أخي الفاضل غيث
قد نكون نمني أنفسنا أحيانا في أمل التخلص مما نحن فيه إذا أخضعنا واقعنا الى قواعد النظرية العلمية، لنفتح ثغرة من بصيص أمل تنقلنا الى واقع أكثر استبشارا بالخير.
ويكون ثقل التمني أحيانا واردا من ثقل الإحساس بالبؤس، حتى لتبدو لنا تفاصيل واقعنا أنها لن تخضع للنظرية العلمية، لأن الأمر يخصنا نحن!
فالفساد عندما يستشري يوحي لنا أن تسارعه لن يتوقف ولن يكبح بأي شكل، وهو اعتقاد في نظري أنه مخالف للنظرية العلمية حتى في واقعنا.
في بداية تكون الحضارات كان من يفرض شكل التطور في العادات هو مبدأ سيادة القوة لفئة أو فصيل فتقرر مصير الجماعة أو القوم أو الدولة بشكلها البدائي، فيمعن الغالبون الأقوياء في إملاء قوانينهم وهم يحسون بأن سلوكهم لن يكون مقبولا من قبلهم لو جاء على أيدي غيرهم، ولكنهم يستغلون الوضع طالما كان في إمكانهم ذلك.
لكن، وكبقية قوانين الطبيعة، أن القوة الغاشمة تستنهض القوة المضادة لها والمحتجة على واقعها، حتى تصبح القوتان الغالبة والمغلوبة في وضع قريب من التوازن يجبر القوة الغالبة على مراجعة سلوكها بما يجعلها تكون مقبولة في أوساط تسمح للتوازن أن يكون في صالحها ولو نسبيا.
لن يستطيع الفاسدون أن يتمكنوا من البقاء إلا إذا قاموا بإسكات بؤر المعارضة لهم بإعطائها جزءا مما يحصلون عليه، فإن نمت القوى المعارضة واستوجب إسكاتها، فإن مكاسب الفاسدين ستقل وتتوزع على غيرهم ممن يهددون بقاء نعمة الفساد!
في واقعنا، يحس الكثير من الناس أن الواقع يمتلئ بالفساد، ولكن حراس الفساد ترتخي قبضتهم أمام تنامي من يعترضون ـ وهم كثر ـ والاطلاع على أشكال الفساد بات متيسرا بعد تطور أجهزة الإعلام وتنامي أشكال الوعي، وهذا الواقع سيفرض تغييرا من حيث لا يدري الفاسدون.
هذه مباعث الأمل في هذا الواقع
تقبل احترامي وتقديري
__________________
ابن حوران
|