22-05-2010, 08:39 AM
|
#3
|
أحمد محمد راشد
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
|
الأربعاء :
اتصل بى أرزيزيا الأستاذ السلامونى , و كان صوته فى حبل المسرة متهدجا مبطاحا , قال لى أنه لم يعثر على ألفاظ قديمة القدم الكافى و لهذا صح عزمه على أن يرتحل إلى الصحراء ليحفر و ينقب فى الأرض عن ألفاظ أثرية من مخلفات البدو القدامى .
عقدت النية على أن أرتحل معه إلى البادية و أن اصطحب هرتى نميرة معى .
الخميس :
فى الطريق .
الجمعة :
نصبنا الخيام فى بلقع بلقيع ليس به قرطار و لا نافخ نار , و بدأنا الحفر فى التو و الهو .
السبت :
فى حفرة عمقها أربعة كردافات سمعت السلامونى يصيح صيحة البهجة و الحبور "لفظة لفظة .." ثم مالبث أن خرج من الحفرة المبهرقة و أسرع يعدو نحوى و بيده جسم صغير تراكم عليه الصدأ الكثيف و الرمال المتحنظمة ثم جلس أمامى ممسكا اللفظ بكلتا يديه و راح يزيل عنه الرمال و قد اكتسى وجهه بأجنوحة الفرحة و هو يتمتم : لفظ مفقود .. لفظ لم يسبق استعماله .. وافرحتاه .. وافرحتاه ..
ثم أحضرت له فنطاس النفط فغسل اللفظ فيه حتى ينهرك الصدأ من فوقه و يكتهى , ثم جففه بأخروقة , ثم أعاد بربعته فى النفط مرة أخرى لأن الصدأ كان شديد التحونط فى حروف اللفظ الأثرى .
و ما انفك السلامونى يغسل اللفظ رباع و خماس و عشار حتى اقنحل الصدأ قليلا , فراح يحكه بصنفرة عضنفرة داهمة الأخشوشان . فباتت حروف اللفظ بعد الساعات الطوال , لاهقة , آهقة , فاهقة , و صاح السلامونى فى فرحة و هو يقرب مقلتيه من تحت المنظار السميك إلى اللفظ الذى وضعه فى صندوق من المخمل :
- اقرأ يا أخى .. اقرأ معى ..
قربت بصرى , و ما لبثنا أن قرأنا اللفظ معا :
- الخمشنون .
و هنا احتضننى السلامونى بحرارة كما تحتضن الوجيزة الدرباع قائلا فى حبور مبعرط :
- الخمشنون .. الخمشنون .
ثم نظر إلى وجهى متسائلا :
- ماذا تظن أن يكون معناها يا فرقاع الهمة ؟
و قبل أن ينتظر جوابى أسرع إلى الخيمة ليفتح القواميس و المراجع ثم انضممت إليه حتى عثرنا بعد لأى هثيم فى قاموس الزنباعى على لفظة قريبة الحروف يقول عنها الزنباعى :
- تخمشن يتخمشن تخمشينا أى استقظم من الاستقظام , و يقال رجل مستقظم أى يحتسى الحساء فى انبعراج و بهجة .
بحثنا الأمر بحثا مستفيضا مهققا , و بينما نحن نتجادل الجدل الحميص , حدث ما أدخل فى قلبينا البهجة المستحبرة , إذ فوجئنا بقطتى نميرة قادمة نحونا و بين أسنانها لفظ أثرى عثرت عليه ثم تهيأت للجلوس حتى تأكله , فأسرعت أنتزع اللفظ من بين فكيها , و استخلصته سليما معافى الحروف و أسرع السلامونى يحنشله فى النفط حتى ينهرك صدؤه .
نمنا ليلتنا مقرورى العيون بعد يوم هثيم .
الأحد :
بدأ السلامونى يومه بانتشال اللفظ الذى عثرت عليه قطتى نميرة من النفط ثم راح يحكه بالصنفرة و هو يفكر تفكيرا عميقا ثو قال لى فجأة و فى عينيه يلمع بريق الحلندس :
- لقد استقر رأيى على أن نطلق الخمشنون على البيبسى , إذ أننا نحتسيها فى انبعراج دائما .
وافقته على رأيه المصطاب , فسر خاطره و انحبر , و بينما نحن كذلك بانت حروف اللفظ الثانى .. فقرأناه :
- العرناب .
و بعد بحث فى المراجع لم نعثر للفظ أى لفظ قريب من حروفه على أثر , و رأى السلامونى بفاطن رأيه و حساكة مخبره أنه مادامت قطتى نميرة كانت تنوى أكل تلك الكلمة , فلابد أنها كلمة تعنى شيئا يؤكل , و استقر رأيه أن نطلق اسم العرناب على الاسكالوب , أو الكريم شانتى , لأن كلا الطعامين تهواهما قطيطتى نميرة .
الثلاثاء :
عدنا اليوم على أن نرتحل إلى بلقع جديد فى البادية فى القريب بحثا عن الألفاظ الأثرية .
الخميس :
تدحرنت اليوم و ذهبت إلى الأستاذ السلامونى فى صومعته اللغوية المقنفلة . جاء الأستاذ عبد الحى عبد الحى و عرض علينا ما توصلت إليه قريحته المتنبرسة من أسماء عربية لأسماء المشاهير الأعجمية , و ذلك بعد ترجمة دقيقة , و تصرف لبق معضاد .
قرأ علينا الأسماء التى انتهى من تعريبها :
ويلى برانت : والى البراينى .
افا جاردنر : قافا البستانى .
جورج رافت : جرجس رأفت .
تباحثنا فى هذه الدفعة من الأسماء بحثا هثيما و تشعب الجدل دون أن نصل إلى هلمذة أو كلمذة ..
__________________
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال
*** تهانينا للأحرار أحفاد المختار
آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 22-05-2010 الساعة 08:55 AM.
|
|
|