[ابن حوران]

الأخت الفاضلة اليمامة

اطلعت في بحر هذا الأسبوع على عدد من مساهمات كلها تصب في نفس الساقية، ساقية الإيماءة لمسألة تخص إدارة المنتديات وخلافات فيما بينهم وعن موضوع الإشراف وغيرها من تلك الموضوعات.

أزعم أنني أتعامى عن تلك الخلافات، وأقترب من تمثيل دور (الأعمى)، وأتذكر تهكم أحد الظرفاء ذات يوم عندما أخبروه أن التيار الكهربائي قد انقطع: فأجاب على الفور: إنني مستغني عن تلك الفاكهة.

يتلمس الأعمى طريقه من خلال حدسه لإحداثيات الممرات التي أمامه، فيستعين أحيانا بعصا، وأحيانا يستعمل حاسة السمع كالخفاش، ليكمل طريقه، ولكنه أحيانا يستعمل حاسة قد لا تكون عند غيره، فيخمن مدى تغامز الآخرين عليه وتندرهم على مشيته. فيطيل المكوث أو يبدي رغبته بالمغادرة، وفقا لتراكم الأحاسيس التي تكونت لديه، وبالتالي فإنه يتعايش مع واقعه، من باب الموائمة ومن باب عدم حسمه لرهان يبشره بصحبة أفضل.

هذا الواقع ينطبق على الجميع هنا، فالأغلبية لم تتعرف على كينونة الآخرين بكل تفاصيلها، ولكنها (تهجس) هجس الأعمى بمواصفات كل واحد منهم.

هذا لا يمنع أن يكون للمكان صاحب كلمة عليا، أو أصحاب رؤية معينة قد تتمدد وتتقلص لاستيعاب ضيف أو ضيوف مرغوب في وجودهم أو أنهم في وضع يجعل الآخرين تنفر منهم.

أحيانا يجتهد أحد أصحاب المكان في إبداء تبرمه من أحد الضيوف الذي يتباصر (عكس يتعامى) ويزيد من تحاذقه حتى يحدث (دوشة) تختلف الآراء في هيئة القائمين وفق قواعدهم (غير المرئية) على التعامل معه، فتنقل الخلافات من أن تكون بين المشرف و العضو المشاكس، لتكون بين أعضاء الهيئة والهالة المحيطة بهم ممن وكلوا بالإشراف.

عموما، هي ظاهرة صحية، لا تنذر بخطر، ولكن التوسع بها سيكون مشاعا غير محبب بين أعضاء وزوار الموقع، خصوصا أولئك الذين يحرصوا بصدق على إبقاء أجواء حميمية بحدها الأدنى.

لا أصلح أن أكون محكما في مثل تلك الحالات، ولا أرغب أن أكون كذلك، وسأكون سعيدا إن بقيت ذاكرتي طيبة عن أشخاص كنت ولا زلت أكن لهم الاحترام الملائم لمثل تلك التجمعات المصطنعة .. وإنني متمتع بكوني أعمى يظن ظنا حسنا بمن حوله من أن أكون مشنفا أذني لسماع ما لا يسرني عمن يشكلون تلك الصحبة بكل مراتبها..

أظن أنه لا زال هناك مكان وطريقة تكون أفضل من التي أمامنا، ولا يعجزكم البحث عنها..

تقبلي احترامي الصميمي وتقديري لجهودكم وجهود الآخرين