عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-01-2009, 03:36 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أطر العمل النسائي

تحركات النساء في العهد العثماني:

قبل القرن التاسع عشر، كانت نظرة الغرب للمرأة العثمانية، بأنها خاضعة ومذعنة وتابعة اقتصاديا للزوج أو الأب، وكانت تُربى لتصبح زوجة وأُماً. أما بعد ذلك وبعد أن أنهكت الحروب الدولة العثمانية، أصبحت المرأة العثمانية شبيهة للمرأة الأوروبية في انشغالها بالهم الوطني العام. ولنلقي نظرة على هذا التلخيص الشديد لوضع المرأة في آخر القرون التي حكمت بها الدولة العثمانية، ولنقارن الكيفية التي تطورت بها أوضاع المرأة في تركيا، في حين لم تُحسم القضية عندنا بعد.

تم افتتاح أول ثانوية للبنات في تركيا عام 1858 ثم مدارس مهنية خاصة للبنات عام 1869 ودار للمعلمات عام 1870وفي عام 1868 ألحق في الصحف اليومية ملحق خاص بالمرأة وتبع ذلك إصدار صحف ومجلات خاصة بالمرأة، وفي عام 1873 قامت مظاهرات نسائية دعما لإضراب عمال أحواض السفن، وأنشئت أول رابطة للمرأة (اتحاد نسائي)

وفي عام 1914 تم تأسيس أول جامعة نسائية، وفي نفس العام بلغت نسبة النساء العاملات في الصناعة 30%.و كانت نسبة الأمية عند النساء في تركيا عام 1935هي 90.2% وفي عام 1965 كانت نسبة الأميات 67.2% وفي عام 1985 انخفضت النسبة الى 31.8%. ومن ناحية أخرى فإن نسبة النساء المنتخبات في البرلمان التركي كانت عام 1939 هي 4.08% *1

عدم التوافق بين (التشريع والأدب) من جهة والتطور الحضاري من جهة أخرى.

تعاني المدن في الدول النامية من انتشار البناء العشوائي في أطرافها، وبعد أن يصبح هذا البناء حقيقة واقعة، تنتبه إدارة بلديات تلك المدن في وقت متأخر الى شمول تلك الأبنية المخالفة في التنظيم، ولكن هذا الشمول سيترك شكلا مشوها، لا يتناسب مع مخططات البلديات الأصلية، وسيبقى سكان تلك الأحياء الملحقة بالتنظيم يعانون من اضطراب الخدمات، أو أحيانا تسقط بعض الأبنية فوق رؤوس ساكنيها.

هذا ما يحصل في موضوع المرأة، ففي حين تزخر الجرائد والأدبيات بمواضيع تتندر أحيانا بقضايا لا أخلاقية تخص المرأة، وتهاجم الذين يقفون وراء دوافع تلك الظواهر السيئة، من إعلام سيء وإدارات اجتماعية وحكومية الخ، نجد أن تطور أوضاع المرأة يسير بشكل لا يعطي وزنا لتلك الاحتجاجات، سواء في التحاقها بالمدارس والجامعات أو اشتراكها في وظائف حكومية وأهلية، وحتى في طموحاتها للاشتراك بالحياة السياسية العامة.

أي أن استعدادات الثقافة النخبوية وما بعدها الثقافة الشعبية، لم تكن كافية لتتهيأ لمثل تلك الأدوار، حافظة للمرأة كرامتها وصورتها الملتزمة بالقواعد الخلقية الإسلامية، ومستثمرة لما يفيض من جهدها بعد الجهد الذي أوكل لها تاريخيا كأم وربة بيت.

أين المسكوت عنه في المساواة وكيفية معالجته؟

لم تكن فكرة مساواة الرجل بالمرأة طارئة على تراثنا، ولم يكن إعادة إثارتها بدافع يُقصد منه تقليد الغرب، بل كانت فكرة المساواة موجودة في النصوص الإسلامية باعتبارات المساواة الفعلية. بمعنى إن كان للشريك نصف حصة شريكه فإن العدل يفرض إعطاءه ثلث المربح وعليه أن يتحمل ثلث الخسارة، هذا من باب العدل.

لقد راعى الإسلام الجوانب البيولوجية للمرأة فأناط بها مسئوليات تتناسب مع إمكانياتها الجسمية، وفيما يخص نسيانها نتيجة تلك الأوضاع فقد جعل شهادتها بنصف شهادة الرجل، وكون الرجل هو من أوكله الشرع في الكسب والصرف على الأسرة، جُعِل نصيبه من الميراث ضعف نصيبها.

لكن فيما عدا ذلك، خاطبها كما يخاطب الرجل ولم يُحرِم عليها العمل، بل حدده بشكل نفهمه من واقعة نبي الله موسى عليه السلام مع الفتاتين (ابنتا شعيب عليه السلام) {ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امراتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير}[القصص 23]

من يتأمل الآية الكريمة، سيجد أن مبررات العمل هي شيخوخة الأب، وعدم وجود معين، كما سيجد أن الأنثى لا حرج إن خرجت مع أختها، وأن لا تزاحم الآخرين من الرجال على إنجاز عملها، كما سيجد أن إظهار جانب الشهامة من الرجل في معاونة النساء واجب، موقف النبي موسى عليه السلام*2
المرأة في عضويتها بالمجتمع كالرجل، من حيث موقعها الفردي (كعدد)، لا أهمية لكليهما إن لم ينخرط ضمن مجموعة فاعلة، فريق، منظمة، اتحاد، نقابة، حزب الخ. وإن كانت مواصفات ذلك الفرد عالية، ممكن أن يكون أديبا أو مفكرا أو فنانا، ولكن لن يكون فردا منتسبا لهيئة عامة تنقل الأفكار الدعائية التي يبتكرها المفكرون والأدباء وتحولها الى إجراء ضمن القنوات الإدارية.

أي إن كانت الجماعة تدعو لتغيير فهي جماعة دعائية، وإن كان من يترجم تلك الأفكار ويحولها لإجراءات فسيكون ضمن المجموعات الإدارية، فعليه تعتبر الأحزاب والروابط الثقافية والفكرية والاتحادات النوعية (كاتحاد النساء والطلبة والفنانين الخ) جماعات دعائية تناشد الجماعات الإدارية أن تتبنى أفكارها، وعليه فإن الدولة بمؤسساتها والبلديات والغرف التجارية والصناعية والأندية الرياضية هي مجموعات إدارية بحتة، يكتمل جهدها الحضاري بربطها مع مجموعات دعائية ضمن علاقات تحددها تقاليد الدول. *3

سنتتبع باختصار شديد، انتماء المرأة العربية لعضويتها ببعض الأحزاب العربية من خلال رصد نماذج واقعية، دون الإشارة لحزب بعينه أو (بلد) بعينه.

في الغالب تبدأ عضوية المرأة في الأحزاب أثناء الدراسة الجامعية، ويكون ذلك من خلال بعض النقاشات الأولية في الشأن العام، في نادي الطلبة أو أثناء وبعد احتفال أو حضور ندوة أو مؤتمر الخ، فيبدأ الحديث من شاب له القدرة على افتتاح الكلام بموضوع، أو من خلال تساؤل فتاة عن أمر يعني بالشأن العام، فيتناوب الموجودون من طلاب وطالبات على إبداء آراءهم، ولا يخلو الحديث من استخفاف ببعض الأفكار المطروحة، ومن ثم تبدأ التحديات ودفع الفتاة الى خوض مجال التفكير في الشأن العام، وقد يسوقها هذا السلوك الى الانتساب لحزب ما.

الفتاة كمتلقية في الحزب

غالبا، ما يكون من يقوم بتثقيف الفتيات المنتميات الى الأحزاب من الشباب الذين سبق انخراطهم في الحزب الفتيات، وستكون حلقة الفتيات بالبداية من المستجدات في الانخراط بعمل عام، وقد تكون تجربة الشاب المثقِف هي الأولى في عمله هذا، وعلينا أن نتصور تلك الأجواء التي تضع هذا النوع من اللقاءات في مساحة معزولة، محكومة باعتبارات اجتماعية ونفسية وغيرها. فقد يتشتت تركيز الشاب في إخراج أفكاره بشكل منتظم ومفهوم، وقد تتشتت أفكار الفتيات بشيء من الحرج في مثل تلك التجربة، التي غالبا ما تنتهي دون إعادتها.

في بعض الأحزاب الإسلامية، يُترك مجال التثقيف لزوجة أحد الأعضاء التي تتولى تنظيم الخلية الحزبية، وتكون المواضيع بالغالب تدارس القرآن الكريم وتفسيره وحفظه. ويتم التناوب في مكان الاجتماع من منزل الى منزل، وتكون الاجتماعات في الغالب في وضح النهار، من دوافع تنظيمية بحتة، حتى لا يكون التردد على نفس المكان مثارا لتطفل الآخرين وإثارة الاحتمالات التي تكون من وراء تلك الاجتماعات.

في الأحزاب اليسارية، يختفي الحرج مما سيثار حول مثل تلك العلاقات، فتتوجه الفتيات الى مكان قد يكون نفسه في كل الاجتماعات وقد يكون ليلا، لا يهم، وهذا يتم في حالات الطالبات الجامعيات اللواتي يدرسن خارج نطاق مدنهن أو بلدانهن، أو يتم ضمن نطاق علاقات أسرية وحزبية، فتكون زوجات أو بنات الحزبيين يلتقين بشكل طبيعي فيما بينهن مع إفراد مسئول أو مسئولة عن مثل تلك الخلية التنظيمية.

هذا في الأحزاب التكاملية، أي التي لها أيديولوجيا و نظرية تنظيمية. أما في الأحزاب التمثيلية، أي التي لا يشترط فيها الاجتماع الدوري، كالأحزاب الليبرالية التي تعتمد أساليب أحزاب أوروبا وأمريكا، فيكفي أن تنتمي المرأة الى الحزب، لتطلع على برامجه إما من خلال الموقف العام لقادة الرأي، أو من خلال الاطلاع على أدبيات الحزب المكتوبة*4

أدوار النساء المنتميات الى أحزاب:

غالبا، ما توظف جهود المنتميات الى الأحزاب السياسية في لعبة الصوت الانتخابية في مختلف الانتخابات البرلمانية أو البلدية أو النقابية، وتستفيد بعض الأحزاب السياسية من هذا النوع من النشاط في حصد المقاعد الانتخابية، خصوصا في النقابات، فدأبت بعض الأحزاب على تسديد اشتراك النقابيات خصوصا (حديثات التخرج) فتسدد عن ألف أو ألفين من خريجات كليات الهندسة اللواتي تخلفن عن تسديد اشتراكهن منذ التخرج، وتتكفل بنقلهن الى صناديق الاقتراع فتتعمق الصلة فيهن وتوظف تلك العلاقة بانتخابات أخرى. وتتفوق الأحزاب الإسلامية (الإسلام السياسي) على الأحزاب القومية واليسارية وحتى الليبرالية في ذلك الشأن.

كما أن هناك توظيف لدور المرأة، من خلال التجمعات (التنظيمات) الإدارية، كالجمعيات الخيرية والأندية والنقابات وغيرها، والتي تكون بمثابة الذراع الإداري للتنظيمات السياسية، والتي تكون أيضا كواجهات للعمل السياسي الأقل ملاحقة أمنية والأكثر أريحية للمنتميات لمثل تلك التنظيمات، أي باختصار إنها أوعية للعمل العام أو الرأي العام، التي تتباهى فيها التنظيمات السياسية أمام غيرها.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل