عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-02-2009, 03:51 PM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

2ـ المذهب الفردي.

يقول المؤلف: لقد صرحت بأن الولاء، أمرٌ خيرٌ للفرد، سواء كانت القضية جديرة أو غير جديرة بولائه، تماما مثل الحب، يظل المحب وفيا لمن يحب، بصرف النظر عن استحقاق محبوبه لهذا الحب أم لا.

ويضيف المؤلف: أن لكل فلسفة معترضين، وعلى الفيلسوف الانتباه لتلك الاعتراضات ولا يهملها، لأنه في الانتباه لها تكتمل وجهة نظره الفلسفية تجاه قضية ما.

لقد ذكر المؤلف حالة لاعتراض شاب روسي متحمس من أبناء المهاجرين الى الولايات المتحدة، عندما وجه للمؤلف سؤالا قال فيه: ( لقد كان الولاء في الماضي، من أهم نقاط ضعف الإنسانية، ومن أسباب الكوارث التي أصابتها. فلقد استغل الطغاة الولاء للسيطرة والتحكم في الآخرين. ثم أضاف الشاب: لقد سعدت ببعدنا عن صور الولاء وقضاياه. فما نريده لمستقبلنا هو التدريب على الحكم الفردي نريد الاستقلال والثقافة، ولا حاجة لنا بالولاء).

لقد اعتمد المؤلف، وقفة الشاب وتساؤله، قاعدة لأساس محاضرته ـ التي نحن في صددها ـ واعتبر استياء الشاب ابن المهاجر الروسي من الولاء، شكلاً آخرا من الولاء لقضية ربما لم يستطع التعبير عنها بشكل جيد.

إن الشاب يحتج على الولاء بصفته سلوكا يشبه سلوك العبيد يتسم بالاستسلام والطاعة العمياء لقائد يستثمر فكرة الولاء لصالحه. إذن فالشاب قد أعلن ولاءه لمعسكر الرافضين للخنوع لمراكز تتصرف بهم كعبيد.

(1)

يشير المؤلف الى حديث له مع أستاذ تربوي يشرف على مؤسسة تربوية كبرى، يطالبه ذلك الأستاذ أنه إذا التقى (المؤلف) بطلاب تلك المؤسسة أن يخبرهم بأن انتسابهم الى جمعيات سرية لا يعطيهم الحق بأعمال الشغب بدافع الولاء لتلك الجمعيات!. ثم صديقه التربوي: (بأن الولاء في مجتمعنا، عبارة عن عباءة، نغطي بها كثيراً من الرذائل. وأن ما يحتاجه هؤلاء الشباب، هو معرفة، أن لكل فرد واجبه الخاص، ولا بد من تنمية ضميره والإنصات لصوته، ولا ينبغي أن يعتبر الولاء سبباً يعفيه من المسئولية الفردية).

ويتابع المؤلف بذكر المثال تلو المثال، ليبين مسألة جوهر الاختلاف بين الولاء والتمتع بالحرية الفردية، فيذكر حالات المطالبة بتحرير المرأة في الغرب، وكيفية وصف تلك الدعوات بالتخلص من القيود التي تضفي صبغة مجتمعية عامة يراد من الثورة عليها تشتيت الولاء لها.

(2)

يعلن المؤلف إعجابه الشديد في حالة الولاء في اليابان التي أدت الى انتصار اليابان على الصين. وقد كتب البعض عن حالة الولاء في اليابان والعقيدة الأخلاقية (للبوشيدو) والتي أطلق عليها الكاتب (نتوبي) اسم (روح اليابان).

لم يفقد الياباني شعوره بالاعتداد الذاتي على الإطلاق. ولم يقبل الطغيان أبداً. وبالرغم من طاعته لرؤسائه، فإنه يشعر بالفخر لخدمتهم، ودائما ما كان يستغل تدريبه الراقي لتطبيق الميثاق المعقد للشرف، الذي تربى عليه تجاه مواطنته.

إن الولاء الياباني ليس مجرد أداة في يد الطغاة (رد على الشاب الروسي)، فلقد أدى الولاء الياباني الى تحقيق نوع من الوحدة لروح الأمة، والتي بالتالي تعطي اعتزازا لأبنائها.

(3)

في المذهب الفردي الأخلاقي، يرى المؤمن بهذا اللون من الفلسفة نفسه مركزا للعالم بدوائره الضيقة من أسرة أو جماعة أو حتى كون، فيتراءى له أنه مركز العالم وهذا الكون بفضائه وسماءه دوائر هائلة الاتساع تأخذ بعدها من الفرد نفسه كمركزٍ لها.

فكما يكون سكان سيبيريا أو أستراليا بعيدين (بالنسبة للفرد المتكلم أو المتأمل) فإن فضيلة عمل أو مردوده تكون أهميتها بالنسبة للفرد بالقدر الذي يتلقى الفرد نصيبا منه. فهذا مهم وهذا قليل الأهمية بالنسبة للفرد ومدى علاقته بتلك الأهمية.

(4)

هناك من يقول: إن هذا الأمر به (الخير) عندما يحقق له هذا الخير جانبا من السعادة، ولكن عندما لن يحقق له ذلك الجانب من السعادة، لا يعود يعنيه إن كان بالأمر (خير) أم لا.

يقول المؤلف: لو فكر أولئك المتبنون لتلك الفلسفة، أن انهماكهم بالبحث عن تلك السعادة لن يحقق لهم تلك السعادة، ولكنهم لو تسامحوا وعملوا من أجل تحقيق السعادة للآخرين سيشعرون بالسعادة الحقيقية.

إن الرغبة في امتلاك القوة الفردية (مال، صحة، عزوة) لا تشبع أبدا في صفة نهائية، وعندما يكون البحث عن امتلاكها محالا، فإنها تصبح عاملا من عوامل التعاسة للفرد.

يختم المؤلف محاضرته

لا يعني دفاعي عن الولاء بمعنى التفاني من قِبل ذات معينة لقضية معينة، أن أطالبك أو أفرض عليك الوفاء لقضية ما، فأنت إنسان مستقل في حكمك وقرارك الأخلاقي. وتستطيع أن ترفض الولاء كلية، إن كان ذلك مرادك. ولكن ما أود قوله، إنك إذا كان هذا موقفك، وإذا رفضت كلية تكريس حياتك لأي قضية، فإن قرارك بالاستقلال الخلقي، يظل قرارا فارغا.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس