عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-09-2009, 06:12 AM   #71
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تابع 20 رمضان


المعركة الفاصلة

وفي يوم السبت الموافق (20 رمضان 1094هـ = 12 سبتمبر 1683م) تقابل الجيشان أمام أسوار فيينا وكان الأوروبيون فرحين لعبورهم جسر الدونة دون أن تُسكب منهم قطرة دم واحدة، إلا أن هذا الأمر جعلهم على حذر شديد، أما العثمانيون فكانوا في حالة من السأم لعدم تمكنهم من فتح فيينا، وحالة من الذهول لرؤيتهم الأوروبيين أمامهم بعد عبور جسر الدونة، بالإضافة إلى ما ارتكبوه من ذنوب ومعاصٍ من شرب الخمر ومعاشرة النساء، وانشغال بعض فرق الجيش بحماية غنائمها وليس القتال لتحقيق النصر، وتوترت العلاقة بين الصدر الأعظم وبعض قواد جيشه وظهرت نتائج ذلك مع بداية المعركة؛ فقد سحب الوزير "قوجا إبراهيم باشا" قائد الجناح الأيمن في الجيش قواته أثناء المعركة وانفصل بها، في الوقت الذي لم تكن هناك أية علامات لهزيمة العثمانيين؛ وهو ما تسبب في انتشار الوهن في القلوب والتولي من ميدان الجهاد، وقد كانت هذه الخيانة هي السبب الرئيسي في الهزيمة، فهجم العدو بكامل قواته على العثمانيين ولم تمض ساعات قليلة حتى كان الأوروبيون في سرادق الصدر الأعظم الفخم، فأمر مصطفى باشا بالانسحاب ورفع الحصار عن فيينا، واستشهد من العثمانيين حوالي 10 آلاف، وقُتل من الأوروبيين مثلهم، ووضع مصطفى باشا خطة موفقة للانسحاب حتى لا يضاعف خسائره، وأخذ الجيش العثماني معه أثناء الانسحاب 81 ألف أسير.

وهكذا غادر العثمانيون أرض المعركة ومعهم آلاف الأسرى بعدما تركوا المهمات الثقيلة للعدو، ومنها السرادق الذي يقارب حجمه حجم القصر الكبير وبه حمامات وحدائق وتحف فنية، وانتهى الحصار الذي استمر 59 يوما، وفقدت الدولة العثمانية بهزيمتها أمام فيينا ديناميكية الهجوم والتوسع في أوروبا، وكانت الهزيمة نقطة توقف في تاريخ الدولة.

وعاد الجيش العثماني وعُزل إبراهيم باشا الذي كان السبب الأول في الهزيمة، ووبّخه مصطفى باشا قائلا له: "أيها الشيخ الملعون فررت، وبقرارك كنت السبب الكلي في هزيمة العساكر الإسلامية كافة"، وأمر بقتله وقال للسياف عند قطع رأسه: قل للسلطان لا أحد يستطيع أن يتلافى ما حدث غير مصطفى باشا.

وأعدم مصطفى باشا الخائن مراد كيراي، أما هو فإن السلطان محمد الرابع أرسل أحد رجال حاشيته فقتله.

وفي تلك الأثناء كانت كنائس أوروبا تدق أجراسها فرحا بهذا النصر الكبير، وتحرك جيش التحالف المسيحي لاقتطاع بعض الأجزاء من الأملاك العثمانية في أوروبا، ووقعت معركة "جكردلن" بين أحد القادة العثمانيين وقواته البالغة 30 ألف مقاتل وبين الملك سوبياسكي وقواته البالغة 60 ألف مقاتل، وانتهت بتراجع سوبياسكي، وتوالت المعارك العثمانية في أوروبا، وفقدت الدولة بعض مراكزها الهامة بسبب هزيمتها أمام فيينا التي كانت هزيمة من النوع الثقيل تاريخيا أكثر منه عسكريا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
من مصادر الدراسة:

يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية- منشورات مؤسسة فيصل للتمويل- تركيا- 1988.

محمد فريد وجدي: تاريخ الدولة العلية العثمانية- تحقيق إحسان عباس- دار النفائس ببيروت- الطبعة الثامنة- 1419هـ = 1998م.

محمد حرب: العثمانيون في التاريخ والحضارة- دار القلم- دمشق- الطبعة الثانية- 1419هـ = 1999م.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل