عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-12-2009, 06:24 PM   #52
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

تحرك مزلاج الباب الضخم في رجة عنيفة مفتعلة وتحرك قلبي معه كالعادة. من شدة كرهي للأبواب أتمنى لو قدر لي الخوج يوما ما حيا من وسط هذا الأخدود العميق أن أعيش في بيت من غير أبواب. أضحت الصحراء تغريني بشساعتها وسكونها. كرهت هذه الوحوش الحديدية وهي تغلق وتفتح.تخنقني تجثم علي كغول خرافي أرى دائما في مناميأنني أركض في قلاع فسيحة دون أبواب ,أدخل وأخرج دون أن يعترضني أحد أطير أحيانا أحلق عاليابغير أجنحة أحس بفرح ونشوة لذيذة تغمرني لكنها لا تدوم سرعان ما أستفيق على منظر الديناصور منتصبا أمامي في تحد وجبروت ,يستفزني في كل حين كي أنطحه. لم يزل بي حتى فعلتها يوما وأنا في قمة هيجاني ونوبات جنوني لم تتحمل أعصابي ماحدث تلك الليلة السوداء. دخلنا في إضراب عن الطعام احتجاجا على الظلم والقمع وجو الإرهاب الذي كنا نعيش فيه بعد غحالتنا على السجن وبعد فشل الغازي عبد العاطي كبير جلادي السجون المغربية مدير سجن سلا وزبانيته في أسلوب الترغيب لكسر الإضراب وإفشاله.لجأ للبطش والترغيب لكسر الإضراب وإفشاله.لجأ للبطش والترهيب أغلقوا أغلقوا أبواب الزنازن وشرعوا ينتقون من المعتقلين من اعتقدوا أنهم رؤوس الإضراب يخرجون الواحد يجردونه من ملابسه يكبلون يداه خلف ظهره ويطوفون به على الممرات مجرورا على وجهه وعشرات الأرجل والأيدي تنهال عليه ليكون عبرة لغيره من المتفرجين. حين حل دور*ف* تفطرت قلوبنا لمنظره وهومجرد من ثيابه وصرخاته المدوية لم يرحموه رغم مس الجنون الذي كان يعانيه. ارتفع التكبير وصرخات الإحتجاج وضرب الابواب لم أدر كيف ولا من بدأ الإحتجاجات على ما يجري على مرأى ومسمع الجميع, لا أذكر ما الذي جرى حينها.
حدثني جيران الزنزانة أنني أصبت بنوبة هستيريا غريبة وبدأت أصرخ وأسب وأنطح الباب كثور هائج,تقطعت حبال صوتي وبح لأيام بعد الحادثة, لم أستفق إلا وأنا مقيد اليدين والرجلين إلى سرير قذر وقد غرزت إبرة غليظة في شريان بارز على دراعي اليسرى,انتفخت عيناي أما جبهتي فصارت كمقدمة شاحنة من الصنف القديم. من يومها صار أفي لا يتوقف عن الرعاف النازف.


أحكم الخبيث شد العصابة المنتنة على عيني وأضاف أخرى فوقها, مؤشرات سيئة لليلة عذاب جديدة, ترتعد أطرافي كمن يساق إلى مقصلة الإعدام.
ولجت الغرفة, رائحة عطر باريسي نفاذة ملأت خياشيمي, رائحة السلطة والجبروت,كرهت هذه العطور بسببهم, أضحت تصيبني بالغثيان والقيء.


بأدب مضطنع أمرني أحدهم بالجلوس.


" كيف حالك؟ كيف صحتك؟ هل تحتاج شيئا؟ اسمع لقد أوصينا حجاج الخدمة بك؟! كل ماتحتاجه وتشتهيه أطلبه وسيحظر بين يديك!!! "


" الحمد لله أنا بخير ولا أحتاج شيئا !!! طبعا كنت كاذبا .
اسمع يا ولدي أنا ربما في سن والدك وأقسم لك أنني أريد لك الخير كما أريده لإبني!!!والله العظيم لقد تكلمنا عنك مع كبار المسؤولين وذكرناك بكل خير. فأتمنى أن تكون في حجم الثقة وعند حسن ظن المسؤولين ونعدك بكل خير!!!هاه هل اتفقنا؟؟؟


"شكرا لك ...وما المطلوب مني. أنا منذخرجت من هنا في المرة السابقة وأنا عند حسن ظنكم...
" اسمع يا بني: ألا تحب وطنك ألا تريد الخير لهذه البلاد؟؟ ألم تقرأ الحديث النبوي : حب الأوطان من الإيمان؟ هل تحب ويرضيك أن يؤدى هذا الوطن الآمن المستقر الذي يتربص به الأعداء من كل مكان؟؟؟
أجبتهم بالنفي " ومن هذا الذي لا يحب وطنه؟؟؟ "


تدخل (حاج) آخر بصوت أنثوي رخيم: فتعاون معنا لنحمي هذا الوطن من المخربين والمتربصين. كن رجلا ونقسم لك بالأيمان المغلظة أن الدولة وكبار المسؤولين سيكافؤونك بما لم تحلم به يوما جزاء خدمتك للبلاد والله العظيم ستركب أحسن سيارة وسيصير لك بيتا وعملا قارا. هات يدك "


مددت اليمنى فشبك أصابعه الناعمة كأنامل سكرتيرة في أصابعي. " هذا عهد الله أقسم لك بالله العظيم أنك إذا تعاونت معنا فستتغير حياتك رأسا على عقب".


صاح آخر بحماس: "هل تريد الذهاب إلى أوربا. اختر أي بلاد ترغب ونحن تحت أمرك أنت لا زلت صغير السن وأمامك الآن فرصة العمر, والمثل يقول " الحياة فرصة واحدة في العمر. والدولة والمسؤولين يمدون لك أيديهم لمصلحة الوطن العلياّّّّّّ !!!!!


لم تترك لي كلماتهم المتعاقبة فرصة للرد فكنت أهز رأسي علامة موافقتي على كلامهم الببغائي الذي يبدو أن كل واحد منهم قد حفظه عن ظهر قلب من كثرة ماكرروه ورددوه على أمثالي.


نفس الكلمات وأكثرها سمعتها منهم سابقا ونفس الوتر يعزفون عليه. (حب الوطن)الخبثاءالذين يزعمون حبه هم أول من يكره هذا الوطن, لا يحبونه ولا يحبون أهله, ولا يحبون بعضهم البعض بل لا يحبون حتى ذواتهم وانفسهم. لأن حب المال والسلطة والمنح يعمي الأبصار , والله سبحانه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه , سمعتهم مرارا يسبون ويلعنون بعضهم البعض حين يغيبون, فوج النهار يسب ويلعن فوج
الليلوفوج المساء يلعن فوج الصباح. وسمعتهم حين استقدموا مرة مجموعة من الشباب الجدديقفزون من الفرحويفركون أيديهم ويهنؤون بعضهم البعض صاح كبيرهم محفزا بلغة فرنسية .
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس