عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-12-2008, 03:04 AM   #25
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
أهلاً بك أخي الشاعر في هذه الخيمة وقد أضحت بك قصورًا ورمالها غدت خضرة زاهية . العمل أبعد من حدود قدراتي المحدودة ويبقى لمتخصصي الشعر الكلمة الأخيرة في الحكم عليه. وما أقول إلا ما أظنه صوابًا فلا تؤاخذ أخاك بما يزل فيه..
لَيْلَةٌ أُخْرى !!!
تُغنّي... أَمْ تَبوحْ
أَمْ على أَبْوابِ حَرْفٍ
ـ لَمْ يَزَلْ ـ
يَنْسابُ مِنْ دَفْقِ الحَكايا
وَمِنَ السّطْرِ الّذي اعْوجّتْ
حناياهُ بِأَثْقالِ الخَطايا
أَمْ بِأيِّ الْجُرْحِ جاءتْ تَنْتَقي
سَوْطَ زمانِ الغُرْبَةِ الْعَطْشى
إلى جَلْدِ الْمعاني
كيْ تَبوحْ.
كان التماسك واضحًا وحاضرًا في المقاطع وكان السبك فيها متصلاً بشكل جيد حتى إن القارئ لو حاول اقتطاع كلمة لتغير المعنى بشكل كبير.
الصور كانت موفقة حرف ينساب من دفق الحكايا ، وسطر اعوجت حناياة بأثقال الخطايا تبدو هنا الموازنة بين الحرف الطريد إن صح اللفظ والسطر المعوج الإنسان ذلك الحرف والوطن ذلك السطر ... توصيف محكم .
الليالي مقابلة للصبح المتظر واضحة الدلالة .. سوط زمان ا لغربة العطشى إلى جلد المعاني .. تلكم المعاني هي الأحلام التي يبحث عنها الحرف النائم علىسطر معوجّ .
ويبدو -امتدادًا للقصيدة السابقة- أو العكس أن الفعل المضارع خاصية تستحق الدراسة في القصيدة.
لَيْلَةٌ أُخْرى !!!
أَتَتْ تُعْطي هداياها
إلى الصّمْتِ الْمُسجّى
في شرايينِ الْأماني

ما زالت القضية قضية الوطن هي المسيطرة على الشاعر لكن كان التوصيف من خلال الرمز أعمق .. الوطن أو الإنسان هو الصمت وليته كان صمتًا بيّنًا بل إن هذا الصمت قد أغلق الحصار سار في الأماني . آه ما أفزع الأماني حينما تكون شرايينها مليئة بالصمت .ليست فقط حالة الصمت بل هذا الصمت المسجى هذا الوطن المفقود ليس حالة فردية وإنما حالة المجتمع ككل
للصباحاتِ الّتي
شاخَتْ على أَسْوارِ دنيا
لا تلوحْ
التراتبية كانت بينة كأني بك تقول صلاة جنازة بغير وضوء على ميت غائب ! لم تشخ فقط الصباحات لم تمت الأحلام بل كانت الأفئدة المتعلقة بها غير موجودة . فكرة فاقد الشيء لا يعطيه .
خَبّأتْ
ـ خَلْفَ انْكِساراتِ السنا ـ
وَجْها عَنيدا لفتىً آتٍ
بِلونِ الصّبرِ في كفّيْهِ شالٌ
مِنْ نسيْجِ القَهْرِ والْحُزْنِ الْمُحَنّى
بِدَمِ الْحُلْمِ الّذي اغْتالَتْ
أياديهمْ صباهْ
أحسست أن التراتبية كانت مفضية إلى التسلسل الذي يشتت القارئ . الأداة من بكسر الميم أدت دور كلمة الذي وبالتالي شعرت ُ أنا شخصيًا بتعدد أدوات الربط لكأن من يمسك الحبل يطيله لعجزه عن احتواء المتاع .
فتى آت بلون الصبر والصبر في كفيه شال والشال من نسيج القهر والحزن المخضّب بدم الحلم الذي اغتالت أياديهم صباه .. جميل أن يفلسف الشاعر كل شيء تقع عليه عيناه لكني أشعر بتكثيف يفضي إلى التعجيز كأني بدوامة داخل دوامة داخل دوامة ... ربما تعمدت هذا الانطباع الذي يخرج به المتلقي لكني أراه -من وجهة نظري المتواضعة- تكثيفًا زائدًا عن حده.
ظَنَّ أنَّ الشّالَ كافٍ
كيْ يَرُدَّ الْبَرْدَ مِنْ دَرْبٍ مشاهْ
لَمْ يَكُنْ يَدْري
لماذا الّليلُ لَمْ يُلْهِمْ
قَصيدَ الْعِشْقِ حَرْفا في هواهْ ؟!!

ذلك المغتال الصبى هو الإنسان ومعطيه الشال هو (النظام) يجود بأسوأ ما يفيض والحمد لله أنْ فاض شيء.
جميل للغاية هذا التعبير الشال ذلك الحلم الواهي تلكم الوعود الكاذبة تلك الامتيازات البسيطة كيف يرد البرد عن أكثر من فرد .. ليس كل فرد سيلبس الشال . هنا أستطيع استيعاب التراتبية التي كانت في المقطع السابق . هذا النسيج المهترئ انتهى إلى شال .الفكرة مفادها المثل القائل : قد تخدع بعض الناس كل الوقت أو كل الناس بعض الوقت لكنك لا تخدعهم كلهم طيلة الوقت . مدوّ هذا الشطر :
ظَنَّ أنَّ الشّالَ كافٍ
كيْ يَرُدَّ الْبَرْدَ مِنْ دَرْبٍ مشاهْ

كأن هذا الشال الفانوس السحري . كأنك تتحدث عن نظام يصدق نفسه وهو يعلم بكذبه. هذا الشال لايناسب كل الناس .ربما فكرة الخداع (ياكل عقله بحلاوة) هي المبثوثة في هذا الشطر.
لماذا الّليلُ لَمْ يُلْهِمْ
قَصيدَ الْعِشْقِ حَرْفا في هواهْ ؟!!
اللـــــــــــــه .. ما أجمل الرؤية ذلك الوطن الذي لم يلهم الإنسان ولو حرفًا في هواه .. الوطن الذي ضن على بنيه حتى بكلمات هنا أو هناك يتغنى بها .إنه الإنسان الذي تسير به الدروب ولا يعلم ما يُفعل به ، المواطن الذي صار آلة تتحرك وفق ما يرجو لها أصحاب الروبوت .

لِمَ ماتَتْ ـ في بلادي ـ
بَسْمَةُ الْأيامِ والْأحلامِ
مِنْ سَمْتِ الْغَدِ الْآتي الّذي
ضلّتْ خُطاهْ ؟!!
هنا ينفصل ضمير الشاعر ؛ فلا يكون الحاكي الواصف بل يتدخل هو ليقول بلسان المواطن الذي يسأل النظام عن سارق البسمة في الغد .. أراك كررت المعنى السابق بلفظ مختلف للصباحاتِ الّتي شاخت على أسورا دنيا لا تلوح)
لِمَ يَخْبو ـ عَنْ ليالي الْنيلِ ـ
دِفءُ الْناي والْموّالِ والْعِشْقِ
وأَضْحى الْماءُ مَعْجُونا
بِطْمي الْخَوْفِ لا يروي الشّفاهْ؟!!
أشعر هنا بتسارع الإيقاع (بحر الرمل؟) وفقًا للحالة التي تشعر بها ؛ فبعد كونك قاصًا محايدًا صرت غاضبًا والتساؤل جاء باللفظ لم َ وهذا اللفظ فيه جرأة ويفيد الاستنكار
لَمْ تَعُدْ تلْكَ السّواقي
ينْتَشي مِنْها أديمُ الْأَرْضِ
أوْ تَسْقي الرّوابي أُغْنياتٍ
ـ تاهَ حاديها ـ
وكانتْ ـ مِنْ قَديمٍ ـ كالصّلاةْ
أنا لا أحب استخدام الصلاة والأوامر الدينية والمقدسات استخدامًا في غير موضعها ، لكن موضوعيًا جاءت مناسبة للعمل وإن كانت مكررة. أعجبني هنا اللعب على وتر الصورة وهنا يبدو دور الشاعر ومعنى الشاعرية الشعر ما أشعرك حينما يمزج إحساسه الغضوب بما يراه دون إسقاط بل مباشرة السواقي التي تسقي الروبي أغنيات.. تعبير متقن للغاية وتاه حاديها .. معروفة الدلالة . نميل نحن المصريين للتعلق بالناي والمزمار والبيئة الريفية وفي هذه الأيبات أو الأشطر أرى صورة جميلة مرسومة بأحرفك التي لا تملك الأسطر إلا معانقتها بشوق . هنا معنى للناشئة المعجبين بك دون معرفة سبب الجمال في القصيدة هذا المعنى هو أخوّة وتجاور الفنون ؛ فلم يعد الشاعر مجرد مترجم لمشاعره وإنما يستخدم الصورة لإيصال المعنى فهذا المعنى واضح وصورته راسخة في الذهن تشعــِر المتلقي بأن شيئًا مفقودًا في حياتنا وهو أصلنا الريفي الذي جرفته عوادي وتيارات التمدين(وليتها أسعدته).
لَمْ تَعُدْ ( أوزيس ُ )
تَشْدو في النّواحي
كيْ يَعودَ الْغائبُ الموءودُ
مَبْعوثَ الْإلهْ
لَمْ تَعُدْ تَجْمَعُ أشْلاءَ الحُبِّ
ـ مِنْ جُبِّ الشِّتاتِ الْمُرِّ ـ
في أحْضانِها
كيْ يَرْتوي مِنْ ثَدْيها
سِرَّ الْحياةْ
الاستفادة من التاريخ والأسطورة.
عمومًا الدين ومعاني الألوهية أشياء مقدسة لاأحبذ للشعراء والأدباء الاقتراب منها تفاديًا للدخول في المحظور خاصة وأنه يتعلق بالحياة .
لكن ألاحظ هذا المقطع وسابقه كانا متماشيين مع بعضهما البعض وتناولا مستويات عديدة في التلقي .. المستوى العادي الفلاح ومستوى المثقف ، وكلاهما بيئة الأسطورة أو الصورة الريفية مردها إلى النيل وجميل أن تكون البيئة مكتملة بهذا الشكل.
وفكرة أن المحاسبة على الإجرام ليست في وطننا . .
وعمومًا كان روي ّ الهاء مشعرًا بحالة الآه لاسيما وقد سبقه ألف المد ّ وكأن الصدى دوّى من خلال الأحرف .
لَيْلَةٌ أُخْرى!!!
تهادَتْ مِثْلَ آلافِ الّليالي
ـ في بلادي ـ
عبقرية خاصة لتخصيص الوضع (مصر)
سافَرَتْ ساعاتُها
عَبْرَ جِبالِ الْمِلْحِ والْجُرْحِ
إلى عُمْقِ مَداراتِ الْخَواءْ
في صَحاري عُمْرِنا الْمسْلوب ـ قهرا ـ
وانْكِفاءِ الْحُلمِ والْعَجْزِ
وَمَوْتِ الْكبْرياءْ
حيْثُ صارتْ أَعْيُنِ الْبَدْرِ سوادا
خاصَمَتْ حُضْنَ الضّياءْ
الفانتازيا المنبعثة من معنى السفر عبر الجبال كانت موظفة بشكل متقن في حالة الحزن . سحر الكلمة ، فالسفر ارتبط في أذهاننا بالسندباد وما في رحلته من عالم مرح لكن الاستخدام لكلمة الرحلة جاء بمعنى آخر هو الحزن والظلم . وتعبيرك صارت أعين البدر سوادًا خاصمت حضن الضياء كان فيها شكل جمالي متميز وهنا يظل على امتداد الخط المخالفة للحالة الذهنية لكلمة الرحلة موازيًا للضياء المخاصَم . وكلمة قهرًا جاءت قوية للغاية لتقول لو أن ماضاع كان بإرادتنا لكان الأمر هينًا لكنه أمر نحن مقهورون عليه .صحارى عمرنا .. هنا اتكاء على الجغرافيا ورسالة ضمنية مفادها أين مواردنا ؟ هل نحن دولة صحراوية؟ لاحظ مجيئها بعد النيل والخضرة كأنه إشارة إلى تدرج إلى الأسوأ دائمًا . وكلمة الصحارى للعمر أتت بمعان ٍ كثيرة منها الجدب ومنها الاتساع (غير المفيد) ومنها الضياغ ومنها بعد كل ذلك : أن الصحراء القاحلة التي لا زرع فيها هي نفسها مستلبة .. فواحسرتا !!
حيْثُ لا شيءَ يُغَنّي ...
غيْرُ مَوّالِ الشّقاءْ
غَيْرُ آمالٍ تشظّتْ في صدورِ الْأبرياءْ
في انْتِظارِ الفَجْرِ والصّبْحِ الْمُحلَّى
بانْكِسار الليلِ ـ دَحْرا ـ
تَحْتَ أقْدامِ الْفضاءْ
استخدام الصور جاء ليؤكد المعنى .الآمال المتشظية تعبير متقن عن احتراق الأحلام بيئة الحرب ألهمتك تعبيرًا جديدًا .
انكسار الليل دحرًا تحت أقدام الفضاء .. تعبير قوي وعنصر التجسيد كان مميزًا فيه .
حيْثُ خُبْزُ الْموتِ
في كفِّ الْحيارى / في الدمِ الْمسْفوحِ
في عجْزِ يدِ الْمَقْهور
مِنْ أَجْلِ الْبقاءْ
خبز الموت (قرأت هذا التعبير لفاروق جويدة من قال إن النفط أغلى من دمي؟) لكنه تعبير يتماشى بشكل دقيق للغاية مع واقعنا الداخلي وهذا ما أكسبه رونقًا خاصًا ، غير أن التعبيرات -يفترض- حيادية على امتداد الزمن. ترى هل يعني انتهاء أزمة الرغيف فقدان هذا التعبير قدرته على التأثير في الإنسان ؟؟
مازال يَرْنو مِنْ بَعيدٍ
لغَدٍ معْصوبةٍ عيناهُ منْزوعِ الرّداءْ
تجسيد موفق للغاية أيضًا
ليلة أخرى
تَعبُّ الْكأسَ تُلْوَ الْكأسِ
مِنْ حُلْمي الْمُباحْ
أسْكَرتْها لَحْظَةُ التّنْويرِ حتّى عانَقَتْ
حَرْفَ الْقصيدِ الْمُسْتباحْ
تعبيرات كلها كان عنصر التجسيد فاعلاً فيها بشدة كأنه تعبير عن حالة استثنائية لم تكن موجودة كماأظهرالشطر :
لماذا الّليلُ لَمْ يُلْهِمْ
قَصيدَ الْعِشْقِ حَرْفا في هواهْ
الأشطر
أيْقَظَتْ مِنْ كَوْمَةِ التّاريخِ وجها
للْفتى مهرانَ / للجُنْديِّ في سيناءِ
للنيلِ إذا ما الْجِدُ لاحْ
كان يسْمو في فضاء الْعزِّ
كالْنوْرَسِ حُرّا
يكْرّهُ الْأصفادَ مفْرودَ الْجِناحْ
إنْ سرى ليلٌ توضّا
ثمَّ نادى للْفلاحْ
يطْلُبُ الْفَجْرَ حثيثا
موقِظا عيْنَ الصّباحْ
كيْفَ أضْحى في ثُباتٍ
مُسْتَلِذّا صَمْتَهُ ـ كالْقبْر ثاوٍ ـ
لا يَعي معْنى الْكِفاحْ
كان الاستخدام لعنصر التاريخ والموروث موفقًا . ويبدو أن للنورس حكاية في نفسك ينبغي تسليط الضوء عليها .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 10-12-2008 الساعة 03:10 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس