عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-04-2009, 08:05 PM   #2
فكره وطريقه
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2009
المشاركات: 44
إفتراضي

هذا بالنسبة لأمريكا وأما بخصوص بريطانيا فإن لها خطة في حل القضية الفلسطينية، كان يقوم جوهرها على إقامة دولة ديمقراطية ـــ علمانية في فلسطين بأكملها بين العرب، مسلمين ونصارى، وبين اليهود يكون فيها اليهود الصهاينة الفئة الحاكمة والمهيمنة والمتسلطة، على أن تتحد مع الأردن اتحاداً كونفدرالياً. ولما رأت بريطانيا التوجه المحلي والإقليمي والعالمي الكاسح باتجاه الدولة الفلسطينية غيرت من خطتها شكلاً مع الإبقاء على الجوهر، وتقوم خطتها على إقامة دولة فلسطينية، ثم تشكل الدولة الصهيونية والدولة الأردنية والدولة الفلسطينية اتحاداًَ كونفدرالياً. ثم أصبحت بريطانيا مؤخراً تسير علنا، في أقل تقدير، في الركاب الأمريكي سيراً مطلقاً، حتى وصفها المفكر الأمريكي نعوم شومسكي بأنها: (كلب حراسة لأمريكا)، وقد بالغ في ذلك فهي لا ترقى إلى مستوى «كلب الحراسة»، وإنما هي «كلب نباحة»، ووصفها جورج جالاوي، عضو البرلمان البريطاني، بأنها: (راقصة هز بطن لأمريكا)! ولما رأت دولة الصهاينة أن المد باتجاه الدولة الفلسطينية يأخذ زخماً محلياً ودولياً قامت سنة 1982 بغزو لبنان، وكانت تريد من ذلك الغزو اجتثات القيادة السياسية للشعب الفلسطيني وكوادرها اجتثاثاًَ تاماً، وأن تقضي عليها قضاء مبرماً، وأن تضرب سورية لايجاد واقع جديد يجري التفاوض عليه بدل التفاوض على القضية الفلسطينية، وللأستيلاء على المصادر المائية في لبنان، وإجبار لبنان على عقد صلح مع الصهاينة منفرد يجعل من لبنان منطقة نفوذ للدولة الصهيونية. ومع أن الدولة الصهيونية انتصرت عسكرياً غير أنها فشلت سياسياً، فقد حالت أمريكا، بتدابير ماكرة خفية، بين إسرائيل وبين ضرب عملائها في سورية، كما أفشلت خطتها لإجتثات القيادة السياسية للشعب الفلسطيني، وهرعت أمريكا إلى إنقاذ منظمة التحرير والكوادر القيادية الذين فروا إلى تونس تاركين الفلسطينيين في مخيمات لبنان لمصيرهم الأسود كالذي ظهر في مذابح صبرا وشاتيلا، كما أحبطت مساعي الدولة الصهيونية بعقد صلح منفرد مع لبنان وتحول وجودها في لبنان إلى حرب مجردة، لا غير، فأحبطت مساعي الدولة الصهيونية من غزوها والمشاركة في المياه اللبنانية باحتفاظها بالشريط الحدودي. إن الحكم الصهيوني في فلسطين يستند إلى الأحزاب وأن 95% من السياسيين يرفضون التنازل عن الأراضي المحتلة، ويصرون على الإحتفاظ بها بشكل أو بأخر، ويرى معسكر اليمين المكون من حزب الليكود واتباعه من اليمين من الأحزاب الدينية الاحتفاظ بكل شبر من الأراضي المحتلة، وطرد العرب منها، وقد تم تأكيد ذلك في الأيام الأخيرة بتصويت الحزب على تبني (الرفض البات للدولة الفلسطينية). أما حزب العمل فتستند سياسته إلى «مشروع آلون» الذي يقول بالإحتفاظ بالأراضي المحتلة عسكرياً وسياسياَ، بأن يبقى الجيش الصهيوني على نهر الأردن، وفي مراكز إستراتيجية يقتضيها أمن الدولة الصهيونية وأن يتبع السكان الفلسطينيون إدارياً إلى الأردن، و هو ما كان يسمى بالخيار الأردني، وأن تكون المناطق العربية مفتوحة اقتصادياً على كل من اسرائيل والأردن. ولما أخذ الفلسطينيون زمام القضية بأيديهم، أعلن الملك حسين فك الإرتباط، سقط الخيار الأردني، فأخذ حزب العمل يقول بنظام «الكانتونات»، أي بجعل الفلسطينيين كانتونات تتمتع بحكم ذاتي موسع عوضاً عن الحاقها إدارياً بالأردن، وهكذا فإن الخلاف بين الفريقين في الشكل لا في الجوهر. إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كما أسلفنا، لم تتمكن من الضغط المؤثر على الدولة الصهيونية، لأن الضغط المؤثر عليها يحتاج إلى مساندة الشعب الأمريكي، ولا زال الرأي العام عند الشعب الأمريكي بجانب الدولة الصهيونية رغم محاولات تغييره، كما أن الدولة الصهيونية ليس لديها استعداد للرضوخ لأي ضغط يناقض مصالحها الحيوية، لذلك فإن الإدراة الأمريكية ليست مؤهلة لإيقاع الضغط الملزم على الدولة الصهيونية، وقد قلل ذلك من قدرة الإدارة السابقة ــ إدارة كلينتون ــ على الضغط انشغالها في قضايا داخلية وخارجية تأخذ بتلابيبها وتستنزف طاقتها، خاصة حاجتها لإعادة رسم دورها في العالم، والإدارة الحالية أقل قدرة على الضغط لانشغالها بـ«الحرب على الإرهاب» التي بلغت درجة الهوس، وفقدانها الرؤية السياسية مع تغلب الجناح العسكري على الحكم، وضعف القدرات السياسية لدى الرئيس جورج بوش الإبن وانخفاض مستوى ذكائه بشكل عام. ولا يظن أن الدولة الصهيونية ستستجيب للضغوط الأمريكية حتى لو قطعت المساعدات الأمريكية عنها، ذلك أن الدولة الصهيونية ترى في الإحتفاظ بالأراضي المحتلة مصلحة حيوية لأمنها ووجودها، ومن الصعب أن تتنازل عنها إلا إذا هددت مصلحة حيوية لها أهمية وخطورة أكبر. ومن جهة أخرى فإن الميزانية العبرية ضخمة وتزيد عن أربعين بليون دولار في السنة، والمساعدات الأمريكية يمكن احتواؤها بمزيد من التقشف وقليل من زيادة الضرائب. بعد انتصار الولايات المتحدة عسكرياً في حرب الخليج، وهزيمة العرب هزيمة فادحة، التي هي هزيمة لجميع المسلمين، نتيجة هزيمة العراق ومن ثم تدمير قوته العسكرية وبنيته التحتية، تمكنت أمريكا من جمع العرب والصهاينة على مائدة واحدة للتفاوض فيما بينهم لأجل التوصل لحل القضية الفلسطينية، بعد أن كان ذلك متعذراً قبل حرب الخليج. وعلى الرغم من أن أمريكا سايرت الصهاينة واستجابت لكثير من الشروط التي اشترطوها لقبولهم الإشتراك في هذه المفاوضات إلا أنها تمكنت من أن تجعل قراري (242)، و(338)، ومبدأ مبادلة الأرض بالسلام أساساً للمفاوضات للوصول إلى الحل النهائي والشامل. وقد رتبت أمريكا المفاوضات لتجري على صعيدين حسب الشروط التي أشترطها الصهاينة، مفاوضات ثنائية، ومفاوضات متعددة الأطراف، ورتبت المفاوضات الثنائية بحيث تجري في مسارات أربع بين الصهاينة وكل من سوريا والأردن ولبنان والفلسطنيين. ولما كان المطلوب حلاً شاملاً ومترابطاً فإن التقدم في المفاوضات المتعددة الأطراف رهن بالتقدم في المفاوضات الثنائية بإطارها الشامل. وإن كان لكل مسار خاصيته المتميزة فإن تحقيق الحلول فيها مرهون بتحقيق حل القضية الفلسطينية، لأنها القضية المركزية في المفاوضات، والمقصود بالحل هو الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وليس الاتفاقات المرحلية. فالإتفاقات المرحلية إن حصلت فليست سوى محطات علي طريق الحل النهائي، وحتى لا تتحول الاتفاقيات المرحلية نفسها إلى حل نهائي، فإنه يتوجب أن تربط بالحل النهائي، وأن يكون الحل النهائي حلاً شاملاً ومترابطاً على جميع الجبهات، إلا أن الصهاينة يرفضون ربط المرحلة الإنتقالية بالمرحلة النهائية. وقد راوحت المفاوضات مكانها. وكان شامير يقصد منها ربح الوقت حتى يتم زرع الضفة وغزة بالمستوطنات الصهيونية، وايجاد الظروف المواتية لطرد العرب، أو إخراجهم منها حتى لا يبقى شىء يتفاوض عليه. وبقيت المفاوضات تراوح مكانها بعد مجىء رابين حيث حصل التقدم على مستوى المسار ــ الأردني الصهيوني ــ مع كون الأردن لا يعد أكثر من دولة حدودية، وكانت الاتصالات السرية جارية بينه وبين الصهاينة من أيام هزيمة 1967، بل قبل ذلك بكثير، وحصلت اتفاقات أولية بينه وبين الصهاينة على نوعية الحل. لذلك ليس من العسير أن يتوصل إلى اتفاق بين الأردن والصهاينة منذ المراحل الأولى من المفاوضات. إلا أن تنفيذ ذلك مرهون بتنفيذ الحل الشامل. لأن الحلول المنفردة غير مقبولة أمريكياً وعربياً. وازداد الوضع سوءً بمجيء ناتانياهو ثم باراك فشارون أخيراً، حيث أصبحت المفاوضات في حكم المتوقفة فعلاً! أما لبنان فله أرض محتلة. وليس من العسير التوصل إلى اتفاقية بينه وبين الصهاينة لولا أن لبنان يربط التقدم في مباحثاته مع الصهاينة بالتقدم على المسار السوري، بسبب العلاقة الخاصة بين لبنان وسورية ولتأثر سورية بأي اتفاق يحصل بين لبنان وإسرائيل، لذلك ستبقى المفاوضات على المسار اللبناني تراوح مكانها ما دام المسارالسوري الإسرائيلي يراوح مكانه. أما المفاوضات السورية الإسرائيلية فإنها لم تحقق تقدماً، وليس من المتوقع التوصل لاتفاق بين الطرفين. ذلك لأن سورية تصر على مبدأ السيادة السورية علي الجولان، بغض النظر عن الترتيبات الأمنية فيها، وتصر على الإنسحاب الصهيوني الشامل منها أو لا تمانع من أن تسلمها لقوات أمريكية ولو بمشاركة قوات دولية أخرى لترابط فيها كعازل بين الطرفين، مثل القوات الدولية في سيناء. بينما يصر الصهاينة علي الإحتفاظ بالجولان أو بأجزاء منها لأسباب أمنية، لذا من الصعوبة بمكان أن يحصل اتفاق بين الطرفين. أما علي المسار الفلسطيني فقد جرى الاتفاق على أن تكون هناك مرحلة انتقالية تتمثل بالحكم الذاتي، ويرفض الصهاينة ربط المرحلة الانتقالية بالمرحلة النهائية كما تريدها الأطراف الأخرى، مما جعل بالمفاوضات تراوح مكانها. فالنظرة إلى المرحلة النهائية متناقضة تماماً، فبينما يصر الإسرائيليون على الإحتفاظ بالضفة وغزة عسكرياً وسياسياً، يطالب العرب بانسحاب الصهاينة وإعطاء الفلسطينيين حق تقرير المصير، بما في ذلك حق إقامة دولة فلسطينية، وادخال القدس في المفاوضات، وأن ترتبط المرحلة الانتقالية بالمرحلة النهائية، بحيث تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، بينما يرفض الصهاينة ذلك، لأنهم يريدون أن يؤدي الحكم الذاتي إلى حكم ذاتي موسع، لا إلى دولة فلسطينية. لهذا فإن المفاوضات واقعة في مأزق حقيقي، وستبقى تراوح مكانها، خاصة وأن المسارات الأخرى مربوطة بالمسار الفلسطيني، وأن تنفيذ اتفاقات المسارات الأخرى ــ إن حصلت ــ مرهون بالتوصل إلى الحل النهائي للقضية الفلسطينية. على أنه ليس من المستحيل ايجاد مخرج بشكل أو بأخر يوصل إلى اتفاق على الحكم الذاتي للفلسطينيين، على أن لا يؤدي ذلك إلى أن تصبح المرحلة الإنتقالية مرحلة نهائية، أو تحول دون تحقيق المرحلة النهائية. والمفاوضات على المرحلة النهائية ستكون بعد ثلاث سنوات من تطبيق الحكم الذاتي إن تحقق، وستأخذ عشرات السنين. وقبول أمريكا مؤخراً بمبدأ «الدولة الفلسطينية»، الذي طبل له عملاؤها وزمَّروا، هو في حقيقته مجرد تلاعب بالألفاظ، وإعادة تسمية لـ(الحكم الذاتي الموسع) باسم «الدولة». هذه «الدويلة العرفاتية» الممسوخة سوف تكون «دويلة» منقوصة السيادة، منزوعة السلاح، تحت الهيمنة العسكرية الأمنية: أي أنها دولة بجميع نواقص الدولة العضو في الاتحاد الفيدرالي، التي هي مجرد «ولاية»، وهي مع هذا النقص بدون أي من الميزات التي تتمتع بها الولاية في النظام الفيدرالي: المشاركة في ضرائب الاتحاد والحصول على معونات منه، التمتع بالردع والدفاع الكامل الذي يمثله الاتحاد لأعضائه، ...إلخ. أما ماذا ستحقق المرحلة النهائية ــ إن حصلت ــ فعلم ذلك عند الله تعالى، وإن كانت جميع الشواهد تدل على أنها سوف لا تحقق شيئاًَ إلا مصلحة الصهاينة وأمريكا
_________
فكره وطريقه غير متصل   الرد مع إقتباس