الحلقة الأخــيرة
خرج محظوظ يجر أذيال الهزيمة والانكسار بعد أن ضاقت به الأرض بما رحبت عاد إلى منزله وحكى لوالدته فلم تجد الست فيروز من أن تعطي ابنها ما تبقى معها من مال لينهي هذه المشكلة التي قد تؤدي به إلى السجن عاد محظوظ إلى الضابط وبعد سلسة من الأجرأت انتهى الموضوع وعاد محظوظ معتكفا داخل غرفته بعد أن ساءت حالته النفسية وشعوره بالغبن والظلم من وطنه
أطال محظوظ اعتكافه مما اجبر والدته إلى الخروج بحثا عن عمل ولم تجد سوى أعواد من المساويك تفترشها أمام أبواب المساجد والمطاعم لتعود أخر النهار بريالات قليلة بالكاد تكفيهم لسد جوعهم ولكنها لم تستطع الأستمرار كثرا إذ داهمها المرض فأصبحت لا تقوى على مهنة البيع ولا تخرج الا نادرا
خرج محظوظ من غرفته الذي اعتزل الناس بعد أكثر من ثلاثة أشهر وقد طالت لحيته فقد نظر نفسه أن يشتري الآخرة بالدنيا وما فيها بعد أن تنكر مجتمعه ووطنه في أن يعيش على خيرات بلدة التي يسمع عنها ولم يحس بها على ارض الواقع كثر ذهاب محظوظ إلى المسجد بل أصبح من مرتاديه ولم يعد يسئل هن والدته وأخته الذي تركهم لبعض المحسنين من الجيران الذين تكفلوا بأطعامهم واصبح محظوظ يحضر الحلقات والجلسات مع بعض الشباب الذي تعرف عليهم واحبهم واحبوة حتى انهم اطلقوا عليه لقب ابو مجاهد لكثره حبه للقتال الذي يمني نفسه به بعد ان عاش حياته وهو دائما مضروب فتمنى ان ينتقم من الجميع باعلم فنون القتال
اعتكافه ابو مجاهد في االمسجد وطالت لحيته وقصر ثوبة وبعد مرور شهرين او اكثر بقليل استطاعت بعض الجماعات المتطرفة من التسلل الى محظوظ بعد أن وجدت سهولة كبيرة في اقناعة بالجهاد ومحاربة الكفار ومن والاهم عبر الأحاديث التي يروون والآيات التي يرتلون ووجدوا في محظوظ المحطم نفسيا والعاطل عن العمل وفقرة وهوان وطنه ومجتمعة صيدا سهلا وبالفعل أصبح هم محظوظ أن يستشهد في سبيل الله فلحور العين في انتظاره والرزق الحقيقي في السماء هكذا فهم محظوظ واقتنع بما غرسه بعض الشباب الذين جندوا محظوظ وقطع الوعود بأن يتعلم فنون القتال واستخدام السلاح تمهيدا للجهاد في العراق
وبعد ان تلقى وعودا بأنه سيكون امير جماعة له التقدير والأحترام لذكائه الملحوظ
لم يجدوا صعوبة تذكر في خروج محظوظ عبر دوله مجاورة للعراق ولأول مرة في حياته سافر محظوظ وخرج عن حدود وطنه الذي ولد وتربى فيه تاركا خلفه والدته المريضة وأخته الوحيدة باحثا عن الشهادة في سبيل الله وكأن الشهادة تنظره في ارض العراق
دخل المجاهد محظوظ إلى العراق تحت جنح الليل لتستقبله مجموعة ثم يمكث لديها عدة أيام ويسلم لمجموعة أخرى وبما أن بطلنا محظوظ منذ ولادته محظوظ
تم بيعه ونفرا قليل معه إلى القوات الأمريكية بثمن بخس الراس بـــ 125 دولار
لترحله القوات الأمريكية إلى معتقل جوانتا نامو ليمكث هناك تحت التعذيب والتحقيق ما يقارب العام
وفي هذه الأثناء قامت وزارة الداخلية بزيارة لمنزل محظوظ وتفتيشه بحثا عن أي دليل يقودهم لمعرفة الخلايا النائمة من الفئة الضالة التي تسعى خلف تجنيد الشباب المحطم نفسيا أو العاطلين عن العمل أو المتحمسين ولكنهم لم يجدوا سوى أم أنهكها المرض والدين وفراق الأبن الذي خرجت به من هذه الدنيا بعد وفاة والد محظوظ في السجن
رفع المسؤولين للجهات العليا عن حالة أسرة محظوظ لتأتي المساعدة العاجلة وعلاج الأم في ارقي المستشفيات الحكومية وصرف راتب شهري وإعانة غذائية وتسديد جميع الديون ودفع إيجار المنزل
لم يجد الأمريكان صعوبة بعد سلسة من التحقيقات المكثفة في اكتشاف أن محظوظ لم يكن سوى ضحية وطن ومجتمع لينخرط مع هذه الجماعات المحضورة ليعاد إلى ارض الوطن ليمكث في احد السجون المحلية بضعة أشهر ليخرج بعد أن استفاد من برنامج المناصحة الذي أعدة ونفذه مجموعة من العلماء والمشايخ ليجد محظوظ كل الدعم والرعاية إذ تكفلت وزارة الداخلية بشراء منزل لمحظوظ وعائلته وتأمين وظيفة براتب جيد وشراء سيارة له والتكفل بعلاج والدته مع وعود بتزويجه قريبا وتحمل كافة المصاريف
اعتقدت حينما شرعت في كتابة هذه القصة أن محظوظ شاب غــبــي بل أحــمـــق ولكن حينما نظر إلي محظوظ وأنا اودعة كبطل لقصتي وجدته وقد رسم ابتسامة عجيبة ونظرات غريبة
هل تعتقدون أن محظوظ خدعنا جميعا واستطاع بذكائه أن يؤمن مستقبلة في خلال سنه واحدة فقط وحقق مالم سيحققه في أعوام عديدة
إلى اللقاء يا محظوظ في العام القادم أن كتب الله لنا ولك العمر
عنترنيت
|