عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-11-2008, 01:39 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

آثار التعليم على قضايا المرأة

لن نتطرق لأفضلية المرأة المتعلمة على المرأة الأمية أو غير المتعلمة، فهذا أمر معروف ومنصوص عليه شرعا، ولكننا سنناقش النظرة المرتبكة وغير المحسومة تجاه تلك المسألة من حيث تسليم المجتمع بتعليم المرأة والكيفية التي يقترحها المتفارقون في النظرة تجاه ذلك.

نظرة المجتمع في تعليم المرأة

ما هو العلم الذي يمكن أن يقبل به المجتمع للمرأة؟ وما هي المحاذير التي يتخوف الناس منها أثناء مرحلة أو مراحل التعليم المختلفة؟

قسم الأولون العلم الى نوعين: علم عيني يهتم بالفقه والدين والقرآن وما يدعم هذا العلم من علوم مساندة كاللغة والبلاغة وغيرها. والنوع الثاني العلم الدنيوي أو ما أطلقوا عليه اسم علم الكفاية، كضرورة أن يكون هناك طبيبات وممرضات وغير ذلك ممن يتعاملن مع خصوصيات جسم المرأة.

وفي زمننا الحالي، فإن فروع العلوم ازدادت عن السابق، ولم تترك المرأة مجالا من تلك العلوم إلا واتجهت له، وإن كان أصناف من العلوم لا تجتذب المرأة كالطب البيطري.

لا زال هناك الكثير من العائلات العربية التي تمنع بناتها من الاختلاط ببعض بنات الجيران أو الحي، بحجة أن تلك البنات يعشن في أوساط عائلية لا تتناسب أنماطها مع نمط رب أو ربة الأسرة التي تصدر قوائم المنع. وهذا يشكل أساسا للنظرة تجاه القبول بفكرة تعليم البنات. فإن كان الاعتراض على الاختلاط ببنات الحي المعروفات، فكيف لرب الأسرة أن يقبل باختلاط بناته مع طالبات من مختلف أصناف المجتمع.

يذكر أحدهم ملاحظات يراها الجميع في الجامعات العربية، وهي ظاهرة ملازمة شاب جامعي لفتاة جامعية طيلة سنوات بقاءهما في الجامعة، حتى تصبح النظرة تجاه تلك الفتاة أنها زوجته أو خطيبته، ورغم انتشار تلك الظاهرة في معظم الجامعات العربية، فإن حالات الزواج بين طلاب وطالبات الجامعات أثناء فترة الدراسة أو بعد التخرج تعتبر من أقل حالات الزواج وأكثرها ندرة.

إن ما يحمله المثال السابق من معاني سيبقى عالقا في ذاكرة الشاب والفتاة بعد أن يكون لهما أبناء وبنات، وسيبقى سلوكهما تجاه الاندفاع وراء تعليم المرأة متأثرا بروح المثال السابق. كما يحمل المثال السابق مبررات الدعوات في تأسيس مدارس وجامعات خاصة على البنات فقط.

أثر تعليم المرأة على الاقتصاد القومي

تشكل النفقات المكرسة لتعليم الإناث ما يساوي النفقات المكرسة لتعليم الذكور، أو تزيد في السنوات الأخيرة، وبالمقابل فإن نسب استثمار ما ينفق على تعليم الإناث هي أقل بكثير مما هي عند الذكور، فكثير من الفتيات من ينتهي مصيرهن للزواج قبل إنهاء مرحلة الدراسة الثانوية، فيمكثن في بيوت الزوجية بعد أن صرفت عليهن نفقات التعليم لحوالي عشرة سنوات أو يزيد في بعض الأحيان.

كما أن هذا المصير يواجه أغلبية من يتخرجن من الجامعات، فبعد تخرج الفتاة بسنة أو خمس سنوات على الأكثر والتقائها بشريك حياتها الزوجية، فإن التفكير بترك العمل سيكون هاجسا لكليهما (الزوج والزوجة). وكم هي المبالغ التي دفعت سواء من الدولة أو من أهل الفتاة على تعليمها؟

هناك من يقول: أن التعليم لا يخضع لمفاهيم الربح والخسارة، ولو كان كذلك لتجنبت معظم دول العالم تعليم حتى (الذكور) وهو قول لا يخلو من التسطيح وتبسيط الفكرة، كما لا يخلو موضوع الابتعاد عن تعليم المرأة من تسطيح، هو الآخر، فالمرأة المتعلمة أقدر على تنشئة أبنائها وبناتها بشكل واع، كما أنها أقدر على مشاركة زوجها في تسيير أمور الأسرة بشكل أفضل، وطالما أن الأسرة هي وحدة نسيج المجتمع العام، فلا عبثية من تعليم المرأة في جميع الأحوال.

أثر التعليم في الحياة الزوجية

العلم نافذة على التراكم الثقافي وبالتالي نافذة على نمو الرصيد اللغوي في المفردات وتكوين الكلام. والدائرة الاجتماعية التي تتمتع بثقافة متقدمة تستخدم الكثير من المفردات. في المجتمعات المدنية (نقابات، رابطات نوعية، أحزاب) تكون المفردات المستخدمة أكثر بآلاف المرات من تلك المستخدمة في ورشة تصليح السيارات مثلا، والتي تحصر كلماتها بالضرورات التي تعينها على أداء عملها ( ناولني مفك مسطح 12، اخلط الدهان الفلاني الخ).

في الأسرة التي يتدنى مستوى ثقافة (علم) أحد الزوجين عن الآخر، فإن فرص الاستمرار بالحديث بين الزوجين ستتوقف بعد الشهور الأولى من الزواج، وعندما تتوقف فرص الحديث، تزيد رغبة أحد الزوجين في تجنب فتح الحديث مع الآخر، وسيضع الزوجان نفسيهما في حالة من الملل وما يترتب عليها من مشاكل أخرى.

بالمقابل، فإن تفهم الزوج أو الزوجة لما يعبر عنه الطرف الآخر، سيبعد الزوجين عن افتعال مشاكل يتم تقديرها مسبقا فيتم تجنب إثارتها. كل ذلك سيضفي على الأسرة بما فيها الأطفال في مرحلة تكوين الوعي لديهم بالتأسيس لتطوير النظرة لتعليم المرأة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل