الموضوع: نهضة اليابان
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-03-2010, 09:47 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثاني: ثورة المايجي وتحديث اليابان

تقديم: كووابارا تاكيو/ جامعة كيوتو/ اليابان

تقديم:

الباحث الياباني هنا، لا يقدم مساهمته كمختص في التاريخ، إذ هو مختص في الأدب الفرنسي، لكن ساءه ما سمع من غمز وسوء إنصاف لثورة المايجي، فهو إذ وجد أن كثيراً من المراقبين في فرنسا والاتحاد السوفييتي السابق والصين يعطون ثورة المايجي حقها بشكل طبيعي، لكن وصف تلك الثورة بأنها ثورة بورجوازية، وإن كان لا يضيرها، فإنه ناجم عن عدم فهم دقيق لما حدث في اليابان، وهو هنا يريد أن يضع بعض النقاط المضيئة للراغبين في الاطلاع على تلك التجربة.

لقد وصل الباحث الى أن وصف ما حدث، هو أنها ثورة ثقافية وليدة القومية. والتشديد على الجانب السياسي وحده. وكان الهدف النهائي للقائمين عليها هو: تحويل اليابان الى (دولة مهيبة ذات طابع أوروبي في جزيرة في الشرق الأقصى). وكان هناك من يقول (الانفصال عن آسيا، سيروا مع القوى الأوروبية).

ماذا تأتى عن إعادة المايجي؟

قيل عن الدولة التي نشأت من المايجي، أنها دولة عسكرية منذ البداية، وقد يكون هذا الكلام صحيحاً، ولكنه لا يشبه ما هو عليه في دول العالم الثالث للأسباب التالية:

1ـ التقليد الياباني الموغل في القدم الذي حصر السلطة بيد الطبقة المحاربة.

2ـ تأثير أفكار أشخاص أمثال (يوشيدا شويين وهوندا توشياكي وتاكانو تشووي) الذين كانوا مقتنعين بأن اليابان تحتاج الى بعض المراكز عبر البحار للدفاع عن نفسها في وجه الدول الغربية.

3ـ الخوف من الدول الغربية الذي استحوذ على اليابانيين منذ نهاية عهد (توكوغاوا) وبلغ حداً من الصعب تفهمه اليوم.

وقد نجحت اليابان (كما يقول الباحث) في التحديث وحققت ذلك بسرعة لا مثيل لها في تاريخ العالم. وتمثل هذا التحديث في ( ديمقراطية الحكم، ورأسمالية الاقتصاد، وإنتاج المصانع، ونظام تعليم إلزامي على الصعيد القومي، وإنشاء قوة عسكرية قومية، وتحرير الوعي الشعبي من القيود التقليدية).

أهمية العناصر السابقة في التحديث (حسب رأي الباحث)

1ـ الديمقراطية: يفاجئنا الباحث أنه لم يعتبر اليابان دولة ديمقراطية، ولم تصبح كذلك إلا بعد الحرب العالمية الثانية. ثم ذهب أكثر من ذلك عندما قال أنها ليست ديمقراطية تلك التي تأتي بأوتوقراط وأرستقراطيين للحكم، بل الديمقراطية هي تلك التي كانت موجودة بالاتحاد السوفييتي والصين!

2ـ رأسمالية الاقتصاد: لم تنبثق الرأسمالية في اليابان كما هي في بريطانيا، من الطبقات الشعبية، بل جاءت رأسمالية الدولة من حكومة (المايجي) نفسها، ورأسمالية الدولة في اليابان هي شبيهة لرأسمالية الدولة في الاتحاد السوفييتي.

3ـ لقد تم فرض التعليم الإلزامي في بريطانيا عام 1870 وفي اليابان عام 1872 وفي فرنسا عام 1882 وفي الولايات المتحدة عام 1918 وفي ألمانيا عام 1919. وتميز التعليم الإلزامي في اليابان بأنه كان عادلاً لكل عموم الشعب بعكس بريطانيا حيث كان هناك مدارس للأغنياء ومدارس للفقراء.

4ـ إنشاء قوة عسكرية قومية: كانت المساواة في صفوف العسكريين وتبوئهم الرتب المختلفة متقدمة على نظيراتها في الدول الغربية.

5ـ في تحرير الوعي من القيود القديمة: لا يمكن القول أن يابان (المايجي) كانت ناجحة جداً، فقد سبقهم الغرب في مفهوم الفرد ومفهوم المواطن.

خصوصية وضع اليابان في نجاح خطط المايجي:

1ـ الظروف الجغرافية: كانت اليابان الدولة الأبعد عن أطماع القوى الغربية عندما كانت تُعد العدة للسيطرة على العالم، فاليابان جزيرة بعيدة. وهذه تعتبر ميزة لعزلة اليابان وتفكير أبنائه دون تأثيرات خارجية.

2ـ الاستقلال الوطني: تعتبر اليابان من الدول القليلة جداً في العالم التي لم تتعرض للاحتلال من قبل الغير. وكان لهذا أثر على أن ثورة المايجي كانت ثورة داخلية تميل للمحافظة على تقاليد وهوية البلاد.

3ـ لم يحظَ أي بلد في العالم بفترة سلام امتدت 250 سنة كما في اليابان، وقد أتاح حسن الطالع هذا، إنضاج الثقافة بدرجة عالية من التطور.

4ـ خلال الفترة الطويلة من السلام، كانت هناك مبادرات شعبية للتربية والتعليم، فتشير بعض الدراسات الغربية (البروفيسور رونالد دور) أنه عند بداية ثورة المايجي كانت نسبة المتعلمين في اليابان 43% للذكور و 15% للإناث، في حين أن تلك النسبة في روسيا والصين عند قيام ثورتيهما المتأخرتين عن ثورة المايجي لم تكن النسبة أكثر من 15%، وفي الهند 10%.

5ـ تجانس الظروف والأوضاع في عموم اليابان، فبالمقارنة بفرنسا مثلاً، والتي تعتبر نموذجا لتجانس الشعب داخلها، كان في فرنسا فروق في نظم القضاء والزراعة بين شمالها وجنوبها، في حين أن تلك الاختلافات لم تكن في اليابان.

6ـ ابتعاد اليابانيين عن الاهتمام بالفلسفة والمنطق والمناقشات النظرية، لغياب النزاعات الأهلية التي تمد المفكرين بالتأمل والتنظير، كما أنه ليس هناك خلافات مذهبية أو دينية. ويضرب الباحث مثلاً أن 300 إقطاعي سلموا أراضيهم وممتلكاتهم للإمبراطور طوعاً ودون تذمر عند قيام المايجي.

7ـ التسليم بالأقدار: يؤكد عالم الاجتماع البرفيسور (ساكوتا كييشي) أن (هناك تقليداً قديما في المجتمع الياباني يقضي بقبول الظروف على أنها قدر مكتوب وما عليه إلا التكيف مع الأوضاع السائدة).

8ـ إلغاء الطبقية في اليابان على يد المايجي. وعزل العامل الديني الذي كان أصلاً قليل الأثر، فمنعت حكومة المايجي التبشير بالمسيحية كما أجبرت الشيع البوذية على الإذعان لسلطتها.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس