عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-10-2008, 01:03 AM   #1
حسناء
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 278
إرسال رسالة عبر MSN إلى حسناء إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى حسناء
إفتراضي من هنا تلد الحياة....

لطالما كنت أجهله مغزاها والمعاني التي تثقل كاهلها ...ولطالما حاولت كالأبله أن أفك شفرتها وغيري يجدها أكثر سهولة من الأكل أو الشرب ...وأشد بديهية من النوم ، في تفاصيل يوم رضيع في أول لحظات حياته ...
من وراء تلك الصفحات الرثة بل و في زحام كلماتها وأسطرها، كنت أبحث وأطلت البحث وحيدة، جاهلة أني أجول في حلقة مفرغة أول الطريق فيها يتطابق مع آخرها...
و بين تلك المصطلحات التي تجاوزت محاور فهمي وحدود علمي وجدت نفسي تائهة، أحاول عبثا وقد قطعت أشواطا في الحياة أن ألد من جديد... شخصا آخر ببناء أقوم، ومستقبل أفضل، يختلف عن ما تتوقعه لي السنون اليوم...
كانت الصدفة من جمع بيني وبين الفكرة، فانسابت عبر معالم حياتي الرخوية لتتغلغل عميقا في فلسفة أحفظتُها نفسي زادا وذخرا لما تخفيه الأيام في مجهول دهاليزها...
كانت طريقة بالغة الروعة رغم بساطتها، سمعتها صدفة بين شفاه أستاذ لي في الجامعة، واتخذتها في ما بعد خنجرا يكسر أغلال الروتين في ذاتي كلما التفت حول يداي محاولة تكبيلي، و لعبة تحبب ثقل الساعات إلى نفس سئمت تكرار أحداث حياتها، وغالبا ما كان الأستاذ يكررها على مسامعنا لاسيما عندما يسمع عن أحدنا بالقول أو بالفعل أنه سئم ..
قبل أن أعرف السر، كنت غالبا ما أتساءل عن سر نشاطه الدائم والبسمة التي ترسم ثغره باستمرار، عن هدوءه وخفة خطواته كأنه يغدو إلى ما لم تره عينه قط، وقد شهدت تربة ساحة الجامعة معالم أسفل نعله من فرط تردده عليها لسنوات...
أما وقد سدل الستار أخيرا عن مكونات خلطته السرية، فما عدت أعجب من حبه وإقدامه على الحياة فوقتما عُرف السبب بطل العجب...
الحياة كل، والأيام جزء منها وقد نعيش عددا غير منته من الحياة في الحياة الواحدة، أما عن هذه الأجزاء فيتراوح مجالها الزمني بين لحظة وحياة الشخص ذاتها، فقد تمر عليك لحظة سعادة أو تعاسة لا ولن تتكرر في حياتك ما عشتك، لها بداية ونهاية مثلما لها حياتك، ولكنها مختلفة اللون عن ما عشته من الحياة قبل برهة، وعما سوف تعيشه منها بعد برهة... و على العكس، فقد تُصبغ حياتك بكل لحظاتها بلون واحد لا يتغير ما عشت ...
وهنا يكمن الفرق ....بين من يسئم الحياة ومن لا يفعل ... هب أنك ستأكل كل يوم نفس المادة الغذائية لما تبقى من حياتك، قد تتلذذ طعمها أول يوم وأول أسبوع عدا ذلك سوف تأكلها فقط لأنك بحاجة للاستمرار..
ولكننا غالبا ما نعجز على إيجاد سبل لخلق أو إحداث أي تغيير في حياتنا، وما هذا العجز سوى مخاض لعجز أكبر على تغير الأشخاص والأماكن التي تخلق الحدث، فتواجدنا في نفس الحقل المكاني مع نفس الأشخاص الذي سبق وان عشنا معهم يولد ضعفا هاما في إحداث أي تغيير مهما كان طفيفا ...
وقد تكون الهجرة من مكان لآخر سببا في ولادة جديدة لاسيما حين يقترن هذا التغيير بتغيير في الأشخاص الذين الفت العيش بينهم، ولكنك لن تقضي حياتك في الهجرة من مكان لآخر بحثا عن حياة جديدة ...
ولكن الحكمة في التغيير كلما سئمت نمطا معينا من الحياة، ليس بالضرورة أن يكون النمط الجديد أنجع من القديم لأنه سيفقد نجاعته مع مرور الوقت، فالتنوع والتغيير هو الرحم الذي يحضن الحياة، لتلد في أية لحظة أردتها فيها أن تلد على مدار أيامك ولياليك ...
__________________
فانفذوا...........لا تنفذون الا بسلطان


حسناء غير متصل   الرد مع إقتباس