بزاد الراكب لأنه كان يكفى اصحابه فى السفر مئونتهم فلا يتزودون بزاد .

كانت بنو مخزوم فى الثروة العدة والبأس أقوى البطون القرشية لكنهم لم يستأثرون بالزعامة لمنافستهم بنى هاشم وبنى أمية وبنى عبدالدار .

وقد تبينت رجاحتهم ايضا عندما إضطلعوا وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود واليمانى واشتركت قريش كلها فى بناء بقية الأركان .

لا جرم بعد كل هذا أن تأخذهم الأنفة والخنزوانة بينهم وبين عبد مناف حين تظهر النبوة فى هؤلاء ولا تظهر فيهم .

وقد أخذوها هذا المأخذ من الجد حين قال أبو جهل :" تنازعنا نحن وبنو عبد مناف ، أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تحازينا على الركب وكنا كفرسى رهان قالوا : منا نبى يأتيه الوحى من السماء .. فمتى ندرك هذه ؟ "

وكان الوليد يزعم أنه أحق الناس بالنبوة وكانت هذه الخنزوانة المخزومية عقبة فى طريق الدخول للدين الجديد وحذت بهم إلى تحدى الدعوة بشتى الطرق . ونزلت فيهم الكثير من الآيات وصفت ما كان من عنادهم وعتادهم ، فلم ينزل فى رؤساء قبيلة مثل ما نزل فى رؤساء هذه القبيلة ولم تتمثل منعة قوم كما تمثلت منعتهم فى ردود القرآن على أقوالهم ، وهى أقوى ردود عرفت فى السور المكية الأولى ومنها ما جاء فى سورة "ن" وسورة المدثروسورة الكافرون عدا إشارات أخرى فى سورة الحجر وعبس وتولى .

وكان أولئك فحواه شىء واحد وهو أن بنى مخزوم باءوا بأسباب المحافظة على القديم جميعا حين تصدى الإسلام لتبديل ذلك القديم فهم أول من يصاب بهذه الدعوة الجديدة وآخر من يلبيها .

بذل الوليد فى سبيل هذا كل ما فى وسعه وتكفى إشارة واحدة نرى فيها عمق القضية و تاريخ العداء الذى يتسم بالبقاء أو لا بقاء . لقد هان علي الوليد فى هذا السبيل كل شىء وبذل العزيزين : الولد والمال .

ذهبت الوفود وعلى رأسها الوليد لتشاطر النبى أموالها ، بل ذهب الوليد ليقدم تضحية هى الأغلى حينما عرض على أبى طالب ابنه عمارة مقابل محمد وكان عمارة شابا وسيما طويل القامة وقد وصفوه بأنه أنهد الفتيان وأشعرهم وأجملهم فى قريش .تضحية وإن دلت فإنما تشير إلى العداء الشديد المدفوع بشرف قبيلة وبأسها ونفوذها وسطوتها وهو كله عرضة للزوال إن نجحت الدعوة الناشئة .
وطبعا فقد قوبل عرضه بالرفض من عم النبى وقال لهم :" إنكم تريدون إعطائى ابنكم أطعمه وأربيه بينما أنتم تريدون محمدا لتقتلوه "



__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس