شكل آخر للقضية (1)
د. أمل عبد الله الطعيمي جريدة اليوم ,,,,الأحد السابع من محرم سنة 1430 هـ
بدأت صباحها مبتهجة, فانتقلت لي بهجتها في المساء عندما فتحت بريدي الالكتروني ووجدت منها رسالة كان عنوانها (لي ما يبرر بهجتي هذا الصباح) قد لا تتسع هذه المساحة إلا لرسالتها فقط. وان حدث فلا مانع لدي وسيكون تعليقي في مقال قادم فهي رسالة مركزة جميلة بكل ما حملته من إيمان وثقة وقدرة على الفهم. تقول صاحبة الرسالة (أرسل لك هذه الرسالة لأني أحببت أن أشاركك بتجربة اعتقدت أنها ستكون عصيبة ولكنني أراها تجربة تزيدني نضجا ونضارة يوما بعد يوم.. كلمات طالما ترددت من حولي وسمعتها كثيرا من الأهل والناس عند فلانة وفلانة.. مسكينة كبرت.. مسكينة أصبحت عانس.. مسكينة قلت فرصها بالزواج, لن ينظر إليها الخطاب وإذا تقدم لها احد فسيكون متزوجا ويريدها زوجة ثانية, أو مطلق, أو كبير في العمر ولم لا فهي كبيرة!! ماذا تريد الآن تحمد ربها إن تقدم لها.. لماذا تتشرط الآن.. الخ. عندما كنت اسمع هذه الكلمات كانت تتمثل في خيالي صور عديدة: امرأة كبيرة, غير جميلة, منكسرة ولا يحق لها أن تحلم بشريك مناسب لأنها وببساطة (عانس)!! أما اليوم وبما إنني منذ شهرين بلغت الثلاثين من عمري انظر للمرآة فأرى فتاة جميلة ناضجة.. ناجحة في عملها مطيعة لوالديها.. فأفكر.. هأنا أصبحت عانسا اليوم فهل تنطبق علي تعليقات الناس التي كنت اسمعها تطلق على غيري؟! لا لا تنطبق, ولا اقبلها, بل ارفضها بشدة وان وصفوني بها.. فانا في ريعان شبابي وفي قمة نجاحي في عملي استمتع برضا أمي وأبي علي. وربي وفقني للعمل الصالح الذي اسأله أن يتقبله مني وشخصيتي محبوبة بين صديقاتي وأخواتي دائما يلجأن إلي للنصيحة في أمورهن الحياتية اليومية والدراسية والعملية. أتمتع بجمال معقول والحمد لله. فماذا تعني كلمة عانس إمام كل هذه النعم؟؟ أنها لا تعني شيئا.. بل أنها تتحطم وتتكسر أمام كل هذه الأشياء الجميلة التي تزين حياتي.
نعم تتوق نفسي لان أتزوج الشخص المثقف الصالح الواعي الذي أتشارك معه الحياة.. تتوق نفسي لتكوين عائلة يزينها الأطفال, ولكن هل هذا يعني أنني حزينة أو تعيسة أو لا استحق أن انتظر الرجل المناسب فقط لأني تخطيت الخط الأحمر لسن الزواج؟
لا والله بل أنا سعيدة وصدري منشرح بطاعة الله. وقلبي يفيض بالرغبة في الحياة والنجاح مع أهلي وفي عملي, وعيناي تنظران لمستقبل جيل براق سواء رزقني الله الزوج والعائلة أم كانت مشيئته عكس ذلك.
ولن أرى نفسي مسكينة ولا كبيرة ولا منكسرة بل أنا سعيدة واحمد الله أن أمد في عمري لطاعته واسأله الثبات. فالسعادة هي بانشراح الصدر والإيمان بالقضاء والقدر, وانشراح الصدر والإيمان يكونان بالقرآن والطاعة.
هذه هي تجربتي مع سن الثلاثين الذي اعتقدت انه سيكون أصعب تجربة في حياتي فهأنا آكل واشرب وأتنفس واعمل واقضي حاجات الناس واستمتع بالشمس والهواء والسماء وأكابد يوميات حياتي في العمل فاستمتع عند تحقيق الانجازات وأتعلم عند مواجهة الإخفاقات.. وأصبح الرقم 30 بالنسبة لي هوا لبداية وليس النهاية. ألا ترين انه لي ما يبرر بهجتي هذا الصباح.) انتهت الرسالة التي قد تعد خاصة في نسبتها إلى شابة واحدة ولكنها في الحقيقة عامة تحكي حكاية الكثير من الشابات في الثلاثين أو الأربعين وهن يتمتعن بكل المزايا التي ذكرتها صاحبة الرسالة. كل ما ورد في الرسالة يمكن أن يعد تشخيصا لحالة اجتماعية لطالما تناولها بعضنا بسطحية بالغة عندما يعتقدون أن المرأة في تلك السن تبحث عن أي رجل للارتباط به ولهذا فتحوا أبواب التعدد والمسيار والمطيار ظنا منهم أن الفتيات سيسعين سعيا إلى مثل تلك الزيجات لمجرد الهروب من حالة لم تعد تفسر كما كانت تفسر سابقا. أن النضج العقلي الذي تتمتع فيه تلك الشابة وغيرها يجب أن يلتفت إليه ويؤخذ بالاعتبار عند من يدعون أنهم يرتجفون خوفا على الفتاة التي فاتها قطار الزواج.
للحديث بقية ...