عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-02-2009, 12:01 AM   #5
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

"دفاعات محرقة اليهود" تقتل أطفال غزة وليس "محرقة غزة"

بقلم: خالد كساب محاميد

لماذا يقوم السياسيون ورجال الأعلام والناشطون في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني بالإصرار على تقديم الخدمة الإعلامية الأكثر نجاعة للجيش الإسرائيلي وجهاز تنفيذه للمجازر ضد الشعب الفلسطيني؟

لقد قامت إسرائيل في حربها الأخيرة على الشعب الفلسطيني في غزة باقتراف مجازر بشعة ضد أطفاله و مدنييه العزل الأبرياء.

لقد أخذت إسرائيل الاعتبارات الدقيقة في تقييمها للدور الدولي الذي كان من المفروض أن يحتج ويصرخ عاليا لإيقاف تلك المجازر والحصار المستمر.

إسرائيل تعرف هذه الحسابات الدقيقة وتبني على أن ضمير العالم مثقل بعقدة الذنب من جرائم النازيين بحق اليهود الأبرياء في أوروبا. ولهذا تجد إسرائيل بأن هذا العالم سيصمت أمام "دفاعات المحرقة" التي تمنع كل من يصبو للاعتراض على جرائمها ضد أبناء الشعب الفلسطيني من رفع صوته.

يقوم قادة إسرائيل بالخضوع لما أسميه "إرهاب محرقة النازيين" ضد اليهود في أوروبا لتمرير سياساتها تجاه الشعب الفلسطيني ولإسكات الأوروبيين والأمريكيين فيما إذا احتج هؤلاء على سياساتها.

يقف الشعب الفلسطيني في هذه الحالة في محاولته لإقناع العالم بصدق قضيته أمام ما تمثله "المحرقة النازية" في مخيلة وعقلية الأوروبيين والأمريكيين. وبهذه الحالة يُثقل كاهل الشعب الفلسطيني وحده بما أنتجته وتنتجه "محرقة اليهود" من قيم وسلوك وأخلاقيات ترسم سياسات الشعوب والحكومات تجاه أطراف الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وهذا حمل ثقيل جداً جداً ويوازي بالفعل مقتل 6 ملاين من يهود أوروبا.

هكذا تسيطر جريمة هتلر ضد اليهود بحجمها الضخم على مسلك الأوروبيين والأمريكيين لتكون بأيديهم سلاحا رذيلا غير أخلاقيٍ ضد أبناء الشعب الفلسطيني العزل في مخيمات اللاجئين والشتات وتحت الاحتلال.

تأخذ مأساة الشعب الفلسطيني ضخامتها من الحقيقة بأن إدعاءات الأوروبيين والأمريكيين تجاه مطالب الفلسطينيين بإيقاف مقتل أطفالهم على أيدي الإسرائيليين تستقي منطقها المبني على جريمة قتل ضخمة وبشعة متمثلة بمليون ونصف المليون من أطفال أوروبا اليهود في المحرقة النازية.

فلذلك أستغرب من استعمال مناصري القضية الفلسطينية مصطلح "محرقة أو هولوكوست غزة" وذلك من المنطلق التالي:

عندما ندعي بأن إسرائيل تقوم بمحرقة جديدة في غزة نبتغي أن نوقظ ضمير العالم الذي لا يريد لمحرقة كتلك التي حصلت لأجداد الإسرائيليين أن تتكرر.

لكن ما الذي يحدث بالفعل عندما نوجه هذا الطلب للعالم؟

نحن نطلب من العالم أن يبدأ بالمقارنة بين الجريمة التي قام بها النازيون ضد اليهود أجداد الإسرائيليين في أوروبا وبين الجريمة التي يقوم بها الإسرائيليون أنفسهم ضد أبناء شعبنا الفلسطيني.

وهذا لكي نطلب من العالم أن يتضامن مع الضحايا الفلسطينيين الذين يقتلون على أيدي الإسرائيليين.

ينفذ العالم ما نطلبه نحن الفلسطينيون منه بإجراء المقارنة فيجد أن الضحايا الفلسطينيين يعدون 1400 من أطفال ونساء وعجز أبرياء وأن الضحايا اليهود هم 6 ملايين من الأبرياء.

فماذا عندها يحصل للعقل الأوروبي والأمريكي إزاء هذه المقارنة؟

سيلبي طلبنا الفلسطيني ويتضامن مع الطرف الأكثر تضحوية وفجاعة والذي هو في هذه الحالة ضحايا الإجرام النازي أي أجداد الإسرائيليين الذين يقتلون الفلسطينيين اليوم. ولا يجد الأوروبيون والأمريكيون مفرا منه إلا بالتضامن مع الإسرائيليين!

نستطيع أن نرى مدى التزام الغرب بالوقوف إلى جانب إسرائيل من خلال إجراء عملية حسابية بسيطة بأن نحسب النسبة بين 6 ملايين الى 1400 لنتوصل إلى الإستنتاج بأن احتمال أن يقف العالم مع اسرائيل وليس مع الشعب الفلسطيني هي بنسبة 5000 إلى 1 .

هكذا يكون الفكر الفلسطيني قد قدم مجانا هدية للجيش الإسرائيلي بقوة مقتل 6 ملايين من الضحايا اليهود. فيصدق الذي قال إنّ الطريق إلى جهنّم مُبَلَّطةٌ بالنوايا الحسنة.

إن التحليل الصائب لإدخال موضوع "محرقة اليهود" في النقاش السياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجب أن يعتمد على دراسة هذا الموضوع بصفته سلاحا إسرائيليا يجب على الفلسطينيين أن يطوروا مقاومة ضده كما يطورون مقاومة للطائرة والدبابة.

لم يقم الفلسطينيون بذلك لأنهم اعتمدوا بالأغلب على نفي حدوث المحرقة.

إن التوجه السليم لإدخال موضوع "محرقة اليهود" في النقاش السياسي فيه من القوة لإحراج الأمريكيين والأوروبيين واليهود (عدا عن قادة إسرائيل الحركة الصهيونية) وتحويل الدعم بسبب "محرقة اليهود" من إسرائيل إلى الفلسطينيين.

من الأجدى لنا بدلا من أن نسمي مجازر غزة "بمحرقة غزة" أن نقول "بسبب المحرقة الفريدة من نوعها تسكتون على جرائم الإسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني"



"جريمة النازيين باليهود الأبرياء تقتل الفلسطينيين الأبرياء"

أوقفوا استعمال محرقة هتلر باليهود ضد الشعب الفلسطيني"

"لا تحملوا الشعب الفلسطيني وزر محرقة الألمان باليهود في أوروبا"

" المحرقة الفريدة من نوعها في تاريخ البشرية لا يمكن أن تبرر قتل طفل فلسطيني واحد"

هكذا نستطيع أن نُظهر للعالم بأن الجريمة الفريدة من نوعها في تاريخ الإنسانية ضد اليهود تَستَعمل قوتها الفريدة من نوعها ضد أبناء الشعب الفلسطيني وهكذا سيرى العالم بأن سلاح المحرقة هو سلاح غير إنساني وضخم في فرادته ولا يمكن لشعب أعزل لوحده أن يتحمل نتائجه بينما تقوم الشعوب الغنية والقوية التي من المفروض هي أن تتحمل عواقب الجريمة بسكب كل نتائج حضارتها على شاكلة جريمة ضد اليهود على شعب في أعزل في مخيمات اللاجئين.

ولذلك لا يمكن أن ندعي بأن ما جرى في غزة هو محرقة بل مجازر تُخفيها و"تشرّعها" "دفاعات محرقة اليهود"

خالد كساب محاميد

اللجون المهجرة – أم الفحم.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس