عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-07-2009, 08:05 AM   #1
البدوي الشارد
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2009
الإقامة: حزيرة العرب
المشاركات: 760
إفتراضي الخطاب العنصري في الولايات اللبنانية المتحدة

نسيب حطيط

ينفرد الخطاب السياسي اللبناني، باستخدام مفردات عنصرية، لتحديد العلاقة بين الطوائف، وخاصة في الطائفة المسيحية، ضد الطائفة الأرمنية مع الإصرار والاستمرار، والتي بدأت مع رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل عندما خسر الانتخابات الفرعية ضد التيار الوطني الحر، حيث طعن الجميل في مسيحية الأرمن وفي انتمائهم اللبناني، على نحو عنصري وفوقي، كممثل للنخبة السياسية اللبنانية، التي تتعاطى مع الأقليات اللبنانية كأتباع ومواطنين درجة ثانية، وتكرر هذا المشهد مع ما قاله النائب ميشال المر بعد خسارته في انتخابات 2009، بل ذهب أكثر من ذلك إلى حد حرمان الأرمن من حقهم في اختيار ممثليهم، ووجوب عدم زيادة كتلتهم الناخبة، وقبل الخطاب العنصري ضد الأرمن، كانت الطائفة الإسلامية الشيعية قد تعرضت لخطاب عنصري داخلي وخارجي، يطعن في عروبتها وفي هويتها اللبنانية تحت عنوان (الشيعة العرب والشيعة الفرس أي الشيعة الإيرانيين) ووصل الحد إلى جعل بعض العقائد الدينية للشيعة، (ولاية الفقيه)، التي يختص فيها مذهبهم وينظم العلاقة الداخلية للأحكام الشرعية الفقهية محل تندر وتطاول من الآخرين، بما يتجاوز حرية المعتقد وحرية الرأي السياسي، وكان السياسيان اللبنانيان الراحلان المرحوم جبران تويني والمرحوم بيار أمين الجميل، قد أكدا على معادلة النخبة والأتباع وفق معادلة (النوعية والكمية) في ذروة الصراع بين الموالاة والمعارضة، حيث أكدا أن العدد الشيعي يمكن موازنته أو التغلب عليه بالنوعية المسيحية، وقبل الشيعة والأرمن، كان العلويون أيضا يتعرضون لخطاب عنصري على المستويين الديني والسياسي، بأنهم جالية دينية سياسية سورية الانتماء والإمرة بعيدا عن الاعتراف بهويتهم اللبنانية أو العربية، وقبل الخطاب العنصري الداخلي بين اللبنانيين كان الخطاب الأكثر عنصرية، بمواجهة الفلسطينيين بعنوان (العنصرية ضد اللاجئين) وسلبهم حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية، ولم يكن هذا لمنع التوطين بل بعنوان (العنصرية الدينية والاجتماعية لمواجهة الفلسطينيين) وكان السلوك العنصري تجاه العمال السوريين والتعامل معهم على نحو غير إنساني وغير أخلاقي، وثأراً من نظامهم السياسي، وهذا ما يخالف أبسط حقوق الإنسان أو قوانين المعاملة بالمثل، وتعدى السلوك والخطاب السياسي العنصري إلى خطاب المراجع الروحية، بحيث إن بعض المراجع الذي يتدخل بالسياسة ويجاهر بمواقفه السياسية وهي حق من حقوقه بل من واجباته، لكنه ينكر على الآخرين قناعاتهم ويجاهر بعدائه وخوفه من بعض المشاريع السورية أو الإيرانية، ويسميها بالاسم، ويعلن الحرب المقدسة على كل من يتحالف مع هاتين الدولتين، لكنه يغمض عينه عن التدخل العلني للإدارة الأميركية عندما جمع نائب الرئيس الأميركي بايدن أركان الموالاة من 14 آذار في منزل على الأراضي اللبنانية، وليس على أرض السفارة الأميركية ليعطي تعليماته ونصائحه، ولم يعترض أحد على سيادة القرار السياسي اللبناني واستقلاله.
بينما يسارع حتى الأموات السياسيون، لاستنكار تصريح سياسي للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وهنا يطرح السؤال... ماذا لو أن نائب الرئيس السوري زار لبنان وجمع أركان المعارضة اللبنانية، هل سكت هذا المرجع أو المفوضة الأوروبية أو الإدارة الأميركية أو الاعتدال العربي عن هذا التدخل والعرقلة...؟!
الجواب أن التربية العنصرية المعتمدة على أحقية (الغرب السياسي) في التدخل وإملاء المواقف نتيجة امتلاكه القوة والمقدرات الاقتصادية والحضارية، تحرك البعض في لبنان لينكر على أي دولة عربية وإسلامية في أن تعطي رأيها السياسي بما يجري في المنطقة.
لقد تربى البعض من سياسيين وروحيين، على نظرية وهمية، أن التقدم والرقي يكون بالارتباط بالعجلة الغربية، من القرار السياسي حتى طريقة الأزياء أو المفردات أو حتى اللغة، وأنه بقدر الابتعاد عن اللغة العربية أو التقاليد العربية أو الإسلامية، بقدر التقرب من الحضارة العالمية والفرار من التخلف والجهل.
وكانت الفاجعة السياسية الكبرى في الانتخابات النيابية الأخيرة حيث تم تعميم الخطاب العنصري السياسي على جميع الطوائف.
أصبح الخطاب العنصري على مستوى المناطق والقرى، وقسم لبنان عنصريا بين مناطق راشدة حضاريا، ومناطق فوضوية ومتحجرة، وكثرت الخطوط الحمر في لبنان حتى صار عدم انتخاب طامح سياسي حتى لو كان مراهقا سياسيا عند أبويه، خطا أحمر يهدد الأمن القومي إن لم يكن الإقليمي.
وصار مقياس الانتماء اللبناني مدى توافق آراء المتهمين من الخصوم مع مواقف الجهة التي تعلن مواقفها، ووصلت الخفة بالخطاب السياسي حتى أصبح تجريد أي طائفة أو حزب أو شريحة سياسية من هويتها الوطنية، أسهل من مخالفة إشارات السير، بينما يصر البعض على تأييد عميل، خان وطنه، واعترف بالعمالة لإسرائيل مع الأدلة الحسية، ويصر أنصاره ورفاقه بأن يرفعوا صورته معنونة بأنه (أشرف الشرفاء).
والمفارقة أن بعض من يشكك بولاء بعض اللبنانيين لوطنهم لم يمض على نيله الجنسية اللبنانية العشرين عاما أو المئة عام، ومع ذلك يصدر إخراجات القيد الوطنية والسياسية بلغة عربية ركيكة.

([) كاتب سياسي
البدوي الشارد غير متصل   الرد مع إقتباس