وجدت يا أخي العزيز أن العمل الأدبي أصابه خلل في الوحدة الموضوعية ، فأنت لم تبرر سبب قولك أنا رجل من صنع البحر بيئة التشبيه من بحر وزوارق ولآلئ لم تكن حاضرة . ربما أخذك الحديث -على لسانها- لتكمل خبايا ما في نفسك .
لم تحسن تقمص دور الأنثى أو الحديث على لسانها .
حين يريدوا
قد يتباروا
هناك خطأ في السطر الأول مثله في السطر الثاني يريدون وليس يريدوا ويتبارون وليس يبتاروا ..
ثم تدلو أنت
بدلوك ...
فتتلاشى ...
كل العبارات
أجمل ما في هذا المقطع الحالة الحركية التي في مخيلتك فكأن دلوه هو الذي جمع كل العبارات الجميلة
فتلاشى ما سواها. أقصد بالحالة الحركية حركة الدلو في البحر مقابل حالة نفسية وهي حديثه الذي ينصت
له كل السامعين فلا يتحدث من بعده أحد .
هذا المقطع أشعرني بحالة من الزخم وكأننا في جو (ألف ليلة وليلة) كل عاشقة ومعشوقها في جو من الحب والحنان حتى يبرز هذا المحبوب بين الجميع ومحبوبته -التي تتحدث على لسانها- جالسة تنظر إليه يشق المواكب وسط الجميع وقد صوبت جميع النظرات إليه .كأنها تفخر بمحبوبها الذي هو محبوب الجميع . شرف لها بطبيعة الحال أن تكون قرينة أو الصديقة الأولى لهذا الرجل الذي هو مسقط الضوء . هذا الشطر وصلتني مشاعرك فيه بكشل كبير جدًا .
لكأنك بها أمامك على ساحل البحر وهي تقص عليك شيئًا من ماضيها حتى استوقفها سحرك واسترجعت ذكراك فقالت هذا الكلام الذي تقوله على لسانها . حالة عجيبة للغاية . هنا ظاهرة الحشد أي القدرة على اختزال حالات متعددة في كلمات قصيرة.
وأنت امرأة من صنع النهر
حروفك من عذوبته
بوحك من رقته
لونك قادم من طينته
رقراقة كما هو
دفاقة الأفكار
مليئة مثله بالأسرار
هذا درس في كمال البيئة ومراعاة النظير . كل ما كان عيوبًا في المقطع البحري تحول الآن وصار إيجابيًا في مقطع النهر ولو أنك اتبعت هذا الأداء من أول القصيدة لكانت القصيدة أروع بكثير
انظر إلى المزاوجة بين الحروف\ العذوبة. البوح\ الرقة . الطين والترقرق ، الأسرار .. تدفق وجداني عجيب أهنئك عليه.
هدوءه فى أحزانك
أنت بعض من فرحته
وأيطاًَ أنت جميل سهرته
ثورته في أحزانك
أنت يا امرأة حورية النهر
عروسه
وابنته
النهر بحكاويه
صار قطرة من دمعك
لاحظ هنا استكمالاً لهذه المسيرة المظفرة الحبيبة كالبحر في الهدوء وفي الثورة لكنْ كلمة أيضًا وجميل سهرته مقحمتان . أيضًا كلمة تقريرية لا تناسب الجو الشاعري . لا تجعل الجو الشاعري والصورة تسحبانك إلى الداخل حيث اللاخروج . حورية النهر كلمة مكررة ... لكن الختام كان قاتمًا لا أدري لماذا ؟ النهاية ممتازة لكنك لم تشر في بداية القصيدة لحالة الشجن لذا يعد دخول الحالة الحزينة في غير موقعها مطلقًا .
ربما أردت صنع مفاجأة مفادها أن الجمال لا يكتمل وأن اللقاءات الجميلة ليست إلا خيالات يحزن الفرد على مرورها وعجزه عن الرجوع إليها .. لكن في رأيي الشخصي أنها كانت بغير داع ٍ مطلقًا .
عمومًا هذا العمل جميل وهو كالأندية التي لا تلعب إلا بعد دخول هدف في مرماها . أنت لعبت في (الشوط الثاني) الأنثوي النهري ولو أن ما كتبته في الجزء البحري كان كالجزء النهري -قدر الله وما شاء فعل- لكان عملك ذا عملاً يوضع في قائمة أجمل ما في بوح الخاطر . أخيرًا أنت أديب موهوب ولم تكابر حين يوجه إليك النقد بل تتقبله بروح عذبة هي روحك أيها المبدع المهذب وأرجو لك التوفيق باركك الله وإلى المزيد
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال
*** تهانينا للأحرار أحفاد المختار
|