العمل الذي بين أيدينا عمل إنساني من الدرجة الأولى ، تتضح فيه بساطة الفكرة وكيفية التعبير عنها دون استخدام مسرف للمجاز باستثناء هذه الصورة الوحيدة :
يبتل قميصك بدموع السنين التي طالما تمنيت ان تذرفه هناك
إن الفقد فقد المحبوب يعد من الأفكار التي تناولتها الكثير من الكتابات على مر الدهور وستظل ، ولكن يختلف التناول من عمل لعمل ، والملاحظ على هذا العلم الجميل أن الخطاب يتوجه من الكاتب للقارئ رغبة منه في استبطان المشاعر المكنونة داخله وكذلك توجيعًا له حتى يدرك القيمة الإنسانية للشيء المفقود ، وهذا إلإيلام ربما يكون له غرض اجتماعي يهدف الكاتب من ورائه إلى حث المتلقي على الاحتفاظ بما لديه من نفائس بشرية قبل أن تتسرب إليه وتفر من خزانة قلبه .. بل وبيته .
الذي كان بارزًا بشدة في هذا العمل هو المواقف المنتقاة بعناية والتي تؤدي إلى تقليب القارئ ذهنه فيما بين يديه من أفكار تتوارى خلف هموم الحياة المادية وسطوتها .
وهنا نجد المواقف كلها ليست إنسانية فحسب وإنما تتنوع بين طبائع المرح والحزن والعمل والراحة والمادي والمعنوي ...إلخ
وإلى ذلك فثمة أشياء منها كان يمكن إسقاطها على الأم أو الابنة مثل :
لن تودعك نظراتها بالامل او تستقبلك باللهفة
و لن تستمع الي صوتها ثانية يوشوشك في الهاتف و انت في اجتماع مع مديرك
للأم
بينما للابنة :
ولن تمتد اليك شفتاها تلتقم حبات الدواء الصغيرة من بين يديك
غير أن كل هذه الأحزان مقبولة ويمكن للإنسان تجاوزها على اعتبار أن سنة الحياة أن يكون الفقد والموت ملازمًا وجوده .
إلا أن المفاجأة الأعنف تكمن عند النهاية التي تؤكد معنى ليس الفقد بل السلب وهو :
سيمزقك الحنين عندما تعلم انه شخص غيرك ... و قلب غيرك سينال من السعادة اكثر مما يحتمل ...
وهنا تكون الضربة المؤلمة عندما يكون مصير هذه الأفراح كلها إلى دولاب الذكريات ، وهذا يطرح تساؤلات في ذهن القارئ عن الأسباب وكان من الأفضل أن يتركها المبدع ولا يذكرها وهذا لم يكن في صالح النص إلا من باب استبطان المشاعر لدى الآخرين :
كيف كنا والي ماذا انتهينا...
ولن تستطيع الاجابة
إلا أن العمل تميز بهذه النزعة التي تجعل ذهن القارئ ذاهبًا كيفما يشاء في تصور حالة الحزن المحيطة به ويجعل لمفهوم الزيادة في (سينال من السعادة أكثر مما يحتمل ) عبئًا إضافيًا إذ أنه اتكاء على مفهوم الذات والذي يعني أن الفرد ينظر إلى نفسه من خلال الآخرين وحالة كتلك تشعر بها المحبوبة بالسعادة تجعل الفرد آسفًا على نفسه إذ لو لم تنجح معه لكان ذلك دليلاً على خطأ منها ، ولكنها المصيبة الكبرى حينما يرتد الإحباط إلى الذات ويعيش الفرد في دوامة من جلدها والبكاء -دون طائل - على اللبن المسكوب .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال
*** تهانينا للأحرار أحفاد المختار
|