عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
يُخبَُئ أَرْواحَ شَعْبي , سَيَرْجِعُ شَعْبي هَواءً وَضَوْءَاً وماء ,,,
خُذوا أََرْضَ أُمِّيَ بالسَّيفِ , لكنَّني لَنْ أُوَقِّعَ باسْمي مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ بَيْنَ الْقَتيلِ وقاتلِهِ ِ, لَنْ أُوَقِّعَ باسْمي
على بَيْعِ شِبرٍ مِنَ الشَّوْكِ حَوْلَ حُقول الذُّرة وأَعْرِفُ أَنّي أُودِّعُ آخِرَ شَمْسٍ , وأَلْتَفُّ باسمي
وأَسْقُطُ في النَّهرِ أَعْرِفُ أَعودُ إِلى قَلْبِ أُمِّي لِتَدْخُلَ , يا سَيَّدَ البِيضِ , عَصْركَ ...
فَارْفَعْ عَلى جُثَّتي
تَماثيلَ حُرّيةٍ لا تَرُدُّ التَّحِيَّةَ , واحفرْ صَليبَ الْحديد على ظِلِّيَ الْحَجَرِيِّ ,
سَأَصْعَدُ عَمَّا قليلٍ أَعالي النَّشيد , نَشيد انْتحارِ الْجمَاعاتِ حِينَ تُشيَّعُ تاريخَها للْبَعيد , وَأُطلِقُ فيها عَصافيرَ أصواتِنا :
ههُنا انْتصَرَ الْغُرَباء على الْمِلحِ , وَاخْتَلَطَ الْبَحْرُ في الْغَيْمِ , وَانْتَصَرَ الْغُرَباء على قِشْرَةِ الْقَمحِ فينا , وَمَدُّوا الأَنابيبَ لِلْبَرقِ والْكَهْرَباء ..
هُنا انْتَحَرَ الصَّقْرُ غَمَّا , هُنا انْتَصَرَ الْغُرَباء عَلَيْنا .
ولَم يَبْقَ شيءٌ لنا في الزَّمانِ الجديد
هُنا تَتَبَخِّرُ أَجْسادُنا , غَيْمةً غَيْمةً , في الفضاء . هُنا تَتَلأْلأُ أَرْواحُنا , نَجْمةً نَجْمةً , في فضاءِ النَّشيد ...
( 6 ) ..
سَيَمضي زَمانٌ طَويلٌ لِيُصْبحَ حاضِرُنا ماضياً مثُلَنا ..
سنَمْضي إِلى حَتْفِنا , أَوَّلاً , سنُدفعُ عن شَجَرٍ نَرْتَديه ...
وَعَنْ جَرَسِ اللَّيلِ , عَنْ قَمَر , فَوْقَ أَكْواخنا نَشتْهيه
وَعَنْ طَيْشِ غزلانِنا سَنُدافعُ , عن طِينِ فَخْارِنا سَنُدافِعُ
وَعَن ريشنا في جَناحِ الأَغاني الأَخيرةِ , عمَّا قَليل تُقِمونَ عَالَمَكُمْ فَوْقَ عَالَمِنا: مِنْ مَقابِرِنا تَفْتَحونَ الطَّريق
إِلى الْقَمَرِ الاصطناعيِّ , هذا زَمانُ الصِّناعاتِ هذا زَمانُ المَعادِنِ , مِنْ قِطْعَةِ الفَحْمِ تَبْزُغُ شَمْبانيا الأقْوِياءْ.....
هُنالِكَ مَوْتى وَمُسْتوطَناتٌ , وَمَوْتى وبولدوزراتٌ , وَمَوْتى وَمُسْتَشْفَياتٌ , وَمَوْتى وَشَاشاتُ رادار تَرْصُدُ مَوتى
يَموتون أَكْثَرَ مِنْ مَرَةٍ في الْحياة , وَ تَرْصُدُ مَوتى
يَعيشونَ بَعْدَ الْمَماتِ , وَمَوْتى يُرَبُّونَ وَحْشَ الْحضاراتِ مَوْتاً ,
وَمَوْتى يَموتونَ كَيْ يَحْمِلوا الأَرْضَ فَوْقَ الرُّفات ....
إلى أَيْنَ يَا سَيِّد البِيض , تأَخُذُ شَعْبي ,..
وَشَعْبَك؟
إلى أَيِّ هَاوِيَةٍ يَأَخُذُ الأَرضَ هذا الرَوبوتُ الْمُدجَّجُ بَالطَّائِرات
وَحَامِلَهِ الطَّائراتِ إلى أَيِّ هاويةٍ رَحْبَةَ تَصْعَدون ؟
لَكُم ما تَشاءونَ : رُوما الجديدةُ , إِسْبَارْطةُ التكنولوجيا
و ... أَيديولوجيا الجنون
ونَحنُ سَنَهْرُبُ مِنْ زَمَنِ لَمْ نُهَيِّئ لَهُ , بَعْدُ هاجِسنَا
سَنَمضي إلى وَطَنِ الطَّيْرِ سِرْباً من الْبْشَرِ السَّابقين نُطِلُّ على أَرضِنا مِنْ حَصى أَرضِنا , مِنْ ثُقوبِ الْغُيوم
نُطِلُّ على أَرضِنا مِنْ كَلامِ النُّجُومِ
نُطِلُّ على أَرضِنا مِنْ هَواءِ الْبُحَيْراتِ , مِنْ زَغَبِ الذُّرَةِ الْهَشِّ , مِن زَهْرَةَ القَبْرِ , من وَرَقِ الحُورِ , من كُلَّ شيء يُحاصِرُكم , أَيُّها البِيضُ , مَوْتى يَموتونَ, مَوْتى يَعيشون , مَوْتى يَعودونَ , مَوْتى يَبوحونَ بالسِّرِ , فَلْتُمْهِلوا الأَرْضَ حتى تَقولَ الحَقيقَة , كُلَّ الحَقيقة ,
عَنكم
وعنَّا
وعنَّا
وعنكم !
( 7 ) ...
هُنالِك مَوتى ينَامونَ في غُرَفٍ سَوفَ تَبْنونَها ..
هُنالِك مَوتى يَزورونَ ماضيَهُمْ في المَكانِ الَّذي تَهْدمون
هُنالِك مَوتى يَمُرُّونَ فَوقَ الجسور الَّتي سَوف تَبْنونَها
هُنالِك مَوتى يُضيؤنَ لَيْلَ الفَراشاتِ , مَوْتى يَجيئونَ فَجْراً لكي يَشْرَبُوا شايَهُمْ مَعَكُم , هادئِين
كما تَرَكَتْهُمْ بَنادِقُكُمْ , فاتركوا يا ضُيوفَ المَكان
مَقاعدَ خالِيَةٍ لِلْمُضيفينَ .. كي يَقْرؤوا
عليكُمْ شُروطَ السَّلامِ مَعَ ... الْمَيِّتين !
(من ديوان ... " أحد عشر كوكباً " 1992 )
|