عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-02-2009, 11:30 PM   #4
WALEED HAMZA
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2009
الإقامة: من هنا نبدأ وفي الأقصى نلتقي
المشاركات: 61
إفتراضي

تحالفات وانشقاقات

في 18 /7 / 2007 بثت قناة "الجزيرة" نبأ انشقاق جماعة من الجيش أسمت نفسها "جيش الفرقان" قيل فيما بعد أنها وزعت بياناً تعلن فيه مبايعتها لدولة العراق الإسلامية. وكان من الممكن أن يمر الخبر مرور الكرام لولا أن توقف المراقبون عند أسباب الانشقاق من "فتن صاغها المحتل وأعوانه وأخرى هي من عند أنفسنا" مبينا إياها بـ (1) "استعجال قطف الثمرة ... (فـ) لا يصح أن نزج بمشروع الجهاد قبل نضجه واستكمال مراحله في تجارب تحتمل الخطأ والصواب" و (2) "انحراف البعض عن المنهج النبوي : فأخذوا الناس بالشدة والغلظة وعدم الرفق والحلم والتدرج وعدم مراعاة منازل الناس فأدى إلى نفور الكثيرين مما جعلهم فريسة لمخططات أعداء الدين" ، وعليه "نعلن انفصالنا من الجيش الإسلامي ردهم الله إلى الحق والصواب ونتبرأ من كل ما خالف شريعة الرحمن".
وإذا تجاوزنا الانسحابات الكبرى من الجيش باتجاه دولة العراق الإسلامية فلعلها المرة الأولى التي تعبر فيها مجموعة من داخل الجيش عن غضبها وإدانتها لسلوك القيادة وإثباتها لصوابية الاتهامات الموجهة للجيش حول ضلوعه المبكر في العملية السياسية ، وبدلاً من معالجة المشكلات التي يعاني منها الجيش أنكر السيد الناطق الرسمي على الجماعة أهميتها لكونها "صغيرة جداً" لا تأثير لها. وقد يكون كلامه صحيحاً لكن ظهور الجماعة محملة بهكذا اتهامات دليل على خلل عقدي في منهج الجيش وحينها لن يفيد الشمري وصم المجموعة بالصغيرة أو الكبيرة.
أصدرت جبهة الجهاد والإصلاح بياناً يوم السبت 14 من رجب 1428هـ 28-7-2007 م رحبت فيه بانضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى الجبهة ، وجاء في البيان: "فبعد اطلاع الأخوة قادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال على منهج جبهة الجهاد والإصلاح ومشاورتهم لقادتها قررت قيادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال انضمام الجماعة إلى هذه الجبهة المباركة والالتزام بالاتي: أ- المنهجِ الشرعيِّ العام. ب- السياساتِ العامةِ. ج- البرنامجِ السياسي. د- المواقفِ من الأحداثِ الرئيسة. هـ - العملياتِ والبياناتِ العسكرية". ومن يطلع على البيان ويدقق قليلا فيه سيتولد لديه انطباع فوري أن كاتب البيان هو الجبهة ذاتها ، والمرجح أن لا وجود لجماعة بهذا الاسم. والأطرف أن الإعلان التأسيسي للمجلس السياسي خلا من ذكرها ، فلو اندمجت بالجيش الإسلامي فمن المفروض أن يصدر بيان اندماج ، ولو انسحبت من الجبهة لكان أوجب على الجماعة أن تصدر بيانا بذلك ، ولما يغيب اسمها عن بيان المجلس السياسي فالأرجح أنها غير موجودة أصلاً ، فمن أوجدها إذن؟ ومن الذي أدخلها ثم أخرجها من الجبهة والمجلس؟


