وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل المشرقي الإسلامي
أشكركم جزيل الشكر على كلماتكم الطيبة، وهو إن دل على شيء، دل على أصالة منبتكم وكرم أخلاقكم.
قد تفلح القياسات المختبرية على القرود والجرذان وذبابة الفاكهة (الدروسوفيلا)، ولكنها في المسائل الآدمية يتعقد فيها القياس لتعقد المسببات والعوامل التي ليس من السهولة الإحاطة بها مخبريا.
كان المعلمون في الخمسينات والستينات همهم الأكبر إيصال رسالة وطنية تربوية رفيعة، فأينما توجهوا من مصر الى الجزيرة والخليج أم من بلاد الشام الى بلاد المغرب واليمن يُحتفى بهم كأصحاب رسالة فيحيطهم الاحترام والتبجيل من كل مكان، ويصبحوا قدوة لتلاميذهم ومضرب أمثال للمجتمع المحلي الذي يعملون به، وكان الهم المادي لديهم هما ثانويا.
في أواخر السبعينات تلاشى عمق الإيمان في حمل الرسالة واكتشف التلاميذ وأهاليهم أن جذوة حمل الرسالة قد اختفت من نفوس المعلمين الوافدين، وبرز على ملامحهم نهمهم في جمع المال وحسد من يستضيفونهم، وزالت من نبرة المعلم معالم الصدق، فابتعدت الأذن عن قابلية تصديق ما يقول، واستحق المعلمون وصفهم بالثقلاء الآتين لجمع المال.
هذا ليس في أمكنة إيفادهم فحسب، بل حتى في أوطانهم، فاتجهوا الى الدروس الخصوصية وتكييف أوضاعهم مع الأوضاع المعيشية الصعبة، فأصبح ماء ريهم لا يروي المسألة التربوية حتى وإن روى المسألة التعليمية.
على أي حال هذا جانب بسيط مما ألم بقضية التربية والتعليم، والتي لها صلة بأس موضوعنا.
أشكركم مرة أخرى واقبلوا احترامنا
__________________
ابن حوران
|