01-01-2009, 04:13 PM
|
#8
|
|
مشرفة Non-Arabic Forum واستراحة الخيمة
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,102
|
يقول الدكتور الفايد حفظه الله:
جل النصائح الغذائية التي تعطى حاليا للناس خاطئة، وعلم التغذية لا يقتصر على الدهنيات والبروتينات والسكريات والسعر الحراري. وإنما يشمل طبيعة المادة الغذائية والمحيط الذي تنتج فيه. ولذلك فالتغذية من خلال السعر الحراري أصبحت متجاوزة ومتخلفة. وهناك مكونات طبية تتوزع على كثير من المواد النباتية ومنها الفلافونيدات والبوليفينولات والمواد الدابغة والأوستروجينات والهرمونات وعوامل النمو وما إلى ذلك. وقد نستغرب لما نسمع ببعض النصائح العوجاء حول بعض المواد الغذائية، فالطب له مجاله والبيطرة لها مجالها والصيدلة لها مجالها وعلم التغذية له مجاله كذلك.
باب التغذية
1 ـ الحبوب
الحبوب أًصل التغذية عند الإنسان والاقتصار على القمح خطأ علمي
الشعير أحسن من الحبوب الأخرى بالنسبة لتغذية المرضى
 
تشمل الحبوب كل من الشعير والقمح والذرة، وتكتسي نفس الأهمية من الناحية الغذائية، كما تدخل في إطار التنوع والتكامل الغذائي. والحبوب هي الأًصل في التغذية بالنسبة للإنسان وليست اللحوم، كما قد يزعم الطب الحديث. ولم تظهر الأمراض المزمنة المستعصية على العلاج الطبي إلا مؤخرا، لما اختل ميزان التغذية، وكان هذا الاختلال أن بطل الناس الحبوب، وأصبحوا يتغذوا على اللحوم. والرجوع إلى الحبوب ربما يعود بالأمور إلى أصلها، والأكيد أن لا علاج مع التمادي في عدم احترام ميزان التغذية. وربما يكون العلاج أحسن بالنسبة للذين أصيبوا بهذه الأمراض، لو يرجعوا للنظام الغذائي السليم، الذي يرتكز على الحبوب وزيت الزيتون والفواكه وكذلك بعض الخضر.
وتناول الشعير ضروري للجسم لكن الناس يهملونه، وكذلك تناول الذرة، لكن الذرة البلدية المحلية وليست الذرة المستوردة، والذرة تستهلك كما تستهلك الحبوب، أي إما على شكل خبز أو حساء أو كسكس. ولا يقبل استهلاك الذرة المشوية على شكل بوب كورن. أما بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة، فالشعير هو المادة الوحيدة التي توافق كل الأمراض، ما عدا المصابين بإسهال سيلياك. أما أصحاب السكري والسرطان فالشعير يصبح من الضروريات التي تساعد على عدم تقدم المرض.
والشعير يستهلك على عدة أشكال، إما خبز مخمر، أو كسكس، أو حساء مع الحليب والسمن، أو الزبدة البلدية الطبيعية، أو لمن لا يجد هذه المواد زيت الزيتون. ونلاحظ أن النظام الغذائي، الذي كان يتبعه أجدادنا يوافق النظام السليم في التغذية. ونلاحظ كذلك أن ظهور الأنيميا أو نقص في الفايتمينات و الأملاح المعدنية، لم يكن معروفا بتاتا من قبل. ويرجع ذلك لتنوع الأغذية وتكاملها. والشعير قد يستهلك مع لبن الخض - اللبن المخمر- وهي أسمى وجبة غذائية في علم الحمية، ويطلق عليها اسم السيكوك في المغرب، ولا ندري من أين أتى هذا المصطلح رغم بحثنا في الموضوع. والسيكوك هو كسكس الشعير المطهي بالبخار بنفس الطريقة التي يحضر بها الكسكس العادي، لكن عوض المرق، يصب عليه لبن الخض المخمر ويؤكل. وهي الوجبة التي كانت أكثر استهلاكا في السنة، لأنها موسمية وتكون في فصل الربيع وبداية فصل الصيف حيث يكثر اللبن، وتمتد الفترة من شهر مارس تقريبا إلى شهر يوليوز، وفي هذه الفترة تكون الحرارة مرتفعة، ويكون العمل شاقا، لأنه فصل الاعتناء بالحقول وجمع الغلة، ويحتاج الناس إلى منعشات ومغذيات في نفس الوقت، وهو ما كانوا يجدونه في وجبة السيكوك.
ونفس الأشكال كانت تستهلك عليها الذرة البلدية، التي كانت تسد حاجة جل سكان البادية، واستهلاك الذرة كان يبدأ من شهر شتنبر إلى شهر ابريل، بعده يبدأ استهلاك الشعير، والذرة كانت طعام المؤنة في البادية، وكذلك الشعير، والمؤنة هي إطعام الشغالين في الحقول أثناء موسم الحصاد على الخصوص، لما كانت تستعمل اليد العاملة بدل الآلات الفلاحية، ولم يكن معروفا طعام غير وجبة السيكوك، وغالبا ما يكون بالذرة، وفي غياب الذرة يستعمل الشعير. واستهلاك الذرة بالنسبة للأطفال كان جاريا وعاديا. ولذلك لم تكن الأمراض المترتبة عن التغذية كالأنيميا والسيلياك والحساسية ونقص النمو ونقص التركيز معروفة. والذرة تحتوي على عوامل النمو بالنسبة للأطفال، وهناك مكونات غذائية للطفل لا يمكن الاستغناء عنها.
ولم تعد جودة القمح كما يعلمها الناس، أو كما قد ينصح بها بعض المهتمين بالتغذية الطبيعية. فالبلدان العربية على الخصوص تستورد القمح بنوعيه الطري والصلب، ويعتبر القمح الصلب أعلى درجة من القمح الطري، وترتفع نسبة البروتينات بالقمح الصلب بالمقارنة مع القمح الطري، بينما يرتفع النشا في هذا الأخير. والقمح يستهلك لأن لا غنى عنه، وجودة القمح المستورد ليست عالية، ولذلك نتحفظ عن استخراج نبتة القمح من هذا النوع من القمح. ويجب ألا يكون هناك تسرع لأن هذا التسرع هو الذي أدى إلى بعض الكوارث، ومنها الضجة التي أحدثها الاسبانخ كمصدر للحديد، حتى بلغ الأمر إلى بعض الكرتونات للأطفال في السينما، لحت الأطفال على تناول الإسبانخ، ولو نصحوا الناس بتناول البطاطا الحلوة لكان أحسن. ولو كان القمح طبيعيا كما كان من قبل، لنصحنا بنبتة القمح، واستعمالها لأغراض علاجية. والقمح المحلي أصابه كذلك تغيير لأن البذور مستوردة، ولا نأمن هذه الحبوب بالنسبة لنبتة القمح، لأن هذه النبتة يجب أن تكون من حبوب خالية من المبيدات، ولم يصبها انتقاء جيني أو تغيير وراثي. وكل من يتكلم عن علم التغذية يجب أن يكون باحثا في الميدان، وليس باحثا في المعطيات، فربما كانت بعض المواد سامة ومضرة بسبب تقنيات الإنتاج، لكنها تظهر مفيدة في الكتب أو المنشورات.
واستهلاك القمح المعهود هو على شكل خبائز وربما يكون على شكل مكرونات. وكانت بعض الأشكال الأخرى التي أخذت تندثر وهي أرقى الأشكال التي يجب أن يستهلك عليها القمح، وهذه الأشكال كانت في كل الدول العربية، لأن التغذية العربية كانت موحدة وموروثة ونابعة من أصل واحد. ونستسمح لكل الإخوة في البلدان العربية على إعطاء بعض المصطلحات المحلية. ونذكر من بين الوجبات التي كانت تحضر من القمح الصلب على الخصوص لأنه كان موجودا بكثرة وبشتى أنواعه، إذ كان هناك خمسة وستون نوعا من القمح إبان فترة الاستعمار، ويوجد منها عينات بالمتحف الفرنسي بباريس. وقد أصبح تحضير هذه الوجبات ناذرا إلا في الأرياف المغربية والمناطق الجبلية على الخصوص. وهذه الوجبات هي الحساء، والكسكس والخبز. وقد كان القمح يستهلك على أشكال عديدة من ذي قبل. وأهم الأشكال التي كان يستهلك عليها القمح، والتي كانت سائدة في المجتمعات القديمة، نجد القمح المنقوع في الماء ونبتة القمح، وهذا الشكل من أسمى ما يمكن أن يستهلك عليه القمح، لأن نقع الحبوب في الماء لمدة تفوق اليومين، يجعل القمح ينتفخ ويمتص الماء من حيث تبدأ الأنزيمات في نشاطها، نظرا لوجود النشاط المائي الملائم، وحيث تبدأ الأنزيمات في النشاط، تأخذ المكونات في التحول، من حيث تعمل المالطيز على حل النشا، والليبيز على حل الدهنبات الموجودة في النبتة، وكذلك الأكسيديز والكطليز، وترتفع الفايتمينات، وتحرر الأملاح المعدنية تحت تأثير الفيتاز. وكل هذه التحولات تجعل القمح يتحول من غذاء إلى غذاء ودواء. وقد تطهى الحبوب بعدما تنتفخ، أو قد تبقى لمدة أطول لتنبت وتخرج الأوراق الأولى والجذور، وهذه المرحلة تجعل القمح يتحول من حبوب عادية إلى منتج من جودة عالية من حيث المغذيات، وهذا الشكل يجعل من الحبوب أهم مادة غذائية. ولكن لا نجد هذه الأشكال حاليا لأن الخبرة تلاشت، ومع التحول الاجتماعي والموضة التي قضت على كل شيء، فإن القمح المنقوع ونبتة القمح باتوا في خبر كان.
وبعض الأشكال التي كانت سائدة في كل البلدان العربية، وهي حساء القمح في الحليب، وكذلك مزج سميد القمح المطهي بالبخار بلبن الخض. وهذه الوجبة لا تضاهيها أية وجبة غذائية، وهي كذلك في غاية ما يمكن أن يوصف أو ينصح به كوجبة للأطفال من الناحية العلمية. فالوجبة بسيطة لكنها تتطلب خبرة جيدة، لأن الصعوبة تكمن في تهييء كسكس القمح، ويجب أن يكون طريا، من حيث لا يمكن أن يستعمل الكسكس المجفف.
الرز
لا يصنف الرز مع الحبوب السابقة، لأنه ليس زرعا، وليس له سنابل، والحبوب التي جاءت في النظام الغذائي الإسلامي كلها حبوب ذات سنابل، وربما يكون لفظ الزرع أضيق من لفظ الحب. إلا أن التصنيف النباتي يجعل الزرع مرادفا للحب. وهو ما يقابل المصطلح الأنجليزي cereal، وبما أن الرز يعتبر من الحبوب الغذائية الثمينة كذلك، فقد وضعناه في فقرة مستقلة عن الحبوب الأخرى. ونظرا لأهميته الغذائية بالنسبة لأكثر من نصف سكان الأرض، وهي القارة الأسيوية كلها وبعضا من الدول الأخرى، ونظرا كذلك لعدم وجود أمراض خطيرة وبكثرة في هذه البلدان، فإن الرز يدخل في النظام الغذائي السليم، والرز من الحبوب النشوية، لكنه يمتاز بكونه لا يحتوي على الكلوتن، وهو البروتين المسبب للحساسية بالنسبة لكثير من الناس، وكذلك المسبب لإسهال سيلياك. ويصبح الرز بالنسبة للمصابين بإسهال سيلياك النوع الوحيد من الحبوب الذي يمكن أن يستهلكوه. والكلوتن هو الذي يعطي للحبوب خاصية العجين، لأنه قابل للتمدد ويسمع بانتفاخ وتماسك العجين، ولذلك لا يصلح الرز للعجين، لأنه يخلو من هذا البروتين. ويوجد حاليا كسكس ومقرونات من الرز كبديل لأصحاب هذا المرض.
والرز من الحبوب الغذائية التي تمتاز بطبيعتها النباتية، واحتوائها على أملاح وفايتمنات مفيدة في التغذية. ويحتوي الرز على نشا من النوع الجيد. ولا يحتوي على مكون الكلوتن الذي يسبب إسهال سيلياك. وبما أن الرز لا يعجن، فاستهلاكه لا يمكن أن يعمم، والرز يطهى في الماء أو المرق كما تطهى العجائن والمكرونات أو قد يطهى بالبخار، وهي الطريقة الأكثر استعمالا. ولذلك لا يستهلك بنفس الكمية كالحبوب الأخرى. ولا نعلم استهلاك الرز إلا مطبوخا أو مبخرا، والرز الكامل أحسن من الرز المقشر، لأن كثير من المكونات التي تفيد الجسم توجد في القشرة. ومنها حمض الأسكوربك وفايتمينات أخرى.
 
يتبع
__________________
" كان بودي أن آتيكم ,, ولكن شوارعكم حمراء ,,
وأنا لا أملك إلا ثوبي الأبيض ",,
* * *
دعــهــم يتــقــاولــون
فـلــن يـخــرج الـبحــر
عــن صمته!!!
|
|
|