أخيراً

مشكلة قيادة الجيش الإسلامي أنها تتصرف بمعزل عن الرأي العام ، وربما بمعزل عن الجنود والأمراء ، وتدلي بتصريحات من شأنها صب الزيت على النار وإثارة الشكوك والشبهات حولها. وإذا استمر الجيش بسياساته المدمرة هذه فعليه أن يجيب على مئات الأسئلة من نوع "لماذا؟" وينتظر بالمقابل ردود من نوع "لأنَّ". بل أن هذا التحالف الجديد وضع النقاط على الكثير من الشبهات مثل خلفية قيادة الجيش على وجه التحديد وعلاقاته العربية وحقيقة توجهاته ونواياه بعيداً عن قواعد الجيش التي بدت لا حول لها ولا قوة. بل أن سياسات الجيش أدت فعلاً إلى استنزافه لصالح دولة العراق الإسلامية بحيث التحقت قواطع كثيرة منه بالدولة وهجرت الجيش إلى غير رجعة ، ففي أول أيام العيد تناقلت المنتديات الجهادية خبراً يقول: "قام شباب من الجيش الإسلامي ... قاطع عزيز بلد في ولاية صلاح الدين شمال بغداد العاصمة بإعلان البيعة لدولة العراق الإسلامية. وهؤلاء الشباب يمثلون خمسين % من الموجودين من الجيش الإسلامي وقد كانت الاتصالات معهم منذ فترة ليست قصيرة حتى تم بفضل الله إعلان البيعة أول أيام العيد".. وأكثر من ذلك أن الانشقاقات ضربته على اليمين وعلى اليسار ، فخرج من صميم رحمه أبو العبد قائد قطاع العامرية مع عناصره ليرتمي بأحضان القوات الأمريكية ممعناً قتلاً وجرائم بالجملة ضد السكان والمجاهدين على السواء حتى سقطت المنطقة فريسة للخيانة ، كما خرجت مجموعة جيش الفرقان التي عللت انشقاقها عن الجيش بانحراف عقدي. وها هو الآن يتحالف مع أكثر الجماعات إثارة للجدل ويبرر لخونة العشائر سلوكهم بأخطاء القاعدة ويكيل الاتهامات لهذا وذاك ويتجاهل حقوق أنصار السنة في دعواهم ، فهل هذا السلوك من السياسة الشرعية؟
هذه الأحداث التي عصفت بالجيش وما زالت مستمرة على غير هدى بدت تشرِّع للاتهامات التي تتلقاها قيادته ، وتدفع إلى تساؤل خطير: إذا كان الجيش الإسلامي يتفكك رويداً رويداً ، فهل هي السياسات الخاطئة للقيادة ؟ أم هو ما تريده القيادة ذاتها؟ وإذا كانت القيادة ترغب بحل الجيش وتتحول كما يرى أحد الكتاب إلى "قوة سياسية إعلامية يتم تضخيمها عن طريق وسائل الإعلام ، وتسوق دولياً كممثل للمقاومة العراقية بعد أن تنال الاعتراف من الدول العربية والإسلامية" فلماذا لا تفعل ؟ وإذا كانت سياساتها خاطئة فلماذا تمعن في الخطيئة ؟ ومن يتحمل مسؤولية جيش على شفا التفكك لا ذنب له إلا أن أفراده وأمراءه استجابوا لنداء الجهاد وكان منهم القتلى والجرحى والأسرى والمشردين ومنهم من ينتظر؟ وإذا كانت قيادة الجيش تقيم وزناً للرأي العام المدني والجهادي ولأنصاره فعليها ، قبل فوات الأوان إن بقي منه شيء ، أن تفرغ وقتاً مماثلاً له كالذي فرغته لمقارعة القاعدة كي تزيل الغموض والحيرة وتلك الشبهات التي أثارتها سياساتها وتحالفاتها وحتى أداؤها الإعلامي.
أما الطامة الكبرى والتي لم يصدر ما ينفيها أو يؤكدها حتى الآن فهي تلك التقارير الأمريكية لصحيفتي "النيويورك تايمز" و"النيويورك صن" اللتان تحدثتا عن علم المخابرات الأمريكية ونوري المالكي بهوية بعض قادة الجماعات المسلحة في العراق ، بل أن الشبكات الجهادية تذهب لما هو أبعد من ذلك مشيرة إلى أن معلومات رائجة في دوائر المالكي تقول بأن النائب خلف العليان الصديق الحميم لصالح المطلق هو ذاته الدكتور إبراهيم الشمري. ولا شك أن مثل هذه المعطيات قد تثير شهية الكتاب لطرافتها لكنها إن صحت ، لاحقاً ، فستكون إحدى أكبر خدع العصر.
WALEED HAMZA غير متصل   الرد مع إقتباس