عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-01-2009, 02:40 PM   #20
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

فلسطين عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية

يمكن القول أن تغييرات كبرى قد حدثت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فبعد أن كانت بريطانيا لها الكلمة العليا في التحكم بمسار القضية الفلسطينية، كون فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وبعد أن نجحت بريطانيا في جعل سنوات الحرب العالمية الثانية سنوات هادئة نسبيا في أعمال المقاومة الفلسطينية، التي مالت الى الثقة بوعود بريطانيا من خلال تطوير ما جاء في الكتاب الأبيض. ولكن الوضع قد تغير بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية وانتقل مكان الكلمة العليا في القضية الفلسطينية من بريطانيا الى الولايات المتحدة.

تصريح بيفن

بيفن هو (أرنست بيفن) وزير خارجية بريطانيا. لقد لمس هذا الوزير أن البساط قد سُحب من تحت أقدام البريطانيين، خصوصا بعدما اغتالت عصابة (شتيرن) وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط (اللورد موين) في 2/11/1944 وبعد تصريحات (روزفلت) في وجوب إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، خلافا لما جاء في الكتاب الأبيض البريطاني. وقد فهم الوزير (بيفن) أن بريطانيا لا تستطيع معارضة الولايات المتحدة في توجهاتها، خصوصا وهي تحتاج مساعداتها المالية لترميم آثار الحرب العالمية الثانية.

ففي 13/11/1945، أعلن وزير الخارجية البريطاني (بيفن) في مجلس العموم البريطاني أن حكومته لم تعد تنظر الى القضية الفلسطينية على أنها قضية محلية، بل قضية عالمية، يقتضي إشراك الولايات المتحدة الأمريكية فيها كشريك مسئول. وهذا الأمر نتج عنه تشكيل لجنة أنجلو ـ أمريكية من 12 عضو نصفهم من بريطانيا والنصف الآخر من الولايات المتحدة، وقد أرسلت الحكومة البريطانية رؤيتها الجديدة الى الحكومات العربية (السعودية ومصر) وقد عرضته على مجلس الجامعة العربية في اجتماعها في 6/12/1945، وقد جاء رد الجامعة أن الكلمة الأولى والأخيرة تعود للشعب الفلسطيني. وقد استغربت الجامعة استمرار الهجرة اليهودية، خلافا لما وعدتهم بريطانيا.

موقف اللجنة الأنجلو ـ أمريكية

أنهت اللجنة أعمالها في 28/3/1946، وكانت قد وصلت الى فلسطين والتقت ببعض القيادات الفلسطينية ومنهم (جمال الحسيني) أحد أعضاء اللجنة العربية الذي سمحت له سلطات الانتداب البريطاني بالعودة الى فلسطين، ومع أعضاء من الجانب الصهيوني منهم ( ديفيد بن جوريون و حاييم وايزمان).

لقد نسفت تلك اللجنة ما جاء في الكتاب الأبيض، وساوت بين مصالح اليهود ومصالح العرب، ولم توص بتفكيك عصابات الهاجاناه وشتيرن وأرغون والتي بلغ أعداد أعضائها المسلحين والمدربين زهاء 70 ألف. كما أوصت باستمرار الهجرة وطلبت من الحكومة البريطانية تسهيل ذلك.

موقف الفلسطينيين والعرب من قرار اللجنة

شعر الفلسطينيون والعرب من حولهم بتفاقم الأوضاع وتطورها نحو الأسوأ، فأعلن الإضراب العام في فلسطين في 3/5/1946 استنكارا وشجبا لمقررات اللجنة، وانعقد مؤتمر للقمة العربية في (أنشاص ـ مصر) في 28/5/1946 حضره ملوك ورؤساء مصر والسعودية واليمن وسوريا ولبنان والعراق، وأكدوا على تمسكهم بعروبة فلسطين أرضا وشعبا.

أما الجامعة العربية، فقد دعت لعقد مؤتمر (بلودان) بين 8ـ12/6/1946، جاء فيه ضرورة نصرة الشعب الفلسطيني ودعت لوحدة فصائله، وطالبت بالمقاطعة مع الدول الداعمة لتقسيم فلسطين، وطالبوا بوقف الهجرة، كما كان في مقررات ذلك المؤتمر بعض القرارات السرية التي تتعرض للمصالح النفطية الأمريكية والبريطانية إن لم تغير تلك الدولتان من سياستهما إزاء القضية الفلسطينية.

وطالب المؤتمر الحكومات العربية بمخاطبة الحكومة البريطانية لتغيير مواقفها.

مؤتمر لندن 10/9 الى 2/10/1946

بعد اتصالات الحكومات العربية بالحكومة البريطانية، تم الاتفاق على عقد مؤتمر في لندن، سبقه اجتماع لوزراء الخارجية العرب لتوحيد موقفهم في الإسكندرية، اتفقوا على أن لا يجلسوا مع الصهاينة في مكان واحد، وأن يرفضوا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الشأن الفلسطيني.

وقد انتهى مؤتمر لندن الذي استمر أكثر من ثلاثة أسابيع الى مقترحات بريطانية، تقضي بتقسيم فلسطين الى أربعة أقسام قسم يهودي حيث استقر اليهود في هجراتهم، وقسم القدس مع بيت لحم والأراضي القريبة منها وقسم النقب في جنوب فلسطين، وقسم للعرب فيما تبقى من الأراضي، على أن تتمتع منطقتا العرب واليهود بشكل من الدولة المؤسسية يتم التنسيق فيهما مع المندوب البريطاني السامي. وقد سمي هذا المشروع ب (مشروع موريسون : نائب رئيس وزراء بريطانيا في وقتها).

رفض اليهود هذا المشروع وتمسكوا في إنشاء وطن قومي لليهود في كل فلسطين، أما العرب فقد رفضوا المشروع وقدموا مشروعا لدولة ديمقراطية تتكون هيئتها العليا من عشرة، سبعة من العرب وثلاثة من اليهود، على أن تحفظ حقوق اليهود (أشبه ما يكون بالثلث المعطل في لبنان حاليا)، مع المطالبة بوقف الهجرة.

تفاجأ البريطانيون والأمريكان بالمشروع العربي، فطلبوا تعليق الاجتماعات لدراسته والرد عليه.

استأنف المؤتمر أعماله في 28/1/1947، وقاطعه الصهاينة والأمريكان، وتم رفض المشروع العربي، في حين تقدمت بريطانيا بمشروع آخر سمي ب (مشروع بيفن: وزير الخارجية البريطاني آنذاك) وهو لا يختلف كثيرا عن مشروع (موريسون)، إلا أنه جعل المناطق خمسة مناطق تتمتع بحكم ذاتي لمدة خمس سنوات تحت الحكم البريطاني، وبعدها يصار لاستيعاب ما سيحصل على الأرض.

رفض العرب هذا المشروع، كما رفضه الصهاينة.

يتبع

المراجع
1ـ تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر/ ابراهيم خليل احمد/ الموصل 1987
2ـ القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني/ مروان بحيري وآخرون/ اتحاد الجامعات العربية/ مطبعة جامعة الموصل 1983
3ـ أثر قوانين الانتداب البريطاني في إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين/ عادل حامد الجادر/جامعة بغداد/ مطبعة أسعد 1976
4ـ تشريح نزاع الشرق الأوسط/ يفغيني ماكسيموفيتش بريماكوف/ تعريب: سعيد أحمد/ دمشق/1979
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس