عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-06-2008, 07:45 AM   #13
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

غزوة أحد





فى الأسبوع الثانى من آذار ، إنطلق جيش قريش المؤلف من 3000 رجل منهم 700 دارع وكان معهم 3000 بعير و200 فرس . وقد سارت مع الجيش 15 إمرأة قرشية فى هوادج وكانت مهمتهن تذكير قريش بأبناءها القتلى فى بدر ورفع معنوياتهم . وكانت هند بينهن وهى بمثابة قائدة لهن وكان الدور يلائمها تماما .

وعندما كانت الحملة بإتجاه المدينة ، قال أحد قادة قريش وهو جبير بن مطعم لعبده الملقب بـ"الوحشى" (وحشى بن حرب) :
"فإن أنت قتلت عم محمد بعمى طعيمة بن عدى فأنت عتيق"
رحب الوحشى بهذا العرض ، وكان هذا العبد الحبشى الأسود ضخم الجثة ، وكان يقذف بمذراق له جلبه معه من موطنه بإفريقيا ، وكان ماهرا جدا فى إستخدام هذا السلاح ولم يخطىء الإصابة قط .

وبعد أن سارت الحملة مسافة اخرى ، رأى الوحشى أحد الجمال التى تحمل الهوادج تسير بجانبه . وقد نظرت إليه هند من الهودج وقالت له :
"يا أبا السواد ، عش وخذ مكافأتك"
لقد وعدته بأن تعطيه جميع المجوهرات والحلى التى تتزين بها إذا إستطاع أن يقتل حمزة إنتقاما لقتل أبيها .

لقد حُذر النبى من قبل العباس بإستعدادات قريش قبل أن يبرحوا مكة ، وبينما كانوا فى طريقهم إلى المدينة ، كانت الأنباء تصل إلى المدينة عن تقدمهم بواسطة القبائل الصديقة . وفى العشرين من آذار ، وصل القرشيون إلى قرب المدينة وعسكروا على بعد بضعة أميال منها فى منطقة تكثر بها الأشجار غرب جبل أحد . وفى هذا اليوم بالذات ، أرسل النبى الكشافين لرصد القرشيين وقد عاد الكشافان وأعطيا تقريرا عن القوة الحقيقية لهم .

وفى الحادى والعشرين من آذار ، غادر النبى المدينة ومعه ألف رجل منهم مائة دارع . ولم يكن مع النبى من الخيل سوى فرسه وفرس أبى بردة ابن دينار الحارثى . وقد عسكروا لقضاء الليل قرب تل صغير اسود يدعى "الشيخين" وهو يقع إلى الشمال من المدينة على بعد ميل ونيف .

وفى صباح اليوم التالى ، وقبل إستئناف المسير ، ترك المنافقون وتعدادهم 300 رجل بإمرة عبدالله بن أبى النبىّ بحجة أن قتال القرشيين خارج المدينة لن يُكتب له النجاح وعادوا إلى المدينة وبقى مع النبى 700 رجل وسار بهذه القوة من المعسكر . وفى الحقيقة لم تكن للنبى رغبة فى القتال خارج المدينة وقد اراد أن ينتظر القرشيون داخل المدينة ليقاتلهم فيها ، لكن المسلمين أصروا على الخروج لذا فإن النبى ، نزولا على رغبتهم ، سار لملاقاة جيش قريش خارج المدينة .
لكن وبالرغم من خروجه لملاقاة أعدائه فى أرض مفتوحة إلا أنه هو الذى إختار أرض المعركة بعبقرية عسكرية ، وتقدم إلى سفح جبل أحد وفتح قواته بتشكيل المعركة .

إن أحد هى عبارة عن هضبة طبيعية كبيرة تقع شمال المدينة على مسافة أربعة أميال (أعتبر مسجد النبى كنقطة إنطلاق من المدينة) ، وترتفع على علو 1000 قدم عن مستوى السهل المحيط بها . ويبلغ طول هذه الهيئة الطبيعية 5 أميال . وفى الجزء الغربى من أحد يوجد بروز كبير يهبط بإنحدار شديد نحو السهل ، كما يوجد إلى يمين هذا البروز وادى يرتفع بشكل طفيف ويضيق وهو يبتعد حتى يصل إلى مضيق يبعد 1000 متر عن نهاية البروز .

وفى مدخل الوادى ، وضع النبى جيشه بحيث كان الوادى خلفه .

لقد نظم المسلمين فى تشكيل متلاحم تبلغ جبهته 1000 ياردة . ووضع جناحه الأيمن عند سفح تل صغير يبلغ إرتفاعه 40 قدما وطوله 500 قدما ، ويسمى "عينين" . كانت ميمنة المسلمين مؤمنة ، لكن ميسرتهم يمكن الإلتفاف حولها من وراء تل "عينين" ولمواجهة هذا الخطر ، وضع النبى 50 راميا على تل عينين بحيث يسيطرون على طرق الإقتراب التى قد يناور منها القرشيون للوصول إلى مؤخرة المسلمين . أعطى النبى تعليماته المشددة إلى قائد الرماة "عبدالله بن جبير" فقال :
"إنضح الخيل عنا بالنبل ، لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك لا نؤتينّ من قبلك"

لقد كانت الأوامر الصادرة إلى الرماة محددة بشكل دقيق . فبما أن عينين كانت هضبة طبيعية هامة ومسيطرة تماما على المنطقة المحيطة بها ، كان من المحتم التأكد على ضرورة عدم سقوطها فى يد قريش .

وقفت 14 إمرأة وراء جيش المسلمين وكانت مهمتهن تقديم الماء للعطشى وحمل الجرحى خارج المعركة وتضميد جروحهم ، وكان من بين أولئك النساء فاطمة بنت الرسول وزوج علىّ . وقد إتخذ الرسول موقعه مع الجناح الأيسر لجيشه .

وكانت تراتيب قتال المسلمين تهدف إلى الدخول فى معركة جبهية موضعية وقد تم إستيعابها بشكل جيد . كذلك فإن هذه التراتيب أنقذتهم من الأخطار التى سيتعرضون لها بسبب قوة القرشيين العددية وسلاح الفرسان الذى يشكل جناح المناورة الخطير الذى يفتقده المسلمون تماما .

لقد كان الموقف يلائم أبا سفيان لكى يخوض معركة فى أرض مفتوحة بحيث يستطيع المناورة ضد مجنبات المسلمين ومؤخرتهم بواسطة الخيالة ثم يركز قوته ويهاجم . لكن النبى أحبط خطته وأجبره على القتال فى جبهة محددة بحيث يصبح تفوقه العددى وقوته بالفرسان ذات قيمة محدودة .

وهناك نقطة تستحق الملاحظة وهى أن المسلمين يواجهون فعليا المدينة وجبل أحد خلفهم ، والطريق إلى المدينة مفتوحا أمام المشركين .

لكن كان هذا تكتيك بارع سيأتى تفصيله .





وهنا موقع خريطة أحد بصورة حية اليوم ..
(يمكنك الإقتراب والإبتعاد بواسطة عجلة الماوس)

موقع غزوة أحد

__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس