حين وصلت قصيدة الحفظي أعلاه التي بعثها الأمير عايض بن مرعي إلى الإمام فيصل بن تركي، بعثها الأمام فيصل إلى عدد من الشعراء ليردوا عليها، ثم أختار أحسن تلك الردود، وهي قصيدة أحمد بن علي بن مشرف، ثم بعثها إلى الأمير عايض بن مرعي. وإليكم القصيدة:
بشير سعـاد جـاء نحـوك فسعـد
وقد وعدت وصـلا فأوفـت بموعـد
لقد عرفـت وقـت المـزار فأقبلـت
إليك وقـد نامـت عيـون الحسـد
فجاءت تجر الذيـل خشيـة قائـف
لمعرفـة الآثـار بالحـدس يهتـدي
يؤرج ترب الأرض عـرف عبيرهـا
وتهدي لسمع الصب وساوس عسجد
أتتـك سحيـراً والنجـوم كأنـهـا
دراري ترى في قبـة مـن زبرجـد
فلما حوتها عرصـة الـدار سلمـت
سـلام حبيـب زائــر ذي تــودد
فقر بنيـل الوصـل عينـاً وطالمـا
تبيـت لذكـراهـا بليـلـة أرمــد
فتاة يريـك الصبـح غـرة وجههـا
ويبدو الدجى من شعرهـا المتجعـد
ويعجب غصن البان إن هبت الصبـا
لـه سحـر مـن قدهـا المتمـيـد
يريك ابتساماً لامـع البـرق ثغرهـا
ويسفـر عـن شهـد ودر منـضـد
فقد جملـت كـل المحاسـن جملـة
فلم يستطـع تفصيلهـا مـن معـدد
وفاقت جمـالاً كـل هيفـاء كاعـب
إذا ما مشت ما بيـن غيـد وخـرد
فاعص جميـع العاذليـن ولا تطـع
بهـا كـل واش لائــم أو مفـنـد
فلو برزت يوماً لغيلان(1) لـم يهـم
بمي ولـم يبـد القريـض لمنشـد
ولو لمحت بالطرف طرفة(2) ما بكى
لخولـة أطـلال ببـرقـة ثهـمـد
لقد أصبحت فـي الغانيـات فريـدة
كما انفرد الوالـي بحـزم وسـؤدد
حليف المعالي فيصلٌ(3) ناصر الهدى
مذيق العدا كـأس الـردى بالمهنـد
ترى الوفد والأضياف من حول قصره
عكوفاً كـورد حومـاً حـول مـورد
فيصـدر كـل مـدرك مـا يرومـه
من الفضل والجدوى ومن كل مقصد
يقضـي ببـذل المكرمـات نهـاره
سماحـاً ويحـي ليلـه بالتهـجـد
لقد سـاد أبنـاء الزمـان وفاقهـم
بعفـو وإقـدام وكـف لـه نــدي
وميـراث مجـد نالـه عـن أئمـة
سموا للعلا حتى استووا فوق فرقـد
حنيفيـة فــي دينـهـا حنفـيـة
فأنسابهـم تعـزى لأفخـر محـتـد
هم نصروا التوحيد بالبيض والقنـا
فنال المنـى بالنصـر كـل موحـد
وآووا إمـامـاً قــام لله داعـيـاً
يسمى بشيخ المسلميـن محمـد(4)
لقد أوضح الإسـلام بعـد اغترابـه
وقد جـد فـي إخفائـه كـل ملحـد
وجـدد منهـاج الشريعـة إذ عفـت
فأكـرم بـه مـن عالـم ومـجـدد
وأحيا بدرس العلـم دارس رسمهـا
كما قد أمات الشرك بالقـول واليـد
وكـم شبهـة للمشركيـن أزاحهـا
بـكـل دلـيـل كـاشـف لـتـردد
وألف فـي التوحيـد أوجـز نبـذة
بها قد هدى الرحمن للحق من هـدي
نصوصاً من القرآن تشفى من العمى
وكـل حـديـث للأئـمـة مسـنـد
فـآزره عبدالعـزيـز(5) ورهـطـه
علـى قلـة منهـم وعيـش منكـد
فما خاف في الرحمـن لومـة لائـم
ولم تثنـه صـولات بـاغ ومعتـد
وقفا سعود(6) إثـره طـول عمـره
إلى حين وري في الصفيـح الملحـد
وقد جاهدوا فـي الله حـق جهـاده
فمـا وهنـوا للحـرب أو للتـهـدد
وكم غارة شعواء شنوا علـى العـدا
وكم طـارف منهـم حـووه ومتلـد
وكم سنة أحيوا وكـم بدعـة نفـوا
وكم هدمـوا بنيـان شـرك مشيـد
وقائعهـم لا يحصـر النظـم عدهـا
وإن تسأل السمار عـن ذاك ترشـد
وكم لهم من وقعـة شـاع صيتهـا
بهـا أيـد الرحمـن سنـة أحـمـد
وكـم فتحـوا مـن قريـة ومدينـة
ودانـت لهـم بـدو وسكـان أبلـد
وكم ملكوا مـا بيـن ينبـع بالقنـا
وما بين جعلان إلـى جنـب مزبـد
ومـن عـدن حتـى تنيـخ بأيلـة
قلوصك من مبدا سهيل إلى الجـدي
وقد طهروا تلـك الديـار وطـردوا
ذوي الشرك والإفسـاد كـل مطـرد
بأمر بمعروف ونهـي عـن الـردى
وبالصلـوات الخـمـس للمتعـبـد
وقد هدموا الأوثان فـي كـل قريـة
كما عمـرت أيديهـم كـل مسجـد
فكن ذاكـراً فـوق المنابـر فخرهـم
وناد بـه فـي كـل نـادٍ ومشهـد
تغمـدهـم رب العـبـاد برحـمـة
وأسكنهـم روض النعيـم المخـلـد
ولا تنـس ذا الحـي اليمانـي إنـه
لشيعة أهل الحـق بالحـق مقتـدي
قبائل من همـدان أو مـن شنـوءة
من الأزد أتباع الرئيس المسـود(7)
هم قد حموا للديـن إذا فـل عضبـه
وبـدد منـه الشمـل كـل مـبـدد
فهـم فئـة للمسلمـيـن ومعـقـل
وكهـف منيـع للطريـد المـشـرد
سما للعلا حقاً علي (8) ولـم يـزل
يـروح بأسبـاب الجهـاد ويغتـدي
وكـم عسكـر للمسرفيـن أبادهـم
بحـد الظبـا والسمهـري المسـدد
وصيرهم صنفيـن مـا بيـن هالـك
وبيـن أسيـر بالحـديـد مصـفـد
وما زال يغزوهـم ويرمـي ديارهـم
بفرسان حرب في الـدلاص المسـرد
وفتح المخا بالسيـف للديـن آيـة
وزجـر وإنـذار لأهــل التـمـرد
فلما تولـى عاضنـا منـه عائـض
إمـام همـام كالحسـام المـجـرد
فما زال يحمي بالسيوف حمى الهدى
ويردي العدا في كل جمـع ومحشـد
ويهزم منهم عسكـراً بعـد عسكـر
ويضرب من هاماتهـم كـل قمحـد
فلما أتـى الأحـزاب منهـم وألبـوا
شفا النفس من أعداء ديـن محمـد
فـلا زال تأيـيـد الإلــه يـمـده
بنصر وإسعـاف علـى كـل مفسـد
ودونكهـا بكـراً عروسـاً زففتهـا
إليك تهـادى فـي حريـر وعسجـد
تجشمت الأخطار شوقاً ولـم تهـب
وطيس هجيـر أو وغـى ذي توقـد
إليك من الإحسـاء زمـت ركابهـا
فكم جاوزت مـن فدفـد بعـد فدفـد
فأحسن قراهـا بالقبـول وبالرضـا
ودع أم عبـد عنـك ذات التـشـرد
وأحسن ما يحلـو بـه الختـم أننـا
نصلي دواماً في الرواح وفـي الغـد
على المصطفى والآل ما هبت الصبا
ومـا أطـرب الأسمـاع المـغـرد
1- غيلان: أسم ذي الرمة الشاعر الذي هام بمي.
2- طرفة: طرفة ابن العبد الذي تغزل في معلقته بخولة.
3- فيصل: فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود.
4- محمد: الشيخ محمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة الإصلاحية.
5- عبد العزيز: عبد العزيز بن محمد بن سعود، ثاني أئمة آل سعود في الدولة السعودية الأولى.
6- سعود: سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، ثالث أئمة آل سعود في الدولة السعودية الأولى.
7- الرئيس المسود: الأمير عايض بن مرعي، أمير عسير.
8- علي: الأمير علي بن مجثل، أمير عسير.
__________________
ان لم تكن معي والزمان شرم برم...لاخير فيك والزمان ترللي
|